أكد الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف COP28، أنه تماشياً مع رؤية وتوجيهات القيادة، تسعى دولة الإمارات إلى المساهمة في تحقيق الطموحات المناخية العالمية من خلال مؤتمر الأطراف COP28.
ودعا إلى تحقيق نقلة نوعية في العمل المناخي، والوصول إلى مخرجات حاسمة عبر برنامج عمل التخفيف، والهدف العالمي للتكيف، ومضاعفة التمويل المناخي، وبرنامج العمل المتعلق بتحقيق الانتقال المنطقي والعملي والتدريجي والعادل في قطاع الطاقة، والهدف الجماعي الكمي الجديد لزيادة التمويل المتعلق بالمناخ ، وتفعيل صندوق الخسائر والأضرار، وترتيبات التمويل.
جاء ذلك في كلمته اليوم خلال "حوار بيترسبرج للمناخ" المُقام في العاصمة الألمانية برلين، حيث قال: "نسعى أن تترك استضافة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف COP28 إرثاً متميزاً من التقدم في العمل المناخي عبر تضافر الجهود والعمل الفعّال"، مؤكداً على أهمية مشاركة الجميع في المفاوضات، وخاصةً الشباب والنساء والشعوب الأصلية والمنظمات غير الحكومية ودول الجنوب العالمي .
وشدد على أهمية عملية التفاوض، لافتاً إلى ضرورة الوصول إلى توافق لتحويل النصوص المتفق عليها في المفاوضات إلى إجراءات واقعية ملموسة، موضحاً أن هذا يتطلب مشاركة فاعلة من جميع الدول والمدن والمستثمرين ومختلف القطاعات الصناعية والشركات، داعياً الدول والشركات إلى أن تقدم في مؤتمر الأطراف COP28 تعهدات طموحة تتسم بالشفافية، وتكون خاضعة للإشراف والمتابعة، وتسهم في صياغة السياسات في البرلمانات، والميزانيات في مجالس الإدارة.
وحث على وضع حد للانتظار والبدء في تحقيق التقدم، وتحويل الحماس إلى حلول واقعية، انطلاقاً من طموح العالم لتحقيق تقدم جذري، واتخاذ خطوات نوعية. وقال: "لقد مضت 7 سنوات منذ اعتماد اتفاق باريس، ولم يتبقَ لدينا سوى 7 سنوات حتى عام 2030... وهذا يعني أنه لدينا فقط 7 سنوات لخفض الانبعاثات بنسبة 43% والحفاظ على طموحات اتفاق باريس".
وأضاف: "أكد أحدث تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بشكل قاطع، أن العالم بعيد عن المسار الصحيح، وأمامنا حقيقة واضحة، وعلينا أن نواجهها بشفافية ومصداقية تامة، والمسؤوليات التي تقع على عاتق كل منا واضحة، وليس أمامنا خيار سوى أن نكون واقعيين وعمليين، وأن نتكاتف ونغتنم فرصة إجراء الحصيلة العالمية لإعادة العالم إلى المسار الصحيح لتنفيذ أهداف اتفاق باريس".
وقال : "نحن بحاجة إلى تسريع التقدم عبر جميع القطاعات بشأن موضوع ’ التخفيف‘، ويجب أن نتأكد من أن الدول لديها الموارد اللازمة، وخطط قابلة للتنفيذ، للتكيف مع الآثار المناخية. ويجب أن يقوم العالم بزيادة التمويل المناخي، وتوفيره بشروط ميسّرة وبتكلفة مناسبة، وتسهيل طرق الحصول عليه، لتحقيق التقدم عبر مختلف جوانب العمل المناخي. وفيما نعمل على تنفيذ كل ذلك، يجب أن نضمن تحقيق انتقال منصف ومنطقي وعملي وتدريجي وعادل في قطاع الطاقة، على نحو لا يترك أحداً خلف الركب".
يُذكر أنه منذ تولِّي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر مهمة الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف COP28 في يناير عام 2023، قام بالمشاركة مع الفريق القيادي للمؤتمر بجولة عالمية رفيعة المستوى للاستماع والتواصل، التقى خلالها واستمع إلى رؤى وأفكار العديد من المعنيين من دول الجنوب العالمي، والقوى الاقتصادية الكبرى، والشعوب الأصلية، والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والشباب ومجتمع الأعمال.
وقال : "لقد استمعت إلى العديد من الآراء التي أشارت بوضوح إلى أن تحقيق الأهداف المنشودة للعمل المناخي، يرتبط بمعالجة موضوع الثقة، فالطموحات عالية، والثقة منخفضة، ولا تزال الدول النامية تنتظر تنفيذ التزام الدول المتقدمة تعهدها قبل 14 عاماً بتوفير مبلغ 100 مليار دولار، وهذا التأخير يعرقل التقدم المطلوب.. وضمن جهود التواصل التي أقوم بها، أدعو الدول المانحة لتقديم تقرير استثنائي نهائي حول تنفيذ هذا الالتزام بحلول مؤتمر الأطراف COP28، ولضمان المصداقية السياسية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، لا بد أن تقوم الجهات المانحة بالوفاء بهذا الالتزام الذي تأخر تنفيذه كثيراً، وذلك قبل انطلاق مؤتمر الأطراف COP28، خاصةً وأن القيمة الفعلية لهذا الالتزام تراجعت مع مرور الوقت".
وأضاف: "لقد أكد وزراء المناخ والمالية والتنمية في دول الجنوب العالمي، خلال لقاءاتي معهم، أن التمويل المناخي ليس متوفراً بشكل مُيسَّر وبتكلفة مناسبة، ولا يمكن الحصول عليه بسهولة، كما أن مؤسسات التمويل الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف لا تواكب تحديات القرن الحادي والعشرين. لذا، نحتاج إلى تحقيق تقدم ملموس خلال العام الحالي لتطوير أداء مؤسسات التمويل الدولية، بما يسهم في توفير المزيد من التمويل الميسر، وتخفيف المخاطر، وجذب مزيد من رأس المال من القطاع الخاص."
وأوضح أنه سيكون على الحكومات التي تعهدت بدعم الدول الأكثر عرضةً لتداعيات تغير المناخ والدول النامية أن تفي بالتزاماتها، وأنه ما لم يتوصل العالم إلى آليات جديدة فعّالة لتوفير التمويل المناخي للاقتصادات النامية والناشئة، لن يكون أمامها سوى اختيار مسارات التنمية كثيفة الانبعاثات، مشيراً إلى أننا نسعى إلى تفادي ذلك لأنه سيؤثر سلباً على الجميع.
وقال: "إن تحقيق انتقال منطقي وعملي وتدريجي وعادل في قطاع الطاقة، يتطلب التركيز على خفض انبعاثات الوقود التقليدي، بالتزامن مع زيادة الاعتماد على الطاقة الخالية من الانبعاثات والقابلة للتطبيق وبتكلفة مناسبة. وكما نعلم جميعاً، فإن منظومة الطاقة المستخدمة حالياً، ستظل جزءاً من مزيج الطاقة العالمي في المستقبل القريب. وسنحرص على التعاون مع مختلف دول العالم لخفض الانبعاثات من منظومة الطاقة الحالية، بالتزامن مع إنشاء منظومة جديدة قادرة على تحقيق انتقال شامل في قطاع الطاقة يشمل الصناعات كثيفة الانبعاثات".
وشدد على أن مؤتمر الأطراف COP28 سيركز على توفير حلول ملموسة لمساعدة المجتمعات على التكيف مع تداعيات تغير المناخ وإدارة الآثار المناخية المتزايدة، وأنه سيكون أول مؤتمر للأطراف يخصص يوماً للصحة وأول من يستضيف مؤتمراً وزارياً للصحة والمناخ.
وقال: "نحتاج إلى توسيع نطاق تعريف ’ التكيف‘ بما يعزز القدرة على مواجهة الأزمات المناخية العالمية من خلال التكامل بين التطوير الشامل للنظم الغذائية، وتشجير الغابات، وتحسين استخدام الأراضي وإدارة المياه. وسيكون COP28 فرصةً لإيجاد حلول طبيعية مبتكرة، ونحن بحاجة إلى مواصلة حماية الحلول الطبيعية لامتصاص الكربون مثل الغابات المطيرة وأشجار القُرم، والتنوع البيولوجي والعمل عن قرب مع السكان الأصليين للمساهمة في الحفاظ على النظم البيئية الطبيعية".
وختم كلمته قائلاً: "في هذا العام، الذي سيشهد إجراء الحصيلة العالمية لتقييم التقدم المحرز في تنفيذ أهداف اتفاق باريس، لدينا الفرصة لتحويل السياسات إلى مخرجات عملية. فلنضع حداً للانتظار ونبدأ في تحقيق التقدم وتحويل الشغف إلى حلول واقعية، وإنهاء التفرق والتركيز على بناء الشراكات.. فهناك محطات تاريخية تجتمع فيها البشرية لمواجهة تهديد مشترك، وعلينا أن نتحد وتتكاتف جهودنا من أجل خير الإنسانية، ونرتقي إلى مستوى المسؤولية التي أُوكلت إلينا، ولنعِد المصداقية السياسية إلى الاتفاقات القانونية التي لم يتم تنفيذها حتى الآن، ولنعمل معاً لتقديم أجندة طموحة وخطة عملية للحصيلة العالمية لتقييم التقدم في اتفاق باريس لعام 2030، ولنوحد عالمنا المنقسم من أجل كوكب الأرض، ومن أجل شعوبنا، ولتحقيق تنمية مستدامة بشكل عادل ودائم، فالعالم يطمح لتحقيق تقدم جذري، واتخاذ خطوات نوعية".