مازالت إيران تحرك أذرعها في جميع أنحاء العالم، لبسط نفوذها المذهبي، أملا في إيجاد المزيد من الأتباع، الذين يحققون لها السيناريو ذاته الذي استطاعت تحقيقه في الشرق الأوسط، عبر زرع حزب الله على الأراضي اللبنانية.
وهذه المرة اتجهت إيران بكل قوة إلى أمريكا اللاتينية، تلك الأرض الخصبة لانتشار المذاهب الدينية المختلفة، وخاصة الإسلامية، مع زيادة أعداد من يدخلون في دين الإسلام خلال السنوات الأخيرة.
وعلى الرغم من أن سعي إيران لتعزيز وجودها المذهبي في دول أمريكا اللاتينية، وبخاصة البرازيل، بدأ منذ عقود، عن طريق دعمها لوجود قيادات من حزب الله في مختلف أرجاء تلك القارة، فإن خطط طهران تتطور يوميا، حتى أنها هذه الأيام تنفذ مخططا لتجنيد الأطفال البرازيليين، وذلك عبر سلسلة طويلة من العملاء الذين يرتدون زي رجال الدين.
الاختباء في أزياء رجال الدين
وأصبحت ظاهرة استخدام النظام الإيراني لرجال الدين الإيرانيين واللبنانيين كعملاء له في أمريكا اللاتينية، بينما هم ظاهريا يتولون مهام رسمية، مثل: العمل في خدمة المساجد، وإنشاء وإدارة المراكز الثقافية، وهم في الحقيقة يستعون لتنفيذ مخطط يعتمد على تجنيد الأطفال لنشر المذهب الإيراني، وخدمة أهداف سياسته الخارجية للملالي.
وتشير المعلومات الواردة من البرازيل، إلى أنه تم رصد تلقي مجموعات من الأطفال، لدروس عقائدية في المذهب الإيراني، على أيدي أشخاص معروفين بالولاء لحزب الله.
توسيع النفوذ الديني
ويرى الدكتور رفيق الدياسطي، أستاذ الجغرافيا السياسية، أن النظام الإيراني يسعى لتوسيع رقعة نفوذه الديني في أمريكا اللاتينية، منذ ثمانينيات القرن الماضي، مشيرا إلى أن تصدير الفكر العقائدي، يعد أحد أدبيات ثورة الخميني التي ضربت إيران في عام 1979.
وقال الدياسطي: "تعد قصة محسن رباني، الذي وصل الأرجنتين عام 1983، وتخفى وراء إدارة مسجد هناك يسمى التوحيد، قبل أن يتم كشف تورطه في التخطيط
لهجوم وقع بقنبلة على مقر AMIA في العاصمة بوينس آيرس، عام 1994".
وأشار الدياسطي إلى إدجاردو روبين سهيل الأسد، الذي يعد أهم تلاميذ محسن رباني، الذي يعد المنسق الرئيس لخطة التوسع المذهبي الإيرانية في أمريكا اللاتينية.
أدوار استخباراتية مزدوجة
من جهته سلط الدكتور فتحي العفيفي، أستاذ الفكر الاستراتيجي، الضوء على ما وصفه بالدور المزدوج لرجال الاستخبارات الإيرانية، للظهور بثياب رجال الدين، من أجل تجنيد الأطفال لصالح المذهب الديني الإيراني.
وأشار العفيفي إلى ما أوردته وزارة الخزانة الأمريكية، منذ نحو عشر سنوات، حول هذا الدور المزدوج لرجال الدين والاستخبارات في إيران، ضاربا المثل بالمدعو بلال حسن وهبي، القيادي بحزب الله.
وأوضح العفيفي أنه وفقًا لتصنيف وزارة الخزينة الأمريكي، فإن وهبي عمل على نقل معلومات وتوجيهات بين قادة حزب الله في لبنان، وعناصر الحزب في أمريكا اللاتينية، كما أشرف على أنشطة المخابرات في منطقة الحدود الثلاثية المخترقة بين الأرجنتين والبرازيل وباراجواي.