الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

تأثير القوى الناعمة «الفن» على تغيير القوانين

ستاندر تقارير، صور
ستاندر تقارير، صور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

على الرغم من ظهور مصطلح "القوة الناعمة" عام 1990، ويقصد بها "قوة الجذب والإقناع المنتهجة، أو القدرة على تحقيق الأهداف المنشودة عن طريق الجاذبية أو السحر أو الإقناع بدل الإرغام ودفع الأموال" كما عرفها البروفيسور "جوزيف ناي" مساعد وزير الدفاع لشؤون الأمنية الدولية الامريكية، إبان تولي تولي الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، وافرد لها كتاب بعنوان القوي الناعمة صدر في 2004.

إلا أن الفن كان ومازال مؤثرا في المجتمع المصري، منذ  أن دون القدماء تاريخهم على جدران المعابد.

وتعد القوة الناعمة أحد الأدوات السياسية الغير مباشرة الفعالة لتسويق الأفكار وترويج المعلومات، ولعل أبرز مثال على ذلك ما فعلته الدراما التركية

والقوى الناعمة وسيلة في السياسة لتسويق افكارا وترويج معلومات بشكل غير مباشر، كما فعلت الدراما التركية التي غزت فجاءة القنوات العربية وروجت للسياحة من خلالها الأعمال الدرامية.

تأثير الفن على المجتمع

يلعب الفن دور هام في غرس القيم، وتغيير الآراء وتسليط الضوء على المشكلات المجتمعية المتأثرة بالعادات والتقاليد كالختان والزواج المبكر، والتسرب من التعليم، وقوانين الأسرة.

علي سبيل المثال انخفاض نسب الأمية من 65% عام 1952، إلى 25.8% في آخر إحصائية للجهاز المركزي للإحصاء 25.8%، بالاضافة الي انخفاض نسب ختان الإناث من 90% عام 1995، إلى 14.2% في آخر إحصائيات.

ويعتبر الفن مخزن العقل الجماعي للمجتمع، حيث يقوم بتسجيل ما تعجز عن حفظه كتب التاريخ الجافة، ويتيح التواصل بين الثقافات المختلفة، وتوصيل الرسائل الغير مباشر بشكل جيد، واستخدامه كمخزن لحفظ المشاهد المهمة في تاريخ المجتمع مثل ثورة يوليو، ومقاومة العدوان الثلاثي، وبناء السد العالي.

كما ساهمت أيقونه القوة الناعمة" السيدة ام كلثوم" في التبرع للمجهود الحربي إبان حرب الاستنزاف عن طريق حفلاتها سواء في الداخل او الخارج، وهو تاثير جيد واثبات للعلاقة الجيدة بين الفن والمجتمع.

كيف ساهم الفن في تعديل القوانين

ربما كان الموسم الرمضاني لدراما هذا العام مميز عن غيره، إذ أن أغلب أعمال الدراما كانت تلقي الضوء على المعوقات التي وضعتها القوانين والعادات لعرقلة النساء من العمل أو الوصاية علي الأولاد بعد وفاة الأب، أو حجب الميراث عن السيدات، وهو ما تم تناوله من خلال مسلسلات " تحت الوصاية" "عمله نادرة" علي سبيل المثال، مما أدي الي تحرك عدد من  نائبات مجلس النواب، لتعديل قانون الولاية علي المال والأبناء وجاري العمل به والذي وضع في العام 1952، ويواجه قصور تشريعي في ظل معاناة الأرامل والأبناء، ويعانون  من التنعت في التصرف في أموالهم بغرض المحافظة عليه وتكون النتيجة مجحفة لهم، خاصة وان الأمهات تعاني الأمرين من عدم القدرة علي التصرف في أموال القصر الا باذن الجد من جهة والمجلس الحسبي من جهه اخري، ووضع تصرفاتها تحت طائلة أهل الأب خاصة في حالة عدم وجود ابناء ذكور، خاصة في استخراج الأرواق الرسمية الخاصة بالابناء او الوصاية التعليمية.

وتعكف عدد من النائبات على تقديم مقترح لوزير العدل، لتعديل نظام المجلس الحسبي، ووصفه بأنه مجحف وجعله اختياري للزوج في حالة رؤيته ان زوجته جديرة بالولاية علي الأبناء وتملك حسن التصرف في أموالهم، في جميع المجالات المادية والتعليمية دون التدخل من أي طرف آخر سواء في حالة وجود ذكر وريث له او لا، بعد وفاته، خاصة وان المجلس الحسبي بنظامه القائم الآن يتم تطبيق على الأرملة كما لوكانت فاقدة الأهلية، وفاقدة الضمير ولا تجيد التصرف أو تحمل المسؤولية على عكس وجود ثروة الأم مع الأب بعد وفاتها وهو ما يعكس حالة من الاجحاف في حق المرأة.

ولم يكن "الوصاية" هو اول عمل يسلط الضوء بل كان هناك عددا من الاعمال الفينة التي ساهمت في تسليط الضوء علي عددا من القوانين التي ظلمت في تطبيقها شرائح عريضة من المجتمع وساهم الفن في القاء الضوء علي معاناة البعض في تطبيق القانون علي سبيل المثال:_

جعلوني مجرم والذي أنتج عام 1955، وهو ماخوذ عن قصة حقيقية عن طفل استولي عمه علي ميراثه بعد وفاة والديه، مما أدي الي جعل الفتي فريسة سهلة للوقع في براثن عصابة استخدمته للنشل وكان مصيره إصلاحية الأحداث، وبعد الخروج منها لم يستطع الحصول علي عمل شريف، وبالتالي قرر الانتقام من الجميع، وعقب عرض الفيلم تم تغير نص القانون ويتم حذف السابقة الاولي من الصحيفة الجنائية، حتي يتمكن المخطيء من العودة الي الطريق الصحيح وبدء حياة جديدة.

سلط فيلم "كلمة شرف" المعروض في 1973، الضوء علي الحياة الخاصة للسجناء، والذي كان البطل يحاول الهروب فترة سجنه وتعرضه للاحكام مضاعفة، لانه يريد رؤية زوجته طريحة الفراش، ويخرج علي مسئولية مأمور السجن الخاصة، ليتم اشتقاق نص قانون يسمح للسجين الخروج لرؤية أفراد عائلته المرضي او ذوي الحالات الحرجة، وحضور الجنازات الخاصة بالأم والأب.

أريد حلًا عام 1975، واحدا من أهم الاعمال الفنية التي سلطت الضوء علي قصور الاجراءات في قانون الاحوال الشخصية، وكان بمثابة صرخة أطلقتها الراحلة "فاتن حمامة" ضد قانون الاحوال الشخصية اذي يضع قيود وعراقيل في طريق انفصال الزوجة عن زوجها وممارسة حياتها مرة اخري، واستغلال  الرجل للقانون للمماطلة في طلاق المراة، مما سلط الضوء علي ثغرات القانون وتعديله واعطاء المراة حق الخلع، في حالة مماطلة الزوج بالطلاق.

 

الشقة من حق الزوجة 1985، والذي سلط الضوء علي فترة الحضانة والضرر الواقع علي الزوجة، ومد فترة الحضانة الي 15 سنة، وطلب اتحاد نساء مصر، توصيات اللجنة القانونية التي تم عقدها لإعداد تعديلات خاصة بقانون الأحوال الشخصية، لتحقيق مزيد من العدالة بين أفراد الأسرة، ونجح الفيلم في جعل أحد أهم البنود الممكن إضافتها لعقد الزواج –حديثًا - تحديد من سيكون له حق الانتفاع وحده بمنزل الزوجية في حالة الطلاق.

فيلم 678 عام 2010، واحدا من أهم الأفلام التي سلطت الضوء على التحرش ومعاناة النساء مع المتحرشين دون وجود قانون رادع، وتسبب عرض الفيلم في توصيات قانون التحرش ووضع أحكام على المتحرش قد تصل إلى 3 سنوات.

وعلى المستوى العالمي كان هناك عددا من الافلام ساهمت في تغيير بعض القوانين منها، 

الدكتور سترينجلوف أو "كيف تعلمت أن أتوقف عن القلق وأحب القنبلة" والذي عرض لأول مرة عام 1946، وكان مثيرا للجدل بين السياسيين والعسكريين، وآثار توتر لدى الحكومة الأمريكية، مما أدى إلى تغييرات حقيقية في سياسات الدولة، وتقرر أن معرفة شفرات الوصول إلى الأسلحة النووية يجب ألا تقتصر على مسؤول حكومي واحد فقط كما كانت قبل عرض الفيلم، وبحلول السبعينيات كان سلاح الجو يستخدم مفاتيح مشفرة لحظر استخدام الأسلحة النووية غير المصرح بها.

فيلم قصير عن القتل والذي اثار نقاشا ساخنا في مهرجان كان السينمائي عام1988، حول أهمية تطبيق عقوبة الإعدام التي كانت تطبق في بولندا، ويتم حذف العقوبة من القانون البولندي، بعد فترة قصيرة من عرضه.

حفرة الأفعى، وهو رواية شبه ذاتية عن الصراع مع مرض الذهان، والظروف المروعة للمؤسسات النفسية والعقلية في هذه الحقبة، وكان من أول أفلام هوليود الجادة عن المرضى العقليين، والذين تم تصويرهم في أغلب الأحيان إما على شكل مجرمين عنيفين أو مصدر للكوميديا.

وبعد وقت قصير من عرض الفيلم في الولايات المتحدة، أصدرت 26 ولاية تشريعات لتوفير علاج أفضل وتحسين الظروف المعيشية للمرضى العقليين.

روزيتا والذي سلط الضوء على أجور المراهقين، وهو إنتاج فرنسي عام 1999، وحصل على السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي، ما لفت انتباه الهيئة التشريعية البلجيكية ونتيجة لذلك أعيد النظر في القانون البلجيكي وصدر تشريع جديد يجعل من غير القانوني دفع أجور أقل من الحد الأدنى القانوني للأجور للعمال المراهقين.