تولي مصر اهتماما بالغا بالاستثمار في الطاقة النظيفة، خاصة في المناطق الاقتصادية الجديدة التي نشأت عملاقة على أرض الوطن، وعلى رأسها المنطقة الاقتصادية لقناة السويس التي تسعى لجذب أكبر قدر ممكن من الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع، ومن هنا تسعى للتواجد في كافة المحافل الدولية لعرض الفرص الاستثمارية الموجودة في المنطقة، حيث شارك وفد برئاسة وليد جمال الدين رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، في الندوة التي نظمتها السفارة المصرية في لاهاي، وذلك على هامش المشاركة في منتدى الهيدروجين العالمي المنعقد في مدينة روتردام، من أجل عرض الفرص الاستثمارية على الشركات الهولندية والأوروبية العاملة في هذا المجال.
واستعرض رئيس الهيئة خلال الندوة أبرز جهود مصر للاستثمار في الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر، حيث أشار إلى استراتيجية مصر للتحول إلى مركز إقليمي لإنتاج وتداول الهيدروجين الأخضر وتزويد وسائل النقل البحري به، بوصفه أحد أهم مصادر الطاقة المستقبلية، حيث رؤية الدولة المصرية لجذب الاستثمارات في هذا القطاع الهام والصناعات المرتبطة به، فضلًا عن قيام مصر بالفعل بالبدء في خطوات تنفيذ مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في إطار تحالف يضم صندوق مصر السيادي وعددًا من الشركات الأوروبية المتخصصة، وفي هذا الصدد فقد وقعت الهيئة الاقتصادية لقناة السويس 23 مذكرة تفاهم مع العديد من الشركات من أوروبا وآسيا والدول العربية لدراسة تنفيذ مشروعات للهيدروجين الأخضر في مصر.
الفرص الاستثمارية في الهيدروجين الأخضر
أكد "جمال الدين"، أن الهيئة تولي اهتمامًا كبيرًا بتطوير الموانئ التابعة لتعزيز تنافسيتها ضمن مثيلتها المجاورة، حيث تم التعاون مع كبرى المشغلين العالميين لإدارة وتشغيل الأرصفة والمحطات لتضاهي الموانئ العالمية، مشيرًا إلى العمل على دراسة الحوافز التي تجذب الخطوط الملاحية العالمية للموانئ التابعة، والاستفادة من موقعها الجغرافي المميز على ضفتي أهم مجرى ملاحي دولي.
ولفت رئيس المنطقة الاقتصادية، في بيان صحفي، اليوم الجمعة، إلى الخطط الجاري تنفيذها لربط هذه الموانئ بريًا عبر شبكة من الطرق والسكك الحديدية المتطورة، خاصةً الربط بين ميناء العين السخنة والبحر المتوسط من خلال القطار السريع الجاري تنفيذه بالتعاون مع شركة "سيمنز" الألمانية.
وأشار "جمال الدين"، خلال الندوة إلى إمكانات الهيئة الاقتصادية لقناة السويس المميزة مقارنة بمثيلاتها من حيث الموقع والبنية التحتية وسهولة النفاذ منها للأسواق العالمية خاصةً في ضوء تعامل مصر باتفاقات للتجارة الحرة الأقليمية مع بعض الدول العربية والتجمعات الاقتصادية في أفريقيا وأمريكا الشمالية واللاتينية والاتحاد الأوروبي، مما يفتح آفاقًا رحبة أمام المستثمرين، فضلًا عن خدمة الموانئ التابعة لحركة التجارة الدولية، لموقعها على البحرين الأحمر والمتوسط بجانب الحوافز الاستثمارية المقدمة للمستثمرين من حوافز مالية مباشرة وغير مباشرة.
وأضاف أن استراتيجية الهيئة نحو توطين صناعة الهيدروجين الأخضر قائمة على 3 محاور رئيسية وهي تصنيع الوقود الأخضر من هيدروجين أخضر، أمونيا خضراء، وإيميثانول وكذا توفير الصناعات المكلمة لصناعات الهيدروجين الأخضر من محللات كهربائية، ألواح شمسية وتوربينات وغيرها من الصناعات التي تعمل الهيئة حاليًا على طرح بعض مشروعاتها للمستثمرين لإقامتها بالتزامن مع تنفيذ مشروعات الوقود الأخضر، حيث توطين الصناعات المكملة والمغذية لهذا المجال يسهم بشكل كبير في خفض تكلفة المنتج النهائي ويدعم قدراته التنافسية.
في سياق آخر، عرض محمد شيرين ممثل صندوق مصر السيادي، خلال الندوة أهم الأنشطة التي يقوم بها الصندوق ودوره في تحقيق الاستثمار المستدام والمؤثر محليًا ودوليًا والآليات المرنة التي يمتلكها الصندوق والتي تتيح له التحرك نحو فكر اقتصادي متقدم مشيرًا إلى بعض النماذج الناجحة عبر ضخ الاستثمارات في قطاعات صناعية متنوعة وغيرها.
وفي هذا الشأن، قال الدكتور مجدي علام، مستشار وزير البيئة الأسبق، إن الاستثمار في الهيدروجين الأخضر يعد أحد المحاور الرئيسة للاستثمار في الطاقة النظيفة، لاعتماده على تقنيات متقدمة لاستخراج الطاقة من الموارد الطبيعية.
وأضاف "علام" فى حديثه لـ"البوابة نيوز" أن إنتاج الهيدروجين يعتمد على تقنيات استخراج الطاقة عن طريق فصل الأكسجين الموجود في الماء عن طريق تقنيات متطورة تسمى التحليل الكهربي، من أجل استخدام الهيدروجين كمصدر للطاقة، ومن هنا سمي بالهيدروجين الأخضر حيث يعتمد في كل مراحل إنتاجه على مصادر طبيعية ومتجددة.
ومن جانبه، أشاد الدكتور ماهر عزيز، استشاري الطاقة والبيئة، بالاهتمام الكبير من مصر بإنتاج الهيدروجين الأخضر، وتطوير طرق وأساليب إنتاجه، وهو يعد من أهم وأبرز مصادر الطاقة.
وأضاف "عزيز" أن التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم في السنوات الأخيرة دفعت مختلف الدول إلى الاستثمار في الطاقة ومن بينهاة الهيدروجين الأخضر من أهم وأبرز مصادر الطاقة مثل مصادر الطاقة المتجددة الأخرى التي تتميز بالتجدد والاستمرار وعدم الاندثار، لأنه يولد من التحليل الكهربي للمياه.
وتابع: “ستنفذ مصادر الطاقة التقليدية في ٢٠٥٠ ولن يكون هناك استخدامات للنفط والغاز وغيرها، ومن هنا اهتمت الدول بوضع استراتيجيات بعيدة المدى من أجل جعل الهيدروجين الأخضر ومصادر الطاقة المتجددة لتكون المصدر الرئيسي للطاقة".