تستعد دولة الإمارات العربية خلال الشهور الأربعة القادمة لتنظيم حدث بيئي عالمي للمرة الثانية على التوالى وهو مؤتمر الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «cop28»، حيث أطلق وزير الخارجية الإماراتى، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، الشعار الرسمى والهوية البصرية الخاصة بالدورة الـ28 التى ستنعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر العام الجارى 2023.
ويرى الخبراء أن تتابع تنظيم مؤتمر الأطراف للمناخ فى دولة عربية على التوالى حدث هام ويعكس ثقة العالم فى قدرة المنطقة العربية على التأثير فى ملف العمل المناخى، وأضافوا أن من المتوقع إحداث طفرات هامة تأتى كتتويج للجهود المصرية فى مؤتمر شرم الشيخ السابق في cop٢٧ ذي شعار «التنفيذ» ليأتى cop٢٨ الذى يحمل الطموح، وذكروا أن دولة الإمارات هى دولة طموح لها مساهمات على المستوى العالمى فى مجال تغير المناخ فى مجالات مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة والمدن الخضراء من خلال مساهمتها الضخمة التى وصلت لـ١٠٠ملياردولار فى كافة قارات العالم.
ويذكر أن الشعار مستوحى من مفهوم «عالم واحد» كما تحمل المكونات البصرية للشعار تسلط الضوء على العلاقة بين الإنسانية والطبيعة والتكنولوجيا والابتكار، كما ستعقد قمة «كوب ٢٨» فى مدينة إكسبو دبى، كما تسعى قمة المناخ الاماراتية على تفعيل الرسائل الأساسية لمؤتمر الأطراف السابق الذى استضافته مصر، حيث يعمل على أهمية التعاون وتضافر الجهود ومد جسور الحوار بين دول الشمال والجنوب، وكذلك احتواء والمجتمع العلمى، والمجتمع المدنى والنساء والشباب والقطاعين الحكومى والخاص.
وبحسب الشعار، فالرسائل الأساسية لمؤتمر الأطراف تشمل، مؤتمر للتعاون وتضافر الجهود ومد جسور الحوار بين دول الشمال والجنوب، واحتواء القطاعين الحكومى والخاص، والمجتمع العلمى، والمجتمع المدنى، والنساء، والشباب، حيث تم تمثيل جميع تلك الفئات ضمن الرموز المتنوعة الموجودة فى الهوية البصرية، كما يعزز الشعار التأكيد على نهج مؤتمر الأطراف فى أن يكون عمليا يشمل ويحتوى الجميع، ويرتقى بالطموحات، لينتقل بالعالم من وضع الأهداف إلى تنفيذها بشأن موضوعات «التخفيف، والتكيف، والتمويل، والخسائر والأضرار».
حدث بيئى عالمى
بدوره يقول الدكتور هشام عيسى، رئيس الإدارة المركزية للتغيرات المناخية سابقا بوزارة البيئة، إن مؤتمر المناخ القادم COP٢٨ يعتبر حدثا بيئيا عالميا هاما، ويعتبر ثانى مرة فى دولة عربية على التوالى، علما بأن المغرب استضافت المؤتمر مرتين سابقتين، آخرها فى مراكش ٢٠٠٩، ويتم تنظيمه بشكل متتابع بين القارات الخمسة سواء أوروبا تليها أمريكا اللاتينية ثم آسيا وأفريقيا وأستراليا وهو تمثيل مطلوب بالتساوى بين كل قارات العالم ومتفق عليه من أيام برتوكول كيوتو، وكما مثلت مصر القارة السمراء في cop٢٧ ستمثل الإمارات Cop٢٨ قارة آسيا، ودلالة التنظيم للمرة الثانية على التوالى فى دولة عربية يعكس أهمية ودور المجموعة العربية فى مؤتمرات المناخ ما يمثل نقطة مضيئة وتكريسا لدور الدول العربية المحورى فى مفاوضات المناخ.
وأضاف عيسى، أنه حتى الآن لم يتم وضع أجندة المؤتمر القادم حيث يتم الإعلان عنها فى أواخر شهر يونيه من كل عام ولكن هناك نقاط هامة من خلال التأثيرات العالمية التى ستلقى بآثارها أولها التمويل سواء التمويل المناخى الموجه إلى صندوق المناخ الأخضر أو التمويل الموجه إلى آلية الخسائر والأضرار وهنا يحسب لمصر «تفعيل المادة» فعلى الرغم أن آلية الخسائر والأضرار تم ذكرها المادة الثامنة من اتفاقية باريس ٢٠١٥ إلا أن لم تفعل إلى مصر من خلال cop٢٧، حيث وضعت مصر آلية لتحديد الخسائر والأضرار بعد ٧سنوات من الاتفاقية وهذا الأمر إنجاز مصرى فى ملف العمل المناخى، هنا نطرح التساؤل حول استمرارية الجهود فى الإمارات حول تفعيل آلية الخسائر والأضرار ومصادر تمويلها وآليات وكيفية الصرف.
خفض الانبعاثات الكربونية
وواصل: «يأتى البند الأكثر أهمية فى متابعة تنفيذ الالتزامات الخاصة بخفض الانبعاثات الكربونية، خاصة أن كل دولة قدمت خطة التزامات وهنا تأتى المراجعة لأنه من المفترض أن يراجع خلال ٢٠٢٥ من الأمم المتحدة لبيان مدى التزام أو عدم الالتزام بما تقدموا به، ثم الاهتمام بتمويلات مشروعات التخفيف والتكيف من خلال صندوق التمويل المناخى الـ١٠٠ مليار التى أصبحت لا تلبى طموحات الدول للتكيف المناخى لارتفاع التكاليف بشكل كبير، وهنا من الأفضل البحث عن آليات جديدة لتنفيذ الالتزامات واتباع أفكار جديدة تساهم فى التنفيذ على أرض الواقع مثل مبادلة وتخفيض أو مبادلة الديون، خاصة أن الدول الأوروبية قد لا تستطيع الوفاء بالالتزامات فى التمويل نتيجة الصراعات والحروب الدولية وأزمات الاقتصاد العالمية، ومن الأفضل أن تتوحد الدول فى رابطات وتقدم للحصول عل التمويلات مثل مجموعات للدول العربية وأخرى أفريقية وأخرى أوروبية وقد تنجح أحد هذه الأفكار فى تحريك المياه الراكدة وزيادة وتيرة العمل المناخى».
الجدير بالذكر يتضمن التصميم شعار مؤتمر COP٢٨ مجموعة من الرموز المتنوعة المتعلقة بالعمل المناخى، مثل الإنسان وتكنولوجيا الطاقة المتجددة، وعناصر من الحياة البرية والطبيعة، وكلها متضمنة داخل شكل كرة أرضية وتعكس تلك العناصر مجتمعة ثروة الموارد الطبيعية والتكنولوجيا البشرية، وتؤكد ضرورة الابتكار فى جميع القطاعات لتحقيق نقلة نوعية فى التنمية المستدامة الشاملة.
ويعد التصميم إشارة إلى المجتمع الدولى بضرورة توحيد الجهود وتضافرها لاتخاذ إجراءات مناخية عاجلة، والمضى قدما فى مسار يحتوى الجميع للوفاء بالالتزامات المناخية العالمية بصورة تعاونية وعمل عالمى مشترك.
الإمارات دولة طموح
ومن جانبه يقول الدكتور وحيد إمام، رئيس الاتحاد النوعى للبيئة، إن الإمارات دولة طموح لها مساهمات على المستوى العالمى فى مجال تغير المناخ والمشروعات الجديدة والمتجددة والمدن الخضراء وتمثل دول عربية وآسيوية وقارة آسيا، فضلا عن تداول تنظيم المؤتمر بالقارات الخامسة لإشراك السكان فى كل مناطق العالم بأهمية مجابهة التغيرات المناخية وهذا ما حدث من رفع واهتمام الآفارقة وقت تنظيم المؤتمر فى مصر COP٢٧ ونفس الحال فى قارة آسيا وعنها الإمارات علما بأنها لها مساهمات كبيرة جدا وخاصة فى مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة والالتزام الواضح والطموح الكبير لها كان ضمن الأسباب التى دفعت للموافقة عليها علاوة عن تمويلها لمشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة «الطاقة النظيفة» حيث أعلنت الإمارات تسديد ١٠٠ مليار دولار فى كل قارات العالم من ضمنها ١٠ مليارات دولار فى مصر بشراكة مع مصر وألمانيا، فضلا عن تنفيذ الإمارات لمنتدى الاستدامة نهاية العام الماضى وكانوا حريصين على التشارك مع مصر منذ بداية الإعداد لمؤتمر شرم الشيخ ناهيك عن توفير المخصصات المالية اللازمة للمؤتمر.
وأضاف، أن مؤتمر شرم الشيخ كان شعاره «التنفيذ» وهو الانتقال من مرحلة القرارات والبروتوكولات والتوصيات إلى التنفيذ ليأتى مؤتمر المناخ cop٢٨ فى الإمارات ليكون شعاره الطموح من خلال إذا كانت الدولة تستهدف تخفيف الانبعاثات الكربونية خلال ٢٠٣٠ بنسبة ٥٠٪ هنا يأتى تنفيذ ذلك أو زيادة نسب التخفيض إلى أكثر من النسب المنشودة ولكن ستواجه الإمارات صعوبات كثيرة خاصة أن المهمة ليست سهلة خاصة بعد التصريحات الأخيرة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الذى قال: «لو استمرت دول العالم على هذه الانبعاثات سنتجاوز الـ١.٥ مئوية المستهدفة قبل ٢٠٥٠ وكما ستتدهور الأمور بشكل أكبر من تأثيرات التغيرات المناخية وهنا تبرز أهمية الطموح للدول التى تبدأ تجهيزات الالتزام الوطنى السنوى لتدون به طموحها بشكل أكبر فى تخفيض الانبعاثات وهذا ما قامت به مصر والإمارات والسعودية، ويذكر أن مصر استهدفت للوصول بالطاقة الجديدة والمتجددة لـ٤٢٪ وهذا مطلوب من كافة الـ١٩٧ دولة العمل بهذه الطريقة على الرغم أن الدول العربية ليست دول متسببة فى الاحتباس الحرارى».
اجتماع لوزراء البيئة العرب
وأشار إلى أنه خلال الشهر الحالى سينعقد اجتماع لوزراء البيئة العرب وسيحضره وزير الخارجية سامح شكرى باعتباره رئيس مؤتمر شرم الشيخ السابق للبحث فى وجود آلية للخسائر والأضرار بشكل فعلى على أرض الواقع وهو استكمال للجهود المصرية السابقة علاوة عن البحث فى التزام الصندوق الأخضر لـ١٠٠ مليار وكل دولة تسدد الحصة المطلوبة منها وهذا تم الحديث عنها خلال شهر أبريل الماضى من خلال اجتماعاتهم الافتراضية وكان المفترض أن تبدأ المنح اعتبارا من ٢٠٢٣ التى تمنح للدول التى قدمت التقارير المحدثة وطنيا وكان من تقدموا هي ٢٣ دولة فقط من أصل الـ١٩٧ مع العلم أن ٧٠٪ من الانبعاثات مصدرها دول صناعية كبرى مثل الصين والولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل واستراليا ولم تقدم أى دوله منهم التزامات مناخية واضحة على جميع دول العالم الالتزام لخطوة تأثيرات التغيرات المناخية.
جدير بالذكر، أنه يترأس الدكتور أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة لرئيس المعين والمبعوث الخاص للتغير المناخى لدولة الإمارات أما رائدة المناخ التى عينتها الإمارات ممثلة لرئاسة القمة المقبلة التى تستضيفها دولة الامارات، هى رزان المبارك رئيسة الاتحاد الدولى لحماية الطبيعة. وجاء شعار قمة المناخ الامارتية cop٢٨ جاء أيضا مستعينا بشكل الكرة الأرضية التى تضم كافة التأثيرات والتغيرات المحتملة لأزمة تغير المناخ لتعكس هذه العناصر مجتمعة، أهمية الحفاظ على الثروات من الموارد الطبيعية والتكنولوجيا البشرية معا، كما تعكس القدرة على الابتكار فى جميع القطاعات من أجل تحقيق نقلة نوعية فى التنمية المستدامة.