تنطلق يوم غد الخميس فعاليات "أسبوع مصر الجديدة" بمناسبة مرور 118 عاما على إنشاء ضاحية مصر الجديدة، والتي تنظمها مؤسسة تراث هليوبوليس، تحت رعاية وزارتي السياحة والآثار والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ومحافظة القاهرة وعدد من الجهات المعنية.
وتتضمن الفعاليات التي تنطلق تحت شعار "خبري هليوبوليس أو إشراقة جديدة لمصر الجديدة" وتستمر من ١٨ إلى ٢٥ مايو الحالي حزمة من الأنشطة للتعريف بتراث حي مصر الجديدة العريق وتتضمن جولات تراثية وحلقات نقاشية ومعارض فنية.
تاريخ الحي
حي "مصر الجديدة" من أرقى ضواحي القاهرة الكبرى التي أسسها البلجيكي البارون أمبان صاحب قصر (البارون) الأثري ويرجع تاريخ إنشائه إلى يوم 23 مايو عام 1905، وهو اليوم الذي تم فيه توقيع عقد إنشاء شركة تحت اسم "واحات عين شمس" والمعروفة حاليا باسم "شركة مصر الجديدة".
وعن تاريخ حي مصر الجديدة، أكد الباحث الأثري تامر المنشاوي أن الهدف الرئيسي كان إنشاء خط سكة حديد وخطوط ترام لربط منطقة وسط القاهرة بالمدينة الجديدة في مقابل بناء حي جديد على مساحة 25 كم مربع، وأطلق عليه "هليوبوليس"، وهو اسم يوناني أطلقه اليونانيون على مدينة (أون) المصرية القديمة، التي تعني مدينة «الشمس» ، وكانت تجمع حيي "المطرية وعين شمس" المتآخمين لمصر الجديدة.
وقال إن "البارون امبان" أسس حي مصر الجديدة ، بمساعدة بعض الشركاء المصريين، وكان بمثابة ملتقى لمختلف الأعراق والأجناس والأديان، وحرصوا على اختيار مجموعة متميزة من المهندسين والمعماريين من مختلف الجنسيات لتصميم وبناء الحي مما أعطى له طابعا متميزًا ونمط حياة الحضارة الأوروبية الحديثة، بداية من تصميم الطرق والشوارع والمباني ذات التصميمات المميزة، والحدائق الكثيرة والمساحات المفتوحة.
القصور التاريخية
يضم حي مصر الجديدة عددا من القصور التاريخية المهمة في مقدمتها قصر "البارون امبان" مؤسس مصر الجديدة والذي حضر افتتاحه عام 1911 السلطان حسين كامل، كما يضم الحي قصر "بوغوص نوبار باشا" رئيس وزراء مصر الأسبق والشريك الأول للبارون أمبان في تأسيس حي هليوبوليس ويقع بالقرب من قصر "البارون أمبان" .
ويوجد في مواجهة قصر البارون، قصر" السلطانة ملك" زوجة السلطان حسين كامل، وقام "البارون إمبان" بتقديمه كهدية له، إلى جانب "قصر الاتحادية"، فهو من أشهر القصور في مصر، كونه مقر القصر الجمهوري، وكان في السابق فندقا قام بتصميمه "ألكسندر مارسيل" وقام بشئون الديكور "جورج أوي كلود"، وتم إنشاؤه في عام 1906 و افتتاحه عام 1910 ،وفي عهد الرئيس الراحل أنور السادات خلال عام 1972 تحول القصر إلى مقر اتحاد الجمهوريات والذي كان يضم "مصر وسوريا وليبيا" ، ومن هنا أطلق عليه اسم "قصر الاتحادية"، وفي عهد الرئيس الراحل حسني مبارك تحول القصر إلى مقر لرئاسة الجمهورية ولاستقبال رؤساء وملوك وزعماء العالم.
كما يضم حي مصر الجديدة "قصر الفريد شماس"، وهو تاجر من أصول شامية وعاش في مصر، وأقامت فيه الملكة فريدة ولقد اختار الملك فاروق هذا القصر لكي تستقر فيه حتي موعد الزفاف، وفي 20 يناير 1938 أقيمت فيه حفل الزفاف الملكية بين الملك فاروق والملكة فريدة.
مجمع الأديان
تحتضن مصر الجديدة مجمعا للأديان متكامل" مساجد وكنائس أثرية ومعبد يهودي" تدل جميعها على التسامح السمة الأساسية للمصريين، حيث يوجد بها "مسجد عباس" في ميدان الجامع، وهو أول مسجد في حي مصر الجديدة تم افتتاحه عام 1911 ويطلق عليه حاليا اسم "مسجد جمال الدين الأفغاني"، كما يوجد "مسجد حفيظة الالفي" ثاني مسجد في مصر الجديدة الذي تم إنشاؤه عام 1930، وهو مسجد السيدة حفيظة رستم حلمي الألفي حرم يوسف بك نجيب ويقع في شارع بيروت، إلى جانب "مسجد السلطان حسين كامل" بالقرب من قصر السلطانة ملك وتم تغيير اسمه إلى "مسجد الثورة"، ويحتوي بداخله على منبر يحمل اسم الملك "أحمد فؤاد الأول".
وبالنسبة للكنائس الأثرية بحي مصر الجديدة، تعد "كنيسة البازليك" من أشهر تلك الكنائس،التي قام بإنشائها مؤسس مصر الجديدة" البارون امبان"، وهو مدفون داخل قبو أسفلها في 17 فبراير عام 1930، كما يوجد " كنيسة مارمرقس" الواقعة في شارع كليوباترا، والتي تم وضع حجر أساسها عام 1922.
ويضم حي مصر الجديدة معبدا يهوديا يقع في شارع المسلة ويطلق عليه إسم (معبد فيتالي ماجار) وتم بناءه عام 1927 ولذلك تعد مصر الجديدة مجمعا تراثيا يضم ثلاثة اديان سماوية تعبر عن عظمة التسامح والتعايش في هذه المنطقة التاريخية.
الأماكن التراثية
كما يضم حي مصر الجديدة مجموعة من الأماكن التراثية منها مبنى سباق الخيول والذي يطلق عليه حاليا "غرناطة"، أسسه البارون إمبان "عام 1905 في حي مصر الجديدة ويعتبر من الأماكن التاريخية والتراثية، التي شيدت مبانيها على الطراز الأندلسي حيث كان يجلس الملك فاروق مع الوفود المختلفة من الزوار داخل البرج و مدرجات المبنى لمتابعة سباقات الخيول.
الميادين
ومن أشهر ميادين مصر الجديدة " ميدان الكوربة" بشكله المثلث ويرجع تسمية الميدان بهذا الاسم "لا كوربيه" إلى استدارة الشارع على غير عادة الشوارع فى ذلك الوقت والكلمة تعني بالإيطالية" الانحناءة أو القوس" حيث كان "الترام" يأخذ انحناءة أو دوران في هذا المكان في رحلة عودته قادما من شارع فؤاد الأول" وسط البلد" فكان "الكمساري" البلجيكي الجنسية ينادي بكلمة" الكورب" فصارت اسما للمكان.
ومن أشهر ميادين مصر الجديدة أيضا "ميدان روكسي"، ويحتوي على البواكي والمباني التراثية التي تعود للعمارة الفنية الإسلامية المغربية الهندية، وكان يمر الترام من شارع بغداد بهذه المنطقة قادما إلى منطقة روكسي، إلى جانب "شارع الأهرام" الشهير بمصر الجديدة حيث كان المارة وسكان الشارع يستطيعون منه مشاهدة الأهرامات الأثرية بالجيزة وذلك قبل إنشاء المباني العالية، لذلك أطلق عليه شارع الأهرام، كما يضم حي مصر الجديدة ميدان "الجامع" و ميدان "الإسماعيلية" اللذان يضمان عددا من المباني التراثية التاريخية التي تدل على عظمة هذا الحي العريق.