يحتفي العالم في الأول من مايو كل عام باليوم العالمي للعمال، تقديرًا لجهودهم في دفع عجلة التنمية والانتاج والبناء بالدول، حتى أن هناك أكثر من 107 دولة حول العالم يعتبرون هذا اليوم عطلة رسمية أي مايمثل 67% تقريبًا من سكان العالم.
وللاحتفال بهذا اليوم خلفية تاريخية هى مادفعت العالم بتخليد هذا اليوم، فكانت بداية عيد العمال يوم 21 ابريل 1856 في أستراليا ثم انتقلت إلى شيكاغو بامريكا التي كانت تخوض نزاعات عمالية لتخفيض ساعات العمل في هاميلتون، وهو ماعُرف "بحركة الثمان ساعات"، ثم تكرر الوضع في ولاية كاليفورنيا.
ولكن كان الانطلاق والشرارة في يوم 1 مايو من عام 1886 نظم العمال في شيكاغو ومن ثم في تورنتو إضرابًا عن العمل شارك فيه ما بين 350 و 400 ألف عامل، يطالبون فيه بتحديد ساعات العمل تحت شعار «ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات نوم، ثماني ساعات فراغ للراحة والاستمتاع»، الأمر الذي لم يَرق للسلطات وأصحاب المعامل خصوصا وأن الدعوة للإضراب حققت نجاحا جيدا وشلت الحركة الاقتصادية في المدينة، ففتحت الشرطة النار على المتظاهرين وقتلت عدداً منهم، ثم ألقى مجهول قنبلة في وسط تجمع للشرطة أدى إلى مقتل 11 شخصا بينهم 7 من رجال الشرطة واعتُقل على إثر ذلك العديد من قادة العمال وحُكم على 4 منهم بالإعدام، وعلى الآخرين بالسجن لفترات مُتفاوتة ولكن ظهرت حقيقة الجهة التي رمت القنبلة عندما اعترف أحد عناصر الشرطة بأن من رمى القنبلة كان أحد عناصر الشرطة أنفسهم.
وبعد وفاة عمال على أيدي الجيش الأميركي فيما عرف بإضراب بولمان عام 1894، سعى الرئيس الأميركي غروفر كليفلاند للمصالحة مع حزب العمل، تم على إثرها بستة أيام تشريع عيد العمال وإعلانه إجازة رسمية. بقي غروفر قلقًا من تقارب اليوم الدولي للعمال مع ذكرى هايماركت في 4 مايو 1886 حيث قتل أكثر من 12 شخصا حينها، وجاء إضراب شيكاغو ضمن سلسلة إضرابات نظمت في عدد من المدن الأميركية يوم الأول من مايو1886 تحت شعار «من اليوم ليس على أي عامل أن يعمل أكثر من ثماني ساعات»، وبلغ عدد تلك الإضرابات خمسة آلاف إضراب وشارك فيها نحو 340 ألف.
وقد أتت قضية هايماركت بثمارها فتجاوزت أسوار أميركا وبلغ صداها عمال العالم، وأحيا المؤتمر الأول للأممية الاشتراكية ذكراها في العاصمة الفرنسية باريس عام 1889، وتمت الدعوة لمظاهرات دولية لإحياء ذكرى هايماركت عام 1890، وفي العام الموالي اعترفت الأممية الاشتراكية في مؤتمرها الثاني بعيد العمال حدثًا سنويًا.
وفي عام 1904، دعا اجتماع مؤتمر الاشتراكية الدولية في أمستردام جميع المنظمات والنقابات العمالية وخاصة الاشتراكية منها في جميع أنحاء العالم إلى عدم العمل في الأول من مايو من كل عام، وتم السعي لجعله يوم إجازة رسمية في عشرات الدول.
وفي عام 1955 باركت الكنيسة الكاثوليكية الأول من مايو عيدا للعمال، واعتبرت القديس يوسف بارا أو يوسف النجار شفيعا للعمال والحرفيين، فيما سارت الولايات المتحدة على تقليدها القديم، واعتبرت أول يوم اثنين من شهر سبتمبر من كل عام عيدا للعمل، وكذلك الأمر في كندا.
وتمسك الاشتراكيون والشيوعيون الأميركيون ومن وصفوا بالفوضويين، بإحياء يوم الأول من مايو وتنظيم مظاهرات ومسيرات في شيكاغو ونيويورك وسياتل وغيرها.
وفي عام 1958، اعتبر الكونجرس الأميركي هذا اليوم، يوم وفاء (لذكرى هايماركت) خاصة بعدما حظى بالتقدير من دول عديدة وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي، وأعلن الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور الأول من مايو يوم إجازة رسمية، وكانت مناسبة للتعبير في تظاهرات ومسيرات عن مواقف تتعلق بقضايا سياسية واجتماعية، من قبيل مسيرة دعم حقوق العمال الذين لا يحملون وثائق في الولايات المتحدة، ورفض استمرار الحرب في العراق، والاحتجاج على حالة الاقتصاد الأميركي وعدم المساواة الاقتصادية كما حصل في الأول من مايو 2012 عندما تم احتلال ساحة وول ستريت.
وهناك بعض الدول كفرنسا ومصر والبرازيل وألمانيا تعتبر هذا اليوم عطلة رسمية مدفوعة الأجر ولكن الصين تحتفى على مدار 5 أيام من يوم 1 مايو حتى 5 مايو وتكون الدولة بالكامل في عطلة معلنة المهرجانات والاحتفالات تقديرًا لدور العمال في نهوض بلادهم.
ويعتبر الكثيرون أن العمال ووجودهم في المجتمع ماهو إلا نور يضيء الطريق لتقدم الأمم فظهر هذا جليًا في بعض أعمال الأدباء الذين اهتموا بقضايا العمال ومنهم:- محمد ديب أديب جزائري، وابراهيم أصلان أديب مصري، وحنا مينا كاتب سوري، وإيفند يونسون أديب سويدي.