صرح الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، بأن الجمهورية الجديدة في ظل قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تسابق الزمن في صنع رؤية بصرية تليق بتاريخنا الحضاري وتعاليم ديننا العظيم، وواجبنا العمل على صنع كل ما هو جميل والحرص على تحقيق وخلق وتكوين هوية بصرية رائعة لمصرنا العزيز، بالتخلص من كل مظاهر العشوائية إلى التخطيط المدروس المنظم على نحو ما يحدث في تشييد المدن الجديدة وتطوير المناطق الأثرية والتاريخية، بل واجبنا على المستوى الفردي أن نعمل على تحقيق ذلك في كل مفردات حياتنا.
وأن ديننا دين الحضارة والجمال والرقي والذوق الرفيع، دين يعلي من شأن الإنسان ويسمو به إلى درجة الرقي، دعانا أن نأخذ زينتنا عند كل مسجد، حيث يقول الحق سبحانه: "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ".
وتابع وزير الأوقاف، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إن الله جميل يحب الجمال"، فالمسلم يجب عليه أن يحرص على إشاعة هذا الجمال حيث كان، سواء في مظهره، في مسكنه، في مكان عمله، في مكان عبادته، في فناء مسكنه، في متنزهاتنا العامة، في شواطئنا، في حدائقنا، في وسائل مواصلاتنا، في واجهات منازلنا، في كل لفتة وجزئية من جزئيات حياتنا.
ولفت، ديننا لا يعرف العشوائية في أي شيء، والجمال فيه ليس أمرًا ثانويًّا ولا مظهريًّا بل هو جزء من صميم الشخصية السوية، ويجب علينا أن نعمل على بناء شخصية أبنائنا على ذلك، وأن نجعل هذا الجمال واقعًا في كل مفردات حياتنا، وهو ما تعمل مصرنا العزيزة في جمهوريتنا الجديدة وبتوجيه صريح ومباشر من رئيس الجمهورية على تحويله إلى واقع ملموس، وهو ماشاهدناه وعايناه ولمسناه واقعا ماثلا أمام أعيننا يشهد بقوة الإرادة والعزيمة والتصميم سواء في إنشاء المدن الجديدة وفي القلب منها العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة والإسماعيلية الجديدة وغير ذلك من المدن الجديدة على مستوى الجمهورية وكذلك ما شاهدناه ولمسناه ف تشييد المساجد الجديدة وفي القلب منها مسجد مصر ومركزها الثقافي الإسلامية وتطوير المساجد التاريخية والأثرية ومساجد آل البيت وفي مقدمة ذلك ما تم من تطوير لمسجد الإمام الحسين رضي الله عنه ومسجد سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه، وغير ذلك مما تم في كثير من جنبات ومفردات حياتنا، وهو مشروع طموح يطمح إلى تحقيق أعلى مستوى من الجمال في بناء العمران وتكوين شخصية الإنسان، بحيث يصير مع الزمن طبعًا لا تطبعًا.
إنه الفهم الصحيح لمعنى الحضارة والرقي والذوق الرفيع، والتطبيق العملي الذي يطلق ويظهر ما دعا إليه ديننا الحنيف من أخذ زينتنا عند كل مسجد، بل والتحلي بها في كل موضع، فإن الله جميل يحب الجمال، ويحب أن يرى أثر نِعمِهِ على عباده.
وإن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة قد أكدا هذه المعاني، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: "وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ"، ويقول سبحانه: "الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى"، ويقول سبحانه: "وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ"، ويقول سبحانه: "وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قوم يعدلون" ويقول سبحانه: "مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ"، ويقول سبحانه في شأن السماوات العلا: "وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ"، "وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ".
ولقد أمرنا القرآن الكريم بأن نتجمل أحسن التجمل، وكان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يحب الطيب، وقد دعا إلى طلاقة الوجه والمحيا، فقال (صلى الله عليه وسلم): "لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ"، كما دعا (عليه الصلاة والسلام) أصحابه إلى لبس أحسن الثياب عند الجُمع والجماعة والأعياد والمناسبات العامة.
على أن الجمال الحقيقي لا يقف عند حدود الشكل إنما يتجاوزه إلى جمال الجوهر، وجمال المعدن، وجمال الأخلاق، فيجب علينا جميعًا أن نتجمل بجمال الإسلام في سمتنا، في مظهرنا وجوهرها.
وإن من أهم معالم الذوق والجمال والرقي تخير الكلمة الراقية الحلوة الصافية، فقد مرَّ سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) على قوم يوقدون نارًا، فكَرِه أن يقول لهم: السلام عليكم يا أهل النار، إنما قال: السلام عليكم يا أهل الضوء، كما دعانا الإسلام إلى تخير الأسماء الحسنة ذات الدلالة الراقية، وأن نبتعد عن الأسماء المنفرة، وعن كل ما ينفر منه الطبع والذوق والحس الإنساني السليم.