الأحد 17 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

مارك فروماجيه يكتب: تطور جيوسياسي.. السعودية تسعى إلى التفرغ لقضايا التنمية والبناء.. دعوة محتملة للأسد للذهاب إلى الرياض بعد استقباله فى مسقط وأبو ظبى

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أثار الاتفاق السعودى - الإيرانى الذى تم بوساطة من الصين الكثير من الجدل؛ حيث وصفه وزير خارجية لبنان الأسبق بأنه «زلزال جيوسياسى» خاصةً أن أحداث السنوات الأخيرة لم تمهد لمثل هذا الاتفاق الذى ألقى بظلاله على مجريات الأمور فى الشرق الأوسط؛ فها هى العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران تستأنف مع إعادة فتح وشيك للسفارات، وكذلك مع سوريا، التى ستعود إلى جامعة الدول العربية، بالإضافة إلى ما نشهده من تهدئة حقيقية فى اليمن من خلال عمليات تبادل للأسرى السُنة والشيعة، يضاف إلى ذلك أيضا توطيد العلاقات بين السعودية والعراق.. السؤال الذى يفرض نفسه هو: ماذا يجرى فى الشرق الأوسط؟.
من الواضح أن المملكة العربية السعودية تسعى إلى وضع حد لجميع نزاعاتها حتى تتفرغ للتنمية، وبالتأكيد فإن جزءًا كبيرًا من هذا التقارب السعودى الإيرانى من شأنه أن يمنح ثقلًا للصين التى تسعى إلى تنمية فى المنطقة وتأمين طريق الحرير، ولكن مما لاشك فيه أن التحرك السعودى فى المنطقة من شأنه أن يعيد تنظيم كروت اللعبة إقليميًا.. الأمر الذى يثير التساؤل حول تأثير ذلك على شعوب الشرق الأوسط، بما فى ذلك مسيحيو الشرق؟.
ومن أجل تسليط الضوء على إحدى وسائل التحرك السعودى عالميًا وإقليميًا؛ فقد لاحظنا أنه بعد رونالدو وميسى، تسعى البلاد لجذب ٥٠ نجمًا آخر للكرة المستديرة، فى محاولة منها لكى تجعل من نفسها مقصدا يتألق يومًا بعد يوم. إضافة إلى كل ذلك فإنه يبدو أن سوريا بدأت هى الأخرى تحاول أن تصبح مقصدًا جاذبًا وممتعًا؛ فها هى زيارات وفد لبنانى ورئيس الدبلوماسية المصرية إلى دمشق، واستقبال بشار الأسد فى مسقط وأبو ظبى بالاضافة إلى دعوة محتملة للأسد للذهاب إلى الرياض الشهر المقبل، وإعادة العلاقات الدبلوماسية مع تونس، الأمر الذى من شأنه أن يسمح للسوريين بالتقاط أنفاسهم خاصة أنهم منهكون على مدى إثنى عشر عامًا من الحرب والعقوبات المستمرة.. وكل ذلك التقدم تم إحرازه بعد زلزال ٦ فبراير.
وفيما يخص لبنان الذى أنهكه نصف قرن من الحرب الأهلية؛ فإننا نأمل أن يكون لهذا السياق الجديد تداعيات إيجابية عليه؛ على الرغم من تصاعد العنف فى الجنوب حيث أطلقت لبنان حوالى ٣٠ صاروخًا باتجاه إسرائيل التى قامت بدورها بالرد. كما أن اللقاء الذى تم فى لبنان ما بين قائد حزب الله الموالى لإيران، حسن نصر الله، وقائد حركة حماس الفلسطينية إسماعيل هنية، يثير المخاوف من تصاعد التوتر وقد أدان أساقفة لبنان الموارنة هذه التحركات ووصفوها بأنها «محاولات لتحويل الجنوب إلى صندوق بريد».
 


ربما تكون إيران هى الرابح الأكبر من هذه التهدئة الإقليمية، على الرغم من التوترات على حدودها الشمالية حيث يمثل ٢٠ مليون أذربيجانى يعيشون فى شمال إيران جزءًا من الخطة التركية الطموح التى تهدف إلى ربط جميع الشعوب التركية.
مع ذلك فإن الحركة القمعية فى إيران مازالت مستمرة مع إعدامات بنسبة ٧٥٪ فى عام ٢٠٢٢، بمتوسط ١١ شخصًا فى الأسبوع وتقوم الدولة بتركيب كاميرات لتتبع النساء غير المحجبات، وهى حركة تنتشر منذ وفاة مهسا أمينى العام الماضى، متهمة بارتداء الحجاب بشكل غير لائق حيث توفيت فى الحجز.
وفى تقرير صادر عن صندوق النقد الدولى، فإن الدين العام الإيرانى انخفض بنحو ١٩٪ فى عام ٢٠٢٢ ليستقر عند ٣٤٪ من الناتج المحلى الإجمالى، على الرغم من العقوبات الأمريكية التى تثقل كاهل إيران والتى وصل عددها لـ١٥٠٠ عقوبة.
فى العراق، بدأت أجراس الكنيسة تدق مرة أخرى فى الموصل فى ٧ مارس، وكأنها تدل على أن عشرين عامًا من الحرب التى بدأت مع التدخل الأمريكى فى ١٩ مارس ٢٠٠٣، قاربت على الانتهاء. وقد أعلنت الأمم المتحدة عن اختفاء حوالى مليون شخص فى العراق خلال نصف القرن الماضى: ٢٩٠ ألف شخص، من بينهم ١٠٠ ألف كردى، ضحايا «حملة الإبادة الجماعية» بين عامى ١٩٦٨ و٢٠٠٣، ثم أسر ما لا يقل عن ٢٠٠ ألف عراقى من قبل الولايات المتحدة وبعد ذلك حدثت موجة من عمليات الخطف من قبل الدولة الإسلامية.
وفى استطلاع للرأى أجرته مؤسسة جالوب الدولية مؤخرًا فى العراق أوضحت أن ٢٥٪ من العراقيين يريدون مغادرة البلاد و٦٠٪ يعتقدون أن الوضع فى العراق اليوم أسوأ مما كان عليه قبل عام ٢٠٠٣، وقت صدام حسين.
وبالرغم من ذلك، نعلم أن العراق يشهد ازدهارًا سياحيًا صغيرًا، ففى عام ٢٠٢١، زار العراق أكثر من ١٠٠ ألف سائح من فرنسا أو الولايات المتحدة وحتى النرويج، مقارنة بـ٣٠ ألف سائح خلال العام السابق ويبدو الحديث عن السياحة على أنقاض «مقبرة جماعية» فى غير محله بالنسبة لهذه الدولة ولكن يمكننا هنا الاحتفاظ بمصطلح الزوار.
كما أن الوضع فى السودان يمثل قلقًا كبيرًا للسلطات المصرية، بالإضافة إلى التوتر المتزايد المرتبط ببناء إثيوبيا لسد النهضة العظيم على النيل مما يجعله يهدد إمدادات المياه فى مصر والسودان.
ثم جاءت الحرب التى وقعت هذا الأسبوع لتشكل حجر عثرة أمام الجهات الفاعلة؛ من جهة لدينا الجيش بقيادة اللواء عبد الفتاح البرهان ومن جهة أخرى الفريق محمد حمدان دوقلو الملقب بحميدتى الذى يقود قوات الدعم السريع.
ولكن مما يبشر بحدوث انفراجة تلك الزيارة التى قام بها وفد سعودى إلى صنعاء، عاصمة اليمن، قبل أيام قليلة بعد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية فى السنوات الأخيرة خاصةً أن هذه الزيارة تزامنت مع الزلزال الجيوسياسى الحالى ليبدأ الشرق الأوسط مرحلة جديدة.
معلومات عن الكاتب: 
مارك فروماجيه.. يتمتع بخبرة دولية قوية منذ أن عمل لما يقرب من 32 عامًا فى القطاع الإنسانى.. سافر حول العالم عندما كان يدير لمدة 21 عامًا «مساعدة الكنيسة المسعفة (AED)» فى فرنسا. يشغل حاليًا موقع مدير جمعية مسيحيى الشرق. من مؤلفاته كتاب «الحروب والنفط والراديكالية»، و«المسيحيون الشرقيون عالقون».. ينضم للحوار، ويكتب فى هذا العدد مقاله الأول حول التطورات المتسارعة فى المنطقة.