الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

من السودان لمصر على «التريلا».. «على»: جدعنة سائق أنقذتنا من أهوال الحرب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

صباح الخامس عشر من أبريل المنقضى، كان «على» يخلد لنومه، داخل مسكنه بحى الواحة بمدينة أم درمان السودانية؛ بينما كانت والدته وشقيقه الأصغر يخلدان بالغرفة المجاورة، ليستيقظ  الشاب على هزة عنيفة، تزامنت مع دوى أصوات طائرات وصراخ النساء والأطفال، فهرع مسرعا لنافذة منزله مشاهدا اشتعال الحرائق والنيران فى كل مكان، وساد الهرج والمرج كل مكان؛ وبات كل يبحث عن مخبأ ومأوى من هول المشهد وبشاعته.

اقتحام المنازل بالسلاح ونهب الممتلكات الخاصة بأم درمان

يُضيف «على» ابن محافظة قنا، والطالب بالصف الثالث بالثانوية السودانية: «مكثت برفقة أسرتى فى منزلنا 3 أيام على التوالى فى رعب غير منقطع؛ ولا نعرف إلى أين السبيل والمفر؟ ونعتقد أننا الأسرة الوحيدة المصرية المقيمة بأم درمان؛ ولكن يوما بعد يوم، ازدادت الأوضاع سوءا وسط ارتفاع وتيرة الصراع والنزاع المسلح؛ وفقد الجميع الأمل وبات الموت أقرب ما يكون للحياة؛ تزامنا مع كثرة اقتحام المنازل بالسلاح ونهب الممتلكات الخاصة؛ حتى وصل الأمر لقصف منزلنا ثانى أيام عيد الفطر».

وتابع: «القذيفة الطائشة، التى أصابت منزلنا أجبرتنا على النزوح الفورى للنجاة من هول حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل، وحسن الحظ تمكننا من الخروج من أم درمان بسلام ليلحق بنا فى الطريق 3 طالبات مصريات، وقصدنا جميعا منطقة قندهار لنستقل حافلة تنقلنا إلى مصر؛ ولكن الأزمة الكبرى كانت أسعار التذاكر التى ارتفع سعرها لـ 80 ألف جنيه سودانى ولا نملك سوى 50 ألفا فقط ونحتاج لـ 6 تذاكر، أبلغنا والدى والمقيم بالقاهرة؛ فسدد لمكتب الحافلات بمصر 32 ألف جنيه مصري «فارق الأسعار»؛ ولكن الشركة رفعت سعر التذكرة مرة أخرى لـ 150 ألف جنيه سودانى، وغير معترفة بالسداد فى مصر فـ«الدفع كاش وقبل التحرك».

 

3 أيام في الشارع دون ماء ولا غذاء وأوشكنا على الهلاك من العطش والجوع

وأوضح، أن ارتفاع أسعار التذاكر كانت كارثية فى ظل أوضاع متأزمة للغاية؛ بل زاد الوضع سوءا بقدوم أسرة مصرية أخرى من 3 أفراد، وارتفاع مبالغ فيه للتذاكر سجلت بالأخير 500 ألف جنيه سودانى، ورغم ذلك نفدت الشاحنات؛ وأصبحنا فى الشارع لـ 3 أيام متواصلة دون ماء ولا غذاء نوشك على الهلاك من العطش والجوع، إلى أن ساق لنا الحظ ميكروباص سينقلنا لمنطقة دنجلة؛ ولكن للأسف كان متهالكا للغاية فحملنا فى الطريق 5 أيام بسبب كثرة الأعطال ونفاد البنزين، فى رحلة كانت هى الأصعب من مجاورة الحرب فى أم درمان.

اقرأ أيضًا: 
«وجودي مهم لإنقاذ المرضى».. حكاية طبيب مصري رفض العودة من السودان

8 أيام متتالية ذقنا شتى ألوان العذاب

يكمل الطالب «على» لـ«البوابة»، قائلا: «على مدار 8 أيام متتالية، ذقنا شتى ألوان العذاب، وتملك الرعب والخوف قلوبنا، فالحرب خلفنا واللصوص من حولنا؛ وحياتنا مرهونة بتذكرة سفر باهظة الثمن؛ إلا أن الحظ الحسن قرر النظر إلينا بعد بأن عثرت والدتى على هاتف سائق شاحنة مصرى تريلا متواجد بمنطقة دنجلة وسينقلنا معه إلى مصر، تواصلنا مع السائق ويدعى أشرف بيومى وأكد انتظارنا فى دنجلة لنبدأ معه رحلة السفر لبر الأمان فى مصر».

أشرف بيومي سائق تريلا 

ويسرد الطالب على: «وصلنا إلى السائقين وكانت هناك مجموعة كبيرة من التريلات العائدة إلى مصر، ولكن 3 تريلات حان وقت عودتهم وقرروا التحرك، فركبت مع أمى وشقيقى تريلا، وركبت الأسرة الشاحنة الأخرى، واستقل الـ 3 طالبات التريلا الثالثة؛ وحملونا بـ«كبائن الشاحنات» إلى معبر أرقين السودانى فى 5 ساعات فقط، دون أى مقابل مادى، بل قدموا لنا الطعام والشراب وعرضوا علينا الأموال؛ رغم نهب اللصوص لحمولات الشاحنات.

اقرأ أيضًا:

«ملحمة جدعنة»| «أميرة وإسراء»: شهامة مهندس مصري أعادتنا من فوضى الخرطوم لبر الأمان في القاهرة


واختتم: «48 ساعة انتظرناها مع السائقين فى معبر أرقين السودانى؛ أملا فى الوصول للمعبر المصرى، ولكن كثرة الشاحنات وعمل موظفى المعبر السودانى لـ 6 ساعات فقط يوميا كان سبب تكدس الشاحنات، وهو الأمر الذى جعل السائقين ينصحون بالعبور سيرا لمسافة صغيرة لـ أرقين المصرى وما أن وصلنا حتى استقبلنا ضباط المعبر بالفرحة والابتسامة، وقدم لنا الهلال الأحمر المصرى المؤونة، وأجريت علينا الفحوصات الطبية المطمئنة».