رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ميشال صبان يكتب: التحديات والمواصفات ريادة الأعمال النسائية فى المناطق صديقة البيئة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

"ريادة الأعمال النسائية فى مناطق ملتزمة بالبيئة وتحترم الطبيعة».. موضوع يهمنى بشكل خاص، لأنه يقع فى صميم العمل الذى أقوم به يوميًا لأكثر من ١٠ سنوات عبر المنظمة غير الحكومية R٢٠ وذلك فى المناطق التى تواجه التغيرات المناخية ويطلق عليها «مناطق المناخ"؛ بحكم كونى الرئيس الفخرى لهذه المنظمة والصندوق الأخضر R٢٠ للنساء، الذى ما زلت أترأسه حتى اليوم.
لهذا السبب يشرفنى جدًا أن أقدم لكم هذه السطور القليلة التى آمل أن تسمح لكم بالتعرف على أهمية دور الصناديق الخضراء، وعمل المناطق، والقضايا المتعلقة بالمرأة وريادة الأعمال.
فى هذه الأوقات الصعبة، المرتبطة بتغير المناخ، الذى نواجهه جميعًا، ندرك أكثر من أى وقت مضى أن الكوكب بأسره يواجه عواقب قرارات الإنسان فى الماضى؛ سواء كانت اقتصادية أو مجتمعية أو صناعية، فمن الواضح أنه يجب علينا أن نغير من سلوكنا. ولا شك أن هذا الوضع الذى يزعج الكوكب ككل خطير للغاية، ليس فقط من خلال الآثار المميتة التى يسببها هذا الفيروس، ولكن أيضًا بسبب الآثار المترتبة على سرعة انتشاره الجغرافى والعواقب الاقتصادية والاجتماعية التى قد تنشأ بالطبع جراء كل ذلك.. كما قال البروفيسور كارلوس مورينو، الأستاذ المتخصص فى القضايا الحضرية: «فى عالم يعتمد على أسلوب حياة قائم على الترابط، لم نشهد أبدًا مثل هذا التعقيد فيما يتعلق بالمبادئ الأساسية لهذا الكوكب»
الكوكب يعانى ويجب على البشرية أن تعيد التفكير فى كل شىء.. لقد دخلنا فى جدول أعمال طارئ من أجل التنفيذ الفعال للوعود والمقترحات والشراكات التى التزمنا بها، لا سيما خلال قمة المناخ COP٢١.
وبالفعل فى عام ٢٠٠٩، خلال COP١٥، قررت الدول المجتمعة فى كوبنهاجن إنشاء «صندوق المناخ الأخضر» الذى يهدف إلى دعم مشاريع مختلفة بهدف الحد من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، ومكافحة إزالة الغابات واتخاذ تدابير للتكيف مع عواقب الاحتباس الحرارى، وتهدف آلية التمويل التضامنى الجديدة إلى مساعدة البلدان الأكثر ضعفًا على التطور مع الحد من تأثيرها على البيئة ومكافحة تغير المناخ بشكل فعال.
وفى أكتوبر ٢٠١٩، وعدت الدول الموقعة على اتفاقية باريس للمناخ بالمساهمة بما يصل إلى ٩.٨ مليار دولار لإعادة تشكيل هذا الصندوق، على الرغم من انسحاب القوى الاقتصادية الكبرى مثل الولايات المتحدة. ومع تعطل النظام الاقتصادى العالمى اليوم، ما زلت مقتنعة بأنه يجب علينا متابعة التزاماتنا ودعم جميع اللاعبين الرئيسين فى جهودهم لتمويل المناخ.
وفى الحقيقة، يجب أن يستمر «التمويل الأخضر»، الذى يحدد الإجراءات والعمليات المالية التى تعزز انتقال الطاقة ومكافحة الاحتباس الحرارى، بل وحتى زيادتها. وإننى على اقتناع راسخ بأنه يجب علينا دعم نظام بيئى قوى ومستقر موجه نحو التعاون الدولى لأن تمويل الغد يجب أن يكون مستدامًا. كما تعد مسألة إعادة توجيه تدفقات رأس المال بشكل كبير نحو تحول الطاقة أحد التحديات ذات الأولوية.
قضية المناطق هى أيضا قضية رئيسية
بالتعاون مع أرنولد شوارزنيجر، الرئيس المؤسس لـ R٢٠ فى مناطق العمل المناخى، لم نتوقف أبدًا عن تسليط الضوء على عمل المناطق، وشركائنا المؤسسيين، الذين يكافحون بلا كلل لإنشاء مشاريع مناخية فى هذا المجال. فتلك الأقاليم هى مساحات رئيسية للتماسك الاجتماعى والتنمية الاقتصادية. وبالتعاون مع مختلف الفاعلين المحليين ومع زملائهم المواطنين، أثبتت الكيانات المحلية أنها من بين أول من ترجم العمل المناخى على الأرض وقام بتطوير الأدوات التشغيلية.
 


وحتى اليوم وفى حالة الأزمة التى نشهدها، فإن المدن والأقاليم هى فى قلب الاضطرابات العنيفة التى نواجهها والقضايا ذات الأولوية التى يجب وضعها للخروج من تلك الأزمات.. ولرؤية مدن عالمية مثل باريس أو نيويورك أو بكين، تقوم بتقليص أنشطتها إلى الحد الأدنى مع تعليق جميع الأنشطة الترفيهية، والانخفاض الحاد فى وسائل النقل (السيارات، ومترو الأنفاق، والطائرات، وما إلى ذلك) وغياب الاحتكاك الجسدى المباشر. وكل ذلك يقدم جانبًا آخر من جوانب هذا العالم الحضرى الذى عادة ما يكون حيويًا ومنتجًا. وتوضح صور الأقمار الصناعية الأخيرة تمامًا انخفاض التلوث بعد هذه القيود على الأنشطة البشرية. أيضًا، التأثير المرتد للعزل جراء الإصابة بالفيروس إبان أزمة كورونا الأخيرة، يمكننا أن نلاحظ بوضوح أن الطبيعة تبدو وكأنها تستعيد حقوقها فى كل مكان تقريبًا فى المدن الكبرى فى العالم.
لذلك فإن مناطقنا ومدننا لديها انعكاس جديد حقيقى يجب تحقيقه. ولا شك أن الأزمة لا تسهل الالتزامات المطلوبة من الدول، فمن الضرورى مواصلة هذه المعركة، وإقناع المجتمع الدولى بالالتزام الفعال بخفض غازات الاحتباس الحرارى، بفضل السياسات الطموحة التى يتم انتهاجها.
ولا ننسى أننا نواجه تحديات التنمية الحضرية العالمية، وهو تحد يجب حله من قبل جميع الفاعلين الإقليميين والمحليين خاصةً أن الهجرة الجماعية من الريف تتسارع، ويجب ألا تظل أراضينا ومدننا فى مؤخرة اهتمامنا بهذه القضايا؛ فكل ذلك يتطلب تحسين نوعية حياة سكان المدن وتحقيق تنمية حضرية مستدامة؛ فالبيئة هى الوصول لنوعية حياة أفضل ولكنها أيضًا النمو الاقتصادى للغد، خاصةً فى قارات المستقبل مثل إفريقيا؛ فلم يعد بإمكاننا تأخير دخولنا إلى هذه الحضارة البيئية الجديدة.
نحن ندرك جيدًا أن إدارة الأحياء العشوائية وغير الرسمية حساسة بشكل خاص وأن فكرة التباعد الاجتماعى لا تنطبق هناك (التنظيم الاجتماعى فى تلك المناطق قائم فى الواقع على مجموعة جماعية تسمح بالمساعدة المتبادلة). إذن كيف يمكننا إعادة التفكير مع الأفارقة فى تكييف مدنهم، بحيث يكونون أكثر مرونة وأفضل تسليحًا ضد الآفات المناخية والصحية التى يمكن أن تؤثر عليهم؟.
ومن هنا يأخذ مفهوم «الإقليم / المدينة المستدامة» معناه الكامل. ولم يعد الأمر مجرد مسألة جعل مدينة أكثر رصانة فى انبعاثات الكربون، مع سهولة الحركة، وجعل المنشآت المسؤولة أقل استهلاكًا للطاقة، وما إلى ذلك. إنها مسألة تطوير مناطق متوازنة مع المساواة فى الحصول على الرعاية الصحية والتعليم والنقل والثقافة لجميع السكان، بغض النظر عن موقعهم.
وفى هذا السياق الصعب، هناك حاجة ملحة لاستكمال النهج التنازلى الحالى بنهج تصاعدى أكثر مرونة، قائم على إثبات كل هذه السياسات بالعمل.. ومن السهل بالفعل تحقيق ما نريده فيما يتعلق بالتنمية المستدامة على مستوى الأقاليم والمناطق والمدن.
دور النساء
من خلال هذا التصور.. يجب أن يكون الفاعلون الرئيسيون فى هذا الملف هم النساء.. تتأثر النساء بالفعل بتغير المناخ بشكل مختلف وأكثر حدة من الرجال.. ففى هذه القضية يواجهن الآثار المترتبة من التغيرات المناخية على الزراعة، وتواتر وشدة الكوارث الطبيعية، وتأثر البنى الاجتماعية والتمييز والفقر.. ومع ذلك، فهن يلعبن دورًا رئيسيًا فى تنفيذ استراتيجيات التكيف والتخفيف فى مواجهة تغير المناخ إضافة إلى أنهن أكثر التزامًا من الرجال بإيجاد حلول ملموسة لمجتمعهن.
لهذا السبب قررت فى عام ٢٠١٦ إنشاء أداة تمويل أخضر، R٢٠ Green Fund for Women، لمساعدة النساء من تمكين أنفسهن من خلال ممارسة الأنشطة المدرة للدخل والصديقة للبيئة وتتمثل رؤية صندوق Green R٢٠ للنساء فى عالم يتمتع فيه النساء والرجال بفرص متساوية للوصول إلى التعليم والتدريب والتوظيف. إنها أيضًا رؤية لعالم أنظف، وأكثر احترامًا للبيئة ويجب تمكين النساء والفتيات لإحداث التغييرات التى يريدونها، ونريد تشجيعهن على القيام بذلك.
مهمتنا هى تسهيل الوصول المتكافئ للرجال والنساء إلى الوظائف الخضراء والموارد الطبيعية وتقنيات الطاقة النظيفة والغذاء الأفضل وأمن المياه والطاقة. وبالتالى، فإننا نساهم فى تنفيذ المشاريع المتعلقة بنشر الطاقات المتجددة، وكفاءة الطاقة، أو منخفضة الكربون. ولا شك أن تعزيز وصول المرأة إلى الفرص الاقتصادية الجديدة هو أحد مفاتيح مكافحة التفاوتات والفروقات التى تعانين منها، كما يساهم أيضًا على العمل على إعادة هيكلة تحديات مدينة الغد ومكافحة تغير المناخ بشكل فعال.. إنسانيتنا بحاجة إلى هذا الكوكب، لذلك دعونا لا نضيع المزيد من الوقت ونواصل العمل معًا!.
معومات عن الكاتب: 
د. ميشال صبان.. الرئيسة الفخرية لمجموعة R20 ورئيس الصندوق الأخضر R20 Green Fund للنساء، الذى شاركت فى تأسيسه للعمل على كوكب الأرض فى مكافحة تغير المناخ وتنفيذ التنمية المستدامة، كما ترأست حتى ديسمبر 2015، الصندوق العالمى لتنمية المدن، وهو منظمة سياسية دولية لتعزيز التضامن والقدرات المالية، من قبل السلطات المحلية وفيما بينها.. تطرح هنا، التحديات التى تواجه المناطق صديقة البيئة والدور الفعال للنساء.