قال الكاتب والمحلل السياسي التونسي نزار الجليدي، إن تاريخ آخر عملية إرهابية في تونس يعود إلى 26نوفمبر 2021 حينما حاول إرهابي استهداف وزارة الداخلية والدوريات الأمنية في شارع الحبيب بورقيبة، وقد تمّ إحباط المحاولة بنجاح. أما أكبر العمليات الإرهابية التي حدثت وراح ضحيتها مدنيون وأجانب فكانت في متحف باردو يوم 18مارس 2015 حيث توفّي 23 شخصا، منهم 17 سائحا، إضافة إلى 50 جريحاً.
وكذلك العملية الارهابية بنزل الامبريال بسوسة في صيف 2015 والتي ذهب ضحيتها 38 سائحا أجنبيا .والعمليّة الثالثة وقعت في محيط الغريبة يوم 9مايو 2023 وسقط فيها كما هو معلوم زائرين للمعبد اليهودي إضافة الى عوني أمن. والمؤسف أنه في عمليتي باردو وسوسة لم يتمّ حسن التعامل مع الأزمة، وتضررت السياحة لحد الانهيار تقريبا، وذلك بسبب الخطاب السياسي المعتمد حينها، والتقليل من حجم الحادثين وعدم تحديد المسؤوليات بدقّة.
وأضاف "الجليدي" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أننا اليوم ونحن على أبواب موسم سياحي كان واعدا جدا، وبعدما حدث لابد من حسن إدارة الأزمة والتحلي بالهدوء والابتعاد عن التشنّج من أجل بعث رسالة طمأنة إلى العالم، والتأكيد على أن الحادث الإرهابي كما حدث في تونس كان يمكن أن يحدث وحدث في عديد الدول السياحية وأخرها تركيا والتي لم تنهر فيها السياحة كما يبشر بذلك المتشائمون من التونسيين.
وأكد "الجليدي"، أن الجهود الأمنية الكبيرة خفّفت كثيرا من دموية الحادث الإرهابي، وقد أشادت بها حتى وزارة الخارجية الأمريكية حيث قال المتحدث باسم الوزارة عبر حسابه على تويتر "تستنكر الولايات المتحدة الهجوم الذي وقع في تونس بالتزامن مع الزيارة السنوية التي يقوم بها اليهود من مختلف أنحاء العالم لكنيس الغريبة اليهودي". مضيفا: "نقدم تعازينا للشعب التونسي ونثني على التحرك السريع لقوات الأمن التونسية". ونحن ندرك أن الاجراءات الأمنية المتبعة في حماية الزوار للمعبد ولجزيرة جربة كانت استثنائية ولابد من تسويق ذلك للخارج وطمأنة السياح كي لا يقع إلغاء الحجوزات.
موضحًا، أن التونسيين بحاجة الى الوحدة الوطنية أكثر من أيّ وقت مضى ووزارات السياحة والخارجية من خلال سفاراتها بالخارج عليهما التحرّك سريعا ووضع كل الامكانيات المادية واللوجستية تحت ذمتهما فتطويق الأزمة لايزال ممكنا. ولا عزاء للشامتين وستكشف التحقيقات إن كانت عملية ذئب منفرد أم بتخطيط من ذئاب متكالبة.
حركة النهضة وعلاقتها بحادث جربة
أما ما يخص حصول راشد الغنوشي وقيادات حركة النهضة على بطاقات إيداع في التهم الموجه إليهم، قال "الجليدي"، إن بقاء الغنوشي وقيادات النهضة في السجون جاء بناء على إذن قضائي وترتيبات قضائية بعد تحريرات ونصوص مهمة أمام القضاء، وأنه من الواجب الإشارة إلى تورط حركة النهضة في حادث جربة بشكل مباشر، بمعنى أن الحركة هي التي خلقت هذا الجو من العدائية والكراهية لم تعرفه تونس إلا ما قل وندر، وبيانات الحركة حول إدانة الحادث أو التنصل منه عادة إخوانية معروفة.
وقال المحلل السياسي التونسي، إن السؤال المطروح الآن هو كيف ستتخلص تونس من هذه الجراح التي ظنت أنها قد تخلت عنها وانتهت! وما هي المراجعات الممكنة لكل الذين تكونوا في الأمن! خاصة وأن هذه العملية فريدة من نوعها، لأن الغادر والقاتل من قوات الأمن وهو من خريجي مدارس الشرطة والأمن الذين تخرجوا فيما بعد 2011 بما معنى أن هناك مسئولية تنظيمية فكرية تقع على عاتق حركة النهضة.
وعن رفض مثول الغنوشي أمام القضاء، لفت "الجليدي" إلى أن رئيس حركة النهضة يحاول ترويج مظلومية جديدة لنفسه، وتحويل الأضواء إليه بوصفه سجينا سياسيا أو سجين رأي، والحقيقة أنه يواجه قضايا إجرامية جنائية بالأساس وليست قضايا سياسية.