الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

أينما تكونوا تحرُسكم مصر| السيد: أهالي رام الله السودانية خاطروا بأنفسهم من أجلنا.. والسفير المصري لم يتأخر في المساعدة

محمود السيد الطالب
محمود السيد الطالب بكلية الطب البشري بجامعة المنهل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

"حين اندلعت الحرب في رمضان، كنت أعتقد أنها فترة قصيرة وستنتهي مثل المظاهرات التي عاصرتها من قبل في السودان؛ ولكن ساءت الأوضاع سريعًا وطال الدمار أغلب الخرطوم، بما فيها منطقة شرق النيل التي أقيم بها؛ وحاصرت قوات الدعم السريع سكني وبات الدخول والخروج مُحرمًا خوفًا من موت مُحقق". هكذا بدأ ابن مركز طهطا بسوهاج محمود السيد، الطالب بكلية الطب البشري بجامعة المنهل حديثه مع "البوابة نيوز" راويًا كواليس هروبه من حرب السودان حتى وصوله إلى معبر أرقين المصري الحدودي. 

يقول "السيد" اشتد وطيس الحرب وبدأت قوات الدعم السريع في مُواجهة قوية مع الجيش بالأسلحة الثقيلة والخفيفة؛ حتى أن كثافة الرصاص كانت تخترق الحوائط؛ وأصبحنا محبوسين مُحاصرين داخل غرف السكن مغلقين الأبواب والنوافذ؛ ومع شدة الاشتباكات كان النزول للدور الأرضي ضروريًا؛ خوفًا من انهيار المبنى الذي يضم 4 طوابق أغلبهم من الطلبة المصريين فوق رؤوسنا. 

ويضيف، عايشت النزاع العسكري الذي يواصل الليل بالنهار لمدة 7 أيام بحي النصر بمنطقة شرق النيل؛ وسط انقطاع تام لـ الكهرباء والمياه ونفاذ المواد الغذائية وفساد ما كان تم حفظه سابقًا في الثلاجة؛ فلا مأكل ولا مشرب، ونهاية الحياة تقترب كل يومٍ عن اليوم لآخر.

 أينما تكونوا تحرُسكم مصر

ومع وصول نحو 32 عربة مُصفة تابعة لقوات الدعم السريع في اليوم الرابع من الاشتباكات ازدادت الأوضاع سوءًا؛ واقتحمت قوات الدعم السريع مسكننا بالأسلحة؛ والذي يحتوي على (3 شقق بنات + شقة بنين) وسط تهديدات ونهب وسرقة للمتلكات الخاصة؛ ولكن حسن الحظ كان الاقتحام لـ الشقة التي يسكن فيها 7 طلاب من البنين. 

ارتفاع أسعار المواصلات لـ 5 أضعاف بسبب اختفاء البنزين 

 

اقتحام الشقة دفعنا لاتخاذ قرار الهروب واللجوء بعيدًا عن فوة الجحيم في شرق النيل؛ ولكن القرار كان صعبًا وخطرًا للغاية؛ وسط انعدام شبه تام للمواصلات وارتفاع أسعارها لـ 5 أضعاف بسبب اختفاء البنزين؛ ولكن كان أمامنا خيارين: الأول الذهاب لولاية الجزيرة خارج الخرطوم؛ والثاني اللجوء لمنازل أصدقائنا السودانيين في منطقة رام الله الريفية وهو ما وقع عليه الاختيار. لزيادة الأمان. 

رجل سوداني صاحب الفضل في فك الحصار.. وأهالي رام الله أكرمونا

دارت بيننا نحن الطلبة مُشاورات ومُناقشات بشأن طريقة الإنتقال والهروب، وتمكنا من إبرام اتفاق مع سيارة ميكروباص لتنقل نحو 32 طالب وطالبة مصريين على دفعتين لمنطقة رام الله الريفية؛ ولكن قوات الدعم المحاصرة للسكن رفضت خروجنا؛ لولا صاحب السكن ذلك الرجل السوداني الذي ظل يتفاوض لأكثر من ساعتين متواصلتين حتى تمكن من انقناعهم وأخيرًا سُمح لنا بالخروج. 

ترجلنا لمسافة ليست بالطويلة؛ واستقلينا الميكروباص متوجهين إلى رام الله؛ ولكن يبدو أن الحظ السيء يتعقبنا؛ فبعد تحرك الحافة بدقائق معدودة؛ نفذ الوقود وتعطلت السيارة على مقربة من معسكر للدعم السريع؛ ليبدأ تبادل النيران العشوائي مع قوات الجيش؛ فتواصلنا مع زملائنا السودانيين وكان لهم الفضل في سرعة إسعافنا وإنقاذنا من هلاك يلاحقنا من جديد. 

حرب في السودان 

اقرأ أيضًا: 

أينما تكونوا تحرُسكم مصر| نور سمير: الأشقاء في السودان ساعدونا للهروب.. والجيش حملنا لبر الأمان

السفير المصري في السودان لم يتأخر في المساعدة 

ساعات معدودة؛ ووصل 32 طالبًا وطالبة مصريين إلى رام الله السودانية؛ ليفتح أهالي القرية أذرعهم لنا بالترحاب مُوفرين لنا أماكن للإقامة والمأكل والمشرب مجانًا؛ وكانوا يُلبون لنا كل مُتطلباتنا.. بل وصل الأمر للمخاطرة بأنفسهم من أجلنا"؛ على مدار يومان كاملان مكثنا في رام الله حتى استقر الأمر على التحرك بـ"الباصات" نحو المعابر الحدودية المصرية السودانية؛ مؤكدين أنهم كانوا يتواصلون مُباشرًة مع السفير المصري بالسودان الذي لم يتأخر عن مساعدتهم؛ ولكن كانت الخطورة في وصولهم؛ فاجمعوا على السفر لـ معبر أرقين.

بعد معاناة كبيرة؛ تمكنا أخيرًا من الاتفاق مع ساق حافة لنقلنا لـ معبر أرقين الحدودي؛ ولكن سعر التذكرة التي كان يبلغ 20 ألف جنيه سودانًيا قبل الحرب وصل لـ 200 ألف جنيهً بسبب اختفاء البنزين؛ ولكن لا خيار آخر أمامنا؛ بدأنا التحرك صباح ثاني أيام عيد الفطر حتى وصلنا لموقف الأوتوبيس بمنطقة شندي بحري التابعة للخرطوم؛ ولحسن الحظ تمكن السائق من إنهاء إجراءات التحرك في نصف ساعة تقريبًا وبعد تحرك الباص لـ معبر أرقين بساعة علمنا باستهداف وحرق موقف الأوتوبيس بمنطقة شندي.

اقرأ أيضًا: 

أينما تكونوا تحرُسكم مصر| شاذلي: الخارجية طمأنتني.. وجيشنا أنقذ ابني من بركان حرب السودان

الهلال الأحمر المصري أوصلنا منازلنا مجانًا

ويكمل الطالب محمود سرد مسيرة النجاة من قلب نار السودان قائلًا: مكثنا 48 ساعة في الطريق حتى وصلنا إلى معبر أرقين السوداني أولًا؛ التحرك بالأتوبيس كان صباحًا فقط وإذا جاء الليل نبيت في الاستراحات على أن يكون التحرك فجرًا؛ إلى أن وصلنا إلى المعبر السوداني وهنا كانت المفاجأة عدم إلغاء رسوم عبور الخروج؛ وسدد 30 شخصًا الرسوم إلا أنا وزميل آخر فقد نفذت الأموال؛ ولكن الظابط السوداني عافانا من الرسوم المستحقة. 

دقائق معدودة؛ حتى وصلنا لمعبر أرقين المصري لنجد الهلال الأحمر المصري في استقبالنا على الرحب والسعة؛ فرحين بعودتنا؛ ثم تم إجراء الكشوف الطبية والإطمئنان على سلامتنا إلى جانب توزيع المياه والأطعمة المغلفة وأدوات النظافة الشخصية؛ وكان الإستقبال راقيًا؛ إلى جانب المساعدة في إيصال الأشخاص لمنازلهم وتوفير سبل النقل والمواصلات المجانية؛ أما إتمام أمور الجوازات في المعبر المصري فقد كان في غاية السهولة والسلاسة وكانت هناك سرعة كبيرة في إنهاء أختام العبور لأرض السلام والأمان.