السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

حميد عنايت يكتب: الحجاب الإجبارى.. «حجة» الفاشية الدينية ضد الانتفاضة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

إدراكًا منها للدور البارز للمرأة فى الانتفاضة الحالية، أطلقت الفاشية الدينية موجة جديدة من الهجمات ضد النساء والفتيات الإيرانيات. وكانت الحجة وراء هذه الهجمات جاهزة: «الحجاب الإجبارى» حيث تعرض العديد من النساء فى جميع أنحاء البلاد لتهديدات مختلفة صادرة من القضاء والبرلمان وأيضا أئمة الجمعة فى مدن مختلفة. ومن ناحية أخرى، تعرضت مدارس البنات لهجمات «كيماوية» جديدة وأصدرت وزاراتا التعليم والصحة إعلانات منفصلة تهدد فيها بشكل مباشر الطالبات اللاتى لا ترتدين الحجاب.
ولتبرير تلك القرارات التى اتخذتها الوزارات المختلفة، تم إصدار إعلانًا بسيطًا من الرئيس إبراهيم رئيسى، يتماشى تمامًا مع الخط السياسى الذى يدافع عنه المرشد الأعلى بشدة ألا وهو «الالتزام القانونى للجميع بالخضوع للقانون، حتى لو كان العقل لسبب ما أو غيره لا يؤمن بالحجاب، لكن الالتزام بالقانون يجعل المجتمع خاضعًا لحكم القانون». وهنا يمكننا أن نسأل الرئيس رئيسى إذا كانت دولة القانون التى تتجاهل حقوق الإنسان مازالت هى دولة القانون؟.
فى كلتا الحالتين، أطلق هذا البيان بصورة رسمية، موجة جديدة من قمع النساء فى إيران؛ فلن تقوم وزارة التربية والتعليم بقبول الطالبات اللآتى لا يحترمن قواعد الحجاب! كما قامت وزارة العلوم والبحوث والتكنولوجيا بإصدار تعليمات تعفى الجامعات ومراكز التعليم العالى الخاضعة لإشرافها من تقديم الخدمات التعليمية والاجتماعية لكل طالبة لا ترتدى الحجاب. أما مدير جامعة آزاد، أكبر مجمع جامعى فى إيران، فقد قال ببساطة إن «المؤسسات المعنية مطالبة بمنع الطالبات من الحضور للجامعة بملابس غير لائقة.»
و بعد هذه الدعاية الخاصة بالحكومية الجديدة، تم إغلاق عدد من المحلات التجارية والمطاعم والمقاهى وحتى الصيدليات وعيادات الأطباء فى عدة مدن فى جميع أنحاء البلاد، بما فى ذلك قم وشيراز ونتذكر أنه فى ١٦ أبريل، وصف المرشد الأعلى عدم ارتداء الحجاب بأنه «حرام شرعا وحرام سياسيا».
 


وترتبط أسباب عودة ظهور هذه الإجراءات المناهضة للنساء من قبل الحكومة، ارتباطًا مباشرًا بالدور الذى تلعبه المرأة خلال عملية الانتفاضة الشعبية.. لذلك قرر النظام مهاجمة ما يعتقد أنهم مصدرا لمشاكله.. إنهم النساء. والأسوأ من ذلك، أنه يجعل من هذه المسألة، النقطة المركزية لمصداقيته، فى تنظيمه الدينى، وبالتالى المجتمعى. ولم يتوان بعض أئمة الجمعة خلال الأشهر الأخيرة، فى ربط قضايا الأمن الداخلى بشكل وثيق بارتداء الحجاب؛ بل إن أحد قادة الحرس الثورى الإيرانى كتب أن «اكتشاف الحجاب قد «تجاوز» مجرد الخطيئة الدينية بل «أصبح» له تأثير سياسى، وأن عواقبه قد أثرت حتى على النظام والسلم فى المجتمع وبطريقة ما أثرت على أمن الشعب والوطن! ومن هذا المنطلق فإن «توصيف» خلع الحجاب بأنه حرام سياسيًا يدل على أنه أهم من كونه حرام شرعا.
فى الواقع، ما يسميه جميع الأعضاء المرتبطين بالسلطة الدينية «أمن الشعب والوطن» ليس سوى اسم مزيف لـ «الأمن الدينى وطرق الحفاظ عليه». لقد أظهرت التجربة دائمًا (وهذه المرة تمامًا مثل سابقاتها) أنه عندما يجد هذا النظام نفسه عاجزًا عن مواجهة الانتفاضات التى تتزايد، فإنه يكثف قمع النساء من أجل السيطرة على مجتمع فى حالة اضطراب. إن استئناف الهجمات الكيماوية ضد الطالبات هو مثال نموذجى، لكن هذه الديكتاتورية الدينية تلعب بالنار. فإن وجود القمع، وعندما يكون عنيفًا، هناك دائمًا خياران: إما أن يحقق الأهداف المحددة، أو أنه لا يعمل. وعندما يكون السلاح الوحيد المتاح فى ترسانة الاجابات التى تُمنح للناس، فإن كل شغب جديد يتطلب زيادة فى درجة القمع، من أجل الحفاظ على مستوى ثابت من الخوف، بل من الرعب وقد يستمر هذا الأمر لسنوات، ولكن سيأتى حتمًا وقت لن يستطيع فيه الإرهاب السيطرة على الناس.
ومع ذلك، فقد أظهر المتظاهرون بالفعل أنهم لا يخشون النظام الاستبدادى للملالي؛ لذلك من المرجح أن تؤدى الهجمات على تلميذات المدارس الأبرياء إلى موجة جديدة من الاحتجاجات على مستوى البلاد، والتى يمكن أن تزيد من زعزعة أسس النظام. وتعرضت مدرسة حضرة المهدى الابتدائية فى مدينة بيرانشهر شمال غرب إيران، الأربعاء الماضى، لهجوم بالغاز الكيماوى نفذه عناصر من النظام. وتم نقل العديد من الطالبات إلى المستشفى لتلقى العلاج. وتشير تقارير أخرى إلى أن مدرسة أخرى للبنات فى سنندج، عاصمة إقليم كردستان غربى إيران، تعرضت هى الأخرى لهجوم بالغاز الكيماوى. أصيب العديد من الطلاب بالتسمم.. وأمام رغبته فى تحقيق السلام الاجتماعى الذى يراه مناسبًا، يمسك النظام دائما بالعصا من أجل سحق الجميع وهزيمتهم حيث يسعى إلى إقناع الجمهور بأن هذه الإجراءات لا يتم اتخاذها إلا فى إطار احترام أحكام الشريعة الإسلامية. لكن من الواضح للجميع أن الحجاب الإجبارى واشتداد اضطهاد المرأة بهذه الذريعة فى شهر رمضان، لا علاقة له بالإسلام وتقول مريم رجوى، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطنى للمقاومة الإيرانية، ذلك بصوت عالٍ وواضح: «يجب أن نقاوم الأمر.. كل ما يتعارض مع الحرية والاختيار الحر للإنسان لا أساس وصحة له «.
معلومت عن الكاتب: 
حميد عنايت.. عالِم سياسى، متخصص فى القضايا الإيرانية، يدعم المعارضة الإيرانية الديمقراطية (NCRI).. يتناول فى مقاله، قضية فرض الحجاب إجباريًا فى محاولة لزرع الخوف والرعب بين صفوف الشعب الإيرانى كله وليس النساء فقط.