تعيش مصر هذه الأيام حالة فريدة من المشاركة الفكرية منذ انطلاق فعاليات الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني، بمشاركة واسعة من مختلف القوى السياسية والنقابية والمجتمع الأهلى والشخصيات العامة؛ حيث يبحث الجميع عن طوق نجاه ينجو بنا فى ظل هذه العاصفة من الأزمات التى تضرب البلاد بين الحين والأخر.
ويشكل الحوار الوطنى مرحلة مهمة فى مسار التحول الديمقراطى فى مصر، ويعكس حرص القيادة السياسية على بناء الجمهورية الجديدة، عن طريق مشاركة كافة فصائل المجتمع بتبادل الآراء على طاولة واحدة، ضمن خطة الدولة للسير بخُطى ثابتة نحو بلد تليق بأحفاد الفراعنة.
ومن هذا المنطلق تواصلت “البوابة نيوز”، مع عدد من الآباء والشخصيات البارزة فى المجتمع القبطى لنقل رؤيتهم حول هذه المرحلة الهامة التى تمر بها البلاد.
وقالت النائبة الدكتورة عايدة نصيف: «الحوار الوطنى خطوة مهمة للتحاور والنقاش على طاولة واحدة يجتمع فيها ممثلو كافة فئات المجتمع المصرى للحديث عن قضايا فى المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ولابد أن يتوافر فى الحوار الموضوعية والمصداقية الكاملة وإعلاء المصلحة الوطنية على أى تحزبات او اتجاهات لطرح افكار ورؤى تهم الفرد والمجتمع بما يتناسب مع تحديات اللحظة التاريخية على المستوى المحلى والإقليمى والدولي.»
واستشهدت نصيف بقول الرئيس عبدالفتاح السيسي: «الاختلاف للرأى لا يفسد للوطن قضية" ومن الضرورى ايجاد مساحات مشتركة تلتف حول الوطن وان يكون جوهرها الوطنية الخالصة للوصول الى مخرجات حقيقية تخدم مصر والمصريين.»
وفيما يتعلق بتطلعات الأقباط من الحوار؛ قال الكاتب والأكاديمى سامح فوزى: «فيما يتعلق بتطلعات الاقباط من الحوار، لا أرى أن الحوار له علاقة بالشأن القبطى بصورة مباشرة، لأنه يتناول قضايا أكثر اتساعاً، تتعلق بالبناء السياسي، والتحول الديمقراطي، والحبس الاحتياطي، والاصلاح التشريعي، والتحديات الاقتصادية، وغيرها».
وتابع قائلاً: «لا يعنى ذلك ان قضايا الاقباط غير مهمة، او أن هناك تجاوزا لها، ولكن يعنى أن الحوار ينصب على قضايا الوطن على اتساعه بمسلميه ومسيحييه، فضلاً عن أن كثيراً من مشكلات الأقباط التقليدية مثل بناء وترميم الكنائس، والتمثيل السياسى الملائم، وغيرها جرى التصدى لها بصورة او بأخرى فى السنوات الماضية إلى جانب تبنى الحكم خطاب المواطنة على عكس فترات سابقة... كل ذلك خفف من ثقل الهموم القبطية، وجعل زاوية النظر تتسع لتشمل قضايا الوطن برمته.»
وأكمل فوزى: « لكن هذا لا يمنع من وضع الأقباط ضمن غيرهم من مكونات المجتمع فى الاعتبار إذا تطرق الحوار مثلاً إلى قانون جديد للانتخاب، والغرض هو ضمان التمثيل الملائم من خلال نصوص القانون لكل فئات المجتمع مثل الاقباط والمرأة واليسار، وخلافه».
واختتم: «حتى يتحول الحوار الى خطوات ملموسة لابد من عدة أمور من وجهة نظري، أن يتحول الحوار من مناسبة إلى حالة، أى يسرى فى بقية مؤسسات المجتمع التى أصابها ضعف الحوار فى الفترة الأخيرة، ويشمل فئات من الشباب خاصة الذين لهم آراء نقدية، وهذه مسئولية الأحزاب، وأيضا ان يدور الحوار حول قواسم مشتركة، يلتقى حولها الفرقاء أو مختلف الاتجاهات أملا فى بناء خبرة سياسية على أساس التوافق، وأخيرا نعتبر كل ما يقال بناء ونافعا طالما ينطلق من أرضية وطنية، لا مجال للتشكيك فى النوايا، او ممارسة التخوين الذى عانت منه كثيرا السياسة المصرية.. وفى كل الأحوال فإن الحوار يحتاج الى تراكم، خطوة إيجابية تلو الأخرى، وهو ما يمثل أبلغ رد على المشككين والرافضين للحوار، والكارهين له."
من جهته؛ أكد القمص موسى إبراهيم المتحدث باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية على أهمية هذا الحوار و قال " نحن ندعم بلا شك كل عمل إيجابى بناء يضيف إلى الرصيد الوطنى ويتبنى قضاياها ويقوده نحو مستقبل أفضل. »
وتابع: «أظن أن هذه القيم إذا توفرت فى الحوار الوطنى سيكون له مردود رائع وسيحقق الشعار الذى رفع وهو "نحو الجمهورية الجديدة، وكل أمنياتنا الطيبة لهذا العمل الإيجابى بأن يثمر أهدافه المرجوة، وهذا الدعم ليس بالغريب على الكنيسة القبطية فمواقفها خلال العشر سنوات الأخيرة خير شاهد على ذلك، ومن تصريحات المتحدث الرسمى ننتقل إلى تصريحات البابا التى توضح لنا أن هذا الدعم ليس من باب العمل فى السياسية بل من باب الوطنية والسعى نحو مصلحة البلاد، حيث قال قداسته فى لقاءه مع صحفيى الملف القبطى فى أواخر الشهر الماضي: "إن الكنيسة على مدار قرون عديدة لا تعمل بالسياسة فهى ليست حزبا او ناديا، فالكنيسة رفضت تأسيس حزب قبطى وكل مجالات خدمتها هى خدمات روحية واجتماعية لخدمة المواطنين إما تعليميا أو صحيا أو ثقافيا.»
السيسي يرسم ملامح الجمهورية الجديدة
ومن كلمات رئيس الجمهورية التى افتتح بها هذا الحوار: «أتوجه إليكم اليوم، بتحية وتقدير وإعزاز، لجمعكم الكريم الذى اجتمعتم فيه، من أجل أن نتحاور ونتبادل الرؤى، مبتغين صالح وطننا العزيز ولرسم ملامح جمهوريتنا الجديدة، التى نسعى إليها معا- نحن المصريين – دولة ديمقراطية حديثة ونضع للأبناء والأحفاد، خارطة طريق، لمستقبل واعد مشرق يليق بهم».
وأكد الرئيس أن إيجابية تنوع وتبادل الأفكار بالقول: «إن الاختلاف فى الرأي، لا يفسد للوطن قضية» بل أؤكد لكم، أن حجم التنوع، والاختلاف فى الرؤى والأطروحات، يعزز بقوة من كفاءة المخرجات التى أنتظرها من جمعكم الكريم، المتنوع الجامع، لكافة مكونات المجتمع المصري.»
وأكمل: «إننى إذ أكرر تحياتى لكل المشاركين فى هذه التجربة الوطنية المحترمة. فإننى أدعوكم إلى بذل الجهود لإنجاحها، واقتحام المشكلات والقضايا وتحليلها، وإيجاد الحلول والبدائل لها متمنيا من الله «عز وجل»، أن يكلل جهودنا جميعا بالنجاح والتوفيق، مؤكدا دعمى المستمر لهذا الحوار، وتهيئة كل السبل لإنجاحه، وتفعيل مخرجاته، فى إطار من الديمقراطية والممارسة السياسية الفاعلة وأتطلع- بنفسي- إلى المشاركة فى مراحله النهائية.»