ولد مارك فروماجيه فى نوميا عام 1968، وهو أب لستة أطفال ويتمتع بخبرة دولية قوية منذ أن عمل لما يقرب من 32 عامًا فى القطاع الإنسانى. مارك فروماجيه، سافر حول الكوكب بشكل ملحوظ عندما توجه (لمدة 21 عامًا) لمساعدة الكنيسة المحتاجة (AED) فى فرنسا. واليوم، هو مدير المعلومات لجمعية إغاثة مسيحيى الشرق SOS Chrétien d'Orient وهو أيضًا كاتب عمود منتظم فى «لو ديالوج» وهو مؤلف كتاب «الحروب والنفط والراديكالية.. المسيحيون الشرقيون عالقون فى الصراع».
فى هذه المقابلة الحصرية لـ Le Dialogue، يعرض مارك أهداف وأعمال جمعية إغاثة مسيحيى الشرق ويشرح أيضًا أعماله الجديدة داخل تلك الجمعية.
لو ديالوج: غالبًا ما تكون جمعية إغاثة مسيحيى الشرق ضحية للنقد وبعض المعلومات الخاطئة من وسائل الإعلام الفرنسية.. هل يمكنك أن ترد على ذلك وتقدم حقائق سريعة للإعلام لإيضاح أهداف الجمعية وتقديم السبب الحقيقى لإنشائها وأبرز إنجازاتها؟
-من السهل دائمًا توجيه الانتقادات خاصة أن هناك البعض، لأسباب يجب توضيحها يومًا ما، يسعى دائمًا إلى إلحاق الأذى بالجمعية.. وأنا شخصيًا رأيت هذه المنظمة تعمل فى الميدان قبل الانضمام إليها وأنا أقدر دائمًا احترافيتها وتفانيها فى خدمة السكان المحليين ولا توجد سياسة فى هذا العمل وهذا الوجود على الأرض، ببساطة شهادة عن قرب الشباب الفرنسى فى خدمة المسيحيين وعلى نطاق أوسع من السكان ككل فى البلدان التى تعانى من ضائقة شديدة.
نحن نشكو دائمًا من أن الشباب لم يعودوا يشاركون وهنا لدينا تعبئة غير عادية من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين ٢٠ و٣٠ عامًا الذين حشدوا للمساعدة بشجاعة وجرأة كبيرين وأنا فقط أريد أن أحيى وبعد ١٠ سنوات، لم يتضاءل هذا الحماس داخل الجمعية خاصة من الشباب.
لو ديالوج: لديك خبرة طويلة فى المجال الإنسانى، ولا سيما كرئيس جمعية ساعد كنيسة محتاجةAED » Aid to the Church in Need» وقررت مؤخرًا الانضمام إلى جمعية إغاثة مسيحيى الشرق لتكون مدير معلوماتها الجديد. ما دورك الملموس وما أهدافك وطموحاتك للجمعية ؟
-مثل جميع المنظمات، تتواصل إغاثة مسيحيى الشرق بشأن أعمالها ومشاريعها.. ومن خلال إدارة المعلومات الجديدة التى تم إنشاؤها، تكمن الفكرة فى تضخيم وإثراء المعلومات حول ما يحدث فى الشرق الأوسط وعلى نطاق أوسع فى جميع البلدان التى يعيش فيها المسيحيون الشرقيون تقليديًا، أى المنطقة بأكملها من أوكرانيا إلى إثيوبيا فى محور عمودى ومن مصر إلى الهند فى محور أفقى.
لذلك لن يكون المشروع كثيرًا للحديث عن المنظمة فى حد ذاتها، بل محاولة فهم وتحليل وفك تشفير الأخبار الجيوسياسية والدينية، ولا سيما تأثيرها على السكان المحليين، بما فى ذلك المسيحيين. كما تهدف هذه المعلومات إلى أن تكون قيمة مضافة لجميع المهتمين، سواء كانوا مانحين حاليين أو مستقبليين، أو وسائل الإعلام والمؤسسات الأخرى، الكنسية أو السياسية أو المدنية. نعتقد أن هذا لا يمكن إلا أن يعزز، إذا لزم الأمر، مصداقيتنا وشرعيتنا.
لو ديالوج: أنت خبير كبير فى العالم العربى، حيث كنت تزوره بانتظام لسنوات عديدة. بعد أكثر من عشر سنوات من الفوضى التى أعقبت «الربيع العربي» الشهير، كيف ترى مصير مسيحيى الشرق اليوم؟ هل هم أكثر أمانًا مما كان عليه قبل عقد من الزمان أم أنهم على العكس من ذلك مهددون أكثر على الرغم من أن الإسلاموية (بجميع أشكالها) تتدهور بشدة فى المنطقة؟
-فى الواقع، كان من حسن حظى أن أسافر عدة مرات إلى جميع دول المنطقة، باستثناء اليمن، والتى آمل أن أتمكن من زيارتها قريبًا وأود أولًا أن أشير إلى أنه حتى لو كان عملنا فى الأساس لصالح المسيحيين، فإن مصير جميع سكان هذه البلدان هو الذى يؤثر علينا. وسواء كان الناس من السنة أو الشيعة أو الأيزيديين أو العلويين أو غير ذلك، لا يمكننا أن نظل متجاهلين الصعوبات التى يمرون بها خاصة عندما تكون بعض حالات الفوضى ناتجة جزئيًا عن التدخلات الغربية!
وبالعودة إلى المسيحيين، علينا أن ندرك أن عددهم استمر فى الانخفاض وأننا فى بعض الأحيان نتساءل عما إذا كان بقاؤهم مضمونًا. كانت هناك اشتباكات، صعودًا وهبوطًا لعدة قرون، لكن كل شيء تسارع فى القرن العشرين وعلى وجه الخصوص فى الثلاثين عامًا الماضية. وكل ذلك أدى إلى زعزعة استقرار المنطقة من قبل القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة، إضافة إلى أن المواجهات الإقليمية أثرت بشكل واضح على عدد السكان المحليين خاصة أن عدد القتلى والنازحين واللاجئين هو مجرد نهاية العالم!
من بين هؤلاء الضحايا الذين لا يحصى عددهم، يشكل المسلمون العدد الأكبر لأنهم الأكثر عددًا فى المنطقة ويجب الاعتراف بأن المسيحيين عانوا من عقوبة مزدوجة: أولا؛ غرقوا مثل إخوانهم المواطنين فى الفوضى المصطنعة؛ وثانيا؛ ولاؤهم للمسيح غالبًا ما أكسبهم اضطهادا آخر. ومن المسلم به أن مستوى العنف قد انخفض وهناك بالفعل تحسن فى الأمن، ولكن لم يتم حل كل شيء، ومرة أخرى، فإن الانخفاض الحاد فى عددهم – وتحديدا فى العراق وسوريا - يجعل مستقبلهم غير مؤكد.
لو ديالوج: يتفق جميع المتخصصين على أن الحرب فى أوكرانيا تسرع من تحول مركز الثقل الجيوسياسى العالمى لصالح الصين التى تتزايد قوتها وتأثيرها، فى حين أن الغرب يفقد الزخم فيما تعتبر أفريقيا والشرق الأوسط أيضًا من المناطق التى يكون فيها هذا التحول أكثر وضوحًا.. ما هى فى رأيك عواقب كل ذلك على المسيحيين فى تلك المناطق؟
-لنقول الحقيقة، حتى لو كان بإمكاننا فقط أن نأسف بمرارة على هذه الحرب الوحشية التى تدور فى أوكرانيا وبالطبع، نشعر بتعاطف مع الضحايا العسكريين والمدنيين، سواء أكانوا أوكرانيين أم روس، ويبدو بالفعل أن هذا الصراع له تأثير أوسع بكثير يتعلق بالعالم بأسره.. ولا أعرف ما إذا كان بإمكاننا القول إن هذا التحول الذى نراه يفيد الصين فقط.. بالفعل نحن نشهد التحول من عالم أحادى القطب، تهيمن عليه الولايات المتحدة بشدة، إلى عالم متعدد الأقطاب على المدى الطويل.
وقد بدأ الشعور بالآثار بالفعل، لا سيما فى الشرق الأوسط ودعونا نستشهد على سبيل المثال بالتقارب بين المملكة العربية السعودية وإيران؛ لقد كان شيئًا لا يمكن تخيله تمامًا حتى وقت قريب وله تأثير بالفعل: نرى تهدئة فى اليمن ويمكننا أن نتخيل أن أشياء معينة ستنتهى برفع الحظر عن لبنان، على سبيل المثال لا الحصر هاتان الدولتان اللتان ساهمت فيهما الحرب فى الفوضى إلى حد كبير.
فى هذا السياق، يملؤنا الأمل فى تهدئة أكثر عمومية فى الشرق الأوسط، والتى ستفيد جميع السكان، بمن فيهم المسيحيون ولا يسعى المسيحيون إلى الحصول على مزايا أو منافع إقليمية أو غيرها. لقد كانوا دائمًا جسرًا بين المجتمعات المختلفة وآمل أن يتمكنوا مرة أخرى من المشاركة الكاملة فى حياة بلدانهم من خلال توفير هذا الجسر فى خدمة السلام.