الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

عبد الراضي: «دراسات نقدية في فلسفة الدين» معالجة علمية منطقية لأسس الفلسفة الدينية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

صدر حديثا كتاب مؤلف جديد للدكتور أديب صعب بعنوان: "دراسات نقدية في فلسفة الدين"، يغوص في الأعماق التأسيسية والدروب المنهجية المنطقية، لدراسة فرع فلسفة الدين، بأقسامه الثلاثة وهي: الوجود، والمعرفة، والقِيَم.  


ويشير الكتاب إلى أن فلسفة الدين، تختلف عن الفلسفة الدينية، فالأولى هي التفكير الفلسفي في كل ما يتصل بالدين، شرحا وبيانا وتحليلا، دون تبرير أو تسويغ أو دفاع أو تبشير، فهي محايدة موضوعية تتحرى الحقيقة وحدها، بلا قبليات أو موجّهات، لذا قد يكون الباحث فيها مؤمنا مثل: كانط أو كيركجورد، وقد يكون ملحدا أو لا أدريا.


ويشرح الدكتور عبد الراضي عبد المحسن، أستاذ الفلسفة الإسلامية، هذه الجواهر المعرفية فيقول، إن فلسفة الدين تستهدف مناقشة أسئلة تتعلق بطبيعة الدين وماهيته ككل، وليس معالجة نظام إيماني، أو معتقد ديني خاص، انطلاقاً من منطلقاته المِلّيّة أو المذهبية أو الأخلاقية.


ويوضح عبد الراضي، أن هذا يختلف عن اللاهوت الطبيعي، المقترن باسم القديس توما الإكويني، وتأكيداته على إمكانية الاستدلال العقلي على كل قضايا الإيمان والمعتقدات اللاهوتية دون الاستعانة بالوحي. 


وبحسب الكتاب نشأت فلسفة الدين بالغرب، سواء بتصنيف فلسفة إيمانويل كانط في مجموعها على أنها فلسفة دين  أو بالركون إلى فريدريك هيجل صاحب أول مؤلف منشور في فلسفة الدين، بعد عام واحد من وفاته بعنوان: "محاضرات في فلسفة الدين"، عام ١٨٣٢م.

 

أما أول استعمال لهذا المصطلح في الفكر والثقافة العربية  فكان على يد الشيخ رشيد رضا عندما وضع عنوانا جانبيا لمجلة المنار، وهي مجلة دينية تبحث في فلسفة الدين وشؤون الاجتماع والعمران.
إلا أن التأليف المنهجي في فلسفة الدين في عالمنا فكان على يد الفيلسوف الهندي محمد إقبال في كتابه: "تجديد الفكر الديني في الإسلام"، الذي يعده المفكر العراقي عبد الجبار الرفاعي أول معالجة إسلامية لقضايا  فلسفة الدين. 


ثم عاد الاصطلاح للظهور مرة أخرى عنوانا لأحد كتب الفيلسوف المصري الدكتور عبد الرحمن بدوي: "فلسفة الدين والتربية عند إيمانويل كانط"، عام ١٩٨٠ م.


ولم يلبث أن بدأ الدكتور أديب صعب مشواره الماراثوني الشائك في أتون هذا المضمار عقب عودته من  الابتعاث حاصلا على الدكتوراة من جامعة لندن ١٩٨٢ م.


ويقولد عبد الراضي إن انشغال الدكتور أديب صعب بهذا الحقل، لم يكن اشتغالا الأكاديمي الوظيفي الواقف عند حدود المؤلفات التعريفية التقريبية لأحد فروع الفلسفة، وإنما استهدف بناء مشروع تأسيسي في فلسفة الدين وفق خطة منهجية محكمة لتكريس رؤية فلسفية شاملة وإرساء دعائم فلسفة دين لا تضحِّي بالمجتمع وفلسفة اجتماعية لا تضحّي بالدين. 


من هو أديب صعب؟ 


وأديب صعب هو مفكر وفيلسوف لبناني الجنسية، معني بالوحدة بين مختلف الأديان كمشروع للخروج من نفق التشدد الديني. 
ولد أديب صعب في بيروت ووالده هو الشاعر والصحفي، وحصل أديب على بكالوريوس في الآداب والتربية، وماجستير في الفلسفة، كما نال الدكتوراه في الفلسفة والدراسات الدينية من جامعة لندن. 
وعمل أُستاذا للفلسفة في معهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي، وجامعة البلمند، ودرّس الفلسفة القديمة والوسيطة والحديثة، وفلسفة الدين، وتاريخ الأديان، وجمالية الكتابة العربية. 
لأديب صعب 5 كتب متكاملة في فلسفة الدين صدرت عن دار النهار في بيروت، وأدخلت هذا الموضوع إلى الثقافة العربية المعاصرة وهي: 
1. الدين والمجتمع، 1983. 
2. الأديان الحية، 1993. 
3. المقدمة في فلسفة الدين، 1994. 
4. وحدة في التنوع، 2003.
5. دراسات نقدية في فلسفة الدين، 2015. 
وله كتاب في النقد الثقافي الاجتماعي بعنوان: "هموم حضارية"، وله دراسة أدبية عن شعر والده بعنوان: "وليم صعب شاعر القضايا الأزلية"، وغيرها من المؤلفات.
ويوجز الدكتور عبد الراضي أهمية مشروعات أديب صعب الفلسفية في النقاط التالية:
يمثل فلسفة اجتماعية جادة لا تضحي بالدين بل تشكل جداراً صلباً في وجه النظرات العصرية المعادية للدين ممن اشتغلوا بحقل فلسفة الدين او غيره من فروعها.
مشروع شمولي استوعب دراسات الغربيين السابقيين الذين تدين (فلسفة الدين) لهم بفضل النشأة و التعريف و التجديد و الدراسة و ذلك بحكم تمكنه من اللغات الأوروبية و إطلاعه على المصادر الأصلية و الافادة بنفسه منها قراءة و اقتباساً و تحليلاً و استخداماً.
يعبر عن فلسفة إيجابية لا تنحو نحو السجال او الاختزال للدين في نزعة عقلية او اخلاقية او تجريبية، بل ترى الدين كياناً جوهرياً جامعاً شاملاً ذا خصوصية فريدة قائمة على اختزال لعناصر الرجح و العقل و الحس.

 


يمثل فلسفة واقعية تستند إلى ان المعايشة الدينية و التجربة الفردية الذاتية للدين أعمق من معنى الإيمان النظري المرتكز على البناء المذهبي العقلي، ولذلك لابد من الاستناد إلى تلك التجربة في عملية الإحياء و الإصلاح لدى شعوبنا و منطقتنا كي لا نكرر فشل تجربة الإحياء والإصلاح التي لم تنجح بعالمنا منذ 150 عاماً، بسبب وقوفها عند التنظير والقوالب الشكلية ولم تدخل بعد إلى العمق الروحي.
يطرح رؤية إصلاحية تطالب بإصلاح نظم التعليم الديني بمدارسنا و معاهدنا التعليمية والتي تكرس للطائفية وليس بناء اجيال متصالحة ، و تسهم في تكوين ديني و نفسي وروحي و فكري هش هشاشة لأنهم أمام تيارات الإلحاد والإرهاب والتطرف.
يحمل فلسفة تجاوز التنظير إلى مستويات رفيعة و جريئة من النقد للتيارات الغربية والعربية التي ولجت هذا المجال دون عمق كافٍ و دون إرادة حقيقة للتفلسف المحايد.
يتميز بسلاسة وبساطة التناول والمعالجات عبر مراحل المشروع الخمسة حيث لم يفتأ يغادر روح ثقة الباحث، وتواضع العالم، وحماسة المعلم، وانفتاح المتعلم على آفاق لا متناهية من معرج الروح والفكر والعقل.