استمر مسلسل التذبذب والتحركات العرضية في السيطرة على تداولات الذهب العالمية اليوم الثلاثاء، وذلك في ظل انتظار الأسواق لنتائج اجتماع البنك الاحتياط الفيدرالي التي تصدر غد، ليستمر المعدن النفيس في التداول تحت المستوى النفسي 2000 دولار للأونصة ليترقب أي تغير في السياسة النقدية للبنك الفيدرالي.
وتداولت أسعار الذهب الفورية وقت كتابة التقرير عند المستوى 1981.70 دولار للأونصة أعلى بشكل طفيف من سعر افتتاح جلسة اليوم، بينما قد سجل يوم أمس انخفاض بنسبة 0.5% بعد أن فشل في الحفاظ على المكاسب التي سجلها بداية جلسة الأمسؤ بحسب منصة جولد بيليون لتداول الذهب.
و صدرت بيانات معهد التزويد الصناعي وهو المؤشر الذي يقيس أداء القطاع الصناعي في الولايات المتحدة، لتأتي قراءة شهر ابريل وتظهر انكماش بقيمة 47.1 ولكنه أفضل من القراءة السابقة بقيمة 46.3، يذكر أن قراءة المؤشر فوق 50 تعني تحقيق نمو في القطاع والقراءة تحت 50 تدل على انكماش القطاع.
بيانات قطاع التصنيع في الولايات المتحدة أظهرت في طياتها ضغوط تضخمية من حيث ارتفاع أسعار الخامات ولوازم الإنتاج بالإضافة إلى زيادة معدل التوظيف، الأمر الذي من شأنه أن يدعم قرار رفع أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي، وهو ما أثر بالسلبي على أداء الذهب خلال تداولات الأمس.
التوقعات تشير إلى أن البنك الفيدرالي سيقوم برفع الفائدة 25 نقطة أساس خلال اجتماعه اليوم وغد، ولكن التركيز ينصب على بيان البنك المصاحب للقرار وتصريحات رئيس البنك جيروم باول في المؤتمر الصحفي وقد نرى أسعار الذهب تعود إلى اختراق المستوى 2000 دولار للأونصة والتداول أعلاه إذا سلط البنك الاحتياطي الفيدرالي الضوء على مخاوف الركود وألمح إلى توقف مؤقت في دورة رفع أسعار الفائدة، بينما قد يوسع من خسائره إذا أشار البنك إلى استمرار مخاوف التضخم والحاجة إلى مزيد من عمليات رفع أسعار الفائدة، وفق التحليل الفني لجولد بيليون.
يعرف الذهب بأنه تحوط ضد التضخم والشكوك الاقتصادية، لكن ارتفاع أسعار الفائدة يميل إلى تقليل الطلب على الأصول ذات العائد الصفري مثل الذهب مقارنة مع السندات الحكومية التي تقدم عائد يرتفع مع ارتفاع الفائدة.
كافح الذهب للاحتفاظ بمستوى 2000 دولار للأونصة لما يقرب من ثلاثة أسابيع، حيث عزز المعدن الأصفر مكاسبه بعد ارتفاعه إلى أعلى مستوياته القياسية في وقت سابق من شهر أبريل. من المحتمل أن يتحدد المسار المستقبلي للذهب من خلال موقف البنك الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة بالإضافة إلى أي تطورات جديدة في الأزمة المصرفية.
تجددت الأزمة المصرفية أيضاً هذا الأسبوع بعد أن أصبح بنك فيرست ريبابليك الأمريكي أحدث قطعة دومينو تسقط في أكبر سلسلة من الإخفاقات المصرفية الأمريكية منذ أزمة عام 2008، حيث أدت المخاوف من انهيار مصرفي أوسع إلى نزوح جماعي للودائع من البنوك الإقليمية الصغيرة لتخرج من البنك ودائع بقيمة 100 مليار دولار وقفاً لنتائج أعماله خلال الربع الأول، الأمر الذي دفع بنك جي بي مورجان إلى التقدم وشراء البنك المتعثر.
وأدى انهيار مقرضين مثل بنكي سيليكون فالي وسيجنتشر في وقت سابق من شهر مارس إلى تدفقات حادة إلى الذهب مع زيادة الطلب على الملاذ الآمن. ولكن يبدو أن المخاوف من الاحتياطي الفيدرالي حالت دون حدوث مثل هذا السيناريو هذا الأسبوع.
تراقب الأسواق أيضًا احتمال تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها، لا سيما مع اقتراب الموعد النهائي للحكومة لرفع حد الدين. حيث حذرت وزيرة الخزانة جانيت يلين من احتمال تخلف عن السداد بحلول الأول من يونيو.
الدولار يسجل ارتفاع للجلسة الرابعة على التوالي
واستطاع الدولار الأمريكي الارتفاع خلال تداولات اليوم الثلاثاء بنسبة 0.5% ليتداول بالقرب من أعلى مستوياته في أسبوعين، وذلك بعد أن سجل 4 جلسات متتالية من المكاسب وفقاً لمؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية.
وارتفعت عوائد السندات الحكومية الأمريكية يوم أمس لتدعم ارتفاع الدولار مقابل غيره من العملات الرئيسية، مما يزيد من الضغط السلبي على أسعار الذهب قبل اجتماع الفيدرالي، حيث ارتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات يوم أمس بنسبة 3.5% ليسجل أعلى مستوى في أسبوعين عند 3.608%.
كما ارتفع العائد على السندات لأجل عامين التي تعد أكثر حساسية لتوقعات أسعار الفائدة يوم أمس بنسبة 2.2% وسجل أعلى مستوى في أسبوعين عند 4.1630%.
في المقابل نجد أن التراجع يسيطر على أداء الاستثمارات المتعلقة بالذهب منذ بداية الأسبوع، حيث انخفض أداء صندوق SPDR الاستثماري المدعوم بالذهب منذ بداية الأسبوع بنسبة 0.4% في ظل تأثره بالتذبذب الحالي في أسعار الذهب وتزايد الضغوط السلبية قبل اجتماع الفيدرالي.
يذكر أن صندوق SPDR المتداول في الذهب يعد أكبر صندوق استثماري عالمي مدعوم بالذهب بصافي أصول تصل إلى 60 مليار دولار، وقد سجل ارتفاع منذ بداية العام وحتى اليوم بنسبة 8.94% حيث وجد الدعم من الأداء القياسي للذهب خلال الربع الأول من العام.
تراجع مخزونات الذهب في مارس
رابطة سوق سبائك الذهب في لندن (LBMA) وهي رابطة تجارية دولية تمثل السوق العالمي لسبائك الذهب والفضة التي لديها قاعدة عملاء عالمية. أظهرت في تقرير لها أنه مع نهاية شهر مارس 2023 كانت كمية الذهب المحتفظ بها في خزائن لندن 8958 طنًا (انخفاض بنسبة 0.4 ٪ عن الشهر السابق) بقيمة 570.2 مليار دولار، وهو ما يعادل حوالي 716.673 سبيكة ذهب.
تدل هذه البيانات على قدرة لندن لدعم سوق التداول اللحظي للذهب ومع هذا التراجع في مخزونات شهر مارس يتضح أن ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية في الشهر الماضي بسبب الأزمة المصرفية قد ساهم في تزايد عمليات البيع للمعدن النفيس للاستفادة من ارتفاع الأسعار.
التضارب بين العوامل التي تساعد الذهب على الارتفاع وبين العوامل التي تشير إلى تراجع نية الاستثمار في الذهب ساهم بشكل كبير في دفع الذهب إلى التذبذب والتصحيح الذي نراه منذ ثلاثة أسابيع في الأسواق.
ولكن حتى الآن يبقى الاتجاه الصاعد هو المسيطر على تحركات الذهب والمستوى 1950 دولار للأونصة يحمي هذا الاتجاه بشكل كبير، ولكن قرار البنك الفيدرالي هذا الأسبوع بالإضافة إلى تقرير الوظائف الأمريكي سيكون لهم تأثير كبير على تحركات الذهب خلال الفترة القادمة.