استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة أن تقف فى الصفوف الأولى مع الدول المتقدمة عالميا فى علوم الفضاء، وبالرغم من عدم مرور سنوات طويلة على دخولها مجال علوم الفضاء وتأسيس مركز
محمد بن راشد للفضاء إلا أنها أصبحت فى المركز الحادى عشر بين أوائل الدول التى وصلت وتفوقت فى مجال الفضاء وأفادت العلم والبشرية بالكثير من أسراره، حيث تم إنشاء مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة«أياست» فى البداية عام ٢٠٠٦ والتى كانت تهتم ببرامج نقل المعرفة وتعيين خبراء ومهندسين إماراتيين، وإطلاق مشاريع علمية ذات تقنيات متقدمة، ثم تأسيس مركز محمد بن راشد للفضاء عام ٢٠١٥ بقرار من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد مع دمج المؤسستين معا لتولى المسئولية.
وفى خلال السنوات القليلة الماضية استطاع المركز إنشاء سجل حافل بالإنجازات الرائدة بعد أن أطلق القمرين الصناعيين«دبى سات ١»و«دبى سات ٢» فى ٢٠٠٩ و٢٠١٣ على التوالى، وتطوير القمر الصناعى«خليفة سات»فى عام ٢٠١٨، ثم مسبار الأمل لاكتشاف الكوكب الأحمر المريخ فى عام ٢٠٢١ وحمل المسبار آمال وأحلام العالم العربى وهو يشق طريقه إلى الكوكب الأحمر فى رحلة استكشاف علمية تقدم فيها دولة الإمارات كما هائلا من المعلومات والبيانات العلمية وتجعلها متاحة لمراكز الأبحاث والجامعات من حول العالم.
العالم ينبهر بالإنجازات.. و«آل زايد» يسابقون الزمن لمزيد من الإنجازات
واستطاع مسبار الأمل فى ٢٦ أبريل الماضى فى سابقة تاريخية التقاط أوضح صورة حصل عليها البشر لقمر المريخ«ديموس» وصور مشاهد جديدة حول قمر المريخ والذى اقترب منه مسبار الأمل أكثر من أى مركبة فضائية أخرى منذ العام ١٩٧٧ وبدأ المسبار العلمية فى مايو الماضى وتنتهى مايو الجارى لجمع ١٠٠٠ ميجابيت من البيانات العلمية غير المسبوقة عن المريخ، ويحمل المسبار عددا من رواد الفضاء الإماراتيين الذين استطاعوا أن يصبحوا من أهم وأنجح وأشهر رواد الفضاء فى العالم.
ويمتلك المركز عددا من رواد فضاء إماراتيين ويقدم الدعم والفرص لكل شاب أو رائد فضاء لديه الإمكانيات التى تساعد المركز والبشرية، وكان هدف المسبار توفير للعالم صورة كاملة عن مناخ وطقس والغلاف الجوى للمريخ، وهى معلومات لم يصل إليها الإنسان من قبل، وتجيب عن العديد من الأسئلة التى حيرت العلماء حول أسرار تحول المريخ إلى كوكب جاف وقاسى المناخ، كما هو حاله حاليا رغم وجود آثار لمياه على سطحه، وجمع دفعة المسبار بيانات وصور عالية الدقة للغلاف الجوى للكوكب كل ٢٢٥ ساعة أى ٩.٥ أيام، ويدور دورة كاملة حول المريخ مرة كل ٥٥ ساعة.
وقطع نحو مليون و١٥٠ ألف كيلومتر منذ بدأ المرحلة العلمية حتى آخر تقرير منذ أيام قليلة، منها نحو ٤٩٣ مليون كيلو متر قطعها ما بين كوكب الأرض ومدار المريخ، وكان قد استمر العمل فى تصميم وتنفيذ وبناء المسبار ٦ سنوات، وتم إنجازه فى فبراير ٢٠٢٠، وهى نصف المدة المعتادة فى مثل هذا النوع من المشاريع والتى تتراوح ما بين ١٠ إلى ١٢ عاما، وتم ذلك بكفاءة عالية وفى وقت قياسى حتى يتم إطلاق المسبار فى وقت يسمح له بالوصول إلى مدار المريخ ضمن نافذة الإطلاق التى تحدد وفقا لحسابات علمية وفلكية عالية الدقة، وبما يتيح للمسبار الوصول إلى مدار المريخ فى أقصر وقت ممكن، وتم إنجاز المشروع بنصف التكلفة الاعتيادية للمشاريع العلمية الأخرى إلى كوكب المريخ حيث بلغت التكلفة ٢٠٠ مليون دولار، وتعتبر من بين الأقل فى العالم قياسا بمهمات ومشروعات مماثلة.
وسمح المسبار بإمداد المجتمع العلمى العالمى بأول صورة متكاملة عن الغلاف الجوى لكوكب المريخ وطقسه على مدار ٢٤ ساعة فى اليوم وطوال أيام الأسبوع، ومن ضمن إنجازات المسبار التقاطه عند شروق الشمس بركان«أوليمبوس مؤنس»، الذى يعد أكبر بركان على كوكب المريخ وأكبر بركان فى المجموعة الشمسية، والتقطت على ارتفاع حوالى ٢٥.٠٠٠ كيلومتر فوق سطح المريخ، ويظهر فى الجزء العلوى من يسار الصورة القطب الشمالى للمريخ، ويمكن رؤية بركان «أوليمبوس مؤنس» فى وسط الصورة مع بزوغ ضوء الشمس، وتظهر الصورة بشكل واضح البراكين الثلاث القريبة من خط الاستواء على المريخ وهى قمة اسكريوس وقمة بافونيس وقمة أرسيا.
وفى ٣٠ يونيو الماضى استطاع المسبار التقاط أول صورة للشفق المريخى وهى الصور الأولى من نوعها التى تبين ترصد بشكل كامل وغيرمسبوق ظاهرة الشفق المنفصل فى الغلاف الجوى للمريخ أثناء الليل باستخدام الأشعة الفوق بنفسجية البعيدة، وتساهم هذه الصور الاستثنائية غير المسبوقة فى إثراء معارف العلماء والباحثين عند دراسة التفاعلات بين الإشعاع الشمسى والمجال المغناطيسى للمريخ وغلافه الجوى، وفى حدث يبين حجم التقدير العالمى لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، فاز المشرع بجائزة الإنجاز الدولى خلال حفل توزيع جوائز السير آرثر كلارك المرموقة للعام ٢٠٢٠، تكريما لهذا الإنجاز العلمى التاريخى لدولة الإمارات.
ولم تقف إنجازات الإمارات فى الفضاء لهذا الحد ففى ٢ مارس الماضى، أعلن مركز محمد بن راشد للفضاء يعلن نجاح إطلاق «طموح زايد ٢» أطول مهمة فضائية فى تاريخ العرب ويتواجد طاقم المهمة الآن داخل كبسولة «كرو دراجون» التابعة لشركة سبيس إكس، حيث سيقضي حوالى ٢٤ ساعة فى مدار حول الأرض، قبل الالتحام بمحطة الفضاء الدولية، ومن ضمن مهمات المركز العالمية مهمة Crew ٦ والتى سيكون فيها رائد الفضاء الإماراتى سلطان النيادى، هو اختصاصى المهمة، إلى جانب رائد الفضاء ستيفن بوين، قائد المهمة، من وكالة ناسا، ووارين هوبيرغ، أندرى فيدياييف، من ناسا أيضا، وستكون المهمة ضمن البعثة ٦٨/٦٩ إلى محطة الفضاء الدولية وقد تستمر المهمة حتي 6 أشهر.