بالمثلث الذهبي مصر تواجه حرب العملات وسط الأزمات الاقتصادية، وطالعتنا بعض الصحف بأخبار مهمة جميعها ارتبطت بكلمة واحدة وهى الذهب.
الخبر الأول، هو أن مصر أو البنك المركزي المصري كان أكبر مشتر للذهب في العالم في عام 2022.
والخبر الثاني: ان مصر حققت أسرع نمو احتياطي دولي من الذهب في العالم بإجمالي 125 طن دهب
والخبر الثالث، يقول إن مصر قررت عمل مصفاة للذهب وهذه المصفاة لا يوجد غيرها في الشرق الأوسط وأفريقيا.
والخبر الرابع، يقول إن مصر غيرت بعض قواعد استخراج الذهب وعمل تسهيلات في الإجراءات للشركات المتخصصة في التنقيب عن الذهب وبالفعل تم افتتاح تجريبي عدد من المناجم الجديدة.
حرب العملات، من أكثر المصطلحات التي انتشرت مؤخرا مع الحرب الروسية الأوكرانية وحرب العملات الأولى حدثت بين الحرب العالمية الأولى والثانية وحرب العملات الثانية جرت بداية منذ السبعينات وحتي سقوط الاتحاد السوفيتي وحرب العملات الثالثة بدأت سنة 2008 مع الأزمة الاقتصادية في سبتمبر من العام نفسه، فقد كانت حرب تكسير عظام بين العملات الكبري مثل الروبل والين واليوان والدولار وحتي الريال السعودي والدينار الكويتي والدرهم الإماراتي.
ودائما حرب العملات كانت تمثل الجناح الاقتصادى للحروب العالمية، واليوم نحن نشاهد حرب العملات الرابعة، وهي الأخطر علي الإطلاق لأن في كل مرة الدولار يخرج فيها منتصرًا، أما هذه الحرب فكل المؤشرات تقول إن هذه الحرب هي نهاية الدولار كعملة الكوكب، والبديل ليس عملة واحدة، ولكن سلة عملات عالمية.
لماذا يخرج الدولار مهزوما؟ لما بدأت الحرب الاقتصادية بين المعسكرين الشرقي المتمثل في روسيا والصين وبين المعسكر الغربي المتمثل في أوروبا وأمريكا علي واقع الحرب الجارية قي ملعب أوكرانيا وبدأ التفوق الاقتصادي الصيني الروسي فى الصعود يهز هيمنة الدولار الأمريكي والأخيرة بدل من أن تلجأ لتقوية اقتصادها لتقوي عملتها لجأت لحيلة رفع الفائدة 25% بزعم مواجهة التضخم لكي يحدث وفره في الدولار في دول العالم فيزيد قيمته بشكل مفتعل ليس بسبب قوة الاقتصاد الأمريكي، أو قوة الدولار ولكن بسبب نقصه، ولكن للأسف هذا السلاح ذو حدين لأنه نبه العالم لضرورة الإفلات من هيمنة الدولار وبدأت كل التجمعات الدولية تبدأ في كل الإجراءات بالإضافة للتوسع والإنفاق بتبادل التجاري بالعملات المحلية.
وهنا نوضح أهمية الذهب في الخروج من تحت عباءة الدولار ففي زمن انهيار العملات الرقمية، وانتهاء عصر هيمنة الدولار باعتباره عملة مضمونة يبرز الذهب باعتباره الحقيقة الوحيدة عبر العصور في ضمان وصول النقدية والعملة الورقية المتداولة في اليد يفترض أن لها غطاء نقدي في البنك المركزي وهذا هو الطبيعى، فلو افترضنا أنه بحوزتنا ورقة دولار أمريكي وورقة جنيه مصرى وأخرى دينار كويتي فالورقة الموجودة بالبنك المفروض لها غطاء في أمريكا ومصر والكويت والقاعدة أن الغطاء لابد وأن يكون من الذهب، بدأت بريطانيا العمل بذلك سنة 1821 ومن وقتها هي أساس الاقتصاد العالمي.
ومع بداية حرب العملات الثانية في أوائل السبعينيات، تخلت أمريكا عن العمل بنظام الذهب وأصبحت تطبع الدولار بدون غطاء من الذهب فيما يعرف بصدمة مكس وهذا يسبب أغلب المشاكل وأزمات الاقتصاد في أوائل القرن الحادي والعشرين وحتى اليوم تفعل أمريكا نفس السياسات التى ستؤدي إلى افتضاح أمرها فهى تسعى للاستيلاء على ثروات بعض الدول الضعيفة عن طريق افتعال حرب أو ابتزاز دول نفطية ثرية فالذهاب إلى العراق وأفغانستان كان من أجل سرقتها وافتعال الربيع العربي كان من أجل نهب سوريا وليبيا والعراق وحتى لبنان وتونس ومصر لو أمكن.
العالم يقف على حافة فقاعة مصرفية اسمها انفجار الدولار في أي وقت وأن تصبح حقيقة أن أمريكا عاجزة عن دفع ديونها البالغة 31 ترليون دولار فينهار الدولار وحتى يثبت اليوان أو اليورو أو الروبل جدارته للعب الدور البديل، فإن الذهب هو البديل الآن.
وتلزم الإشارة إلى أن شراء الذهب اليوم ليس له علاقة مباشرة بالأحداث الاقتصادية اليومية حاليا ولكنها مؤشر واضح إلى أن الدولة المصرية لديها معلومات مؤكدة أن الدولار يعيش فصله الأخير وأن العالم قريبا سوف يعود إلى قاعدة الذهب وأن مصر جاهزة للمباراة النهائية في حرب العملات الرابعة وأن مصر أبعد ما تكون عن الإفلاس حيث كانت تمتلك قبل مشتريات العام الماضي 81 طن حسب الأرقام الرسمية ووصلوا حاليا 125 طن ذهب، وبعد المشتريات الأخيرة مصر أصبحت تمتلك من الذهب ما يتجاوز اليونان والمكسيك والسويد وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا أكبر مصدر للذهب في العالم،والخطوة الجادة لمصر كانت في إنشاء أكبر مصفاة معتمدة ومدينة للذهب هي الأكبر من نوعها في المنطقة في المثلث الذهبي في صعيد مصر، وبذلك يكون النجاح فى عدم خروج الذهب خارج مصر للتصفية والدمغ، وأكبر دولتين في إنتاج الذهب في الشرق الاوسط السعودية والسودان وهما أول المتعاقدين مع مصر للتصفية والدمغ وينتظر الانتهاء من تشييد المصفاة في مدينة مرسى علم بتكلفة 100 مليون دولار لتنقية خام الذهب واعتماد الختم الدولي 9999، وسوف تستقبل الذهب من كافه مناجم وجبال دول أفريقيا والشرق الأوسط مما ينهي هيمنة مصافي الذهب في سويسرا وكندا على ذهب أفريقيا.
ولم تكتف مصر بهذه الضربات ولكن أغلب دول العالم استبدلت نظام المزايدات في التنقيب ولجات إلى التعاقد المباشر مع الشركات العالمية، وهذا ما قررته مصر منذ بضعة أشهر وتم التعاقد مع سبع شركات أجنبية وأربع شركات محلية لاستخراج الذهب من الصحراء المصرية وحاليا يتم وضع اللمسات الأخيرة على قانون المثلث الذهبي قاعدته هي على ساحل البحر المتوسط ورأسه محافظة قنا.
هذا التفكير الاستراتيجي، يوضح بجلاء أن الرئيس السيسي ينظر منذ سنوات لما يجري على الساحة الدولية بعين خبيرة ورؤية ثاقبة وإدراك متقن لما هو قادم.