وسط عشرات المواقع الأثرية الموجودة في محافظة الوادي الجديد يأتي معبد هيبس ليكون مميزا، وذلك لأنه ليس ممثلا لعصر تاريخي واحد فقط، بل عدة عصور مختلفة هي المصري القديم والروماني والبطلمي والفارسي، وقد أنشئ في عصر الأسرة 26 وذلك عام "664 - 525"ق م، لتتم فيه عبادة 3 آلهة يمثلون الثالوث المقدس وهم آمون وموت وخونسو.
كلمة هيبس معناها المحراث "من آلات الزراعة" وهي يونانية وتقابل في اللغة المصرية القديمة كلمة هيبت، وقد مر المتحف بعدة مراحل من البناء والاضافات المعمارية حتى وصل إلي شكله الذي نعرفه في الوقت الحالي والذي تم في عهد الملك الفارسي داريوس الأول "486 - 521" ق م.
ويعد كتاب "مواقع الآثار اليونانية والرومانية في مصر" من أبرز المراجع التي كتبت عن هذا المعبد وتاريخه، وصاحب الكتاب هو عالم الآثار الراحل الدكتور عبد الحليم نور الدين، حيث يعد هذا المعبد وطبقاً لما جاء في الكتاب من أبرز المعابد التي تم بناؤها في فترة حكم الفرس لمصر، وربما يكون هو المعبد المصري الوحيد المتبقي من هذه الفترة التاريخية، وقد تعاقبت عليه إضافات ملوك كثيرين منهم "دارا الأول" و"بطليموس الرابع"، مما جعل المعبد وجدرانه يمتلئ بنقوش وتفاصيل فنية وتاريخية من 4 عصور زمنية مختلفة هي المصري القديم والفارسي والبطلمي والروماني.
تعرض المتحف لعدة إضافات بالبناء، تمت في عهد الملكين "نختانبو الأول والثاني" وخاصة في منطقة الفناء الأمامي، كما أنه أضيفت للمعبد بوابة كبري وطريق مُشابه لطريق الكباش في الأقصر وكان ذلك في عصر البطالمة.
كانت مدينة هبت لها آلهة محلية وكانوا ثلاث هم "آمون وموت وخنسو" والذين يمثلون معا ثالوث طيبة، وهم كانوا أكثر الآلهة شعبية وانتشارا في مصر القديمة، ولم تقتصر عبادتهم فقط على طيبة خاصة في الكرنك، بل تمت عبادتهم في أماكن كثيرة وخاصة في محافظة الوادي الجديد ومنها معبد هيبس، وربما يفسر هذا سر تشابه هذا المعبد مع المعابد التي كانت منتشرة في طيبة وخاصة من الناحية المعمارية.
يمكن التعرف بسهولة علي الحجر الذي تم استخدامه في بناء المعبد وهو الحجر الرملي، وكان البناء عاليًا ليتناسب مع طبيعة المعبد كمكان مقدس للعبادة، والبوابة الخارجية للمعبد رومانية محفور عليها عدة نقوش باللغة اليونانية، ومضمونها عن والي روماني عاش في عهد "جالبا" وهو إمبراطور روماني، ويوجد على جدران المعبد عدد من الرسومات والنقوش المهمة، وذلك لفهم العقائد الدينية التي كانت منتشرة في مصر القديمة.
تبلغ مساحة المعبد 798 مترا مربعا والطول 42 متراً والعرض 19 مترا، وقد ظل موضعًا لاهتمام الرحالة منذ عشرات السنين، كذلك المهتمين بالآثار والتاريخ خاصة الدارسين، خاصة أنه تعرض بفعل عوامل الزمن على مدار السنين لشروخ وشقوق في بعض جدرانه وفقد أجزاء من بعض الأعمدة والأسقف، وعليه أجريت له عمليات ترميم عديدة عالجت ما به من أضرار.