الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

ديفيد سفوركادا يكتب: السيادة والهجرة والاستيعاب.. على فرنسا استعادة السيطرة على جميع حدودها مع أوروبا أو فى أقاليم ما وراء البحار

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

سياسات ونظرية «البونابرتية» لم تكن ولن تكون أبدًا «أوروبية قومية» لأنها لن تسمح بأن يصبح الاستقلال الوطنى تحت وصاية واستعباد منظمة فوق قومية وفوق وطنية؛ فلا يتم تقديم السيادة الوطنية لصالح الدفاع عن هوية أوروبية زائفة وكما أشار تييرى شوفات فى عدة مناسبات، تعتمد البونابرتية بشكل أساسى على الدفاع عن الدولة القومية. وهذا يعنى ضمنًا قدرًا من الضمان الاقتصادى والنقدى والاجتماعى مثل الحفاظ على الخصوصية الثقافية أو تعزيز الفرانكوفونية أو حتى استدامة الاستقلال الوطنى. وإنطلاقا من هذا المبدأ، فإن البونابرتية جاهزة لمواجهة الأخطار المختلفة التى تهدد بلدنا والتى يجب أن يكون لها معالجة جادة لا تتسامح مع أى تقريب أو أى تبسيط ثنائى.
إذا نظرنا إلى أصل شعبنا، يمكننا فقط رؤية المزيج الذى تم بناؤه بين الشعوب الأصلية وتلك التى حدثت فى مختلف الغزوات ولا يسعنا إلا أن نلاحظ، عبر تاريخ بلدنا، دخل واستقر العديد من العناصر الخارجية بشكل مستمر وتم استيعابها فى شخصية وبناء المواطن الفرنسى، مما يجعل الهوية وطنية لا تقتصر على العرق المفترض بل على الحالة الذهنية.. تلك الهوية التى تفرق بين الوطنية وكراهية الأجانب.. وبالفعل فإن هذه الهوية لا تعانى من أى مشاكل طائفية أو خلل فى ملف الهجرة.. هذا الدفاع عن الهوية لا يمكن أن يؤدى إلى خطأ الاستبعاد العنصرى، ولا يمكن أن يتدخل فى كل ذلك أى اعتبار للأصل الجغرافى أو الانتماء الدينى. سأعود إلى ملف الهوية هذا لاحقا ومع ذلك، يجب ألا نخشى التطرق إلى موضوعات الهجرة والاستيعاب.
اليوم، سيكون من العبث أن نرى، مثل بعض الأشخاص ذوى النوايا الحسنة، الهجرة باعتبارها قضية لا علاقة لها بأى ملف داخلى ولا يجب دراسة حقائقها. وفى الحقيقة، شهدت بلادنا هجرة حقيقية منذ نهاية الحرب العالمية وليس من الخطأ القول إن هذه الهجرة، حتى الثمانينيات، كانت هجرة «سعيدة» حيث كانت بلادنا فى حالة إعادة بناء كاملة، وكانت الجمهورية واثقة من نفسها، وكانت فرنسا ذات سيادة.
ومنذ الأزمة، التى بدأت فى الثمانينيات، يجب ألا نخشى أن نقول إن فرنسا لم تعد بحاجة إلى الهجرة، لكنها عالقة فى مبادئ لم شمل الأسرة وسياسات الاتحاد الأوروبى، وكل هذه المشاكل لا تتوقف. وإذا كان يجب ألا نقع فى فكرة «البديل الأفضل»، يجب علينا منع «التطور الكبير» الناتج عن الهجرة الجماعية وغير المنضبطة؛ فالهجرة ليست فرصة ولا نقمة ولكنها تعتمد على الظروف الاجتماعية والاقتصادية.
على عكس ما يعتقده معسكر «الهويات» الواسع، لن يتم تسوية مسألة الهجرة إذا لم تستعد فرنسا سيادتها الكاملة والتامة وتمر هذه السيادة من خلال نقض جميع المعاهدات منذ ماستريخت ولكن أيضًا من خلال الخروج من حضن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
وعندما بدأت عملية لم شمل الأسرة، كانت هناك رغبة فى جمع العائلات معًا فى سياق الهجرة المؤقتة، ولكن بمرور الوقت لم يسافر جميع أولئك الذين هاجروا إلى بلدهم الأصلى. ومع مراعاة معايير أكثر صرامة، تعتبر مسألة لم شمل الأسرة من أبرز مشاكل الاندماج فى المجتمع ولم يعد من الضرورى اليوم الحديث عن هذا الملف، إضافة إلى تعليقه من قبل مجلس الدولة، بل عن إلغائه إلا فى حالات استثنائية.
 


وعندما ننظر إلى الفقر المتزايد الذى يؤثر على فرنسا وعندما ننظر إلى سوق العمل، لا يسعنا إلا أن نسأل أنفسنا عن استمرارية الهجرة الاقتصادية التى تهدف إلى قلب تروس الأعمال رأسا على عقب. لقد حان الوقت لفرنسا لوضع سياسات صناعية وزراعية واقتصادية جديدة، فعليها أن تدرك أيضًا أنها اليوم لم تعد قادرة على ضمان العمالة الكاملة لجميع أولئك الذين يأتون من أى مكان آخر، وبالتالى يجب أن تتحلى بالشجاعة؛ إما أن تختار أن توقف اقتصادها وإما أن تمنع الهجرة لفترة ما، أو لوضع سياسة حقيقية مع فحص الطلبات المقدمة فى المستقبل وتحديد مدة البقاء على الأراضى الوطنية.
يضاف إلى مسألة الهجرة القانونية مسألة «المهاجرين»، وهو مصطلح جديد للهجرة غير النظامية التى تؤثر على أوروبا بشكل عام وبلدنا بشكل خاص. من أجل محاربتها، من المهم أولًا وقبل كل شيء استعادة السيطرة على حدودنا، جميع حدودنا، سواء فى أوروبا أو فى مقاطعات وأقاليم ما وراء البحار الفرنسية، ويجب علينا بعد ذلك وضع حد لهذه الفكرة القائلة بأن فرنسا هى إلدورادو ولكنها أيضًا وقبل كل شيء بلد متساهل فى إدارتها للمهاجرين.
لذلك من الضرورى وضع إرادة سياسية حقيقية للتجديد والطرد بمجرد وصولهم إلى فرنسا.. الأدوات موجودة بالفعل مثل عدم تجديد تصريح الإقامة ورفض طلب حق اللجوء وأمر طرد من المحافظة.. يبقى فقط أن تتواجد الرغبة فى استخدامها وتوفير الموارد المادية والبشرية المناسبة. ويجب إنشاء خدمة بحثية متخصصة، وإنشاء مراكز انتظار لطالبى اللجوء، والسماح للأشخاص بأن يعاملوا بكرامة كما يجب أن تقترن هذه السياسة على الأراضى الوطنية بسياسة الحزم تجاه المتاجرين بالبشر وباستخدام الإجراءات العسكرية ضد هؤلاء بالإضافة إلى التفاوض على معاهدات ثنائية جديدة. يجب أن تكون سياسة الهجرة الجديدة كما أوضحت مصحوبة بسياسة استيعاب حقيقية ويجب أن يبنى هذا على أساس الحقوق والواجبات الخاصة بالطرفين، فرنسا وأولئك الذين يختارون العيش فيها.

معلومات عن الكاتب: 
ديفيد سافوركادا.. ضابط سابق فى البحرية الفرنسية، ومدرب فى عدة جهات أمنية خاصة، وعضو فى العديد من الجمعيات الوطنية. يشغل حاليًا منصب الأمين العام لمركز الدراسات والأبحاث حول البونابرتية ورئيس حركة «النداء من أجل الشعب».. يتناول قضية الهجرة التى تؤرق القارة الأوروبية، فيما تعيش فرنسا حاليًا حالة من الجدل حول قانون جديد للهجرة ما زال تحت المناقشة.