ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، أن الصراع الدائر حاليا في السودان يوجه ضربة جديدة لاستراتيجية الصين للإقراض الأفريقي.
وقالت الصحيفة إن البيانات تشير إلى أن السودان كان متلقيا كبيرا للتمويل الصيني في القارة الأفريقية، حيث تصنف بكين كأكبر مقرض ثنائي.
وكان الصراع على السلطة في السودان، الذي تسبب في اندلاع الحرب في العاصمة الخرطوم ونزوح مئات الآلاف من السودانيين، بمثابة انتكاسة للأهداف الاستراتيجية للصين في القرن الأفريقي، حيث سعت بكين إلى تعزيز نفوذها من خلال تمويل البنية التحتية.
وأشارت الصحيفة إلى أن ديون السودان المستحقة للصين بلغت 5.12 مليار دولار في أوائل عام 2022، وفقا لوثائق البنك المركزي السوداني. لكن محللين قالوا إن هذا لا يشمل تسهيلات الدفع المسبق للنفط، والتي هي في الواقع قروض من كيانات صينية يفترض أن يتم سدادها بشحنات النفط.
ويقول برادلي باركس، المدير التنفيذي لمجموعة البيانات "إيد داتا"، التي تحتفظ بقاعدة بيانات شاملة عن الإقراض العالمي للصين، إن الكيانات الصينية المملوكة للدولة قدمت قروضا بقيمة 15.5 مليار دولار للسودان في العقد الذي انتهى عام 2020. كما تظهر بيانات "إيد داتا" أن هذه الكيانات أقرضت 4.7 مليار دولار لجنوب السودان، الذي انفصل عن السودان في عام 2011، خلال نفس الفترة.
ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن الصراع السوداني أدى إلى خروج برنامج الإصلاح المدعوم من صندوق النقد الدولي عن مساره وعرض للخطر قدرة الخرطوم على السداد لمجموعة من الدائنين، بما في ذلك الصين.
وتظهر أرقام صندوق النقد الدولي أن السودان متأخر بالفعل عن الكثير من ديونه الخارجية، بما في ذلك ديون كيانات صينية. وقال باركس إن مدفوعات القروض المتأخرة والرسوم المتأخرة للدائنين الخارجيين تساوي أكثر من 140 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقالت الصحيفة إن محن الديون التي تعاني منها بكين في السودان تتكرر في معظم أنحاء إفريقيا، إذ يعاني المقرضون المملوكون للدولة في الصين من سلسلة من حالات التخلف عن السداد. ويمثل هذا تحولا كبيرا عن الحالة السائدة قبل سبع سنوات، عندما أشار الرئيس الصيني شي جين بينج إلى إفريقيا على أنها "القارة الأسرع نموا في العالم".
وأوضحت الصحيفة أن زامبيا قد تعثرت بالفعل، في حين أن أنغولا وكينيا -وهما من بين أكبر المقترضين الأفارقة للأموال الصينية- تكافحان للوفاء بالتزامات الديون الخارجية.
وأشارت الفاينانشيال تايمز إلى أن استعداد الدائنين الصينيين لشطب القروض أو زيادة ائتمان الإنقاذ لم يتم اختباره إلى حد كبير. وقد عينت بكين "مبعوثا خاصا" لمنطقة القرن الإفريقي العام الماضي، عمل إلى حد كبير وراء الكواليس لدفع السلام وفكرة "مستقبل مشترك" مع الصين.
كن أحد مستشاري الحكومة الصينية، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، قال إنه في حالة السودان، من غير المرجح أن تكون هناك بوادر كبيرة - على الأقل في المستقبل المنظور. وأضاف: "السودان معقد للغاية في الوقت الحالي".
كانت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، قد قالت في اجتماع مائدة مستديرة عقد مؤخرا في نيروبي: "في اللحظة التي يكون هناك وقف حقيقي لإطلاق النار [في السودان]، سوف نتقدم إلى الأمام لنرى ما يمكن عمله على صعيد التمويل".
وترجع مشكلات الديون التي تجتاح إفريقيا بشكل أساسي إلى الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة العالمية الذي أعقب جائحة فيروس كورونا والحرب الروسية في أوكرانيا، إلى جانب العملات المحلية الضعيفة وسلسلة من العوامل المحلية، دفع العديد من البلدان نحو التخلف عن السداد في الوقت الذي تكافح فيه لإدارة التزامات ديونها.
وقالت الصحيفة إن الصين تبدو حذرة بشأن أي دور محتمل كصانعة سلام في السودان، على الرغم من مشاركتها المالية.
ونقلت عن مستشار الحكومة الصينية قوله: "أعتقد أن الصين ستصدر بيانات إيجابية من أجل السلام وستحاول مساعدة العملية لكننا لا نعرف الأطراف المعنية جيدا. البلدان الأخرى مثل الأوروبيين تعرف الجهات الفاعلة الرئيسية في الصراع السوداني بشكل أفضل بكثير".