الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

مصريات

"الأفروسنتريك واليهود" يقودان الحملة.. والمصريون يُدافعون عن حضارة الأجداد "ملف"

محاولات سرقة وتشويه تاريخ وادي النيل..

الملكة كليوباترا
الملكة كليوباترا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بلا جدال الحضارة المصرية القديمة أعظم وأعرق الحضارات خاصة لما قدمته للعالم من علوم أسهمت في تطوير البشرية، لذلك من الطبيعي أن تتكرر عبر التاريخ محاولات بائسة تنسب زورا حضارة بناة الأهرامات العظيمة إلى حضارات بشرية أخرى، وامتدت تلك المحاولات لنسج أكاذيب وخرافات عن كائنات فضائية شاركت في بناء الأهرامات المصرية. 

عظمة الحضارة المصرية جعلت الكثير في جميع أنحاء العالم يرغبون في الانتساب إلى تلك الحضارة، من خلال السطو على التاريخ المصري لصناعة تاريخ خاص بهم مزيف، أبرزهم اليهود وأنصار المركزية الأفريقية "الافروسنتريك"، وهم الأكثر مدعاة للقلق لتغلغلهم في الحقل البحثي الأكاديمي. 

الأفروسنتريك

الافروسنتريك، حركة عالمية يرجع أصلها إلى نهاية القرن الـ19، أسسها مثقفون أمريكيون من أصول أفريقية "الأفرو أمريكان"، لتسليط الضوء على دراسة التاريخ من وجهة نظر إفريقية، ومساهمات الثقافات الأفريقية في تاريخ العالم والدفاع عن حقوق السود، وهي قضية عادلة، لكن في العقود اللاحقة تبنت أفكارا مغالطة وانحرفت لتتخذ مسارا يعتدي على حضارات الآخرين، حيث اصبحت تحمل نموذجا فكريا شاذا لترسيخ نظرية تفترض أن الحضارة المصرية بناها الأفارقة السود، بل أن أولئك أنفسهم هم أصل الحضارات وأسسوا الحضارة الإغريقية ومنها الحضارات الأوروبية. 

كما يزعم أتباع تلك الحركة أن ملوك مصر القديمة الذين أسسوا حضاراتها قبل آلاف السنين هم الأفارقة السود وأن سكان مصر المعاصرين ليسوا من أحفاد المصريين القدماء بل هم جماعات غزاه أتوا إلى مصر.

واعتمد اتباع تلك النظرية على ترجمة خاطئة عن مصر القديمة، وهي أن كلمة "كيميت" اسم مصر باللغة المصرية القديمة، تعني "أرض السود"، وفسروها بأنها صيغت على أساس لون بشرة السكان، لكن علماء المصريات دحضوا تلك الترجمة، وقالوا إن الترجمة الصحيحة المتفق عليها بين علماء المصريات واللغة المصرية القديمة هي "الأرض السوداء"، والتي تشير إلى لون التربة السوداء التي ترسّبت بسبب الفيضانات السنوية للنيل وليس لون جلد سكان مصر القدماء.

ومع حلول الثمانينيات صاغ  "موليفي اسانتي" أبرز المختصين في الدراسات الأفريقية مصطلح "الأفروسنتريزم"، وأسمى المُنتمين إليه والمعتقدين فيه "أفروسينتريك"، ليعبر عن تيار المركزية الأفريقية، وأصبح لديها انتشار واسع بين الجاليات الأفريقية في الولايات المتحدة وأوروبا، فضلا عن الأقليات في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. 

ويعتقد الباحثون أن الأيديولوجية التي تقوم عليها تلك الأفكار الشاذة، ربما تكون قد انطلقت من الصراع أو الكراهية للمستعمر الأبيض، إذ يسعى تيار الأفروسنتريك منذ عقود للتغلغل في الأكاديمية الغربية بداعي الدفاع عن تاريخ السود الذي قمعه الرجل الأبيض. 

تؤكد دراسة منشورة على موقع المكتبة العلمية الإلكترونية الأفريقية، التي تدار من قبل أكاديمية العلوم في جنوب أفريقيا، أن  تجربة الاستعباد والعنصرية في المجتمع الأمريكي شجعت ظهور نظرية" المركزية الأفريقية". 

ومن وجهة نظر الأفروسنتريك ولإثبات ادعائهم أن مصر القديمة أمه سوداء، يركزون على تاريخ الأسر النوبية والكوشية في مصر القديمة "الأسرتين الـ25 و26" ، وينظمون من أجل ذلك زيارات ورحلات دراسية للآثار المصرية، فضلاً عن صناعة أفلام وثائقية وكارتون للأطفال، تدعو إلى نظريتهم وتدعمها، وفي هذا الصدد أكد عالم الآثار الدكتور زاهي حواس أن الأفارقة والكوش ليس لهم صلة إطلاقا ببناء الأهرامات من الناحية العلمية، فهم حكموا مصر في العصر المتأخر، أي بعد بناء الأهرامات بـ20 عاما. 

وسائل الترويج 

يعتمد مؤيدو الأفروسنتريك لترويج أفكارهم في العالم، على نشر مقالات تعتمد على تحريف المصادر العلمية وتزوير نتائجها لخدمة أهدافهم، إلى جانب توظيف السوشيال ميديا للترويج لأفكارهم عبر منشورات مغلوطة، كما يوجد العديد من المواقع عبر الإنترنت تتبنى أيديولوجية المركزية الأفريقية، ويُعد الفن والإعلام من أهم الأدوات الخطيرة التي يستغلها أعضاء ومناصرو المركزية الأفريقية لنشر أكاذيبهم وتحريف التاريخ.

مؤتمر أسوان 

نجح المصريون العام الماضي من خلال إطلاق حملات غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي في منع  إقامة مؤتمر عالمي بمحافظة أسوان تحت عنوان "العودة إلى الأصل"، يُشارك فيه أشخاص داعمون لحركة الأفروسنتريك، حيث ندد رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعقد هذا المؤتمر المشبوه وما به من متحدثين ومشاركين يصفون المصريين الحاليين بالمحتلين، وأن المصريين القدماء كان أصلهم أفارقة.

فيلم كليوباترا

حالة من الغضب انتابت المصريين بسبب إعلان منصة نتفليكس عرض فيلم وثائقي عن الملكة كليوباترا السابعة، فالفيلم الذي يرصد حياة إحدى أشهر الملكات المصرية تعمد أن يظهرها بملامح سيدة إفريقية سمراء البشرة، وهذا مخالف للحقيقة التاريخية للملكة المصرية التي هي من أصول مقدونية بيضاء البشرة.

ولا تتعلق حالة الغضب والاستياء بالعنصرية ولا بلون بشرة الممثلة، ولكن الاعتراضات قائمة من عدم الاستناد إلى الحقائق عند تناول الشخصيات التاريخية واستناد صناع الفيلم على نظرية الأفروسنتريك، خاصة وأن الفيلم مصنف بأنه وثائقيا وليس دراميا ولهذا يجب أن يتضمن أحداثا واقعية.

مشاهير الأفروسنتريك

ومن أشهر المؤمنين بتلك الحركة وأفكارها الناشط الحقوقي "مالكوم إكس" أبرز المدافعين عن حقوق الأمريكيين الأفارقة، حيث تبنى خطاب المركزية السوداء، وفي تسجيل منسوب لإكس قال فيه: "إن كل بقايا الحضارة الفرعونية التي صدمت الرجل الأبيض تعود حقا للرجل الأسود". 

كما يعد من أكثر مؤيدي المركزية الأفريقية العالم والمؤرخ السنغالي "شيخ انتا ديوب"  الذي كتب أكثر من 20 كتابا لدعم أفكار الأفروسنتريك، ومن أشهرهم كتاب "أصل الحضارة الأفريقية" أدعى فيه أن منطقة شمال إفريقيا كلها كان سكانها الأصليين من الزنوج، ولكن تمت إبادتهم على يد الأوروبيين في العصور الاستعمارية القديمة، واحتل العرب والأجناس الأخرى مواطن الزنوج بشمال أفريقيا. 

نجوم هوليوود

ومن أبرز مشاهير هوليوود الداعمين لفكر الأفروسنتريك الممثل الأمريكي كيفين هارت، والذي نجحت حملات التواصل الاجتماعي تحت عنوان "حضارتنا ليست للسرقة"، "غير مرحب بك في مصر"، في إلغاء حفله في مصر الذي كان مقرر له في 21 فبراير الماضي، بسبب تصريحات سابقة له حول ملوك مصر القدماء، حيث قام بإنتاج وتقديم مسلسل دوكيو دراما في 2019  عبر منصة "نتفليكس" حمل اسم "دليل كيفين هارت إلى التاريخ الأسود"، وعقب طرحه المسلسل قال كيفين هارت: "يجب أن نُعلّم أولادنا تاريخ الأفارقة السود الحقيقي عندما كانوا ملوكا في مصر، وليس فقط حقبة العبودية، التي يتم ترسيخها في التعليم في أمريكا". 

ويدعم أفكار الأفروسنتريك مجموعة كبيرة من الفنانين وعارضي أزياء ذوي أصول أفريقية منهم عارضة الأزياء ناعومي كامبل التي زارت مصر 2021 وزارت منطقة سقارة بالجيزة، وكتبت عبر حسابها على انستجرام احتفالا بشهر التاريخ الأسود: "تتمتع ثقافتنا أكثر من أي وقت مضى بالحق في معرفة أسلافنا، فهم يصفون السود في أمريكا بأنهم أمريكيون من أصل أفريقي، لكن هل يعلمونك عن هذه القارة الجميلة؟ يجب أن تكون إفريقيا إلزامية وأن يتم وضعها في مناهج التعليم، لقد تغيرت الأوقات، لا يمكننا كبح عقولنا؛ لذا يمكننا أن نتحد على نطاق عالمي للاحتفال بهذا التاريخ الأسود". 

وتعد المطربة الأمريكية الأفريقية "بيونسيه" كذلك من أشهر المنتمين لهذا التيار، والتي حرصت على زيارة الأهرامات في عام 2010 معلنة عن سعادتها بالتواجد في أرض أجدادها، وأصبحت تتخذ من هذا التيار عنوانا لأعمالها الفنية. 

ادعاءات اليهود 

حركة "الأفروسنتريك" ليست الوحيدة التي تحاول سرقة الحضارة المصرية العظيمة وتنسبها إليها، حيث ظلت مزاعم اليهود في أن أسلافهم هم من بنوا الأهرامات خلال فترة استعبادهم في مصر القديمة من أسوأ الادعاءات التي يتم ترويجها، وكان من أهم معتنقي تلك الادعاءات "مناحم بيجين" رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، الذي أجاب على سؤال صحفي حول سير مفاوضات السلام مع الجانب المصري، قائلا: "عانيت في المفاوضات كما عانى أجدادي في بناء الأهرامات"، وعندما أتى لزيارة مصر صرح بكونه يشعر بالزهو والفخر وسط الأهرامات التي بناها أجداده في إشارة إلى بني إسرائيل.

ورغم أن علماء الآثار عثروا على أدلة تدحض تلك المزاعم ومنها مدينة ومقابر العمال بناة الأهرام، في المنطقة الجنوبية الشرقية لهضبة الجيزة، وهو المكان الذي عاش ومات فيه العمال الذين اشتركوا في بناء المجموعات الهرمية لكل من خفرع "حوالي 2558- 2532 ق.م" ومنكاورع "حوالي 2532 - 2503 ق م"، بالإضافة إلى أقدم بقايا سكنية ترجع لعهد خوفو "حوالي 2589- 2566 ق م"، إلا أن الأعمال الأدبية والسينمائية الأمريكية "هوليوود" مازالت ترسخ تلك المعلومات الخاطئة. 

كما  كانت سرقة الآثار وتهريبها، إحدى الوسائل التي استخدمها الجانب الإسرائيلي لإثبات شرعية احتلال الأراضي العربية، ونسج تاريخ وهمي للدولة الجديدة، والأمثلة على ذلك لا حصر لها، فعقب حرب 1967م، واحتلال العدو الإسرائيلي جزء من أرض سيناء، تمت سرقة المئات من القطع الأثرية المصرية القديمة، وأشرف على ذلك موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت، وناضلت مصر 10 سنوات من أجل استرداد تلك الآثار، لأن إسرائيل حصلت عليها عبر تنقيب غير شرعي جرى خلال الاحتلال، وقاد العملية وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني ورئيس هيئة الآثار الأسبق أحمد قدري، وساعد الضغط المصري والدولي في نجاح الحملة، حتى صدر قرار تشكيل لجنة المفاوضات لاسترداد الآثار يوم 3 يناير 1993، وعلى رأسها عالم الآثار الدكتور عبد الحليم نور الدين، واستردت مصر آثارها  من إسرائيل في 4 دفعات، انتهت في ديسمبر 1994م. 

كائنات فضائية

تشكل الأهرامات التي بنيت قبل آلاف السنوات، لدفن الملوك المصريين بعد وفاتهم، لغزا حير وما يزال يحير العلماء، ولا ينفك الباحثون يبحثون عن سر بناء الأهرامات، وفي 2020 أثار رجل الأعمال والملياردير الأمريكي الشهير إيلون ماسك، مؤسس شركة تسلا، الجدل من خلال تغريدة نشرها على حسابه الرسمي في "تويتر" بشأن بناء الأهرامات، قائلا: "إن الأهرامات المصرية بناها كائنات فضائية جاءوا من أكوان أخرى"، ورغم تأكيد علماء المصريات أن  فرضيات بناء كائنات فضائية الأهرامات ليست حقيقية، والدليل على ذلك هو اكتشاف مقابر عمال بناة الأهرامات، إلى جانب بردية وادي جرف في محافظة السويس والتي تعد أهم اكتشافات القرن الـ21، والتي تكشف بالتفاصيل الكاملة طريقة بناء الهرم الأكبر خوفو، وأسماء عمال بناء الهرم، وتؤكد أن المصريين هم من بناة الأهرامات، إلا أن تلك الشائعات غير المنطقية تطول الحضارة المصرية باستمرار. 

أطلانتس المفقودة 

في عام 1882 نشر عضو الكونجرس الأمريكي عن ولاية مينيسوتا أجناتيوس لويولا دونيللي كتابا بعنوان "أطلانتس.. العالم القديم" يتناول فيه نظرية أن سكان قارة أطلانتس المفقودة، هم بناة الأهرامات، وتعتمد نظريته على أن سكان  أطلانتس بنوا مستعمرات في العالم كله، ومن المرجح أن يكون أقدمها هي الحضارة المصرية، كما استند إلى التشابه بين أهرامات أمريكا الوسطى والأهرامات المصرية، وأطلانتس وهي قارة وهمية لا يوجد اي دليل علمي على وجودها من الأساس. 

حرب الهوية 

مزاعم الأفروسنتريك واليهود وغيرهم هي حرب على الهوية المصرية بمفهوم مختلف مخطط منتظم سيزداد ضراوة مع الزمن طمعا في الحضارة المصرية العظيمة، مما يتطلب جهدًا منظمًا من جميع أطياف الشعب موجها للخارج والداخل لمواجهة ووقف تلك الأفكار الخبيثة التي تستهدف سرقة الحضارة المصرية القديمة وليس فقط سرقة آثارها.

وبالفعل شهدت الآونة الأخيرة صحوة ثقافية بين المصريين خاصة الشباب للدفاع عن قوميته ومواجهة الخرافات التي تتردد عن الحضارة المصرية القديمة بكل الطرق التكنولوجية الحديثة وبالاستعانة بالأدلة العلمية والأثرية إلى جانب نشرهم الوعي التاريخي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وصور أجدادهم بناة الحضارة المصرية العظيمة والفخر بإنجازاتهم في مختلف المجالات، فالحضارة المصرية رائدة في ابتكاراتها وعمائرها وفنونها ومازالت تبهر العالم حتى الآن. 

 

أبيض أمّ أسود؟ ماذا قالت الدراسات عن لون كليوباترا؟

خلال القرن الثامن عشر، أثناء الاكتشاف الأول للحضارة المصرية، نشأ نقاش حول بشرة المصريين القدماء. هل هم أقباط أم أثيوبيون؟، بعد أن سادت الحيرة بين ترجيح العالم الفرنسي العظيم جورج كوفييه أن المومياوات التي تم تشريحها أثبتت أنها "قوقازية". وبين ما تركه المؤرخ الأشهر هيرودوت، والذي وصف المصريين بأنهم "ذوو بشرة داكنة" و"ذوو شعر صوفي" وكانوا موجودين قبل فترة طويلة من وجود أجناس أخرى من حولهم.

أما المزاعم القائلة بأن الملكة المصرية الشهيرة "كليوباترا"، والتي حملت لقب "كليوباترا السابعة"، كانت سوداء البشرة تعود إلى الأربعينيات من القرن الماضي، وفي الواقع، تتكرر كل بضعة عقود، لكن لا يوجد دليل على مثل هذه الحجة.

لهذا، وقبيل الحديث عن الوثائقي الذي تستعد شبكة نتفلكس لطرحه مطع الشهر الجاري، والذي يتناول الملكة المصرية كليوباترا باعتبارها صاحبة بشرة سوداء، أشار موقع History Hippo، في موضوعه المنشور في 2022 حول ماهية بشرة المصريين، إلى أن هذا التساؤل "كان ذا أهمية حيوية للعديد من الحجج حول إلغاء العبودية في أمريكا"، لذلك، جادل القاضي الأمريكي جون كامبل بأن "مصر كانت دولة قوقازية".

وكانت عالمة نمساوية قد زعمت في عام 2009م أن والدة الملكة "ربما كانت سوداء البشرة"، بناءً على القياسات الهيكلية لمومياء يعتقد أنها أختها، ومع ذلك، فإن قياسات الهيكل العظمي هي مؤشر ضعيف على العرق. بل كان الدليل على أن الهيكل العظمي الذي استخدمته العالمة النمساوية للمقارنة - على وجه الخصوص - مرتبطا بكليوباترا، يرقى إلى الملاحظات القديمة والصور الفوتوغرافية التي لم تتم صيانتها بشكل جيد لموقع الحفر الأصلي.

ادعاءات المركزية الإفريقية

خلال القرن العشرين، حاول بعض الكتاب، مثل الشيخ أنتا ديوب - وهو العالم السنغالي الذي يعتبره البعض الأب الروحي لفكرة "المركزية الإفريقية" - الادعاء بأن حكام المصريين القدماء جاءوا من وسط إفريقيا. 

ويصف الموضوع آراء ديوب بأنها "منحازة بشكل علني من خلال محاولاته للترويج لوجهة نظر إفريقية مركزية، في محاولة للترويج إلى أن كل الثقافة نتجت مباشرة عن تلك التي تطورت في إفريقيا".

لكن ديوب تعرض لانتقادات عدة، لافتقاره إلى منهجية قوية، وتجاهل الدراسات اللغوية الحديثة، ما جعله يقع في "علم الآثار الزائفة"، حسب تعبير توماس جريجوري محرر الموضوع.

وفي عام 1974م عقدت منظمة اليونسكو ندوة بعنوان "حول سكان مصر القديمة وفك رموز الخط المرَّوي" لتحديد تاريخ المصريين القدماء، استغرق الأمر تقديمات من خبراء من جميع أنحاء العالم، بغض النظر عن استنتاجاتهم.

ورغم أنه لم يؤيد أي مشارك في هذه الندوة فكرة أن المصريين القدماء كانوا قوقازيين، لكن كان الرأي الأكثر شيوعا هو أن "المصريين القدماء كانوا من السكان الأصليين للمنطقة، مع مجموعة من الروابط مع بقية إفريقيا". 

"قواسم مشتركة" بين الماضي والحاضر

في عام 2017، أعلن باحثون من جامعة توبنجن، ومعهد ماكس بلانك لعلوم التاريخ البشري في جينا -كلاهما في ألمانيا - عن فك شفرة جينوم المصريين القدماء لأول مرة، حيث أشاروا إلى أن المصريون القدماء ونظرائهم الحديثون "يشتركون في قواسم مشتركة".

وخلصت الدراسة، التي نشرت نتائجها في Nature Communications، إلى أن البقايا المحفوظة والتي تم إجراء الدراسة عليها، وتعود إلى الفترة نفسها التي شهدت حكم الملكة كليوباترا وأسلافها؛ كانت أقرب الجينات لسكان العصر الحجري الحديث والعصر البرونزي، من الشرق الأدنى والأناضول وشرق البحر الأبيض المتوسط الأوروبي.

وقد أخذ العلماء 166 عينة عظام من 151 مومياء يعود تاريخها إلى حوالي 1400 قبل الميلاد، إلى 400 بعد الميلاد، واستخراج الحمض النووي من 90 فردًا ورسم خرائط الجينوم الكامل في ثلاث حالات.

وقد أوضح البروفيسور يوهانس كراوس، الأستاذ بمعهد ماكس بلانك، أن تحليل الحمض النووي السابق للمومياوات عولج بجرعة ضرورية من الشك، كما أن الحرارة والرطوبة العالية في المقابر، مقترنة ببعض المواد الكيميائية المستخدمة في التحنيط، تساهم جميعها في تدهور الحمض النووي.

لكن الورقة البحثية تصف النتائج التي توصلت إليها بأنها "أول مجموعة بيانات موثوقة تم الحصول عليها من المصريين القدماء".

وعند تحليل العينات التي تمتد على مدى ألف عام، بحث الباحثون عن الاختلافات الجينية مقارنة بالمصريين اليوم، ووجدوا أن مجموعة العينات "أظهرت ارتباطًا قويًا بمجموعة من السكان غير الأفارقة القدامى المتمركزين في شرق البحر الأبيض المتوسط"، حسب الورقة. وافترض كراوس أن شمال مصر القديم متشابهًا إلى حد كبير مع الشرق الأدنى، بينما وجد أن الجينات التي تمثل أفريقيا جنوب الصحراء لم تشكل أكثر من 8% فقط.

وغطت فترة الدراسة حكم الإسكندر الأكبر، وسلالة البطالمة وجزء من الحكم الروماني، وتتكهن الورقة العلمية بأن "الهياكل الاجتماعية الصارمة، والحوافز القانونية للزواج على أسس عرقية داخل هذه المجتمعات، ربما لعبت دورًا في الركود الجيني للمصريين"، أي احتفاظ الجينات بأصليتها، دون تغيير يأتي من عرق آخر. 

وأشار ولفجانج هاك، رئيس المجموعة في معهد ماكس بلانك، إلى أنه "لم تخضع العوامل الوراثية للعينة لأي تحولات كبيرة خلال الفترة الزمنية التي درسناها، والتي تبلغ 1300 عام".

تصنيف أمريكي

يلفت مقال History Hippo، إلى أن العلماء المعاصرون "يرفضون فكرة محاولة تصنيف العرق ولون البشرة بنفس الطريقة التي تحاول بها العقول السياسية في أمريكا التفرقة"، وفي الواقع، يتفق العلماء على أن تحديد لون الجلد أو العين من عمليات المسح أمر مستحيل، وأن عمليات إعادة البناء استندت إلى بشرة المصريين المعاصرين، المتأثرين بالتكاثر بين الأعراق في القرون القليلة الماضية.

وفي حوار منشور له عام 1990م، قال فرانك يوركو، عالم المصريات في متحف فيلد وجامعة شيكاجو ، في حديث لصحيفة واشنطن بوست: "عندما تتحدث عن مصر، ليس من الصواب الحديث عن الأسود أو الأبيض، كل ما في الأمر أن هذه مجرد مصطلحات أمريكية تخدم الأغراض الأمريكية."

بالفعل، في عام 2005، أظهر مسح التصوير المقطعي المحوري المحوسب CAT، وهو تقنية اشعاعيّة حديثة تهدف إلى إعطاء صورة مقطعيّة محوريّة لأنسجة الجسم المختلفة، أن جمجمة مواطن من شمال إفريقيا لديها "فتحة أنف ضيقة، وهي خاصية أوروبية".

وفي عام 2007م، قال الأثري الكبير الدكتور زاهي حواس لوسائل الإعلام العالمية، وكان آنذاك يشغل منصب رئيس المجلس الأعلى للآثار، إن الملك الذهبي توت عنخ آمون ليس أسود البشرة كما تكهّن البعض.

 

خُبراء مصريات يُفنّدون مزاعم "الافروسنتريك"

الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري، قال أن ظهور البطلة بهذه الهيئة يعد تزييفًا للتاريخ المصري ومغالطة تاريخية صارخة لاسيما أن الفيلم مصنف كفيلم وثائقي وليس عمل درامي، الأمر الذي يتعين على القائمين على صناعته ضرورة تحري الدقة والاستناد إلى الحقائق التاريخية والعلمية بما يضمن عدم تزييف تاريخ وحضارات الشعوب.

وأضاف مسؤول الأثار الثاني في مصر، أنه كان يجب الرجوع إلى متخصصي علم الآثار والانثروبولوجيا عند صناعة مثل هذه النوعية من الأفلام الوثائقية والتاريخية والتي سوف تظل شاهدة على حضارات وتاريخ الأمم، لافتا إلى أن هناك العديد من الآثار الخاصة بالملكة كليوباترا من تماثيل وتصوير على العملات المعدنية التي تؤكد الشكل والملامح الحقيقية لها، والتي جميعها تظهر الملامح الهلينستية "اليونانية" للملكة كليوباترا من حيث البشرة فاتحة اللون والأنف المسحوب والشفاه الرقيقة.

مؤكدًا أن حالة الرفض التي شهدها الفيلم قبل عرضه تأتي من منطلق الدفاع عن تاريخ الملكة "كليوباترا السابعة" والذي هو جزء هام وأصيل من تاريخ مصر القديم، وبعيدًا عن أي عنصرية عرقية، مؤكدًا على الاحترام الكامل للحضارات الإفريقية ولأشقائنا في القارة الإفريقية التي تجمعنا جميعا.

ناصر مكاوي رئيس قسم الآثار المصرية بكلية الآثار جامعة القاهرة، أوضح أن ظهور الملكة كليوباترا في هذا الفيلم بهذه الهيئة يتنافى مع أبسط الحقائق التاريخية وكتابات المؤرخين أمثال بلوتارخوس وديوكاسيوس والذين سجلوا أحداث التاريخ الروماني في مصر في عهد الملكة كليوباترا والذين أكدوا أنها كانت ذات بشرة فاتحة اللون وأنها ذات أصول مقدونية خالصة.

وأشار إلى أن الملكة "كليوباترا السابعة" تنحدر من أسرة مقدونية عَريقة حكمت مصر ما يقارب من 300 عام، أسسها الملك "بطليموس الأول" وهو أحد القادة المقدونيين بجيش "الأسكندر الأكبر" والذي آلت إليه ولاية مصر بعد بوفاة "الأسكندر" وأسس الأسرة البطلمية، وتزوج بطليموس الأول من الملكة "برنيكي الأولى" ذات الأصول المقدونية أيضًا، وأنجبا الملك "بطليموس الثاني" حيث استمر من بعده أبنائه وأحفاده الملوك في التزاوج من أخواتهم الإناث طبقًا لعادات هذا العصر، وصولًا للملكة "كليوباترا السابعة" وأخيها “بطليموس 14” محافظين على نقاء عرقهم المقدوني خلال كل هذه الفترة الزمنية.

كما أكدت سامية الميرغني مدير عام مركز البحوث وصيانة الأسبق، بالآثار بالمجلس الأعلى للآثار أن دراسات الانثروبولوجيا البيولوجية ودراسات الحامض النووي التي أُجريت على المومياوات والعظام البشرية المصرية القديمة أكدت أن المصريين لا يحملون ملامح أفارقة جنوب الصحراء سواء في شكل الجمجمة وعرض الوجنات والأنف واتساعه وتقدم الفك العلوي ولا في الشكل الظاهري للشعر ونسب أعضاء الجسد وطول القامة وتوزيع وكثافة شعر الجسد. وأن ما نراه من تنوع كبير بين ملامح المصريين يرجع لقدم إعمار هذه الأرض واستقرار سكانها وإذابتهم لكل غريب داخل بوتقتهم.

"جميع النقوش والتماثيل التي خلفها لنا قدماء المصريين على المعابد والمقابر صورت المصريين بملامح أقرب ما يكون بالمصريين المعاصرين من حيث لون العين والشعر والبشرة ودرجة نعومة وكثافة الشعر لدي الرجال والنساء"، هذا وصفت سامية الميرغني التكوين الجُسماني وملامح المصريين القدماء، مضيقة: "حتى لون الجلد ووجود نسبة من العيون الملونة وهي مصورة في بعض تماثيل الدولة القديمة وحتى حين تغيرت بعض تقنيات التحنيط في الأسرة 21 وبدأوا في طلاء جلد المومياء ليبدو كما في حياتها الأولى، قاموا بطلاء جلد الرجل باللون الطوبي وطلاء جلد المرأة باللون الأصفر الفاتح، الأمر الذي يؤكد أن ما تم رسمه وتأكيده على الجدران هو حقيقة سجلها المصري القديم عن نفسه.

كاثرينا مارتينيز رئيس بعثة الدومينيكان والعاملة بمعبد تابوزيريس ماجنا بغرب بمدينة الإسكندرية، ناقشت الأمر ذاته قائلة: "على الرغم من وجود أراء متضاربة حول عرقها – الملكة كليوباترا - إلا أنه من المؤكد أنها ولدت في مصر في عام 69 ق.م من أصل مقدوني، لافتة إلى أنه بالرجوع  إلى التماثيل والعملات التي خلفتها لنا الملكة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك على ملامحها الهيلينستية وهو ما يظهر جليا في التمثال النصفي المصنوع من الرخام والمحفوظ في متحف برلين من القرن الأول قبل الميلاد وتظهر فيه وهي ترتدي إكليلا ملكيًا وعينان لوزيتان والأنف مسحوب والشفاه رقيقه، بالإضافة إلى تمثال نصفي آخر محفوظ في الفاتيكان يظهرها بملامح ناعمة، ورأس من الرخام تظهر فيها وهي ترتدي غطاء الرأس، فضلا عن عدد من العملات التي تظهرها بنفس الهيئة الهيلنستية.

 

الملكة كليوباترا السابعة المصرية التي غيرت خريطة الحكم في العالم القديم

حكم البطالمة بدأ في مصر بعد عصر الإسكندر الأكبر المقدوني، وهو أحد ملوك مقدونيا الإغريق أو اليونانيين، وجاء للحكم خلفًا لوالده فيليپ الثاني المقدوني الملقب بالأعور عام 336 ق.م، وانطلق عام 334 ق.م في حملة على بلاد فارس، وتمكن من هزيمتهم وامتدت الأراضي الخاضعة للإسكندر من الغرب إلى الشرق، حتى وصل إلى نهر السند. 

توفي الإسكندر في مدينة بابل سنة 323 ق،م، وكان ضمن البلاد التي انتزعها الإسكندر من الفرس هي مصر والتي استقبله أهلها بالترحاب، لأنه احترمهم واحترم عقائدهم عكس الفرس، الذين أهانوهم وأهانوا عقيدتهم، وبعد أن مات الإسكندر تقسم إرثه بين قادته وكانت مصر من نصيب البطالمة، وهم عائلة من أصل مقدوني "يوناني" جاءت إلى مصر مع الإسكندر، وكان أول حكامها بطليموس الأول، ثم تتابع الحكام البطالمة حتى كان آخرهم الملكة كليوباترا السابعة فمن هي؟ 

وصولها إلى الحكم 

قبل وصول كليوباترا إلى الحكم كان الحكم البطلمي في مصر قد تدهور بشكل كبير، وكان أبيها هو بطليموس الثاني عشر الملقب بالزمار، والذي تولى الحكم عام 80 ق م، وتزوج من كليوباترا السادسة، وحدث في عهده أن اعتدت روما على مصر وضمت إليها جزيرة قبرص بعد أن كانت خاضعة لمصر، وذلك عام 58 ق م، وبسبب موقف بطليموس الزمار السلبي ثار أهالي الإسكندرية، واضطر إلى الفرار لروما، وظل هناك إلى عام 55 ق م، وازداد نفوذ الرومان على مصر وخصيصًا بعد ظهور يوليوس قيصر والذي كان زعيم حزب كبير في روما، وسعى لضم مصر للإمبراطورية الرومانية، وحاول بطليموس الثاني عشر "الزمار" أن يُثني يوليوس عن خطته ونجح في ذلك بعد أن دفع نصف دخل مصر كجزية ليوليوس قيصر، واعترف بعدها ببطليموس الثاني عشر كحاكم على مصر، ولم يلبث "الزمار" أن مات عام 51 ق م، وانتقل العرش إلى ابنه وابنته التي هي كليوباترا السابعة.

الطموح إلى السلطة 

وكانت كليوباترا وأخيها كل منهما يمتلك الطموح للحكم حسبما جاء في كتاب الدكتور حسين عبد البصير الحب والسلطة عند ملوك مصر القديمة، فوقع بينهما صراع شديد، ووجدت كليوباترا نفسها تحارب أخيها من ناحية وتحارب رجال القصر من ناحية أخرى، فاختفت كليوباترا من على الساحة حتى تسنح لها فرصة للعودة مرة أخرى. 

الصراع في روما كان على أشده بين يوليوس قيصر وبين بومبى، للسيطرة على روما، ونجح يوليوس قيصر في ذلك وهُزم بومبى وهرب إلى مصر لاجئًا عند أبناء بطليموس الزمار، ولكنه قتل في الإسكندرية، ثم وصل يوليوس قيصر إلى الإسكندرية، وتجول في المدينة وكأنه ملك عليها. 

كليوباترا ويوليوس قيصر 

علم يوليوس بالمشكلات بين كليوباترا وأخيها، فأرسل في طلبهما، وهنا لجأت كليوباترا لطريقة استعراضية لإبهار يوليوس قيصر، فأمرت خدمها بإحضار سجادة، والتفت بها، ثم حملوها ملفوفة ودخلوا على يوليوس ثم خرجت منها كأفروديت آلهة الحب والجمال عند الإغريق، وانبهر يوليوس قيصر بكليوباترا، وبعد أن نجحت في هزيمة أخيها بمساعدة قيصر أعلنها ملكة على مصر.

مساعدة قيصر لكليوباترا لم تمر هكذا، فقد كان ثمنها رحلة حب بين العاشقين في النيل لمدة ثلاثة أشهر عادت منها كليوباترا وهي تحمل طفلها من قيصر، فيما عاد يوليوس إلى روما، وأعلن كليوباترا السابعة ملكة على مصر، ثم أنجبت كليوباترا إبن يوليوس وأطلقت عليه اسمًا مميزًا وهو "قيصر"، فيما تندر المصريون على هذه الواقعة وأطلقوا على الطفل اسم "قيصرون".   

استطاعت كليوباترا أن تنهض بالبلاد، وسافرت إلى روما وقابلت قيصر، وقد أشعرها وكأنها ملكة على البلاد، وظلت في صحبة يوليوس قيصر لمدة عامين، ويبدو أنها خلبت لبه وأطارت صوابه حتى جاء ذلك وبالًا عليه، حيث صار عجوزًا متغطرسًا، حتى تآمر عليه كل رجال القصر لقتله وبالفعل تم اغتيال قيصر في اليناتو مقر الحكومة عام 44 ق م، واشترك في حادثة الاغتيال أقرب الناس إليه بروتس، وكانت صدمة كليوباترا باغتيال يوليوس كبيرة، وعادت إلى مصر، وقتلت أخيها بطليموس الرابع عشر، وأعلنت ابنها قيصر أو قيصرون شريكًا لها في الحكم. 

صراع روماني 

أما في روما فقد اندلع صراع شديد بين أنصار يوليوس قيصر بزعامة مارك أنتوني، وبين أعداء يوليوس قيصر، وانتهى الأمر بفوز أنتوني ثم ظهر أوكتافيوس ابن قيصر بالتبني، وكان مذكورًا في وصية يوليوس، وجرى صراع في البداية بين الطرفين حتى اتفقا على التحالف، واقتسموا الحكم فيما بينهم وكان نصيب مارك أنتوني الجزء الشرقي من الإمبراطورية، وكان ضمنها مصر التي على رأسها كليوباترا السابعة تنتظر. 

وأرسل أنتوني وهو عاشقًا قديمًا لكليوباترا، طالبًا لقاءها، ولم يكن الأمر صعبًا عليها، وفي وقت وجيز وقع تحت سيطرتها وتزوجها وأنجب منها 3 أبناء واعلنهم أبناؤه الشرعيون، بالمخالفة للقانون الروماني الذي لم يكن يسمح للملوك بالزواج من أجنبيات، وطلق أنتوني أخت أوكتافيوس، وأعلن كل الولايات الشرقية ملكًا لكليوباترا وعاصمتها الإسكندرية. 

وهنا ثارت ثائرة أوكتافيوس، وأعلن الحرب على نسيب وشريك وصديق الأمس الذي أصبح عدو اليوم، وبدأ في حملة تشهير كبيرة بأنتوني وبكليوباترا التي أطلق عليها لقب "العاهرة"، ونجح في الحصول على موافقة السيناتو بروما بالقيام بحملة عسكرية كبرى للقضاء على كليوباترا وأنتوني، وأقسم أن يحضر كليوباترا مقيدة بالسلاسل إلى روما. 

موقعة أكتيوم البحرية

والتقت الجيوش المصرية الرومانية من ناحية والرومانية أيضًا من ناحية أخرى في معركة شهيرة في التاريخ وهي موقعة أكتيوم البحرية، عام 31 ق م، وانطلق أسطولان لأنتوني وكليوباترا، ضد أسطول أوكتافيوس، وتفشت الملاريا بأسطول أنتوني، وكان أسطول أوكتافيوس أكثر قوة، وتبدت الهزيمة مبكرًا فانسحبت كليوباترا بأسطولها، وفر الجنود بأعداد كبيرة للغاية من جيش أنتوني. 

وفي بداية تلك المعركة حاول أنتوني إبعاد كليوباترا عنها، وأن يبقيها في مصر، ولكنها رفضت خشية أن يتفق أنتوني وأوكتافيوس، ولكن سارت الأمور على غير هواها، وهُزما في المعركة البحرية، وهي تلك المعركة التي كان سببها الأساسي الدعاية الكبيرة التي شنها أوكتافيوس ضد كليوباترا واصفًا إياها بالعاهرة، وضد أوكتافيوس الذي تزوجها وطلق أخته أوكتافيا وعزم على أن يُدفن في الإسكندرية.

المؤرخ بلوتارخ حمل كليوباترا خطأ قرار خوض المعركة البحرية، وأنها لو انصاعت لنصيحة أنتوني، وبقيت في مصر لكانت استطاعت مواجهة أوكتافيوس بريًا، وهي الحرب التي لم يكن ليتفوق فيها، ولكنها خافت اتفاق الطرفين كما ورد سابقًا، وزحف أوكتافيوس ناحية مصر، واستطاع دخولها، وحاولت كليوباترا أن تثنيه بشتى الطرق من أن يصطحبها مقيدة بالسلاسل إلى روما، وأصر أوكتافيوس على رأيه، فآثرت كليوباترا أن تنتحر بعد أن تركت الكوبرا تلدغها، وإن كانت تلك الرواية ينفيها البعض ويؤكدوا أن أوكتافيوس تمكن منها وقتلها. 

سقوط البطالمة 

بموت كليوباترا السابعة سواء منتحرة أو مقتولة سقطت دولة البطالمة ودخلت مصر في حظيرة الإمبراطورية الرومانية منذ عام 30 ق.م، وحتى رحلوا عنها عام 641م، وذلك بعد أن نجح العرب في دخول مصر وطرد الرومان البيزنطين في ذلك الوقت منها، ولم تحظ ملكة مصرية عبر التاريخ بما حظيت به كليوباترا من عشق وحب وهيام وأثرت في تاريخ العالم كله وليس في تاريخ مصر وحسب. 

200px-Meritamum13581_310x310 (1)
200px-Meritamum13581_310x310 (1)
20200615063814604
20200615063814604
FB_IMG_1682602206195
FB_IMG_1682602206195
FB_IMG_1682602226344
FB_IMG_1682602226344
FB_IMG_1682602330926
FB_IMG_1682602330926
WhatsApp Image 2023-04-27 at 2.51.35 PM
WhatsApp Image 2023-04-27 at 2.51.35 PM
WhatsApp Image 2023-04-27 at 2.51.38 PM
WhatsApp Image 2023-04-27 at 2.51.38 PM
WhatsApp Image 2023-04-27 at 2.51.39 PM
WhatsApp Image 2023-04-27 at 2.51.39 PM

download
download