«وقَبَّل شهيدًا».. أغاني فلسطين.. ملحمة الألم والصمود والمقاومة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

“مريت بالشوارع” صرخة فيروز والرحبانية من قلب القدس العتيقة.. و"زهرة المدائن" تصلي لعودة الأرض المغتصبة

 البداية مع رائعة عبدالوهاب وعلى محمود طه  «وردة من دمنا» كادت تجمع أم كلثوم مع فريد الأطرش فى عمل واحد

الفن مرآة الشعوب، ومن رحم الآلام تولد الكلمات والألحان، ولا يوجد جرح عربي أكبر من فلسطين وقضيتها وأرضها المغتصبة، ومع استمرار الجرح في نزف الدماء، كانت الأغاني التي تدعم قضية العرب الأولى، معبرة عن حالة جسد فيها الشعراء والملحنون والمطربون انفعالات الشارع العربي وتضامنه، بل ونصرته لأهل فلسطين.

وفي الفن المصري تحديدا، وهو الذي يتصدر دائما صفوف الإبداع العربي، نجد قضية فلسطين تصل إلى مرتبة القضايا المحلية المصرية، لتتحول «قضية العرب المركزية»، إلى قضية مصرية بامتياز، شديدة الخصوصية، بل وجزء عزيز ومميز من الإبداع المصري، بأغانيه وحكاياته، وأدبه وقصصه، وأفلامه ومسلسلاته، وهو ما ظهر في عشرات، بل مئات الأغاني التي شدت لفلسطين وعنها، من عام النكبة 1948، حتى الآن، وهو ما تكشف عنه «البوابة» في السطور التالية، مع طرحها لبعض الأغاني العربية الأخرى، التي أنشدها مطربون عرب، ووجدت صدى واسعا لدى الجماهير العربية، وفي القلب منها جمهور مصر.

من أوائل الأغاني التي قدمها الفن لقضية العرب فلسطين، أغنية "فلسطين" وهي قصيدة من تأليف الشاعر علي محمود طه، ولحنها محمد عبدالوهاب، وغناها عام ١٩٤٨، بعد إعلان قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين في نفس العام.

وتقول كلماتها:

أخي جاوز الظالمون المدى فحق الجهاد وحق الفدا

انتركهم يغصبون العروبة مجد الابوة والسؤددا

وليسوا بغير صليل السيوف يجيبون صوتا لنا أو صدى

فجرد حُسامك من غمده فليس له بعدُ أن يغمدا

أخي أيها العربي الأبيُ أرى اليوم موعدنا للغدا

أخي اقبل الشرق في أمة ترد الضلال وتحي الهدى

صبرنا على غدرهم قادرين وكنَا لهم قدرا مرصدا

طلعنا عليهم طلوع المنون فصاروا هباءا وصاروا سدى

أخي قم إلى قبلة المشرقين لنحمي الكنيسة والمسجدا

أخي إن جرى في ثراها دمي وأطبقت فوق حصاها اليدا

ففتش على مهجةٍ حرةٍ أبت أن يمر عليها العدا

وقبِل شهيدا على أرضها دعا باسمها الله واستشهدا

فلسطين يفدي حماكي الشباب وجنَ الفدائيُ والمقتدى

فلسطين تحميك منَا الصدور فإما الحياةُ وإما الردى

مريت بالشوارع

كما رسمت الفنانة الكبيرة فيروز لوحة فنية من كلمات وألحان الأخوين الرحباني خلال أغنيتها "مريت بالشوارع "، والتي بدأت حينما كانت تتفقد جمال المدينة الذي يخبو وسط النيران فقالت:

مريت بالشوارع، شوارع القدس العتيقة

قدام الدكاكين اللي بقيت من فلسطين

حكينا سوى الخبرية وعطيوني مزهرية

قالوا لي هيدي هدية من الناس الناطرين

ومشيت بالشوارع، شوارع القدس العتيقة

أوقف ع باب بواب صارت وصرنا صحاب".

وتابعت فيروز واصفة أثر الحرب: "وعينيهن الحزينة من طاقة المدينة

تاخذني وتوديني بغربة العذاب

كان في أرض وكان في إيدين عم بتعمر

عم بتعمر تحت الشمس وتحت الريح

وصار في بيوت وصار في شبابيك

عم بتزهر صار في ولاد وبإيديهم في كتاب

وبليل كله ليل، سأل الحقد بفية البيوت

والإيدين السودا خلعت الابواب، وصارت البيوت بلا اصحاب

وصارت البيوت بلا اصحاب

بينن وبين بيوتن فاصل الشوك والنار والإيدين السودا".

ووصلت فيروز لحالة من الصدمة لتصرخ وتطالب بضمير الإنسانية ضد الظلم الصهيوني للفلسطينيين: "عم صرخ بالشوارع، شوارع القدس العتيقة

خلي الغنيّ تصير عواصف وهدير

يا صوتي ظلك طاير زوبع بها الضماير

خبرهن ع اللي صاير بلكي بيوعى الضمير

يا صوتي ظلك طاير زوبع بها الضماير

خبرهن ع اللي صاير بلكي بيوعى الضمير

خبرهن ع اللي صاير بلكي بيوعى الضمير".

زهرة المدائن

وواصلت فيروز صلاتها لعودة الأرض المغتصبة في أغنية "زهرة المدائن" وتقول فيها:

لأجلك يا مدينة الصلاة أصلي

لأجلك يا بهية المساكن يا زهرة المدائن

يا قدس يا قدس يا قدس يا مدينة الصلاة أصلي

عيوننا إليك ترحل كل يوم ترحل كل يوم

تدور في أروقة المعابد

تعانق الكنائس القديمة

وتمسح الحزن عن المساجد

عيوننا إليك ترحل كل يوم ترحل كل يوم

تدور في أروقة المعابد

تعانق الكنائس القديمة

وتمسح الحزن عن المساجد

يا ليلة الإسراء يا درب من مروا إلى السماء

عيوننا إليك ترحل كل يوم وانني أصلي..

الثلاثية المقدسة

قدمت كوكب الشرق أم كلثوم للقدس أغنية "الثلاثية المقدسة" التي كتبها صالح جودت، ولحنها رياض السنباطي، وتخيل الشاعر خلالها أن السيدة مريم عليها السلام تهتف للنجدة مما يحدث في القدس وتقول:

من حرم القدس الطهور الندي 

اسمع في ركن الأسى مريما 

تهتف بالنجدة للسيد 

واشهد الأعداء قد احرقوا 

ركنا مشت فيه خطى احمد 

وأبصر الأحجار محزونة 

تقول واقدساه يا معتدي 

لا والضحى والليل أن ما سجى 

وكل سيار به نهتدي 

لن يطلع الفجر على ظالم 

مستغرق في حقده الأسود".

ورغم ظلمة الموقف واحتدام آلامه، لم تفقد سيدة الغناء العربي الأمل في عودة الوطن لأصحابه وتقول: "سترجع الأرض إلى أهلها 

محفوفة بالمجد والسؤدد 

والمسجد الأقصى إلى ربه 

مزدهيا بالركع الســـجد 

ستشرق الشمس على امة 

ستشرق الشمس على امة 

لغير وجه الله لن تسـجد".

وردة من دمنا

كادت السيدة أم كلثوم، تقدم للقدس أغنية أخرى عام ١٩٦٧، فروى الفنان الكبير فريد الأطرش، في أحد اللقاءات التليفزيونية أنه قرر أن يتغلب على خجله وصارح كوكب الشرق بأنه أعد لها لحنا، وهي قصيدة من كلمات بشارة الخورى اسمها «وردة من دمنا».

وتابع فريد الأطرش أن أم كلثوم استمعت إلى الأغنية وأبدت إعجابا شديدا باللحن والكلمات، وقال إنها طلبت منه بعض التعديلات فاستجاب وأعاد إليها اللحن فكانت شديدة السعادة به، وانتظر "فريد" الخطوة التالية، غير أن أم كلثوم بدون أسباب امتنعت عن غناء «وردة من دمنا».

كان "فريد" يروى وهو يتمزق من الألم كيف أنه كفنان ومتذوق للغناء يدرك قيمة أم كلثوم ويتمنى أن تقدم له لحنا عصَر فيه روحه، ولا يدري كيف استجابت لوشايات الذين حذروها من الغناء لفريد وأقنعوها بأن تتخلى عن لحن كانت شديدة الإعجاب به.

وقرر فريد تقديمها بصوته في النهاية وتقول كلماتها:

وردة من دمنا 

سائل العلياء عنا والزمانا هل خفرنا ذمَّةً مُذْ عرفانا 

الْمـروءاتُ التي عـاشت بنـا لم تزل تجري سعيرًا في دِمانا

ضحِك الْمجدُ لنا لَما رآنا بدم الأبطال مصبوغًا لِوانا 

عرسُ الأحرار أن تسقى العِدى أكؤسًـا حُمـرًا وأنغـامًا حزانى 

ضجَّت الصحراء تشكو عُرْيَها فكسَوْنـاهــا زئــيرًا ودُخــانـا 

مذ ـقيناها العُلا من دمنا أيقنت أن مَعَـدًّا قد نَمانا 

انشـروا الْهول وصُبّوا نـاركمْ كيفما شئتم فلن تلقَوا جبانا

شرفٌ للموت أن نُطعِمَه أنفسًا جبارة تأبى الهوانا 

وردةٌ من دمِنــا في يــدِه لو أتى النارَ بها حالت جِنانا 

يا جهادًا صفّق الْمجد له لبس الغارُ عليه الأرجوانا 

شرفٌ باهتْ فلسطينٌ به وبنـاءٌ للمعـالي لا يُدانى 

إنَّ جرحًا سال منْ جبهتها لثَمتــْهُ بِخُشوعٍ شفتــانـا

نحن يا أختُ على العهد الذي قد رضعنـاه من الْمهـد كِلانا 

يثربٌ والقدسُ منذُ احتلمـا كعبتانا وهوى العُرْب هوانا 

قُمْ إلى الأبطال نلمسْ جرحهمْ لَمســة تسبحُ بالطِّيب يــدانــا 

قم نصُمْ يومًـا من العمـر لَهمْ هبْهُ صوم الفصح، هبهُ رمضانا 

إنَّمـا الْحقُّ الذي مــاتوا له حقُّنا، نَمشي إليه أين كانا"

أصبح عندي الآن بندقية

"أصبح عندي الآن بندقية" قصيدة ألفها الشاعر نزار قباني، ولحنها محمد عبد الوهاب، وغنتها أم كلثوم عام ١٩٦٩، مع مرور عشرون عاما تقريبا على الاحتلال تبحث خلالها عن هويتها، بروح ثورية مستعدة للحرب مع الرجال لنصرة القضية وتقول:

أصبح عندي الآن بندقية

إلى فلسطين خذوني معكم

إلى ربى حزينة كوجه المجدلية

إلى القباب الخضر والحجارة النبية

عشرين عامًا وأنا أبحث

عن أرضِ وعن هوية

أبحث عن بيتي الذي هناك

عن وطني المحاط بالأسلاك

أبحث عن طفولتي

وعن رفاق حارتي

عن كتبي.. عن صوري

عن كل ركن دافئ وكل مزهرية

إلى فلسطين خذوني معكم

يا أيها الرجال

أريد أن أعيش أو أموت كالرجال

أصبح عندي الآن بندقية

قولوا.. لمن يسأل عن قضيتي

بارودتي.. صارت هي القضية

المسيح

تعاون الفنان عبد الحليم حافظ مع الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي والملحن المتفرد بليغ حمدي في أغنية "المسيح" التي نادى خلالها العالم كله ليشهده على ما حدث وقال فيها:

يا كلمتي لفي ولفي الدنيا طولها وعرضها

وفتحي عيون البشر للي حصل على أرضها

على أرضها طبع المسيح قدم

على أرضها نزف المسيح ألم

في القدس

في طريق الآلام

وفي الخليل

رنت تراتيل الكنايس وفي الخلا صبح الوجود إنجيل

ويندد "حليم" بضياع حقوق الفلسطينيين وسكوت الضمير العالمي عن الجرائم الصهيونية، فيقول:

تفضل تضيع فيك الحقوق لامتى لامتى يا طريق الآلام

يا طريق الآلام يا طريق الآلام

وينطفي النور في الضمير وتنطفي نجوم السلام

يا طريق الآلام يا طريق الآلام

ولامتى يمشي فيك جريح

ولامتى فيك يفضل يصيح مسيح وراه مسيح وراه مسيح

على أرضها تاج الشوق فوق جبينه

وفوق كتفه الصليب

دلوقت يا قدس ابنك زي المسيح غريب غريب

تاج الشوق فوق جبينه وفوق كتفه الصليب

خانوه خانوه نفس اليهود

ابنك يا قدس زي المسيح لازم يعود على أرضها

القدس.. محمد منير

أما في العصر الحديث وحتى الآن، فكانت هناك العديد من الأغاني التي عبرت عن انحياز الفن العربي للقضية الفلسطينية، فغنى الفنان محمد منير، أغنيته "القدس"، والتي يذكر فيها العالم، بالقضية الفلسطينية، ويطالب بعدم الكلل أو الملل من المطالبة بالحق العربي، وكتب كلماتها الشاعر مجدي نجيب، ولحنها الموسيقار هاني شنودة.

أوبريت «القدس هترجع لنا»

"كان شايل ألوانه.. كان رايح مدرسته.. وبيحلم بحصانه.. وبلعبة وطيارته.. واما انطلق الغدر وموت حتى براءته.. سال الدم الطاهر على كراسته"، كلمات كتبها الدكتور مدحت العدل في أوبريت "القدس هترجع لنا" عن قضية العرب القدس، وهي الأغنية التي لحنها الراحل رياض الهمشري، وشارك في غنائها أكثر من ٣٥ نجما ونجمة، وهم "أحمد السقا وخالد النبوى ومنى زكى وشريف سلامة وهدى سلطان وهانى رمزى وأحمد حلمى وموناليزا وشريف منير وحنان ترك وآثار الحكيم وأنوشكا ومدحت صالح وسامى العدل وكريم عبد العزيز ومحمود ياسين ونادية لطفى وسميحة أيوب وهدى عمار  ويسرا وعلاء عبد الخالق وهشام عباس ومنى عبد الغنى  ومحمد حماقى ولينا وإيهاب توفيق وشيماء سعيد ومحمد محيى وخالد عجاج وطارق فؤاد وحكيم وفاروق الفيشاوى وطلعت زين وصابرين ومها البدرى".

القدس.. هاني شاكر

كما عبر الفنان هاني شاكر عن حالة الترقب والخوف وعدم الاستقرار التي تعيشها نفوس الشعب الفلسطيني في أغنيته "القدس" وتقول كلماتها:

كل المدن بتنام

غرقانة في الأحلام

إلا عيون القدس صاحية ولا بتنام

كان صوت الحق بصرخة طفل في حضن الموت

تنهيدة أب في آخر نظرة وآخر صوت

وعيون بتقول القدس حتبقى ومش حتموت

على باب القدس وعود وأماني وحلم كبير

وصلاة بتخلي الشوك في طريقنا كأنه حرير

في إيديهم نار واحنا بأحجار حنخلي ظلام الغدر يفوت

في سبيل الله ارخصي يا حياة يا تعود القدس يا إما نموت

يا تعود القدس يا إما نموت

تنهيدة أب في آخر نظرة وآخر صوت

وعيون بتقول القدس حتبقى ومش حتموت".

كما قدمت الفنانة آمال ماهر بصوتها مقطعا ضمن أوبريت "أحلى بلاد الدنيا مصر" تقول كلماته "عربية يا أرض فلسطين، قدس ومهد وعهد ودين"، كلمات لمست قلوب العرب كتبها الشاعر عبد السلام أمين، ولحنها الموسيقار عمار الشريعي.

ووقف الفنان محمد ثروت أمام محاولات تشويه الصهاينة لحقائق التاريخ، وقدم أغنية "القدس عربية" التي كتبها الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي، ولحنها جمال سلامة، وتقول كلماتها:

القدس عربية

يا أمتي ابتسمي وانفضي الهموم

يا أمتي لا ريح تدوم ولا ظلام ولا غيوم

أرض العرب للعرب لأبد ماحتعود في يوم

لسوريا حتعود هضبة الجولان

وحيبتسم تاني جنوب لبنان

والقدس …. اه ع القدس يا إخواني

بتغتصب أرضها وشعبها من يوم للتاني

القدس عربية

عربية اللغة وعربية الهوية ومنبع الأديان

مين إللي سكت الكنايس والادان

مين اللي زرع الارض بالأحزان

جاوبني يا إنسان؟

دمي فلسطيني

أما الفنان الفلسطيني محمد عساف، فقدم أغنية بعنوان "دمي فلسطيني" من كلمات سليمان العساف، وألحان وتوزيع وائل الشرقاوي، ويؤكد "عساف" من خلالها تمسكه بالحق الفلسطيني، وتقول كلماتها:

على عهدي على ديني

على أرضي تلاقيني

انا لأهلي أنا أفديهم

أنا دمي فلسطيني فلسطيني فلسطيني

أنا دمي فلسطيني

على عهدي على ديني

على أرضي تلاقيني

أنا لأهلي أنا أفديهم

والله أنا دمي فلسطيني فلسطيني فلسطيني

أنا دمي فلسطيني

وقفنالك يا ديرتنا

بعزتنا وعروبتنا

أرض القدس نادتنا

صوت أمي يناديني (فلسطيني فلسطيني)

أنا دمي فلسطيني

على عهدي على ديني

على أرضي تلاقيني

أنا لأهلي أنا أفديهم

أنا دمي فلسطيني فلسطيني فلسطيني

أنا دمي فلسطيني

يا يما ابشرى بالعز

دارك قلعة ما تنهز

ويشير عساف إلى بذل المزيد من الدماء لعودة فلسطين لأبنائها ويقول:

عليها الروح ما تنعز

ولا دمي وشرايني (فلسطيني فلسطيني).