عمليات الانزال التى تحدث على السواحل الإيطالية المطلة على البحر الأبيض المتوسط - ما يقرب من 32000 منذ بداية العام فى Belpaese منطقة بلباييس - تساهم بشكل كبير فى انقسام السياسة الإيطالية التى لم تعد قادرة على إيجاد إطار محدد لإدارة ظاهرة الهجرة. ويرجع ذلك جزئيًا إلى المصالح الانتخابية لكل من الطرفين، ولكن اليوم، أكثر من أى وقت مضى، بسبب العدد المتزايد من الوافدين غير الشرعيين الذين تزداد صعوبة إدارتهم؛ لذلك أعلنت الحكومة الإيطالية التى تنتمى إلى يمين الوسط حالة الطوارئ الوطنية لإدارة عمليات الانزال المستمرة. ولهذا الغرض، تم تخصيص أول قرض بقيمة 5 ملايين يورو على مدى ستة أشهر لتحسين ظروف الاستقبال وتوفير الحماية المدنية وتجهيز الصليب الأحمر الإيطالى. كما يهدف ذلك أيضا إلى تعزيز الهياكل المخصصة لإعادة الأشخاص غير المصرح لهم بالبقاء فى إيطاليا، من خلال اتخاذ إجراءات تحديد الهوية والترحيل.
اتخذ اليمين (الذى يتولى السلطة منذ سبتمبر / أيلول) هذا الإجراء من أجل تسهيل إجراءات معينة لتحديد الهوية. وأوضح نيلو موسوميسى، وزير الحماية المدنية والسياسات البحرية: «لنكن واضحين، لا يمكننا حل المشكلة التى لا يمكن ربط حلها إلا بتدخل منطقى ومسئول من قبل الاتحاد الأوروبي». لذلك فإن المسألة هنا هى فقط تسريع إجراءات الاستقبال وإعادة التوزيع على الأراضى الوطنية، وإدارة تواجد المهاجرين غير الشرعيين فى الإقليم قدر الإمكان، فى حين أن مراكز الاستقبال مكتظة.
ومع ذلك، من أجل نقل المهاجرين بسرعة، كانت هناك حاجة إلى أداة جديدة، وتوفر حالة الطوارئ، من بين أمور أخرى، لتعيين مفوض غير عادى لتسريع الإجراءات: لا سيما استئجار العبارات لنقل المهاجرين إلى دول أخرى. المدن فى إيطاليا ولإعادة التوطين. كانت حكومة ماريو دراجى قد قررت بالفعل إجراءً مماثلًا عندما أعلن الأخير، فى ٢٨ فبراير ٢٠٢٢، حالة الطوارئ لضمان استقبال اللاجئين من أوكرانيا. لذلك، فى مواجهة أولئك الذين يصرخون بالعروض، يمكن للمرء أن يجيب أنه إذا كان الإجراء صالحًا فى ذلك الوقت، فلماذا لا يستخدم لإدارة أكثر من ٣٢٠٠٠ مهاجر دخلوا إيطاليا منذ بداية العام؟
وبالنسبة لليسار، سيكون هناك بالتأكيد خطاب أيديولوجى وراء اختيارات أحزاب اليمين.. وفى الواقع، لا يوجد شيء! لأن حالة الطوارئ التى تم إطلاقها لمواجهة الهجرة بالنسبة للحكومة هى مورد إضافي؛ بل من الممكن تخفيف بعض الإجراءات. لأن (وهذه هى النقطة المركزية) إيطاليا وخفر سواحلها قادرة تمامًا على إدارة استقبال القوارب الصغيرة مع بضع عشرات من المهاجرين على متنها فلا توجد مشكلة؛ ولكن إذا تغير الوضع فجأة (وغالبًا ما يكون طوعًا) مثل السفن ضخمة المؤيدة لمنظمات غير حكومية (منظمات مدنية ترفض فكرة الحدود بين الدول) التى تصل إلى صقلية أو مناطق أخرى وعلى متنها ٤٠٠ مهاجر فى بعض الأحيان يصل إلى ٨٠٠ مهاجر غير شرعى وهم من أماكن أخرى. وكما اعترفت أورسولا فون نفسها مؤخرًا، نادرًا ما يكون على متن هذه السفن لاجئين سياسيين أو فارين من الحرب، ولكن معظمهم من المهاجرين لأسباب اقتصادية الذين يريدون التحايل على إجراءات الهجرة القانونية.
إذا وصلت إيطاليا إلى هذه الأرقام المذهلة للهجرة غير الشرعية، فإن ذلك يرجع أيضًا إلى القرب المتكرر بشكل متزايد لسفن المنظمات غير الحكومية من السواحل الليبية والتونسية. وتدعى هذه المنظمات غير الحكومية التى لها أجندات معروفة ومفترضة مناهضة للحدود أنها تحترم قانون البحار من خلال تنفيذ عمليات «إنقاذ»، ولكن فى الواقع، فى كثير من الأحيان، هم أنفسهم هم من «يحملون» مجموعات المهاجرين وغالبًا ما تكون تلك القوارب بحال جيد ولا تعانى من أى مشاكل. وهكذا تبحر قوارب هذه المنظمات غير الحكومية حول البحر الأبيض المتوسط (حتى فى المياه المالطية) ثم تهبط فى إيطاليا.
الوقائع فى مواجهة الاتهامات
على عكس ما يُسمع كثيرًا هنا وهناك، لم يقم أى ممثل عن يمين الوسط الإيطالى فى حكومة جيورجيا ميلونا بشن حملات معادية للأجانب أو ضد المهاجرين، بحجة محاربة خطر الاختلاط الديموجرافى الأكبر فى إيطاليا بسبب الاختلاط غير القانونى بعد وصول المهاجرين من البحر الأبيض المتوسط. من ناحية أخرى، بدأت معركة ضد الهجرة غير الشرعية بشكل قانونى من قبل رئيسة الوزراء جيورجيا ميلونى وهى تنوى أن تستمر فى ذلك. دعونا نتذكر أن إيطاليا تحت رئاسة ميلونى، بغض النظر عما يقوله البعض، لا تفعل شيئًا مختلفا لما تفعله فرنسا على حدود فينتيميليا ضد المهاجرين القادمين من إيطاليا، أو حتى ما يتم تطبيقه طبقا للاتفاقيات بين باريس ولندن لوقف البحارة الذين يعبرون المانش وتودى رحلاتهم بحياة عشرات المهاجرين فى المياه الجليدية الفرنسية البريطانية.
إن سبب محاربة التدفقات غير المشروعة من جانب إيطاليا لا يكمن فقط فى العدد المتزايد لعمليات الانزال بسبب عدم الاستقرار فى مناطق معينة من المغرب العربى (ليبيا وتونس فى المقام الأول)، يجب على أى شخص أن يتحلى بالشجاعة ليقول بصوت عالٍ وواضح أنه يعمل أيضًا على تحرير أنفسنا تدريجيًا من عملية شاقة لإدارة تدفقات الهجرة، والتى من المفارقات أن الدولة ذات السيادة لم تعد تتدخل عمليًا، حتى الآن، إلا بطريقة محدودة للغاية، مما يطرح مشكلة حقيقية على الصعيد الوطنى.. تحديدا السيادة والأمن.
وفى الحقيقة قلة من الناس يعرفون، على سبيل المثال، أن إمكانية الحصول على «الحماية الإنسانية» فى إيطاليا يعد خيارا واحدا من خيارات أخرى ممكنة (الحماية الانسانية يمكن أن يحصل عليها المهاجر الذى يصل بشكل غير قانونى من شمال أفريقيا إلى الساحل الإيطالى وهذا المهاجر لا تنوى جيورجيا ميلونى رفضه). وفى الواقع، هناك أيضًا إجراء خاص - أسهل فى الحصول عليه - يسمى «الحماية الخاصة» ومع ذلك، بفضل هذه الأداة، يمكن للمهاجر الحصول على الفور على تصريح إقامة لمدة عامين، قابل للتجديد، والإقامة على الأراضى الإيطالية، مما يسمح له ببدء العمل. وهذه الأداة، التى تخيلها المحافظون، نجت من الجمود حتى لوحظ أنه أسيء استخدامها وانحرفت عن هدفها الاستثنائى دون تحقيق النتائج المتوقعة، أى إدخال بعض المهاجرين من البحر الأبيض المتوسط إلى عالم العمل. وفى مواجهة أكثر من ٤٥٠٠٠ طلب، يجب أن نتذكر أنه تم تحويل أكثر من ٢٥٠٠ بقليل إلى تصاريح عمل فى هذا السياق، أى بالكاد ٦٪ من الإجمالى فى أقل من ثلاث سنوات: ٢٥٧ فى عام ٢٠٢٠، و٥٧٨ فى عام ٢٠٢١، ١ ١٨٤ فى ٢٠٢٢ و٦٦٢ حتى ٣١ مارس ٢٠٢٣.
يمكن للمواطنين الأجانب طلب تصريح الحماية «الخاص» مباشرة من مديرية الشرطة، حتى خارج الإجراءات المنصوص عليها للحماية «الدولية». لكن تقييم العملية لا يستند إلى معايير واضحة أو صارمة، مما يعرض العملية للانتهاكات والأخطاء التى تؤدى أيضًا إلى عدم ترحيل أى شخص من المهاجرين الذين يحملون هذا التصريح فى جيوبهم (غالبًا ما يطلبونه لغرض وحيد وهو الحماية من الترحيل) فى الواقع يقومون باستخدامه للوصول فقط إلى دول أوروبية أخرى، حيث غالبًا ما يغذى اقتصادًا غير قانونى وموازيًا تم «بيعه» للمهاجر غير الشرعى مثل ما حدث عندما اشترى هذا المهاجر من مهربى المافيا ومهربى البشر «هجرة» route » والتى تحدد له وجهة نهائية يستقر فيها فى أوروبا بدلا من الدولة التى دخل إليها فى بداية هجرته (مثل عملية دبلن).
لماذا تعارض فرنسا وتكيل الاتهامات بدلًا من التعاون البناء؟ وهل يمكن أن تترك جانبًا الأجندات الأيديولوجية والسياسية؟
فى رأينا، يجب أن تتعاون فرنسا وإيطاليا بشأن الهجرة لأنهما فى الواقع على نفس الخط، وإذا جاز التعبير فى نفس «القارب»، فمن الصحيح أن نقول ذلك، حتى لو لم تكن الحكومتان على دراية كاملة بذلك هو أو لا يريد الاعتراف به صراحة لأسباب أيديولوجية سياسية عقيمة. وهنا علينا أن نتذكر أن «الحماية الخاصة» تُمنح عندما، فى ظل ظروف معينة (الروابط الأسرية والاجتماعية وحتى الثقافية)، وفى هذه الحالة لا يمكن إخراج الأجنبى من الأراضى الوطنية. المعلومات التى يملأها الماجهر بالحبر على نموذج يتم إرساله والتى يتم تحليلها بعد ذلك بطريقة بيروقراطية للغاية ما هى إلا طريقة تريد بها الحكومة الإيطالية ببساطة تقليل هذه «الحماية الخاصة»، والتى، كما يوحى الاسم، استثنائية، ويجب أن تحترم الحالات الدقيقة والمحددة، وليس حذفها كما قيل على طريقة معلومات مضللة وغير صحيحة.
وبالنسبة لوجهة نظرنا نحن الاثنان واحد من روما وهو صحفى إيطالى مراسل فى فرنسا لـ Il Giornale والآخر عالم جيوسياسى فرنسى موجود فى روما؛ من الواضح أنه من الضرورى تقليل شغف النقاش والتقريب بين المواقف الفرنسية والإيطالية بدلا من إبعادها عن بعضها، وبالتالى دعم معركة الحكومة الإيطالية هذه ليس لخدمة مصالح السيدة ميلونى، ولكن لأن مصلحة الأمتين القريبتين وجميع الدول الأوروبية واحدة. وهنا علينا أن نذكر أن بطاقة «الحماية الخاصة»، كما تم تعريفها فى عام ٢٠٢٠، هى فى الواقع نوع معين من المستندات التى يمكن أيضًا إصدارها للأجانب مباشرة من قبل رئيس الشرطة، بعد استشارة اللجان الإقليمية. وغالبًا ما يتم إصدارها إلى المهاجرين طالبى اللجوء الذين لا يتمتعون بخصائص الحصول على وضع اللاجئ أو الحماية الفرعية. وبالتالى، فإن هذا «الطريق الثالث» الخيالى، ومن خلال تحويل هذا الإجراء، أدخل آلاف المهاجرين إلى الشوارع الإيطالية بشكل غير قانونى للحصول على إذن بحكم الأمر الواقع للبقاء هناك لمدة عامين على الأقل.
كما أوضحت اللجنة الوطنية الإيطالية للجوء فى ١٩ يوليو ٢٠٢١، يمكن للأجنبى الحصول على تصريح الحماية الخاصة من خلال إجراءين مختلفين: الأول عندما لا تعترف اللجنة الإقليمية، فى إطار إجراءات الاعتراف بالحماية الدولية، بالشروط وبدلًا من ذلك تمنح التصريح «الخاص»، وذلك عن طريق إرسال الوثائق إلى كويستور حتى يتمكن من بدء الإجراء.
فيما يبدأ الإجراء الثانى بسؤال يمكن للأجنبى إرساله مباشرة إلى مديرية الشرطة للحصول على التصريح المذكور، والذى يمكن إصداره بعد الحصول على رأى اللجنة الإقليمية بشأن وجود الشروط. وهكذا تم منح حوالى ١٠٠٠٠ تصريح فى عام ٢٠٢٢ بالأداة التى قدمتها وزيرة الداخلية السابقة لوسيانا لامورجيزى. فى الواقع، ينص المرسوم بقانون الجديد الصادر فى ١٠ مارس / آذار ٢٠٢٣، المادة ٢٠ للحكومة، على «أحكام عاجلة بشأن التدفقات القانونية للدخول للعمال الأجانب والوقاية، ثم مكافحة الهجرة غير النظامية». مع هذا الحكم، أعطت الحكومة أولًا وقبل كل شيء إجابة للمأساة التى حدثت فى كوتو (على ساحل كالابريا) فى ٢٦ فبراير، وأرست ضغطًا للهجرة غير النظامية، وتوسيع التدفقات الدخول القانونى للعمل، وتبسيط الإجراءات، ولكن أيضًا تعزيز مراكز الإعادة إلى الوطن وإنشاء قنوات وصول مميزة لمواطنى البلدان التى تنظم تدريبًا مهنيًا مخصصًا. وهذا أحد الموضوعات التى تعمل عليها روما، على سبيل المثال مع مصر وتونس.
وفى الحقيقة، يهدف «مرسوم كوترو» فى الواقع بشكل أساسى إلى تنظيم الهجرة غير المخطط لها، والتى يتم توجيهها لسنوات على الطرق البحرية، ولكن أيضًا عبر البلقان، ويوفر أدوات لتسهيل دخول أولئك الذين يأتون إلى أوروبا للعمل وبدلًا من ذلك تثبيط أولئك الذين وبدلًا من ذلك، يتجهون إلى المهربين للدخول بشكل غير نظامى. وبالتالى، فإن التشريعات المتعلقة بحماية طالبى الحماية الدولية تظل دون تغيير، على عكس ما يعتقده البعض. الهدف، الذى تم ذكره عدة مرات، بسيط: يجب فتح قناتين فقط واستخدامهما لإدارة الهجرة إلى إيطاليا، وفقًا لحكومة ميلونى. هذه هى «مرسوم التدفق» والقبول بالحماية الدولية مع الحصول على وضع اللاجئ. كما أنه يسهل الإدارة والتحكم، دون تداخل الأدوات غير الضرورية وعدم حل المشكلة.
الإعادة إلى الوطن.. مسار أساسى أيضا
تعمل الحكومة الإيطالية أيضًا على جانب آخر، ألا وهو الإعادة إلى الوطن: الهدف هو تعزيز العملية لتسريع المواعيد النهائية لطرد أولئك الذين لا يستحقون الحماية. وبالفعل مشروع «الهوية»، الذى سيبدأ فى يوليو المقبل بالتعاون مع الإنتربول، هو أيضًا جزء من هذا السيناريو. أعلنت عن ذلك رئاسة مجلس الوزراء الإيطالى التى وصفتها، فى مذكرة، بأنها «أداة ستسمح بتحديد هوية المهاجرين الذين يصلون بشكل غير قانونى إلى إيطاليا والتى ستعمل على التعامل مع المخاطر المحتملة لـ« التسلل من قبل مواضيع خطرة على الأمن.
كما يضاف إلى كل ذلك تقوية مراكز الإعادة والترحيل إلى الوطن والتى لم يتم وضعها من قبل ميلونى أو سالفينى ولكن بموجب قانون مينيتي-أورلاندو (L ٤٦/٢٠١٧)، وبالتالى من قبل الجناح اليسارى الحكومةPD، الحزب الديمقراطى. ومع ذلك، فإن هياكل الاحتجاز القانونية التى نتحدث عنها - والتى لم يكن هناك أى حديث نها فى الفترة الماضية - ستتضاعف فى كل منطقة من الأراضى الإيطالية، وكل ذلك سيخفف الضغط على تلك المراكز ويجعلها أكثر إنسانية وأفضل فى إدارتها فى ظل ظروف أكثر صحة وحيوية.. لا شيء يتعارض مع حقوق الإنسان، ولا شيء مروع، ولا شيء ينتهك «المواثيق الدولية» كما تدعى المنظمات غير الحكومية وبعض اليسار الراديكالى بلا حدود. نريد دليلًا على ذلك على مدار الأسابيع القليلة الماضية، بينما كان العديد من المجادلين خارج إيطاليا يعون كالذئاب حيث اتهم اليمين المتطرف الإيطالى الحقيقى والشعبويون المناهضون للمهاجرين ميلونى وحكومتها بـ"الضعف» وحتى «خيانة» فى مسألة محاربة الهجرة.