السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

«بهجوري» في حواره لـ "البوابة نيوز": الغرب يراني مميزًا.. وأصدقائي لقبوني بـ "بيكاسو مصر".. وأم كلثوم انتصار مصر.. و"أيقونة اللوفر" يسرد ذكرياتي بين القاهرة وباريس

«بهجورى الفن».. مسيرة إبداعية بدأت من «روزاليوسف»

الفنان العالمى جورج
الفنان العالمى جورج بهجورى و صحفية البوابة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

«يرى الفنان ما يلمحه الآخرون فقط»، هكذا حال ابن قرية بهجورة، الذى ترعرع على ألوان الطبيعة فى الصعيد المصرى، ليختار من منطقة وسط البلد مقرًا لإبداعاته؛ حيث يقع أتيليه بهجورى، ذلك الفنان الشامل الذى تخطى الـ90 عامًا، «بيكاسو مصر» هكذا لقبه أصدقاؤه الفنانون فى مصر، فاعتمد اللقب.

وهب حياته للفن، سافر..درس..عشق .. وأبدع فى لوحاته، وأقام مئات المعارض فى سائر أرجاء العالم، بدأ مسيرته كأحد أبرز رسامى جريدة «روزاليوسف»، ومنها إلى متحف اللوفر بباريس، حيث قضى 35 عامًا بين مدينة الفنون وحى الاليزية، والهوامش، عشق تلك الأيقونة الغنائية «كوكب الشرق» فرسم لها لوحات عديدة، جعلته مثيرًا للجدل، إنه الفنان التشكيلى العالمى جورج بهجورى.

«البوابة» التقته، فكان لها معه هذا الحوار..

■ لو سألتك من هو الفنان جورج بهجورى فى سطور.. فماذا تقول؟

- أنا جورج عبد المسيح بشاى شنودة ساليدس جرجس، فنان تشكيلى ورسام كاريكاتير، ولدت عام ١٩٣٢ فى محافظة قنا بالقرب من قرية بضواحى نجع حمادى مشهورة بزراعة القصب والنخيل تسمى بهجورة، أنا  الابن الثالث من أسرة متوسطة عاشت ما بين الأقصر والمنوفية والقاهرة.

تخرجت من كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، ودرست فى كلية الفنون الجميلة بباريس قسم التصوير، وعملت كرسام كاريكاتيرى منذ عام ١٩٥٣ حتى عام ١٩٧٥ فى مجلتى روز اليوسف وصباح الخير، وسافر إلى باريس فى عام ١٩٧٥، وأقامت بها حتى عودتى إلى القاهرة مرة أخرى فى تسعينيات القرن الماضي.

الفنان العالمى جورج بهجوري

■ فى البداية.. حدثنا عن نشأتك الصعيدية وكيف أثرت على إبداعاتك؟

- ولدت فى قرية بهجورة بمحافظة قنا فى صعيد مصر عام ١٩٣٢، وأخذت لقبى منها، ثم انتقلت فى مرحلة الصبا الى القاهرة، وبدأت رحلتى مع الفن، وتأثرت كثيرًا وتشبعت بأجواء القرية فى الصعيد حيث الطبيعة المتفردة بألوانها المميزة، وعاداتها الفريدة، والتى لا تفارقنى خلال إقامتى بفرنسا، حيث تُعد أهم محطاتى الفنية هى "باريس"، وعلى الرغم من جمالها وسحرها بين حى الإليزيه الراقى وحى الهوامش الشعبى، جعلنى أذوب بين شوارعها، ورغم كل هذا العشق إلا أنى اشتقت إلى مصر وزحامها فقررت العودة واستكملت حياتى بها.

■ من الذى لقبك بـ«بيكاسو مصر».. ولماذا؟

- لقبنى أصدقائى المحبون من النقاد التشكيليين والفنانين بـ«بيكاسو مصر»؛ لأنى كنت متيما بالفنان العالمى بابلو بيكاسو، وكان هناك تقارب فلسفى بينى وبينه، والذى عاش فى باريس مثلى تمامًا، واستمديت الهامى الفنى منه، حيث مزجت بين أسلوب بيكاسو الأوروبى والتراث الفرعونى، مما جعل أعمالى مميزة لدى الغرب.

■ من الذين أثروا فى «بهجورى» غير بابلو بيكاسو؟

- طبعًا بيكاسو، أكثر فنان تأثرت به، ولكن هناك أيضًا بـ«مودليانى»، وفان جوخ ورينوار، بالإضافة إلى فنانين مصريين مثل محمود سعيد وحسن سليمان وراغب عياد، وتأثرت بشكل إنسانى بالفنان حسين بيكار، لأنه كان أستاذا لى فى كلية الفنون الجميلة، وتعلمت منه الأخلاق والتواضع.

■ رسمت ٣٠٠ لوحة لأم كلثوم.. فما سبب عشقك لها؟

- أم كلثوم أيقونة غنائية عظيمة على مر الأجيال، أعشق تفاصيلها صوتها وشمختها حركة يدها ومنديلها، أرى فيها انتصار مصر، لأنها تمتلك قلوب الجمهور، كنت أرسمها كثيرًا بلوحات مختلفة،  واختلف الكثيرون حول رسوماتى لكوكب الشرق، فالبعض يشيدون بلوحاتى والآخرين يرون غير ذلك، إلا أن أم كلثوم كانت غاضبة من رسوماتى لها، فكانت تقول لى أنا حلوة ترسمنى وحشة ليه، والفنانون الأجانب تناولوها بشكل مُبهر رغم اختلاف الثقافات.

■ ما أهم ما يميز رسوم الفنان العالمى جوروج بهجورى عند الغرب؟

- أهم ما ميزنى هو إنى أرسم بطريقتى الخاصة، ولا أقتبس أفكار أحد، أرسم فقط ما بداخلى، وما أشعر به، ورسمت معالم باريسية كثيرة، ورغم إقامتى ٣٥ عامًا فى باريس، إلا إنى اقتبست من الثقافة الباريسية ما أحتاجه، ولكن ظليت على مصريتى، وأبرز ما قيل عنى فى الغرب أن لدى نظرة مميزة واكتشفت أشياء غريبة، وجئت من الشرق بشغف وإبداع لأتعلم المزيد.

■ قضيت ٣٥ عامًا فى فرنسا.. ارو لنا تجربتك؟

- اتبعت شغفى للفن، وشعرت أننى بحاجة إلى المعرفة أكثر عنه، من هنا بدأت رحلتى للعالمية عندما لمست قدمى أرض باريس، وأقمت بمدينة الفنون الفرنسية عام ١٩٧٣، حيث حصلت على إقامة مؤقتة بمرسم أحد أصحاب المنح، ثم التحقت بكلية الفنون الجميلة بباريس، ودرست الفنون التشكيلية مرة أخرى.

بعدها شاهدنى أحد الأساتذة بالكلية ورأى أننى مميزًا، وطلب منى مساعدته فى التدريس للطلبة، ثم تجولت فى جميع متاحف باريس وأخذت أرسم بريشتى، وسرعان ما شعرت بإعجاب شديد بأعمال بيكاسو، وأعدت رسمها مرة أخرى، ثم حصلت على شهادة الدكتوراه من السوربون فى «الخط المصرى فى أعمال بيكاسو» بإشراف البروفسور الناقد MARC. LE. BOT.

الفنان جورج بهجورى وصحفية البوابة 

■ بعد كل هذه المسيرة الإبداعية العالمية الكبيرة.. هل فكرت فى كتابة سيرتك الذاتية؟

- بالفعل كتبت سيرتى الذاتية، وخاصة فترة رحلتى إلى فرنسا فى كتاب بعنوان: «أيقونة اللوفر» وتم طرحه فى معرض القاهرة الدولى للكتاب ٢٠٢٣، والحقيقة أنها ليست المرة الأولى التى أكتب فيها سيرتى الذاتية، فأنا سردت ثلاث كتب عن رحلتى الفنية هما: «أيقونة فلتس، وبهجر فى المهجر، وأيقونة اللوفر»، بخلاف رواياتى التى دخلت بها عالم الأدب وهم: «مذكرات فلتس، وسيرة الجوافة، وأيقونة الجسد».

■ ماذا تتضمن صفحات أحدث إصداراتك المكتوبة «أيقونة اللوفر»؟

- يُعد بمثابة فصل من سيرتى الذاتية، أسترجع ذكرياتى بين القاهرة وباريس بما فى ذلك تأثرى بهذة البيئة المثيرة ثقافيًا، والمختلفة تمامًا عن البيئة التى نشأت بها، فهذه الرحلة تستحق أن توثق ليستفيد منها الأجيال الجديدة من الرسامين والمحبين للفن، وتم إصدار «أيقونة اللوفر» عن دار نشر بعد البحر، ورأيت باريس من خلال متحف اللوفر، تأثرت بمتحف اللوفر منذ العصور القديمة حتى الجداريات المعروفة، فتضمنت صفحات الكتاب هذه الكلمات:

«جلست وسط الأزهار الجميلة هنا وهناك، أتأمل رؤيتى لهذا العالم الجديد المتجدد، حولى العشرات من الخارجين مثلى من اللوفر، وسط الساحة الكبيرة المتنوعة، يخرجون من ذات الباب إلى العالم اليومى الحديث بمقارنات جديدة فى العقل، وأخرى بين القديم والجديد».

يُطل «فلتس» برقبته التى لا تكاد تخرج من كتفيه إلا بصعوبة، ويتطلع إلى أعلى قمة فى القصر الكبير وسط باريس، إنهما يعبران الأسقف الرمادية فى قفزات واسعة، إنه قابع تحت قصر اللوفر، يتأملها، هذه هى عروس أحلامه، لقد جاء باريس خصيصًا لها، فى لحظات نادرة يسحب من تحت إبطه كراسة رسمه ويرسم بالحبر الجاف فى قلمه الروترنج الأسود ذى القبعة الحمراء، ويملأ ويدون فى الصفحات حتى يختفى الضوء وتغرب الشمس.

عيناه تتابعان وتتسلقان جدران اللوفر حتى تصلا إلى أعلاه، «الفارس» ملك يرتدى خوذة إله، ويصبح مع صيحة حصانه، تتداخل عضلاته الأسطوانية وصدره العارى مع عضلات حصانه، وكلاهما يقفز فى حركة واحدة كأنهما توأمان أحدهما إنسان والآخر حصان، يركضان نحو السماء الرمادية، ويكاد الأزرق الصافى يخترق الرمادى فتتحول الأحجار إلى كائنات بطولية.

■ أين تقع المرأة من إبداعات «بهجوري»؟

- المرأة هى الحياة، كنت دائمًا لا أفهم المرأة المصرية، وعندما سافرت إلى فرنسا أخذت أبحث عن المرأة هناك، فأنا أحب أن أرسمها بطبيعتها عارية تمامًأ، ولا أحب أن أرسمها مرتدية ملابس، كنت أذهب إلى شواطئ باريس وأرسم أجساد الفتيات على الشاطئ، بجميع أوضاعها، ووقعت فى عشق فتاة فرنسية، ورسمتها فى لوحاتى بجسدها العاري، إلا إنى اكتشفت بعد ذلك أن المرأة الفرنسية لا تختلف كونها عارية أم لا، وبعد ذلك اشتقت إلى الوجوه المصرية، فعدت إلى مصر وتزوجت فتاة مصرية.

■ وماذا عن متحف جورج بهجورى؟

- افتتحت متحفى فى ٢٠١٩ يحمل اسم متحف جورج بهجورى، ويقع فى شارع ٢٦ يوليو، ويضم المتحف حوالى مئة لوحه من إبداعاتى إلى جانب بعض المنحوتات، ويتضمن المتحف مكتبة واستراحة كبيرة، وأعتبره خزانة لإنجازات سنوات إقامتى وانطباعاتى فى باريس، ويجسد المتحف روح وبيئة ووجوه مصر، المتحف ليس لى إنه للتاريخ ولمصر، فهو تكوين لابنى الحقيقى فى الحياة.

■ كانت تربطك علاقة قوية بالعملاق صلاح جاهين.. حدثنا عن تلك العلاقة؟

- جاهين كان أعز أصدقائى، وكنت أحبه  كثيرًا، لأنه كان مميزًا ومتعدد المواهب، وكان سابقًا لى فى الكاريكاتير حيث كان يرسم رسومًا كاريكاتورية تحمل نقدًا لاذعًا للسلطة وكان دائم الصدام بها، فهناك لقب كان «جاهين» دائمًا يلقبنى به وهو «أبوجريش» وهذا كان يسعدنى كثيرًا.

■ سافرت إلى بلدان أوروبية كثيرة أبرزها فرنسا.. فى رأيك هل ساهم الفن فى حل النزاعات بين الشرق والغرب؟

- إنه بقدر ما يمكن ساهم الفن فى حل نزاعات بين الشرق والغرب، وذلك بخيال بعض الفنانين، فهناك أعمال فنيه تناولت قضايا كثيرة، سواء فى الشرق أو الغرب، وهناك رسوم كاريكاتورية تسببت فى أزمات بينهما، فالفن سلاح ذو حدين، إلا أن المصريين مازالوا مقصرين فى تصدير الثقافة المصرية كما يجب، ملفتًا ان الفرنسيين لا يعرفون كثيرًا عن الثقافة المصرية.

■ حصدت جوائز كثيرة طوال مسيرتك الإبداعية.. فهل أنت راضٍ عما حصده؟

- لوحاتى بكل مكان فى مصر، لدى لوحات فى متحف الفن الحديث، حصلت على خمس جوائز من إيطاليا وإسبانيا، أنا لا أهتم كثيرًا بالمسابقات والجوائز، أنا لا أفعل شيئًا سوى الرسم فقط، وعلى الرغم من ذلك أطلقت مئات المعارض واللوحات فى الغرب، وحصدت جوائز عديدة، منها الجائزة العالمية الأولى فى الكاريكاتير فى روما فى عامى ١٩٨٥، و١٩٨٧، وأيضًا فى إيطاليا عام ١٩٩٢، وإسبانيا عام ١٩٩٠، بالاضافة إلى جائزة الملك عبدالله الثانى للإبداع والآداب والفنون.

الفنان جورج بهجوري وصحفية البوابة 

■ وما أحدث إبداعاتك الفنية؟

- هناك معرض سوف يقام لى فى جاليرى آرت توك بالزمالك، ويتضمن جميع أعمالى النحتية، والتى تشمل منحوتاتى «إيزابيل، الصمت، توت عنخ آمون، الفنان الطائر، الأوسكار، ناجى العلى»، وغيرها، وسوف يقام فى شهر أبريل المقبل.

■ تخطيت عامك الـ٩٠.. فهل ما زالت لديك أحلام تتمنى تحقيقها؟

- حققت جميع أحلامى الخاصة بالفن التشكيلى بجميع أنواعه، فأنا رسمت حتى ارتويت، وأخذت حقى فى التقدير كثيرًا، وأثمرت نجاحى، سواء فى فرنسا أو وطنى مصر، ليس لدى أحلام أخرى.