أظهر تقرير احصائي عن دراسة أجراها مكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، حول العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء، أن أكثر من خمس نساء أو فتيات قُتلن في المتوسط كل ساعة على يد أحد أفراد أسرِهن وفقا لآخر البيانات.
وأكدت هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن العنف ضد النساء والفتيات هو أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارا في مختلف أنحاء العالم، كما قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أنه في كل 11 دقيقة، تُقتل امرأة أو فتاة على يد شريك حميم أو أحد أفراد الأسرة.
وتُظهر أرقام الدراسات الحقوقية في مصر ارتفاع معدل العنف والجريمة ضد النساء في مصر، خاصة في داخل المحيط الأسري، سواء بين الزوجين أو الأقارب من الدرجة الأولى أو الأصدقاء المقربون، وهو ما يؤكد على ضرورة التصدي لهذه الظواهر ومعرفة العوامل المؤثرة وأسبابها للقضاء عليها وتقويمها.
دراسة حقوقية: مقتل 51 سيدة خلال الربع السنوي من 2023 في مصر
من جانبه قال د. أحمد بدر خبير علم الاجتماع، والباحث الرئيسي بمركز تدوين المتخصص في دراسات النوع الاجتماعي، في تصريحات لـ "البوابة نيوز"، أن دراسة حديثة أجراها المركز بتحليل الجرائم المنشورة في بعض الصحف المصرية خلال يناير: مارس 2023، أظهرت ارتفاع معدل الجريمة ضد النساء مقارنةً بالعام الماضي.
وأوضح "بدر" أن 51 سيدة لقت مصرعها خلال الثلاث شهور الأولى من 2023، كان من بينها نسبة 92.1% حالات قتل، و7.9% حالات انتحار نتيجة تعرض الفتيات أو النساء لأي شكل من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وكشف خبير علم الاجتماع أن الدراسة أظهرت أن 80.4% من حالات قتل النساء اُرتكبت بواسطة أفراد الأسرة، وأن النتائج ركزت على أن ما يزيد عن نصف هؤلاء النساء قُتلن على يد أزواجهن بنسبة 58.5%، في مقابل 41.5% قتلن على يد أفراد الأسرة والأقارب الآخرين. بينما نسبة 11.8% من جرائم القتل ضد النساء اُرتكبت على يد الأصدقاء أو الجيران أو الغرباء.
وأكد "بدر" لــ "البوابة نيوز" أن العوامل الاقتصادية تؤثر بشكل كبير على ارتكاب الجرائم والعنف ضد النساء في مصر، حيث استحوذت الأسباب المتعلقة بالمال والمصاريف سواء للسرقة أو الحصول على الميراث، إضافةً إلى الخلافات الأسرية المتعلقة بالمال أهم أسباب ارتكاب الجريمة.
وأضاف أن نتائج تحليل الدراسة أظهر أن الخلافات العائلية جاءت بنسبة 70.6% من اسباب الجريمة، يليها العوامل الاقتصادية بنسبة 17.7% وتنقسم إلى الاستحواذ على الممتلكات بنسبة 11.8%، والأعباء المالية بنسبة 5.9%. بينما أتت جرائم الشرف بنسبة 9.8%، وأخرى غير معلوم بنسبة 1.9%.
دور المؤسسات في حماية الأسرة
"العنف المؤدي إلى القتل ليس ظاهرة متفشية داخل المجتمع المصري" هكذا وصف د. حسن سلامة أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، ارتفاع معدل القتل بين النساء في بداية هذا العام.
وأضاف "سلامة" في تصريحاته لــ "البوابة نيوز" أن العوامل الاقتصادية وضغوط الأعباء الأسرية ومستلزماتها أحد مسببات الجرائم، وأن هناك عوامل نفسية تتعلق بشخصية كل فرد، خاصة بين الفئات العمرية الأصغر سنًا، وعدم تأهيل الأفراد على التعامل والاختلاف في الحياة الزوجية، إضافة إلى التصعيد والاستفزاز بين الأطراف مما يؤدي إلى لحظات غضب وتهور تنتهى بالجريمة.
وقال استاذ العلوم السياسية أن المرأة هي الطرف الأضعف في الأسرة، ومع ذلك هناك حالات أخرى تقوم فيها المرأة بقتل الزوج، فلا يجب التركيز على جرائم العنف الأسري المؤدي إلى القتل باعتبارها ظاهرة منتشرة، مرجعًا سبب الترويج لذلك إلى مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي والتي تقوم بنشر الخبر الواحد بعدة طرق وصولًا إلى تحقيق المشاهدات والتريند.
محذرًا من خطورة نشر الجرائم بصورة متكررة عبر وسائل الاعلام، وأثر ذلك في وقوع بعض ضعاف النفوس في مصيدة "المحفز"، والتشجيع على ارتكاب جرائم مماثلة باعتبارها أمر شائع.
وثمن "سلامة" على دور مؤسسات الدولة مثل دار الافتاء والكنيسة ووزارة التضامن، حيث تقوم بدور عظيم في تأهيل المقبلين على الزواج، مشيرًا إلى أهمية تكثيف برامج التوعية ونشرها بين المدارس والجامعات، سواء في الريف أو الحضر وبين الفئات العمرية المختلفة.
وثيقة دولية لحماية النساء
من جانبها دعت هيئة الأمم المتحدة للمرأة مع الوكالات الأممية الشقيقة الحكومات والشركاء إلى التحرك لإنهاء العنف ضد المرأة وإبداء تضامنها مع حركات ونشطاء حقوق المرأة من خلال:
- زيادة التمويل طويل الأجل والدعم لمنظمات حقوق المرأة التي تعمل على إيجاد حلول فعالة لمنع العنف ضد المرأة والاستجابة له.
- مقاومة التراجع عن حقوق المرأة، وتضخيم أصوات المدافعات عن حقوق الإنسان والحركات النسائية النسوية المتنوعة، وحشد المزيد من الجهات الفاعلة للانضمام إلى هذه الحركات لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم.
- تعزيز قيادة ومشاركة النساء والفتيات في المجالات السياسية وصنع السياسات وصنع القرار من المستويات العالمية إلى المستويات المحلية، بما في ذلك في عمليات التنمية والإنسانية والسلام.
- تعزيز آليات الحماية لمنع العنف والقضاء عليه، والمضايقة والتهديدات والترهيب والتمييز ضد المدافعات عن حقوق الإنسان والمدافعات / الناشطات في مجال حقوق المرأة.