كشف الفقيه القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة عن كنوز الحضارة الفرعونية أثناء مناقشة رسالة الدكتوراه المقدمة من الباحث ماجد كيلانى عن موضوع: "التطور التاريخى للوظيفة العامة وعلاقتها بنظام الحكم فى مصر القديمة" بكلية الحقوق جامعة السادات بالمنوفية، ذاكرًا أن مصر الفرعونية أول دولة فى التاريخ الإنسانى واجهت جرائم الإضرار بالنظام الاقتصادى للدولة، وكافحت الفساد.
وحصل الباحث على درجة الدكتوراه بتقدير (جيد جدا) B من لجنة الحكم والمناقشة التى تكونت من الدكتور محمد أنس جعفر أستاذ القانون العام المتفرغ بكلية الحقوق جامعة بنى سويف ومحافظ بنى سويف الأسبق والمستشار القانونى للمجلس الأعلى للجامعات "رئيسًا" والدكتورة إيمان السيد عرفة أستاذ فلسفة القانون وتاريخه ووكيل كلية الحقوق جامعة مدينة السادات للدراسات العليا والبحوث "مشرفاً وعضواً" والقاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة "عضواً".
وقال الدكتور محمد خفاجى أثناء مناقشة الباحث إن مصر الفرعونية أول دولة فى التاريخ الإنسانى واجهت جرائم الإضرار بالنظام الاقتصادى للدولة وكافحت الفساد , وقد عرفت مصر الفرعونية النظام الاقتصادى القائم على دقة الجهاز الإدارى وروعته فى اَداء العمل على مستوى فن الإدارة، ومن أجل ذلك واجهت القوانين فى مصر الفرعونيه فى شدة وصرامة من يتسبب بفعله فى تعطيل كفاءة النظام الاقتصادى والإدارى للدولة الفرعونية، ذلك أن الفراعنة كانوا حريصين على حماية النظام الاقتصادى والإداري للدولة.
وأشار أن من أبرز القوانين التى واجهت المساس بالنظام الاقتصادى والإدارى فى الدولة قانون "حورمحب"، حيث نص على عقوبة الجلد مائة جلدة لكل من ارتكب جريمة الاختلاس سواء من كان من قام بها من المواطنين أو من الجنود المكلفين بجمع الضرائب , كما كانت هناك عقوبة جدع الأنف لكل من يعوق سفينة تحمل الضرائب إلى خزائن الدولة أو ضرائب محملة إلى الملك بحسبانها موجهة ضد النظام الاقتصادى للدولة الفرعونية .
وأضاف كان لقانون "حور محب " الفضل الأكبر فى مكافحة الفساد وإعادة الانضباط فى المجال الوظيفى وأخطرها الرشوة واستغلال النفوذ والتزوير , ففى المجال الوظيفى كانت هناك عقوبة مشددة لمن يستغل وظيفته بتعسف تتمثل فى قيام الدولة بوضع يدها على مال المحكوم عليه وتجريده منه وهو ما يعرف الاَن بالمصادرة , وكذلك عقاب الموظف الذى يستولى دون وجه حق على مال من أموال الدولة الفرعونية مثل أن يضع يده على أملاك المعبد حيث كان يعاقب بعقوبة مائتى ضربة وخمسة كسور فى عظامه , وفى حالات أخرى جدع الأنف وقطع الأذنين وحجز الجانى وتنزيل درجته ليصبح عاملا زراعياً بين خدم المعبد , وفى حالات أخرى يعاقب بمائة ضربة وأن يرد ما قام بسرقته بل وعليه أن يدفع ما يعادل قيمته مائة مرة على سبيل التعويض , وفى فترات أخرى يوصم السارق بعلامات ظاهرة فى خمسة أوضاع مختلفة من جسمه.
وأوضح أنه فى مراحل أخرى كانت عقوبة من يسرق ممتلكات أفراد هي دفع غرامة تصل إلى الضعفين أو ثلاثة أضعاف الشيء المسروق، وكان الجانى يتعهد بإعادة المسروقات بعد اعترافه، ويخضع لعقوبة الضرب مئة ضربة باليد، وإجباره على حلف يمين لا يحنثه، وإلا يُلقى في النهر للتماسيح تلتهمه ، وكانت العقوبة تُنفذ في مشهد عام أمام مرأى ومسمع الناس , وعقوبة سرقة اَحاد الناس تغاير عقوبة سرقة ممتلكات الدولة التي وصلت إلى حد دفع السارق غرامة تصل إلى 180 ضعفاً.
وأشارت بعض الوثائق إلى أن السارق كان يتم عقابه بضربه بسيف اليد مئة ضربه علانية فضلاً على ارغامه على رد ما سرقه.
واختتم الدكتور محمد خفاجى أما عن جريمة إفشاء أسرار الدولة للأعداء بقصد التعاون معهم ضد نظام الحكم الفرعونى فكانت العقوبة جسيمة تتمثل فى قطع اللسان بحسبانه العضو الذى ارتكبت الجريمة من خلاله فلا يعاود به مرة أخرى.
أما عن جريمة تزييف الأختام أو النقود أو الغش فيهما أو تزوير السجلات أو تطفيف الكيل أو الميزان فكانت العقوبة هى قطع اليد , وقد تصل إلى حد الموت باعتبار أن تلك الجرائم تمس بالنظام الاقتصادى العام للدولة الفرعونية.