من الصعب مناقشة مستقبل إفريقيا دون النظر إلى المكانة الأساسية التى تحتلها المرأة الأفريقية فى تنميتها اليوم ولا يمكن إنكار أن المرأة الإفريقية هى فى قلب التنمية المستدامة للقارة، خاصة أن لها تأثيرًا قويًا على مر الاجيال.
وتعرضت المرأة للتهميش والقمع لفترة طويلة حيث تم إقصاؤها من صناعة القرار السياسى والاقتصادى والاجتماعى ولم يكن لها مكان فى المجتمع. لكن اليوم، يجب أن ندرك أن المرأة الأفريقية لديها القدرة على المساهمة بشكل كبير فى النمو الاقتصادى لقارتنا الأفريقية.. وبالفعل إنها تشكل ما يقرب من نصف سكان القارة السمراء، إلا أنها ضحية للتمييز والعنف من جميع الأنواع. لقد حان الوقت لكسر الحواجز التى تمنعها من تحقيق إمكاناتها؛ ولهذا، يجب أن نرفع أصواتنا معها ونواصل دعم الكفاح من أجل المساواة بين الجنسين.
المرأة الإفريقية هى من رواد الأعمال وقادة المجتمع وسفيرات السلام كما أنها من حماة الثقافة والهوية كشعب وهى أيضًا معلمة أطفالنا ومستقبل إفريقيا يعتمد على تعليم الفتيات وتمكينهن، ومن الضرورى تعزيز السياسات والبرامج التى تدعم حقوق المرأة الأفريقية وتمكينها، وهذا يعنى محاربة الفقر والتمييز والعنف القائم على النوع الاجتماعى والاستثمار فى البرامج التى تسمح للمرأة بالحصول على خدمات صحية جيدة والتعليم والفرص الاقتصادية والمشاركة السياسية.
التعليم والبيئة والاقتصاد هى المحاور الرئيسية الثلاثة:
لنبدأ بالتعليم: إن تعليم الفتيات فى إفريقيا يمثل تحديًا كبيرًا لتنمية القارة بأكملها. فى الواقع، وفقًا لإحصاءات اليونيسف، هناك أكثر من ١٣٠ مليون فتاة خارج المدرسة فى جميع أنحاء العالم، ويعيش نصفهن تقريبًا فى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ومن أسباب العزوف عن المدرسة: الفقر، والبعد الجغرافى عن المدارس، ونقص الموارد المالية، والتقاليد الثقافية، والعنف الجنسى والزواج المبكر والأمومة المبكرة.
ومع ذلك، فإن مميزات تعليم الفتيات لا يمكن إنكارها ويتيح تعليم الفتيات محاربة الفقر وتحسين صحة الأم والطفل، وتعزيز المساواة بين الجنسين، وخفض معدل وفيات الرضع، وزيادة معدل النمو الاقتصادى، وتعزيز القدرة على الصمود فى مواجهة الكوارث الطبيعية، وتحسين الحوكمة.
ولمعالجة هذه المشكلة، تم وضع العديد من البرامج لتعزيز تعليم الفتيات فى أفريقيا من خلال السياسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية والمبادرات الفردية ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير الذى يتعين القيام به للتغلب على الحواجز وضمان التعليم الجيد والسهل لجميع الفتيات فى القارة.
البيئة: تلعب المرأة الإفريقية دورًا حاسمًا فى الحفاظ على البيئة. فهى غالبا ما تكون مسؤولة عن إدارة الموارد الطبيعية والزراعة والأمن الغذائى لأسرهم ومجتمعاتهم. غالبًا ما تكون أيضًا وصية على التقاليد والممارسات الزراعية المستدامة، والتى تنسجم مع البيئة ومع ذلك فإنهن اكثر عرضة بشكل خاص للآثار السلبية لتغير المناخ. وغالبًا ما يواجهون نقصًا فى المياه وفشل المحاصيل وهجرة قسرية بسبب التدهور البيئي؛ لذلك من المهم الاعتراف بدور المرأة الأساسى فى الحفاظ على البيئة كما ان إشراكها فى برامج إدارة البيئة والمناخ يمكنها من لعب دورا رائدًا فى الانتقال إلى اقتصاد أخضر ومرن.
الاقتصاد: للمرأة الإفريقية دور حاسم فى التنمية الاقتصادية لأفريقيا. فهى تمثل ما يقرب من نصف سكان إفريقيا وتساهم بشكل كبير فى اقتصاد القارة. ومع ذلك، فهى تواجه العديد من التحديات، بما فى ذلك التمييز فى التعليم والتوظيف وملكية الأراضى.
على الرغم من تلك الصعوبات، فقد أثبتت المرأة قدرتها على الابتكار. غالبًا ما يكن على رأس الشركات المحلية، ويقدمن السلع والخدمات الأساسية لمجتمعاتهم. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما يكن مسؤولين عن إدارة الموارد الطبيعية والزراعة والأمن الغذائى لأسرهم ومجتمعاتهم.
لذلك من الضرورى تشجيع المرأة على ريادة الأعمال من خلال برامج التدريب والحصول على الائتمان، فضلًا عن سياسات العمالة العادلة وملكية الأراضى. من خلال تمكين المرأة الأفريقية من المشاركة الكاملة والعادلة فى الاقتصاد، فإن ذلك سيساهم بشكل كبير فى النمو الاقتصادى والحد من الفقر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأخيرًا وليس آخرًا، إذا أردنا مستقبلًا مزدهرًا لأفريقيا، يجب أن نستثمر فى المرأة الأفريقية. يجب أن نحررها من عبء التمييز وأن نوفر لها فرص التقدم الاقتصادى والاجتماعى والسياسى. المرأة الأفريقية هى أعظم ثروة لأفريقيا وتمكينها هو مفتاح لمستقبل أفريقيا.
«إن تربية طفلة قد يتطلب جهود قرية بأكملها، لكن الأمرلا يتطلب إلا أمًا لتربية أمة إفريقية».
معلومات عن الكاتب:
د. ميشال صبان.. رئيس الصندوق الأخضر R20 Green Fund للنساء، الذى شاركت فى تأسيسه للعمل على كوكب الأرض فى مكافحة تغير المناخ وتنفيذ التنمية المستدامة، كما ترأست حتى ديسمبر 2015، الصندوق العالمى لتنمية المدن، وهو منظمة سياسية دولية لتعزيز التضامن والقدرات المالية، من قبل السلطات المحلية وفيما بينها.. تكتب عن المرأة الإفريقية وترى أن مستقبل إفريقيا مرهون بالاهتمام بتعليم المرأة والقضاء على التمييز على أساس النوع الاجتماعى.