نظم قطاع صندوق التنمية الثقافية، أولى فعاليات "صالون نفرتيتي" تحت عنوان "ما هي حركة الأفروسنتريك وما الذي تريده من الحضارة المصرية"، بقصر الأمير طاز، وبحضور الدكتور هانى أبو الحسن رئيس قطاع الصندوق، وعدد من الشخصيات العامة والصحفيين.
بدأ الصالون الذى أدارته الإذاعية وفاء عبد الحميد، بمقدمة عن الصالون الذى أسسه 6 من الصحفيات والإعلاميات المتخصصات فى مجال الثقافة والتراث، أعقبها تقديم ضيوف الصالون الدكتور حسين عبد البصير مدير عام متحف آثار الإسكندرية، والدكتور مجدي شاكر كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، والدكتورة سامية الميرغني خبير علم الأنثروبولوجي ومدير عام مركز البحوث وصيانة الآثار بالمجلس الأعلى للآثار سابقا.
بدأت الإعلامية وفاء عبد الحميد بتفنيد مزاعم حركة "المركزية الأفريقية" أو ما يطلق عليها اسم "الأفروسنترك" من خلال الحديث عن الادعاءات التى يروج لها فيلم "كليوباترا " المزمع عرضه يوم ١٠ مايو الحالي على منصة "نتفليكس" الرقمية، والذى أثار ضجة واستياء المصريين لمحاولتها تزييف التاريخ، حيث يظهر كليوباترا ببشرة سوداء وملامح أفريقية، كما عرضت تسجيلا للدكتور زاهى حواس والذى أكد فيه أن الحضارة المصرية ليس لها اى صلة بحضارة السود.
وقدم الدكتور مجدي شاكر شرحا حول بداية ادعاءات الأفروسنتريك التي ظهرت بعد حركات التحرر الأفريقية ردا على المركزية الأوروبية التي زعمت أنها بدأت الحضارة في اليونان، ومحاولاتها الحثيثة في السطو على تاريخ مصر القديمة وحضارتها ونسبتها إلى أبناء البشرة السوداء خاصة المجلوبين من غرب أفريقيا الذين قدموا كعبيد الى أرض القارة الأمريكية منذ أكثر أربعة قرون مضت.
كما تحدثت الدكتورة سامية المرغنى، عن دراسات الحمض النووى للعديد من الهياكل المكتشفة فى كهوف الصحراء الشرقية والغربية، والتى ترجع لآلاف السنين، والمومياوات بمتحف الحضارة التى تؤكد الهوية المصرية.
واستشهد الدكتور حسين عبد الصبور بواقعة في السنغال، حيث عرضت كل التماثيل بشكل زنجي وسميت بالفن الإفريقي، ومع ذلك قام الدكتور علي حسن بالرد عليهم بطريقة فعالة عن طريق نشر صورة لإحدى حفيدات الملك خوفو، والتي كانت لها عينان زرقاوان وشعر أصفر.
في عام 2017، أجرى بحثًا على 90 عينة من المومياوات التي تعود إلى الفترة بين الدولة الحديثة والقرن الرابع قبل الميلاد، وأظهرت نتائج العينات عدم وجود أي عنصر من أعراق أفرو-آسيوية، كما أن المصريين متميزون في فصائل الدم، ولذلك، فإذا بحثنا في معرفة الهوية البيولوجية المصرية في الأزمان القديمة والحديثة، فإننا سنحصل على نتائج تؤكد الهوية المصرية.
وفى نهاية اللقاء طالب الحاضرون بضرورة توحيد جهود أي مثقف أو مهتم في الدفاع عن الهوية المصرية، للتصدي للهجمات الشرسة التي تسعى لسرقة الحضارة والهوية من المصريين، علاوة على ذلك، طالبوا بضرورة اتخاذ موقف موحد ضد الحركات التي تحاول نشر الأكاذيب حول الأدب والثقافة المصرية، وخاصة منصات الدراما التي تحقق معدلات مشاهدة عالية على مستوى العالم.
وأعرب الحاضرون عن أن سرقة هوية الحضارة المصرية لم تعد مسألة تمس فقط علماء الآثار والمتخصصين في علوم المصريات والأنثروبولوجيا، بل أصبحت قضية تخص كل مصري يشعر بالفخر بتاريخ بلاده، ومن هنا دعا الحضور إلى ضرورة الاهتمام بإنتاج أعمال ثقافية كالأفلام الوثائقية والدرامية، لتوثيق التاريخ المصري بكافة عصوره، وتقديمه للأجيال القادمة التي تتعلم التاريخ من خلال وسائل الإعلام.
كما أعرب الحضور عن اعتزاز مصر بالهوية الإفريقية، مشددين على ضرورة الاحترام والتعايش مع جميع الأعراق وعدم التمييز بينهم، وذلك بما يتلائم مع تاريخ مصر الطويل في استضافة وتفاعل مع مختلف الأجناس والأعراق.
وفي نهاية فعاليات صالون "نفرتيتي " قدم فنان النوبه كرم مراد مجموعة من الأغاني التراثية التي تحكي بصدق عن طبيعة الشعب المصري الأصيل. قام بغناء "نفرتيتي " و"ماريا" و"نعناع الجنينة" التي رددها معه الحاضرون بمصاحبة عزفه على آلة العود.
يذكر أن صالون "نفرتيتي" هو الأول من نوعه في مصر تقوم بتأسيسه ستة من السيدات اللاتي عملن في مجال الصحافة والإعلام على مدار أكثر من عشرين عام، وجاء الصالون ليتوج مسيرتهم الصحفية المعنية بالحضارة المصرية وتراثها الثقافي والإبداعي والفكري، وهن الإذاعية وفاء عبد الحميد والصحفيات كاميليا عتريس، مشيرة موسى، نفين العارف، وأماني عبد الحميد وفتحية الدخاخني، ومن المقرر عقد لقاءات الصالون شهريا لمناقشة أحد القضايا الثقافية والفكرية أو الأثرية المثارة على الساحة والتي تمس الحضارة المصرية.