تمثل جماعة الإخوان المسلمين في الإمارات العربية المتحدة، نموذجًا واضحًا لانقلاب الجماعة على الدولة التي قدمت لها الرعاية والعمل من خلال دعوة علنية ومؤسسات مرخصة، ولكنها انقلبت عليها وخالفت الدستور وتشريعات الدولة الإمارتية، من أجل التنظيم الدولي والولاء لمبدأ السمع والطاعة لقادة الجماعة، فكان رد الدولة حازمًا، حيث تم حل مجلس إدارة "جمعية الإصلاح" الذراع المجتمعي للإخوان في الإمارات، بعد ثبوت زيف ما يدعون، وأن دعوتهم ما هي إلا ستار تختفى خلفه أفكارهم التكفيرية المتطرفة. وقد صنفت الإمارات العربية المتحدة جماعة «الإخوان المسلمين» والحوثيين باليمن بالإضافة إلى "جبهة النصرة" وتنظيم "الدولة الإسلامية" ضمن قائمة الجماعات الإرهابية في منتصف نوفمبر 2014، وذكرت وكالة أنباء الإمارات نقلا عن مرسوم حكومي حينها أن الإمارات العربية المتحدة أدرجت رسميا جماعة "الإخوان المسلمين" وجماعات محلية تابعة لها على لائحة المنظمات الإرهابية.
في نوفمبر ٢٠٢٠، أكد «مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي»، أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى إلى الفتنة، أو يمارس العنف، أو يحرض عليه، هو «تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعواه»، معلنًا تأييده الكامل للبيان الصادر عن هيئة كبار العلماء، والذي يأتي مؤكدًا لما سبق أن صدر عن حكومة دولة الإمارات وحكومة المملكة العربية السعودية، من اعتبار جماعة «الإخوان» تنظيمًا إرهابيًا.
النشأة والتاريخ
ترتبط البدايات الأولى لوجود «الإخوان» في دولة الإمارات بفترة الستينيات من القرن الماضي، وكانت «قطر» أول مكانٍ انطلقوا منه صوب الإمارات وتحديد «دُبي»، ليبدأ نشاط الإخوان في الإمارات من مقر البعثة التعليمية القطرية عام ١٩٦٢، وكان الشيخ عبدالبديع صقر– أحد القيادات التاريخية للإخوان في مصر- ضلعًا رئيسيًا في تأسيس التنظيم هناك، وقام بإرسال المدرسين من مقر البعثة التعليمية القطرية، واختارهم بعناية من الإخوان التنظميين.
وكان يتردد بانتظام على الإمارات ليشرف على التأسيس بنفسه، حيث أسس أول مدرسةٍ تابعة لهم تحت اسم "مدرسة الإيمان" في منطقة الراشدية في دبي، وكان مديرو المدرسة من أقرباء الشيخ عبد البديع والمتصلين به من الإخوان، وتولى شقيقه أمين صقر موقع مدير المكتبة العامة التي أسستها البلدية عام ١٩٦٣ في دبي، بعد أن جاء به من قطر.
وكان الشيخ عبد البديع والشيخ يوسف القرضاوي يقيمان في قطر، ويترددان باستمرار على الإمارات، وكانا من أبرز المحاضرين في قاعة المكتبة العامة، وبرز معهما الشيخ الإماراتي عبد الله بن على المحمود، الذي كان له حضور بارز وفاعل في النشاط الإخواني، وتنظيم الأوقاف والمساجد في إمارة الشارقة منذ وقت مبكر جدًا.
والشيخ المحمود أول مدير للشئون الإسلامية والأوقاف بالشارقة، ونائبه في الإدارة حينها كان الشيخ الأزهري عبد الودود شلبي، أحد رموز الإخوان في مصر، وأحد الذين تعرضوا للسجن مع عدد من أعضاء الجماعة بعد حلها عام ١٩٤٨، وللشيخ المحمود كثير من الجهود في ترسيخ أقدام الإخوان والوقوف إلى جانبهم، كما كانت تربطه علاقة وثيقة بإخوان الكويت.
ويمكن إرجاع مصادر وجود الإخوان في الإمارات إلى ثلاثة عناصر أساسية:
١- هجرة عدد من المدرسين والأساتذة المصريين من جماعة الإخوان الباحثين عن العمل إلى الإمارات، وانتشارهم بها للترويج لأفكار الجماعة.
٢- عودة بعض الطلبة الإماراتيين في أواخر الستينيات من دراستهم في مصر والكويت، وهم الذين شكلوا النواة الإمارتية الأولى لتيار الإخوان.
٣- المبعوثون القطريون من المدرسين والإداريين، ومعظمهم من جنسيات فلسطينية وسورية من الإخوان المسلمين، قاموا بدور كبير في نشر أفكار الجماعة وأفكارها في المناهج الدراسية والمدارس التعليمية. ويشير الباحث السعودي «عبد لله بن بجاد العتيبي» في دراسة له بعنوان «الإخوان المسلمون والإمارات» إلى أن بدايات تأسيس تنظيم جماعة الإخوان المسلمين في الإمارات، ترجع إلى نهاية الستينيات أو منتصف السبعينيات، مدللًا على ذلك بقول الإخواني السابق على عشماوي وهو يخاطب سيد قطب عام ١٩٦٥ الإخوان في إمارات الخليج اختاروا الأخ «عزّ الدين إبراهيم» مسئولًا.
ويُرجع الدكتور محمد الركن أستاذ القانون الدولي السابقـ وهو من القيادات البارزة من الإخوان الإماراتيين ـ فكرة إنشاء جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي، إلى تأثرهم بتجارب الإخوان المسلمين في مصر والكويت بعد عودة بعض الطلبة الإماراتيين في أواخر الستينيات من دراستهم في مصر والكويت، يحدوهم أمل إنشاء جماعة تمارس أنشطتها وتنشئ مؤسساتها التربوية في البلاد، لتستقطب الشباب إلى أفكار الجماعة، وتهيئهم ليكونوا كوادر مؤثرة في المجتمع الإماراتي الوليد، وقد نجحت الجماعة في جهودها واستطاعت أن تنشىء إحدى أقدم الجمعيات الأهلية في الإمارات وهي جمعية الإصلاح.
جمعية الإصلاح
والتوجيه الاجتماعى
في عام ١٩٧٤ تقدمت مجموعة من رجال الأعمال والوجهاء والمشايخ والدعاة ومنهم الإخوان القدامى مثل سلطان بن كايد القاسمي، ومحمد بن عبد الله العجلان، وعبد الرحمن البكر وحمد حسن رقيط آل علي، وحسن الدقي، وسعيد عبد الله حارب المهيري بطلب إلى السلطات بإشهار الجمعية تحت اسم «جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي».
ومع تأسيس مجلة «الإصلاح» عام ١٩٧٨، بدأت جمعية الإصلاح بالعمل على ضرب خصومها الفكريين من التيارات الأخرى، وقد دخلت الجماعة في صراع منذ بداية تأسيس الجمعية مع القوميين واليساريين، فبعد صدور المجلة نهاية السبعينيات، هاجمت خصومها التقليديين من القوميين واليساريين.
وكتبت أكثر من مرة عن تغلغل الشيوعيين في مفاصل الدولة وتأثيرهم في الثقافة والتعليم، وقامت بالتشكيك في إسلام بعض مسئولي الحكومة، ونشرت المجلة فتاوى حول جواز تولي بعض المسئولين للمناصب الحكومية، وفي اتحاد الطلبة كانت الصدامات لاتتوقف بين عناصر الجماعة ومن وصفوهم بذوي التوجه اليساري.
جماعة الإخوان ومناصب الدولة
وفي عام ١٩٧٧ أصبح «محمد عبد الرحمن» البكر وزيرًا للعدل والشئون الإسلامية والأوقاف، بترشيح من الشيخ راشد بن سعيد أيضًا، والبكر هو ثاني وزير من جمعية الإصلاح يتولى وزارة حكومية، وفي التشكيل الحكومي الثالث في يوليو ١٩٧٩، تولى سلمان وزارة التربية والتعليم ومنصب رئيس جامعة الإمارات بعد تأسيسها بسنتين، ومع التشكيل الوزاري اللاحق في يوليو ١٩٨٣ لم يجدَّد للوزيرين. ويذكر «محمد المنصوري» النائب السابق لرئيس جمعية الإصلاح في رأس الخيمة انه فى عام ١٩٧٧ نشط كوادر الإخوان المسلمين عبر قطاع التعليم، من خلال المساهمة في صياغة المناهج التعليمية، والسيطرة على النشاط الطلابي، وكانوا يهدفون إلى استقطاب الطلاب منذ الصغر من خلال زرع أدبياتهم عبر المناهج الدراسية والتعليمية. وتولى رئيس فرع جمعية الإصلاح برأس الخيمة الشيخ «سلطان بن كايد القاسمي» إدارة المناهج في الدولة لسبع سنوات حتى نهاية ١٩٨٣، وهي السنة التي أُقيل فيها سعيد سلمان من منصبه، في هذه الفترة تمكن الإخوان المسلمون من السيطرة على لجنة المناهج، عبر إصدار ١٢٠ مقررًا دراسيًا اعتبره الإخوان أحد أكبر إنجازاتهم.
تشويه منظومة التعليم والتغلغل فى المدارس
كما تمثل نفوذ الإخوان القوي في الإمارات، بقطاع التربية، فبعد تولي عبد الله عمران وزارة التربية سعت الجماعة إلى إفشال تدريس اللغة الإنجليزية في المراحل الأولى الابتدائية، ووقفت ضد قرار توحيد لباس طلاب التعليم العام، كما وقفت ضد حصص تعليم الموسيقى، وتمكنوا في النهاية من إيقاف هذه الحصص.
وفي عام ١٩٨٨ أصبح الإخوان المسلمون، الصوت الأوحد والأقوى في مؤسسات الدولة التعليمية وفي جامعة الإمارات وكانت الشرارة التي نبهت السلطات الإماراتية إلى تغلغل الإخوان الإماراتيين في قطاع التعليم، حين أراد أحد موظفي الحكومة الاتحادية إكمال دراساته العليا في الخارج بداية التسعينيات.
فلما قدم طلبه للجنة الابتعاث، قوبل بالرفض على الرغم من أن تقديره الجامعي كان «جيدًا جدا»، الأمر الذي أثار تساؤلات عدة، وتحريات السلطات التي كشفت بعد ذلك سيطرة كوادر الجماعة على التعليم، ومن ضمنه الابتعاث، فلا يستحق الموافقة للابتعاث إلا من كان يدين بأفكار الإخوان، أو منتميا للجماعة، الأمر الذي أثار غضب السلطات، ودفعها لاتخاذ إجراءات لمواجهة جمعية الإصلاح وتقليص نفوذها.
تجميد نشاط «الإصلاح».. بداية تصدى أبوظبى للتنظيم الإرهابى الصدام مع الدولة
فى 1988 أصبحت الإخوان الصوت الأوحد بالمؤسسات التعليمية وجامعة الإمارات
كشفت تحقيقات لأجهزة الأمن المصري، عن أن أفرادًا متورطين في عمليات إرهابية من جماعة الجهاد المصرية، قد تلقوا تبرعات مالية عبر لجنة الإغاثة والأنشطة الخارجية لجمعية الإصلاح الإماراتية.
ونتيجة لذلك جمدت السلطات جميع الأنشطة الخارجية لجمعية الإصلاح عام ١٩٩٤، وأتبعتها بقرار حل مجلس إدارتها، وإسناد الإشراف على فروع المؤسسة إلى وزارة الشئون الاجتماعية.
وكان صدام الإخوان في الإمارات مع السلطة أمرًا حتميًا بسبب طبيعة الجماعة القائمة على البيعة والارتباط بتنظيم خارجي، وهو ما يصطدم بالقوانين والتشريعات الاتحادية باعتبارهما اعتداء على السيادة، وحاولت الحكومة في البداية معالجة موضوع أعضاء الإخوان عبر التحاور معهم أولًا، وإقناعهم بالعدول عن هذا المنهج، تم ذلك عبر سلسلة من اللقاءات التي جرت بين كوادر الإخوان والشيخ محمد بن زايد ولي العهد عام ٢٠٠٣. فى العام ذاته بدأت عملية نقل واسعة داخل وزارة التربية والتعليم، لأكثر من ١٧٠من الإخوان المسلمين وتحويلهم إلى دوائر حكومية أخرى، كان منهم ٨٣ موظفًا، انشغلت وسائل إعلام محلية وغيرها بالحديث عنهم.
كانت السنوات التسع التالية «١٩٩٤- ٢٠٠٣» لحل مجلس الجمعية مشوبة بالتوتر الصامت، والضغوط الناعمة وضبط النفس، والرسائل المتبادلة وتصاعدت مخاطر وتهديدات الإخوان ضد الدولة وسياساتها بعد دعوة الجماعة لأنصارها لإرسال «رسالة تهديد»، إلى السفارة الأمريكية في أبوظبي. وتتصاعد المخاطر مع استمرار معسكرات الإخوان الصيفية وتلقى شباب الجماعة والجمعية أفكارًا متطرفة فيها، ففي رحلة إلى الكويت بقيادة حمد الرقيط القيادي الإخواني، وبحضور «جاسم الياسين»، أحد رموز الإخوان في الكويت، تم التأكيد في هذا اللقاء على الالتزام بتعاليم مؤسس الجماعة المرشد حسن البنا، والوفاء لخط جماعة الإخوان والسعي إلى إقامة الخلافة، الأمر الذي أثار حفيظة الدولة ضد الجماعة.
وفي عام ٢٠٠٣ عقد حسن الدقي «أحد القيادات الإخوانية بالإمارات»، لقاءً شهيرًا بكوادر الجماعة الصغار من طلاب جامعة الإمارات في مزرعته في الذيد بإمارة الشارقة، حيث طلب من الجميع إغلاق هواتفهم المحمولة، ثم دعاهم إلى الجهاد ضد أعداء الإسلام في الداخل والخارج.
صدام إخوان الإمارات مع السلطة كان أمرًا حتميًا بسبب طبيعة الجماعة القائمة على البيعة والارتباط بتنظيم خارجى
بدأ الصدام بين الإخوان والدولة الامارتية عقب قرار الحكومة وقف مجلة «الإصلاح» الناطقة باسم الإخوان عن الصدور مدة ستة شهور منذ أكتوبر١٩٨٨ حتى أبريل١٩٨٩، وبعد عودتها للصدور مرة أخرى بقيت المجلة على خطها ولكن بوتيرة أكثر هدوءًا.
لكنها خلال الفترة ما بين ١٩٨٩ حتى ١٩٩٤ استمرت في الدخول في القضايا، الشائكة التي تتعارض مع التوجه العام للدولة مثل المطالبة المستمرة بترشيد السياحة وضوابطها الأخلاقية، وخطر الأجانب على الثقافة والهوية الإماراتية، مع انتقاد لبرامج وسائل الإعلام المحلية والعودة، ما بين فينة وأخرى، إلى ملف التعليم ولجنة مراجعة المناهج، حيث دعا رئيس تحرير المجلة إلى توسيع دائرة المشاركين في اللجنة الوطنية.
وفي عام ٢٠٠٣ بدأ فصل جديد من علاقة الإخوان بالحكومة الإمارتية، وبدأت بعقد لقاءات متكررة بين ثلاث قيادات من الجماعة وبين نائب ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد في العاصمة أبو ظبي، أفضت بعد شهور إلى رفض قيادات الجماعة دعوة الحكومة لهم إلى الانخراط في مسيرة التنمية وإمكانية العمل الدعوي، أسوة بنظرائهم من العاملين في مجال الدعوة والإرشاد الديني في الدولة، شريطة حل التنظيم.
ومنذ عام ٢٠٠٦ تصاعدت تهديدات الإخوان للدولة بعد إبعاد عشرات المعلمين التابعين لهم، وكانت ردة فعل «أبناء الإصلاح» غير تقليدية، تمثلت في تجمعات احتجاجية ومشاركات في القنوات الفضائية، ولقاءات صحفية ومقالات على الإنترنت تتحدث عن أسباب الإبعاد.
وفي ١٦ مايو ٢٠١٠، عندما أذاعت قناة «الحوار» حلقة من برنامج «أبعاد خليجية» وكان موضوعها «دعوة الإصلاح في الإمارات، ماذا تريد؟» واستضافت الحلقة اثنين من قيادات جماعة الإخوان المسلمين في الإمارات، وكانت هي المرة الأولى التي تقرر فيها الجماعة الظهور على الإعلام المرئي لشرح أفكارها، وتوضيح حقيقة انتمائها الفكري والسياسي والعقدي.
ليصل الصدام إلى اقصاه عقب إصدر ناشطين وأكاديميين إماراتيين ينتمي غالبيتهم لفكر الإخوان المسلمين ـ بالتزامن مع ثورات الربيع العربي ـ عريضة تعرف بعريضة الثالث من مارس٢٠١١، طالبوا فيها بإجراءات وتعديلات سياسية ودستورية، بما يتوافق مع رؤى ومصالح الإخوان.
في ١٥ يوليو٢٠١١، أعلنت السلطات الإماراتية أنها فككت مجموعة كانت تعد مخططات ضد أمن الدولة، وفي نهاية الشهر ذاته اتهم قائد شرطة دبي «ضاحي خلفان» جماعة الإخوان بالسعي إلى الإطاحة بالأنظمة الخليجية، مُلمِّحًا إلى انتساب أعضاء جمعية الإصلاح الإسلامية لفكر الإخوان، وربطت السلطات جمعية الإصلاح بالإخوان في تشابه هيكلها التنظيمي مع الهيكل التنظيمي للجماعة في الدول العربية، من خلال وجود منسق عام للجمعية كما في باقي الدول العربية بالنسبة للإخوان، وأيضًا وجود مكتب تنفيذي، ومجلس شورى للجماعة، وإدارة القواعد للجان فرعية على مستوى كل إمارة في الدولة، وكل ذلك في إطار ثلاثة أهداف رئيسية.
ونتيجة لهذه التحركات جاء موقف السلطات الإماراتية حازمًا ومباشرًا، فتم سحب الجنسية من عدد من «الإماراتيين المجنسين» المنتمين لجماعة الإخوان في ديسمبر ٢٠١١، واتهمتهم السلطات بالتورط في «أعمال تهدد الأمن الوطني، والارتباط بمنظمات وشخصيات مدرجة في قوائم الإرهاب».
ظهر بعد ذلك الخطاب الصريح من الفريق ضاحي خلفان القائد العام لشرطة دبي السابق في مؤتمر «الأمن الوطني والأمن الإقليمي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.. رؤية من الداخل»، والذي نظمه مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة في ١٧- ١٨ يناير ٢٠١٢، وقال فيه خلفان: «اسمحوا لي أن أنأى بعيدا عن الدبلوماسية، أنا رجل أمن.. الإخوان المسلمون هم أحد مهددات الأمن في الخليج، ولا يقلون خطرًا عن إيران».
بعدها أعلنت الإمارات عن توقيف ٦٠ عضوًا من أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين في الإمارات، ووجّهت لهم النيابة العامة في سبتمبر ٢٠١٢ تهمًا تتعلق بإنشاء وإدارة تنظيم سرّي، وجناح عسكري يمسّ الأمن ومبادئ قيام الدولة، والارتباط بجهات خارجية وتلقّي تعليمات وأموال، من أجل الاستيلاء على السلطة، وإقامة حكومة دينية في الإمارات.
واكتشفت قوات الأمن الإماراتية خلية أخرى في بداية ٢٠١٣، وأُلقي القبض عليها، وكانت تضم أكثر من عشرة أشخاص من كوادر الإخوان المسلمين المصريين ينشطون على الأرض.
الإخوان فى الإمارات والجماعة الأم فى مصر
منذ 2006 تصاعدت تهديدات الإخوان للدولة بعد إبعاد عشرات المعلمين التابعين لهم
ارتبطت إخوان الإمارات بالجماعة الأم في مصر من خلال الإصرار على إلزام أعضائها بأخذ البيعة، والبيعة شرعًا تعني الولاء لمن منحه العضو ثمرة فؤاده، واعتبرت الحكومة أن من يعطي بيعته لشخص ما هو في الحقيقة يمنحه ولاءه التام، وهذا ما لا يمكن القبول به، وزاد الأمر سوءًا حول ما يمكن أن يكون قد أعطاه الإخوان الإماراتيون من بيعة ولاء لقيادات إخوانية في التنظيم الأساس خارج البلاد.
وطوال فترة الثمانينيات والتسعينيات كانت جمعية الإصلاح تستضيف أسماء بارزة من الإخوان المسلمين من خارج الإمارات، لإلقاء المحاضرات والمشاركة في الندوات في مقر الجمعية، بالإضافة إلى أن أعضاء الجماعة العاملين في قطاع التعليم يقومون بتنظيم محاضرات لرموز الجماعة من المصريين والسوريين وغيرهم في مدارس الأولاد والبنات.
وقد ترافق حل مجلس جمعية الإصلاح عام ١٩٩٤ مع إبعاد الحكومة الإماراتية لبعض رموز الإخوان العرب من دولة الإمارات، وكان أشهرهم عبد المنعم العزي، المعروف بمحمد أحمد الراشد، وصاحب المؤلفات الحركية مثل «المسار» و«المنطلق» و«رسائل العين».
وفي نهاية التسعينيات من القرن الماضي واجهت جمعية الإصلاح اتهامًا بأن من يدير فرع رأس الخيمة في الخفاء هو عبد الحميد الأحدب، وهو من الإخوان السوريين، وقد أقام سنوات في رأس الخيمة يعقد دروسه في مسجد الجمعية.
وفي عام ٢٠٠١ قررت عدم إلزام الأعضاء بالبيعة، ولكن المنصوري يؤكد أن الجماعة أوقفت أخذ البيعة من أعضائها منذ ٢٠٠٣ ولكن الوقائع أثبتت عكس ذلك، حيث إن راشد الجميري وهو من قيادات الجماعة بدأ منذ أواخر ٢٠٠٢، بالامتناع عن حضور اجتماعات الجماعة، واعتذر في النهاية للمشرف الذي يتبع له، موضحًا له أنه سوف يعمل للدعوة والإسلام دون أن يكون عضوًا في التنظيم، ولكن المشرف ذكّره بأن الدعوة التزام، وعليه المُضي فيما التزم به، وقال له: "ربما أنت تخاف من أن تقوم بأداء البيعة؟
وفي عام ٢٠٠٣، مع كثرة الاتهامات وتضرر كثير من كوادر الجماعة بسبب ولائهم وبسبب بيعتهم، أقرت قيادات الجماعة بالإجماع عدم استقطاب أي من العاملين في القطاع العسكري، وعدم التواصل مع أي عضو التحق للعمل بالجيش، والأمر الثاني إيقاف أخذ البيعة من الأعضاء عمومًا بشكل نهائي.
وعقب اتهام أعضاء الجماعة الإخوانية في الامارات برز الصدام بين التنظيم والنظام الاماراتى وكانت البداية مع يوسف القرضاوي الذي يعد المرشد الروحي لجماعة الإخوان المسلمين عندما هاجم حكام الإمارات ليرد عليه الفريق ضاحي خلفان قائد شرطة دبى وقتها قائلًا: لقد ارتكبت حماقات شنيعة، وأنه سيطالب الإنتربول بإصدار مذكرة اعتقال بحق القرضاوي الممنوع من دخول الإمارات منذ سنوات.