في ظل أزمة الغذاء العالمي نتيجة الظواهر المناخية والصراعات المسلحة تسعى الحكومة المصرية جاهدة لتحقيق الأمن الغذائي المصري عبر توفير احتياطات ضخمة من المحاصيل الاستراتيجية وعلى رأسها القمح والذرة.
وارتبط محصول القمح بعيش وخبز المصريين، لتصدر الحكومة استراتيجيات لرفع أسعار التوريد عبر نقاط منتشرة بأنحاء وربوع الجمهورية، حيث استهدفت الحكومة توريد 6 ملايين طن تم توريد 4 ملايين طن بشكل فعلي بالعام الماضي، كما تستهدف توريد أكثر من 5 ملايين طن العام الحالي بعد أن رفعت سعر الإردب وزن 150 كجم إلى 1500 جنيه.
وطالب خبراء الزراعة بضرورة الاهتمام بالمزارع المصري من خلال عودة الإرشاد الزراعي وتزويده بالسلالات الزراعية عالية الانتاجية مع الإعلان بشكل دوري على أسعار القمح قبل موسم الزراعة لتشجيع وتحفيز الفلاحين وأضافوا، وأوصوا بأهمية العمل باستراتيجيات طويلة الأمد لتأمين احتياجاتنا الغذائية وتقليل فاتورة الاستيراد التى تصل لأكثر من ٥٠٪ من استهلاكنا حيث تستهلك قرابة ٢٠ إلى ٢٤ مليون طن بشكل سنوي تسعى الحكومة لتوفير أكثر من ١٠ ملايين طن بشكل زاتي.حيث أصدر الدكتور على المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية قرار لتنظيم توريد القمح المحلى موسم ٢٠٢٣ ونص القرار الصادر من سيادته إلى أن القمح المحلى المورد اعتبارا من يوم ٨ من الشهر الماضي لصالح هيئة السلع التموينية التابعة لوزارة التموين.
وأشار القرار إلى أن القمح المحلى المورد نسبة نقاوة ٢٣.٥ سعره ١٥٠٠ جنيه للإردب ودرجة نقاوة ٢٣ سعره ١٤٧٥ للإردب ودرجة نقاوة ٢٢.٥ سعره ١٤٥٠ للإردب، ونص القرار أن يكون التوريد لصالح الشركة المصرية القابضة للصوامع والشركة العامة للصوامع وشركات المطاحن التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية والبنك الزراعي المصري.
كما تضمن القرار تشكيل اللجان المختصة باستلام الأقماح علي النحو الآتي عضو من مديرية التموين رئيسًا فى نطاق كل نقطه لاستلام القمح وعضو من البورصة السلعية ومديرية الزراعة وعضو من الجهة التسويقية وعضو من الجمعية القبانية (وزان معتمد) وحظر القرار الصادر من السيد الدكتور على المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية تداول الأقماح المحلية الناتجة عن موسم حصاد ٢٠٢٣ من مكان إلى آخر إلا بموافقة مديرية التموين التابع لها كما حذر القرار أيضا أصحاب المزارع السمكية والمسئولين عن إدارتها حيازة الأقماح المحلية أو استخدامه، وحذر القرار أيضا أصحاب مصانع الأعلاف والمسئولين عن إدارتها حيازة الأقماح المحلية واستخدامها كأعلاف أو إدخالها فى صناعة الأعلاف، ووجه القرار أصحاب مطاحن القطاع الخاص والمنتجة للدقيق الحر تدبير احتياجاتهم من القمح المستورد ويحظر عليهم استخدام القمح المحلي أثناء موسم التسويق إلا بتصريح من وزارة التموين والتجارة الداخلية.
وأكد المتحدث الرسمي معاون وزير التموين، أحمد كمال، أن القرار نص أيضا على سرعة سداد مستحقات المزارعين من الجهات المسوقة للقمح المحلى بحد أقصى ٤٨ ساعة وأشار المتحدث الرسمي معاون الوزير أن تسديد المستحقات سيكون إلكترونيًا بعد ميكنة التعامل مع الصوامع ونقاط استلام الأقماح المحلية، وأضاف أن الوزارة قد جهزت ٤٢٠ نقطة لاستلام الأقماح ما بين صوامع حقلية ورأسية وهناجر وبناكر وشون مطورة مشيرا إلى دخول عدد من الصوامع الحقلية لاستلام الأقماح المحلية هذا العام.
المصلحة العامة
قال عبدالسلام الجبلي رئيس لجنة الزراعة والري بمجلس الشيوخ، إن الدولة منعت استخدام القمح في تغذية الأسماك إلا في إنتاج الدقيق، مشددًا على أن استخدامه كعلف للدواجن والماشية سيضر المصلحة العامة.
وأضاف الجبلي خلال تصريحات تليفزيونية، أنه كي نواجه هذا الأمر، فإن هناك جزءًا اقتصاديا مهما، الدولة تبيع رغيف الخبز بـ٥ قروش بينما تبلغ تكلفة تصنيع الرغيف الواحد ٨٥ أو ٩٠ قرشًا، ويمكن للدولة منح المزارعين سعر تفاضلي لدعم المزيد من التوريد، وهو ما سيكون له آثار إيجابية على التوريد، وبالتالي فأنا أقترح إصدار حافز تميز الفلاحين والمزارعين الذين يوردون القمح بنسبة كبيرة.
وحول حظر حيازة القمح بقصد الاستخدام، قال: «هذا الأمر سيكون صعبا للغاية، هناك الكثير من الأسئلة التي ترد إلينا من المواطنين، مثل: هل يُسمح لنا بعد التوريد أن نبيع الفائض بسعر حر؟ وفي هذا الصدد، أقول إنه يمكن للدولة منح حافز إضافي للتوريد والحصول على هذه الكميات لجمع أكبر كمية من القمح بدلا من الحصول على القمح المستورد من الخارج».
وفي هذا السياق يقول حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، إن محصول القمح حدث فيه طفرة كبيرة للغاية خلال الموسم الحالي بفضل الجهود المبذولة من الدولة بتلك الملف خاصة وأننا نستورد كميات كبيرة للغاية من محصول القمح من الخارج حيث تصل فاتورة الاستيراد الي ٥٠٪ من استهلاكنا موضحًا أن محصول القمح استراتيجي ولا يمكن الاستغناء عنه بأي حال من الأحوال لدخوله في رغيف الخبز.
وأضاف أبو صدام نقيب الفلاحين في تصريحات خاصة لـ"البوابة"، أن الدولة ساعدت بشكل كبير في تطوير محصول القمح وزيادته بفضل زيادة سعر توريد القمح، مؤكدًا أن السعر الذي يورد به الفلاحين القمح للدولة الي حد ما سعر جيد وعادل، مؤكدًا أن هذا الموسم يعد من أنجح وأفضل مواسم القمح علي الأطلاق موضحًا أنه من المتوقع إن ننتج أكثر من ١٠ ونصف مليون طن قمح هذا العام، لافتا إلى زيادة ١٤ ألف جنيه عن كل فدان مقارنة بالعام الماضي.
وأوضح نقيب الفلاحين، أن الوقوف بجانب الفلاح المصري والاهتمام به من جانب الدولة ومدة بجميع المتطلبات التي يحتاجها خاصة في المحاصيل الاستراتيجية من القمح والذرة والأرز والفول يعد سبب أساسي في نجاح منظومة الزراعة في عهد الرئيس عبد الفتاح الي جانب تطوير العديد من المشاريع التي تخص الفلاح والريف المصري في القري مثل مشروع حياة كريمة الذي أتي بثماره في وقت سريع للغاية.
وطالب أبو صدام، من الفلاحين والمزارعين بوجود دعم للحكومة والعمل علي توريد القمح لصالح هيئة السلع التموينية خاصة أن ذلك سيصب في مصلحة الجميع سواء كان المزارع أو الدولة أو المواطن لأن توريد عدد كبير من القمح لهيئة السلع التموينية سيقلل من فاتورة الاستيراد التي تعد كبيرة للغاية مقارنة بأي محصول آخر خاصة وأن محصول القمح هذا العام أفضل موسم من حيث المساحة والأسعار وكمية الإنتاج المتوقعة.
وأوضح أبو صدام، أن المساحات المنزرعة من القمح هذا العام وصلت لأكثر من ٣ ملايين و٦٥٠ ألف فدان تقريبا وهذا الرقم يعد جيد مقارنة بالأعوام الماضية، متوقعا إنتاجية تزيد على ١٠ ملايين و٥٠٠ ألف طن من الإقماح في ظل وصول متوسط إنتاج الفدان هذا الموسم إلى ٣ أطنان مع بداية حصاد القمح.
بينما يقول الدكتور خليل المالكي، أستاذ المبيدات بمركز البحوث الزراعية، ورئيس لجنة مبيدات الآفات الأسبق بوزارة الزراعة، أن هناك نصائح عديدة لابد من أتباعها وتطبيقها بشكل سليم للحفاظ علي محصول القمح وحصادة حتى يتم توريد القمح والمحافظة علية من أي شيء قد يضر بتخزينه دون فاقد أو تالف والتقليل من نسب الفقد.
وأضاف المالكي في تصريحات لـ "البوابة"، لا بد من توافر عدة عوامل للمحافظة علي المحصول من بينها عدم التأخير في عملية الحصاد بأن يكون هناك موعد محدد لحصاد لا يتم تأخيره لعدم وجود هدر في سنابل القمح موضحًا أن التأخير في الحصاد يسبب مشاكله عديدة من بينها زيادة الجفاف للنباتات، وتصبح سهلة الكسر مما يعمل علي فرط الحبوب من السنبلة مما يؤدى ألي ارتفاع نسبة فقد المحصول.
وطالب المالكي، بأن يكون هناك وسائل حديثة للحصاد والعمل علي الحصاد في وقت مبكر من صباح اليوم او في وقت متأخر من النهار وعدم الحصاد في وقت القيلولة، الي جانب تدارك جمع الغلة في أكياس بلاستيك حتى لا تؤثر عليها درجات الحرارة، وتؤدى إلى اتلاف المحصول.
وتابع المالكي، أن النشرة الـسنوية لإحـصاءات المساحات المحصولي والإنتاج النباتي عام ٢٠٢٠/ ٢٠٢١، قالت إن مساحة محصول القمح التي تم تسجيلها خلال تلك الفترة بلغت نحو ٣.٤٢ مليون فدان عام ٢٠٢٠/٢٠٢١، مقابل ٣.٤٠ مليون فدان عام ٢٠١٩/٢٠٢٠ بزيادة بلغت نسبتها ٠.٥٪، كما بلغت كمية الإنتاج ٩.٨ مليون طن عـام ٢٠٢٠/٢٠٢١ مقابل ٩.١ مليون طن عام ٢٠١٩/٢٠٢٠ بزيادة بلغت نسبـتها ٨.١٪.
وأوضح المالكي، يجب أن يتم التدقيق بشكل جيد في الأرقام المطروحة بشأن المساحات المنزرعة من القمح وفاتورة الاستيراد، موضحًا أن الكميات التي نستوردها كبيرة للغاية في ظل ارتفاع سعر الدولار وكسرة حاجز الثلاثون جنيهًا مما يكلف خزينة الدولة مبالغ طائلة لذلك طالبنا مرات عديدة بوجود حلول دقيقة وسريعة لتخطي أزمة الاستيراد او علي أقل تقدير تقليها لأن استيراد أكثر من ٥٠٪ من استهلاكنا من القمح نسبة كبيرة للغاية لابد من تعديلها والعمل علي تقليها في أقرب وقت.
نسب التوريد
وتلقى الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، تقريرًا صادر بتاريخ ٧ مايو الجاري، من غرفة العمليات المركزية بالوزارة التي تتابع توريد القمح المحلي، حيث أفاد بأن نسب توريد القمح حتى الآن منذ بداية التوريد الفعلي بعد إجازة العيد وصلت إلى ١.٢ مليون طن.
وأضاف التقرير الوارد إلى أن نقاط الاستلام التي يصل عددها إلى ٤٢٠ نقطة متنوعة، ما بين الصوامع الرأسية والحقلية والهناجر والبناكر والشون المطورة وصوامع المطاحن، تفتح أبوابها من الساعة الثامنة صباحًا وينتهي عملها يوميًا مع آخر سيارة محملة بالقمح بعد الساعة السابعة مساءً.
وأكد الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، أن التقرير الوارد إليه أكد أيضًا ارتفاع جودة القمح المورد، وزيادة معدلات نسب التوريد هذا العام عن العام الماضي في نفس التوقيت، مشيرًا إلى أن دفع المستحقات يتم بعد ٤٨ ساعة من التوريد.
وفي نفس السياق يقول الدكتور سيد خليفة نقيب الزراعيين، لابد وأن يكون هناك تكاتف من جميع الجهات للخروج من النفق المظلم فيما يخص واردات مصر من القمح التي وصلت لـ ٥٠٪ موضحًا أن هناك أسس ونظم لو تم السير عليها بصورة صحيحة فيما يخص زيادة المحصول وزيادة الإنتاج والعمل علي تشجيع الفلاحين لزراعة القمح سيصبح هناك تقليل لفاتورة الاستيراد تدريجيا، مؤكدًا أن القيادة السياسية والحكومة ووزارة الزراعة تسير بخطي ثابتة في هذا الملف بفضل توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي لدعم خطط البحث العلمي التطبيقي فيما يتعلق بالتوسع الأفقي بزيادة المساحة المنزرعة بالقمح عن طريق زيادة المساحة المستصلحة بالمشاريع القومية.
وأضاف خليفة في تصريحات خاصة لـ "البوابة"، أن الفترة الماضية شهدت تطورًا كبيرًا فيما يخص زيادة المساحات الزراعية من المحاصيل الزراعية بشكل عام ومحصول القمح بشكل خاص عن طريق المشاريع الجديدة التي تتبناها الدولة مؤخرًا لتطوير مستقبل مصر الزراعي مثل الدلتا الجديدة والوادي الجديد وتوشكي ووسط وجنوب سيناء والمغرة وغرب المنيا وغيرها، موضحًا أن تلك المساحات ستعمل علي زيادة الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المحاصيل الزراعية إلي جانب زيادة الصادرات الزراعية المصرية للخارج مما يوفر سيولة مالية تجعلنا نقوم باستيراد الكميات التي نحتاجها من القمح إلي حين نجاحنا في تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح.
وتابع خليفة، أن الحل الأمثل لزيادة المحاصيل الزراعية بشكل عام والمحاصيل الاستراتيجية من الحبوب الزراعية بصفة خاصة وجود سيستم ونظام جديد لاستخدام أساليب جديدة وحديثة في الزراعة هدفها الأول والأخير زيادة المحاصيل الزراعية موضحًا أن المشاريع الجديدة التي تعكف عليها الدولة مؤخرًا في جميع المحافظات هدفها الأول والأخير تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الإستراتيجية والاستفادة من الموارد المائية بأستنباط اصناف جديدة تستهلك كميات مياه أقل خاصة في ظل الأوضاع التي نمر بها وزراعة كميات معينة من بعض المحاصيل الزراعية مثل الأرز لتوفير المياه خاصة وأن تلك المحاصيل تستهلك كميات كبيرة من المياه مما يؤثر علي حصتنا المائية.
بينما يقول الدكتور جمال صيام الخبير الزراعي، أن زيادة المحصول هذا العام عن الأعوام الماضية لا يجعلنا ننسي أننا نستورد كميات كبيرة من القمح من الخارج وذلك لأسباب عديدة من بينها وأهما الزيادة السكانية البمستمرة التي تجعلنا كميات أكبر كل عام الي جانب أن الزيادة في المحصول التي نستطيع زيادتها كل عام مقارنة بالأعوام الماضية لا تتناسب مع الزيادة السكانية لذلك لا بد من وجود سيستم يعمل علي الحد من الزيادة السكانية في ظل الظروف الاقتصادية التي يعاني منها العالم أجمع وليس مصر فقط.
وأضاف صيام في تصريحاته لـ "البوابة"، أن الحكومة تعمل منذ فترة طويلة لأستهداف أكبر عدد ممكن من توريد محصول القمح للدولة موضحًا أن زيادة التوريد سيقلل من فاتورة الاستيراد، مؤكدًا أن الحكومنة استهدفت خلال العام الماضي جمع ٦ ملايين طن وما تم توريده فعليًا قرابة الـ ٤ ملايين طن ومن المتوقع أن يورد المزارعون هذا الموسم نحو ٥ ملايين طن من الأقماح المحلية ذات الجودة الأعلى وهي كميات هامة نحو التوجه للاكتفاء الذاتي.
وتابع صيام، أن ارتفاع سعر توريد القمح ليصل إلي ١٥٠٠ جنيه حافز مهم لتشجيع الفلاحين علي زيادة محصول القمح خاصة وأن اللفلاحين اتجهوا إلي زراعة محاصيل أخري خلال الفترة الماضية مثل البرسيم والفول وغيرها من المحاصيل التي تدخل لهم ربحًا أكثر من محصول الفول.