خلال الفترة الماضية وتحديدًا الشهر الجاري، شهدنا بعض حوادث قتل الآباء أو الأمهات لأطفالهم لأسباب مختلفة في كل حادثة، إلا أن النتيجة واحدة ضحايا من ملائكة الرحمة الأبرياء، لا ذنب لهم في الصراعات الأسرية أو الأمراض النفسية أو تعاطي المخدرات.
لتبدأ العديد من التساؤلات حول مدى إدراك هؤلاء المجرمين بشاعة الجرائم التي يرتكبونها في حق أطفالهم ضحاياهم، والتحليل النفسي والاجتماعي لشخصية المتهمين، وهو ما يتم مناقشته خلال التقرير التالي، فضلًا عن رصد بعض الحوادث التي وقعت على مدار الشهرين الماضيين.
أم تقتل طفلها بالشرقية
تلقت النيابة العامة إخطارًا من الشرطة مساء أول أمس الخميس الموافق 27 شهر إبريل الجاري، مفاده قتل أم ابنها البالغ من العمر 5 سنوات عمدًا مع سبق الإصرار بفاقوس في الشرقية، وتقطيع جسده وإخفاؤها الأشلاء بمسكنها.
بادرت النيابة العامة بسرعة الانتقال لمسرح الجريمة لمعاينته، وبالتزامن مع ذلك قامت باستجواب المتهمة وسؤال الشاهد الذي اكتشف الواقعة وأبلغ الشرطة عنها، حيث شكلت النيابة العامة فريقين؛ انتقل أحدهما إلى مسرح الجريمة في رفقة الطبيب الشرعي وخبراء الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية بعد تمام التحفظ على مسرح الجريمة، حيث تمت معاينته بدقة على مدار ساعات متواصلة عثر خلالها على كافة أشلاء وأجزاء جسد المجني عليه، وعثر على سلاحي الجريمة وآثار لها بكافة أرجاء المسكن، وكذلك كشفت المعاينة عن الكيفية التي حاولت المتهمة بها إخفاء الأشلاء والعبث في هويتها، بينما اختص الفريق الآخر باستجواب المتهمة التي أقرت بتفصيلات ارتكابها الجريمة، وبواعثها وراء ارتكابها، وقصدها منها، وكيفية تخطيطها وتنفيذها هذا المخطط.
أمرت النيابة العامة بحبس امرأة متهمة بعدما توصلت التحقيقات حتى ساعته وتاريخه إلى الوصول إلى أدلة تؤكد ثبوت الواقعة وصحة إسنادها إلى المتهمة المحبوسة، وأجرت محاكاة لكيفية ارتكابها الجريمة بمسرح الواقعة، كما قام الفريق نفسه في الوقت ذاته بسؤال الشاهد الذي اكتشف الواقعة بعدما حاولت المتهمة إثناءه مرتين عن التواجد في مسرح الجريمة يوم اكتشافها، وسؤال أحد الذين على صلة بالمتهمة، حيث تم الوقوف منهما على معلومات تفيد في كشف الحقيقة، وبيان ملابسات ارتكاب الواقعة.
سلامة قواها العقلية والنفسية
لاحظت النيابة العامة ما تم تداوله بمواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية المختلفة من تكهنات وتأويلات كاذبة وغير صحيحة، إما عن كيفية ارتكاب الواقعة أو سببها أو الباعث من ورائها، بل استطالت دون سند جازم إلى إدعاء اختلال القوى العقلية للمتهمة أو صحتها النفسية كسبب لارتكابها للجريمة، وهو ما لم تسفر عنه التحقيقات حتى ساعته وتاريخه، بل توصلت إلى عكسه، حيث رجحت شواهد وأمارات عديدة سواء خلال إجراءات المعاينة، أو استجواب المتهمة، أو سؤال الشهود، رجحان سلامة قواها العقلية والنفسية، وهو الأمر الذي تسعى النيابة العامة إلى التحقق منه على نحو يقيني بإجراءات قانونية رسمية محددة.
كما لاحظت النيابة العامة تداول تأويلات منسوبة إلى إقرارات المتهمة في التحقيقات أو ملابسات مُدعى بتوصل التحقيقات إليها على نحو غير صحيح، ولا هدف ولا غرض منه سوى لفت الانتباه وتكثير سواد المتابعين، مما يؤثر في سلامة الأمن والسلم المجتمعي، ويؤثر في حسن سير التحقيقات. أب يقتل طفله في بولاق الدكرور
وفي الشهر الجاري، وقعت حادثة قتل أب لطفله، حيث لم يكتفي الأب بتعنيفه باللسان على بعض السلوكيات الخاطئة بل قام بضربه بشكل مبرح حتي فارق الحياة في بولاق الدكرور، حيث استقبلت أحدى المستشفيات الطفل «مهند» 11 عامًا فاقدًا للوعي، قبل أن يكشف الفحص المدني وفاته ووجود شبهة جنائية، علامات واضحة بجسد الصغير دفعت نقطة شرطة ملحقة بالمستشفى لإبلاغ قسم شرطة بولاق الدكرور بمديرية أمن الجيزة.
توصلت تحريات المباحث بقيادة العقيد محمد الصغير مفتش فرقة مباحث الغرب، إلى أن والد الطفل اعتدى عليه بالضرب مستخدما سلك كهرباء بدعوى تأديبه حتى فارق الحياة، تم إيداع الجثة ثلاجة المستشفى تحت تصرف النيابة العامة، وألقى ضباط المباحث القبض على الأب المتهم الذي نفى تعمده ارتكاب الواقعة.
سيدة تنهي حياة نجلها في المعصرة
أنهت سيدة حياة نجلها بمساعدة ابنها الأصغر طعنا بالسكين بمنطقة المعصرة؛ بسبب الخلافات الأسرية، حيث تلقى رجال مباحث قسم شرطة المعصرة بلاغا بمقتل شاب بدائرة القسم، وبالانتقال والفحص تبين مقتل شاب ثلاثيني بعدة طعنات على يد شقيقه الأصغر ووالدته، وعقب تقنين الإجراءات أمكن ضبط المتهمين، وجار مناقشتهما حول ملابسات الجريمة، جرى تحرير المحضر اللازم وتباشر الجهات المعنية التحقيقات.
أب يقتل طفلته بالإسكندرية
وفي شهر مارس الماضي بمحافظة الإسكندرية، قام أب بقتل ابنته البالغة من العمر 3 سنوات، بكتم أنفاسها بيده أمام مدرسة العمراوي في الإسكندرية.
وقال المتهم:«ايتن بنتي عيطت وأنا بكتم نفسها وقعدت ترفص وبصلتي وماتت وبعدها مسكت انا التليفون وكلمت أمها وأخويا وبلغتهم»، موضحًا أن أخيه الأصغر حضر وطلب منه الذهاب بها إلى المستشفى لإنقاذها إلا أنه رفض وأخذ الجثة وترك المكان، متابعًا: «ركبت ميكروباص وحطيتها على كتفي كأنها نايمة».
وتابع: «روحت منطقة الساعة وفضلت أتمشى لحد ما وصلت شارع الجلاء ودخلت عمارة عشان اسيبها فيها بس بعدها قولت اجيبلها عصير عشان كنت حاسس أن فيها نبض، فعلا حطيت لها عصير وحاولت اشربها بس كان بيقع من بوئها ومكنتش عارفة تشربه وقلت يمكن تكون مغمي عليها وبعد كده لفتها بالبطانية ودخلت بها عمارة في شارع ضلمة وبعدها بوستها وسيبتها على باب شقة في الدور الثاني تقريبا ومشيت».
كان قسم شرطة الرمل ثان تلقى بلاغًا من إدارة شرطة النجدة يفيد عثور الأهالي على جثة طفلة أمام شقة بعقار بشارع عزيز أنطوان بمنطقة السيوف شماعة بدائرة القسم، وانتقل ضباط وحدة مباحث القسم إلى موقع البلاغ، وتبين من الفحص أن العقار مكون من 6 طوابق، بكل طابق شقتين، ووجود جثة أمام الشقة رقم 3 بالطابق الثاني، لطفلة مجهولة، عمرها 3 سنوات، ملفوفة داخل البطانية ترتدي كامل ملابسها و"حفاضة" وحذاء أسود.
جرى تحديد شخصية الطفلة وتدعى "ايتن.ع.ف.ح.م" 3 سنوات، وأن المتهم والدها "ع.ف.ح" 29 عاما، عامل بمطعم، مقيم عزبة العماروة الكبرى، سبق اتهامه في عدد 7 قضايا سلاح أبيض ومخدرات أقراص مخدرة، آخرهم القضية رقم ١٥٤٢٢ لسنة ٢٠١٨ جنح ثان المنتزه التحرش بأنثى.
سلوكيات الفرد
ومن ناحيتها، تقول الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية بجامعة عين شمس، أن هناك مجموعة من العوامل التى تكون شخصية الفرد وتحدد سلوكياته، مثل تعرضه إلى المشاهد السينمائية والتليفزيونية التى تحتوى على عنف بشكل مستمر، بما يساهم في تنمية ظاهرة القتل فى المجتمع بشكل ملحوظ، موضحة أن العنف ينشأ من التربية سواء كان العنف البدني أو اللفظي، فضلًا عن إتباع العادات السيئة مثل التدخين أو الإدمان وغياب القدوة الحسنة.
التربية والنشأة
كما يوضح الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى وعلاج الإدمان، أن التربية والنشأة لهما دور هام جدًا في الأحداث الحالية، والبعد عن التهذيب والعقاب سواء فى البيوت أو المدارس فيجب تفعيل الدور الرقابى أولا، حيث إن الحلول الأمنية ليست هى الحلول الوحيدة، مضيفًا أن صفات المجتمع المصرى من المجتمعات «النهرية»، علمًا بأن المجتمعات «النهرية» تكون مسالمة ومحبة لبعضها بطبيعة الحال، على عكس المجتمعات الصحراوية والتى تميل إلى العنف والقتل وسبى النساء، لذا يمكن أن نعتبر ما حدث من جرائم بمثابة جرس إنذار لنا جميعا بأن القادم يمكن أن يكون أسوأ إذا لم نتدارك الأمر.