ذات صباح، كان هناك حوالى عشرة منا يحضرون دورة الأسلحة المضادة للطائرات.. للقيام بهذا التدريب، لدينا مدفع مزدوج من طراز ZU-٢٣-٢ من عيار ٢٣ ملم.. وقبل بداية هذه الدورة وخلال اليوم السابق لهذه الدورة، كان إمامنا، أبو الحارث وجنسيته صومالى وبصحبته إثنان آخران قد أمضوا حوالى ساعة لتجميع هذا المدفع وتعديل إصابته للأهداف الورقية على بعد حوالى مائتى متر وأيضا الأهداف التى تم وضعها على ضعف هذه المسافة.. هذا النموذج من المدافع لا يحتوى على عجلات، بل يتم وضعه على نوع من القواعد المصنوعة من الصلب.
مؤمنا بدوره ورسالته، فإن مدربنا أبو عمر الجزائرى يعطينا دورة شاملة حول هذا الموضوع. يعلمنا أنه يمكن استخدام هذا السلاح جيدًا بعيدا عن دليل استخدام هذا المدفع وإرشاداته. للقيام بذلك، يقدم لنا مثال الجنرال جوديريان الذى كان لديه مدافع مضادة للطائرات وكان عيار ٨٩ ملم وأثناء عبور آردين، سيجد جوديريان أنه لا توجد طائرات للحلفاء تهدد وحداته على الأرض فكانت لديه فكرة أخرى ألا وهى إطلاق النار من مدافع مضادة للطائرات على أكواخ خط ماجينو وبعض الدبابات القليلة المتواجدة فى الطريق. وفى وقت لاحق، طور مهندسو ويرماشت Wehrmacht المدافع الرهيبة المضادة للدبابات عيار ٨٩ ملم. ووفقًا لأبو عمر، فإن الكثير من كوارث الجيشين الفرنسى والإنجليزى كانت بسبب حقيقة أن القليل من الضباط يعرفون كيفية الخروج من دليل استخدام هذه المدافع. ويصر أيضا على حقيقة أن مصير المعركة فى كثير من الأحيان يعتمد على القدرة على المبادرة لدى أولئك الذين يقودونها، والقدرة على مفاجأة الخصم. ومن أجل استكمال عرضه وشرحه، يخبرنا أن هذا المدفع فى وضع جيد يمكنه إبطاء أو حتى إيقاف المركبات المدرعة فى واد عميق. كما تحدث عما كان سيفعله فى عدد من «الكلاب الشيوعية» خلال الحرب ضد الجيش الأحمر.. لقد كان من المستحيل علينا أن نقول «شيوعي» دون إضافة كلمة «كلب» لتلك الكلمة.. (وبالمناسبة، أنا دائما مندهش من رؤية نشطاء اليساريين فى أوروبا الذين يتبنون قضية الإسلاميين خاصة حركة «الإخوان» المسلمين؛ فلم يقرأ أحد منهم «البرنامج» الذى تم إعداده لهؤلاء فى حالة الاستيلاء على السلطة).
كان قائدنا هذا يعطى دائما منظورا تاريخيا لكل دورة من الدورات التى يقوم بإعطائها لنا. هو الذى سيعلمنا أن الرشاش AK٤٧ كان نسخة مطابقة لرشاش STG٤٤ الألمانى.
وأمام كل ذلك، نحن مجتهدون، نجلس القرفصاء، ونقوم بتدوين الملاحظات حيث يبدو الأمر شبيهًا بمدرس يشرح رسوم بيانية على لوح ثلاثى القوائم صغير، وطلابه يجلسون على العشب لمتابعته. تدريب القاعدة الذى تم تنظيمه فى منطقة خلدين لم يكن على مستوى التدريب الذى أخذته عندما كنت أقضى خدمتى العسكرية، فى مشاة جبال الألب فى لواء الجبل السابع والعشرين حيث كانت فرقة ١٥٩ من «بريانسون» الفرنسية جزءًا من القوات المسلحة للتدخل السريع.
ورغم كل ذلك، فإن الوضع ليبرالى للغاية، للجميع الخيار فى تدوين الملاحظات من عدمه. ومن ناحية أخرى، خلال الاختبارات العملية فى فترة ما بعد الظهر، كان من الأفضل استذكار الدرس الصباحى، حتى لا يكون هناك أى عقوبة، عقوبات.. على أى حال، نحن فى نهاية التدريب تقريبًا قام أحد زملائنا بتوجيه سؤال مجنون واسم هذا الشخص أبو عمر اليمنى وكنت دائما اتساءل عن الذى كان يفعله هذا اليمنى فى القاعدة فلقد كان لطيفًا وهادئًا ولا يعانى من أى مشاكل.. قام هذا الزميل اليمنى برفع يده وسأل: «كيف تميز طائرة حليفة أو مروحية عن طائرة معادية؟».
استقر الصمت فور إلقاء السؤال ليقوم أبو عمر الجزائرى بتوجيه سؤال لنا هو هل سمعنا للتو هو ما قاله هذا الزميل ونجيبه بنعم، ونومئ برأسنا، بابتسامة على وجوهنا.. لتكون الإجابة: «بمجرد أن تطير أكثر من متر، تطلق النار!». وعلى الرغم من أن هذا السؤال أثار حفيظته إلا أننا انفجرنا جميعًا بالضحك على هذا المزاح المشوب بروح الدعابة «السوداء». نعلم جميعًا أنه ليس لدينا طائرات وأن الأخ اليمنى يريد أن «يحلق قليلًا».
معلومات عن الكاتب:
ديفيد فالا.. جهادى فرنسى تائب. اعتنق الإسلام فى شبابه، وقام بمحاولة فاشلة للانضمام إلى صفوف المجاهدين الأجانب الذين ذهبوا لدعم مسلمى البوسنة خلال حرب البوسنة والهرسك، ثم غادروا للتدريب فى معسكر جهادى فى أفغانستان. ولدى عودته، شكل خلية إسلامية وتم تفكيكها فى سياق هجمات عام 1995. وفى عام 1998، حكم على فالا بالسجن ست سنوات. خلال السنوات التى قضاها فى السجن، قرر الانفصال عن الأيديولوجية الإسلامية ثم عاود الاندماج فى المجتمع الفرنسى. فى عام 2010، قرر الخروج من الصمت للإدلاء بشهادته حول تجربته.