الدكتورة ميادة سوار الدهب، من مواليد الخرطوم، نشأت فى عائلة عرفت بالتدين والعلم، جدها لأمها (أحمد بك أبو القاسم) الذى كان قائد الجيوش السودانى استشهد على يد المستعمر البريطاني.
جدها الأميرال إبراهيم النور سوار الذهب الحاكم العسكرى فى عهد عبود وقائد سلاح الطيران ورئيس القوات المسلحة لقب بـ(أب الضباط) عرف كشاعر وأديب كما عرف بالنزاهة والورع والصرامة.
درست الطب بجامعة الأحفاد وتخصصت فى الطب النفسي. وحاصلة على الدكتوراه السريرية فى الطب النفسى والعصبي. وتلقت بعض تعليمها خارج السودان.
د. ميادة سوار الذهب، اختصاصية نفسية، تعالج أمراض السياسة فى السودان عبر الجماهير وتنتمى لأسرة المشير عبدالرحمن سوار الذهب، الذى قاد ثورة أبريل 1985 وأصبح قائداً لها، وقد أنشأت ميادة ولأول مرة مركزاً للتوجيه المعرفى للأسرة، كمرشد لحياة مستقرة.
عرفت كناشطة اجتماعية وسياسية مؤثرة فى المجتمع السوداني، وتقلدت منصب رئيس الحزب الديمقراطى الليبرالى السوداني.
حول الأوضاع الحالية فى السودان وتأثيرها على المواطن السودانى وأسباب الصراع الحالى بين القوتين العسكريتين، كان لـ«البوابة» معها هذا الحوار:
■ كيف ترى رئيس الحزب الديمقراطى الليبرالى ما يحدث فى السودان؟
- الجيش مؤسسة وطنية قومية عريقة و راسخة وتعد ركنا من أركان الدولة وصمام الأمان لحماية الدولة والحفاظ على وحدة ترابها فضلا على أنها رمز للسيادة الوطنية.
هذه الحرب غير متكافئة التوصيف الدقيق أنها بين فصيل عسكري يتبع للقوات المسلحة وتمرد عليها.
هذه قضية أمن قومى وسيادة وطنية لا تخضع للحسابات السياسية بغض النظر عن الموقف من قيادة المؤسسة العسكرية أو الخلافات السياسية.
■ وكيف بدأ الصراع؟
- مواجهة حتمية مؤجلة بين القوات المسلحة والدعم السريع .. نشأت قوات الدعم السريع كقوات سريعة الحركة بعدد ٣٠٠٠ إلى ٥٠٠٠ جندى وكتجربة جديدة للتعامل مع حركات التمرد فى دارفور وجنوب كردفان لتكون سندا للقوات المسلحة وكانت تتبع للقائد الأعلى وكان وقتها رئيس الجمهورية عمر البشير وتم ذلك بموجب قانون مجاز من البرلمان.
وقد شاركت فى حرب اليمن الأمر الذي فتح لها علاقات خارجية ولكن بعد التغيير ٢٠١٩ تضخمت وأصبح لها ذراع اقتصادية، وأصبح قائدها نائبا لرئيس مجلس السيادة وعددها تجاوز مائة ألف مقاتل.
بعد الثورة دخل الدعم السريع إلى المشهد الساسى من أوسع أبوابه، وأصبح جزءا من العملية السياسية.. فى السنوات الأربعة الماضى تمدد الدعم السريع عسكريا واقتصاديا حتى أصبح منظومة موازية للقوات المسلحة وسط رفض وتململ داخل المؤسسة العسكرية.
■ ماذا عن العملية السياسية ودخول قوات الدعم السريع للمجال السياسي؟
- تم اقحام الدعم السريع فى الصراع السياسى من خلال العملية السياسية التى حوت نصوصا محل جدل حول تبعية قوات الدعم السريع لرئيس الوزراء ومحل خلاف حول الجداول الزمنية لدمج قوات الدعم السريع داخل المؤسسة العسكرية. مما منحه شرعية كقوة موازية للجيش بعد ذلك زادت حدة التوتر بين الطرفين بعد استدعاء قوات الدعم السريع من الولايات وتحشيدها داخل العاصمة الخرطوم.
مع صراع مستتر منذ أمد بعيد محوره ازدواجية الأدوار بين القائد العام للجيش رئيس مجلس السيادة وقائد الدعم السريع نائبه فى المجلس على مستوى العلاقات الخارجية.
ثم ارتفعت وتيرة الأحداث عندما بدأت بوادر تحالف سياسى وأصابع الاتهام تشير إلى صراع المطامع الخارجى فى السودان.
■ ما مستقبل عمليات التفاوض بين الطرفين؟
- الحديث حول مستقبل المفاوضات سابق لأوانه ويحدده الموقف داخل الميدان ولا أعتقد أن الجيش يمكن أن يتراجع فى ظل إعلانه الدعم السريع فصيلا متمردا كما أن الفصيل المنتصر سيحدد شروط التفاوض وسيشكل المشهد السياسى القادم.
من المؤكد أن الجيش لن يقبل أن يخوض فى أى تفاوض إلا بلغة المنتصر أو بعد حسم المعركة لصالحه، لأن عقيدة الجيش أقوى من أى تفاوض والجيش أعلن أنها معركة الكرامة والسيادة الوطنية وعليه لن يقبل على أى حلول لا تحقق ذلك، إلا إذا وصلت الأطراف إلى نتيجة صفرية تدعوهم للجلوس فى طاولة مفاوضات مشتركة.
طرفا الصراع الحالى هم من المكون العسكرى الذى كان يقف طرفا واحدا فى الصراع السياسي بين المكونات وقد انسحب هذا الصراع على أحد أطراف المكون العسكرى وتحول إلى صراع مسلح أضر بالعملية السياسية السلمية.
جميع الأطراف الأخرى تريد أن تحقق مكاسب من هذا الصراع، ولكن تظل هنالك ثوابت وطنية لا يمكن الحياد عنها كالسيادة الوطنية ووحدة التراب الوطنى واستقلالية القرار.
■ مدى تأثير الصراع على القضايا الإنسانية؟
- الخاسر الوحيد هو المواطن السودانى الذى تأذى من الحرب إذ كل قطرة دم سودانية غالية.
من المؤسف جدا التداعيات التى خلفتها الحرب على الأرض أن ما يحدث الآن فى الخرطوم من تفلتات أمنية وترويع المواطنين واحتلال المستشفيات وعمليات الخطف والأسر واستخدام المواطنين كدروع بشرية يدخل فى حيز جرائم الحرب.
وقد أدى ذلك الى تدهور القطاع الصحى فى غياب مؤسسات الدولة التنفيذية لذلك تأتى المطالبة بتوفير ممرات آمنة لإجلاء الجرحى والمحاصرين وإمداد المستشفيات بلا أدوية المنقذة للحياة وتوفير الكادر الطبى وحمايته.
الهدنة للأسف الشديد تخضع للحسابات الميدانية العسكرية ويجب ألا تخرق الهدنة من كلا الطرفين لأجل الأغراض الإنسانية.
■ ما وجهة نظركم فى اتفاق جدة؟
إعلان وليس هدنة ولا وقف إطلاق نار... تعبير وقف إطلاق نار قصير المدى، ولا يغير الوضع القانونى والأمنى والسياسي... والإعلان دائما فى مثل هذه الظروف غير ملزم كما فى الاتفاقيات الشاملة أو الجزئية.
كما أن إخلاء المرافق العامة ومراكز الخدمات ومنع قيام الارتكازات وتحريم تفتيش المواطنين أمر إيجابي.. قضايا الإخفاء القسرى والتعذيب، ورد بصورة خجولة جدا، ولم يتحدث مباشرة عن الرهائن والمختطفين وكيفية التبادل.. لم يحدد مدى وقف إطلاق النار وآليات مراقبته.
لم يحدد كيفية تجميع قوات التمرد ومواقعها وممراتها. الأسوأ أنه تعامل مع الجيش والتمرد كطرفيين متساويين فى المسئولية والجرائم.. فتح باب لاستمرار التفاوض مع التمرد ربما يكون طويل المدى كسابقاته من حركات التمرد ربما ينتهى بفتح الباب نحو القضايا السياسية ويصبح فيما بعد الدعم السريع شريكا سياسيا مسلحا. يبدو أن هنالك قضايا تم الاتفاق عليها تحت الطاولة لم تعلن ما تظهر أن الإعلان منقوص.
أصحاب المبادرة يسابقون الزمن للوصول لأى شكل من أشكال الاتفاق ربما يكون من ورائه اتجاه لإشراك القوى المدنية الحليفة فى جولات قادمة.
وعلى الرغم من كونه إعلان مبادئ لأغراض إنسانية إلا أنه على أرض الواقع لم يشكل حماية للمدنيين بشكل فعلي. الإعلان تمهيد لجولات قادمة وستترتب عليه ضغوطات دولية لاحقا.
■ وكيف ترون أو تصفون مآلات هذا الصراع؟
- يصعب التكهن بالمآلات المشهد سيتغير فى كل الأحوال بلغة السلاح. فى ظل عجز القوى السياسية والأحزاب عن طرح مشروع وطنى جامع.
على الرغم من ذلك فلا مستقبل لحكم عسكرى فى ظل الضغوطات الدولية والإرادة الشعبية فى المطالبة بالحكم المدني، ولا مفر من استكمال مراحل التحول الديمقراطى والوصول إلى صندوق الاقتراع عبر الانتخابات.