قالت الدكتورة فاطمة جابر السيد، عضو هيئة تدريس، بجامعة الأزهر بنات بني سويف ، إن شهر رمضان كان ميداناَ فسيحاً للتنافس، وقد فاز فيه السابقون، وخسر فيه الخاملون، ومسكين من أدرك هذا السباق ولم يشارك فيه.وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ فَانْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَه" أخرجه الترمذي وإسناده حسن .
أضافت عضو هيئة التدريس، عندما سُئلت السيدة عائشة رضي الله عنها " كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً " أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما، لافتة الي ان مداومة المسلم وديمومته علي العمل الصالح بعد رمضان علامة قبول له عند ربه الكريم المنان، وإن تركه للعمل الصالح بعد رمضان، وسلوكه مسلك الشيطان، دليل علي الخسارة وعدم القبول ، وكما قال الحسن البصري: "هانوا عليه فعصوه ولو عزوا عليه لعصمهم".
تابعت جابر، ان الله سبحانه وتعالى إذا أنعم على عبد نعمة فشكرها زاده الله عز وجل قال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} سورة إبراهيم آية رقم 7، والشكر ليس فقط تحريك اللسان بالحمد والثناء ولكنه شهود القلب للنعمة مع تعظيمها ومحبة المنعم بها، وأنها محض فضله وجوده وكرمه، ثم التعبير عن ذلك باللسان بالحمد، ثم تصريف هذه النعمة في مرضاة الله، فمن أراد أن يعلم هل قُبل صومه فلينظر في تقواه بعد رمضان هل صار أتقى لله عز وجل؟ وليستغل هذه الفرصة من العزيمة التي من الله عز وجل بها عليه، في الصلاة وفي القراءة وفي الصوم، ولا شك أنها عزيمة طيبة تحتاج إلى استمرار، فالإنسان سرعان ما تفتر عزائمه إذا تركها.
لفت الي ان المسلم يأخذ من رمضان بفضل الله عز وجل زاداً لما بعده، وحتى نتقوى به على عدونا، وعلى النفس الأمارة بالسوء، وعلى الشيطان وشياطين الإنس الذين يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف.
قالت أن هناك ثوابت إيمانية لا غنى للمسم عنها بعد رمضان، منها الصلة بالله سبحانه وتعالى، والاهتمام بحال القلب على الدوام، ودوام التذكير بالآخرة، واستحضار معاني أسماء الله وصفاته، والدعاء الدائم بأن يذوق العبد حلاوة الإيمان والشوق إلى لقاء الله.
تابعت ايضا، الحرص على قيام الليل فيجب على من عود نفسه على قيام الليل في رمضان في صلاة التراويح ألا يتخلى عن هذا الزاد،كان سعد بن أبي وقاص في القادسية يمر على خيام الأبطال والمجاهدين، فإذا رأى خيمة قام أهلها للصلاة، يقول سعد: من هنا يأتي النصر إن شاء الله ، وذلك لأن الليل أنس المحبين، وروضة المشتاقين، وإن لله عباداً يرعون الظلال بالنهار كما يرعى الراعي غنمه، ويحنون إلى غروب الشمس كما تحن الطير إلى أوكارها، حتى إذا ما جنهم الليل، واختلط الظلام، وخلا كل حبيب بحبيبه؛ قاموا فنصبوا إلى الله أقدامهم، وناجوا ربهم بقرآنه، وطلبوا إحسانه وإنعامه.
ذكرت عضو هيئة التدريس، ايضا المحافظة على صلاة الجماعة كما كنت حريصاً عليها في رمضان، قال ربنا جل جلاله: "حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ" سورة البقرة آية 238.
ذكرت الدكتورة فاطمة جابر، أن المداومة على قراءة القرآن من الثوابت الإيمانية التي لا يستغني عنها مؤمن بعد رمضان، وقد رأينا الصائمين -ولله الحمد- في أشد الحرص على قراءة القرآن في رمضان، فلا تتخل عن القرآن بعد رمضان، ولا تضع المصحف في عزلته مرة أخرى، فإن المسلم لا غنى له أبداً عن كتاب الله جل وعلا، قال الله عز وجل: "إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ" سورة الإسراء آية 9.
تابعت ان تجديد التوبة والاستمرار عليها مهم فقال تعالى: "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ" سورة النور آية31، لم يقل: أيها العاصون، ولم يقل: أيها المذنبون، بل قال: "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" سورة النور آية31، نحن نحتاج إلى التوبة مع كل نفس من أنفاس حياتنا، فجدد التوبة والأوبة.
ونصحت بالمداومة على الذكرقال الله تبارك وتعالى: " فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ" سورة البقرة آية152، وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري:"مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ" .
وحثت عضو هيئة التدريس علي الإنفاق في سبيل الله على المسلم أن يظل دائم البذل والإنفاق والعطاء، كل على قدر استطاعته قال تعالى: "لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" سورة البقرة آية286.
قالت يجب علي الانسان ان يبحث عن صحبة صالحة وقرناء صالحين، فالقوم لا يشقى بهم جليسهم، كالعبد الخطاء الذي جلس مع الصالحين الذين يسبحون ويحمدون ويكبرون ويهللون ويسألون الله الجنة ويستعيذون بالله من النار، فهو ليس منهم وإنما جلس لحاجة، فيقول الله عز وجل فيهم جميعاً: (غفرت لهم، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم).