عانق البابا فرنسيس، المؤمنين في بودابست المعروفة بـ"لؤلؤة الدانوب" وذلك للمرة الثانية بعد أن كان زار المدينة في سبتمبر ٢٠٢١، وهو ثاني حبر أعظم تطأ قدماه المجر بعد البابا يوحنا بولس الثاني الذي زار البلاد مرتين عامي ١٩٩١ و١٩٩٦.
وقال المسئول الفاتيكاني الكاردينال بارولين لافتا إلى أن الزيارة جاءت إيفاءً بوعد قطعه البابا على المجريين لسنة ونصف السنة عندما احتفل بالقداس في بودابيست مختتما المؤتمر القرباني الدولي وكانت له في تلك المناسبة لقاءات مع السلطات والأساقفة ومع المسيحيين المنتمين إلى مختلف الكنائس ومع ممثلين عن الجالية اليهودية.
وأضاف ينوي أن يعطي استمرارية لزيارته السابقة لبودابيست، وسيعقد لقاءات مع مختلف الجماعات ومكونات المجتمع المجري، كالسلطات والكهنة والمكرسين والشمامسة والعاملين الرعويين، فضلا عن الشبان والنازحين الأوكرانيين. ولفت المسؤول الفاتيكاني إلى أن الزيارة ستقتصر على العاصمة نظراً للرغبة في أن تتركز اللقاءات فيها مع أكبر عدد ممكن من المكونات التي ستتوافد إلى المدينة، التي تحتفل هذا العام بالذكرى السنوية المائة والخمسين لتأسيسها.
رداً على سؤال عما إذا كانت الزيارة مرتبطة بالتطورات الراهنة اليوم في أوكرانيا، قال الكاردينال بارولين إنه تم التخطيط للزيارة الرسولية منذ زمن طويل، وبالتالي إن الأوضاع الراهنة اليوم بسبب الحرب الأوكرانية ليست من دوافع الزيارة. لكن مما لا شك فيه أن هذه المأساة الراهنة حاضرة دوما في قلب البابا فرنسيس الذي لن يوفر مناسبة من أجل الدعوة إلى تحقيق السلام. وتنبُّه البابا لما يجري سيشكل مصدر تشجيع للجميع على الالتزام لصالح السلام.
لم تخل كلمات أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان من الحديث عن حرص البابا على بناء جسور بين الأجيال وذكر بأن فرنسيس قرر في العام ٢٠٢١ أن يؤسس اليوم العالمي للأجداد والمسنين، الذي يُحتفل به في الأحد الرابع من تموز يوليو من كل عام. وأشار في هذا السياق إلى أن مواقف البابا تتلاءم مع مواقف رئيسة المجر التي تولي اهتماماً كبيراً بالعائلة وهذا ما تبين بوضوح خلال الزيارة التي قامت بها إلى الفاتيكان. واعتبر نيافته أن التعايش المتناغم بين أفراد الأسرة يولد نتائج إيجابية تتخطى حدود العائلة، ويساهم بالتالي في بناء مجتمعات مسالمة. وتمنى أن تؤدي الجسور التي تُبنى بين الأجيال إلى تشييد جسور مماثلة بين الأمم.
بعدها تطرق الكاردينال بارولين إلى مسألة النازحين وذكّر بأن أوروبا تشهد أكبر أزمة نزوح منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، إذ عبر أكثر من ثمانية ملايين نازح أوكراني حدود الاتحاد الأوروبي، لافتا إلى أن المجر التزم في إبقاء حدوده مفتوحة أمام هؤلاء النازحين. وأوضح أن الكنيسة الكاثوليكية في المجر، من خلال هيئة كاريتاس وبدعم من الحكومة، بذلت كل جهد ممكن للاعتناء بهؤلاء الأشخاص أثناء عبورهم الأراضي المجرية، ما حال دون وقوع النساء والأطفال في شباك المتاجرين بالبشر.
فيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية قال نيافته إن الكنيسة تخشى على مصير العديد من المهاجرين غير الشرعيين الذين يسلكون ما يُعرف بالمسار البلقاني، مشيرا إلى أن هؤلاء الأشخاص يستأهلون كل احترام ولا بد أن يعاملوا ككائنات بشرية، وهذا الأمر لا ينطبق على المجر وحسب إنما يعني أيضا بلداناً أوروبية أخرى تواجه موجات من النزوح.
في ختام حديثه لموقعنا الإلكتروني عبر الكاردينال بارولين عن أمنيته بأن تحقق زيارة البابا الرسولية إلى المجر الأهداف المرجوة، موضحا أن البابا يريد أن يثبت الأخوة في الإيمان، وأن يواسيهم ويشجعهم ويعيد إطلاق جمال إعلان البشارة، وهذا ما يدل إليه شعار الزيارة "المسيح مستقبلنا". كما أن الزيارة ستشكل مناسبة لمعانقة هذا الشعب العزيز على قلب البابا مذ أن تعرف على الراهبات المجريات في الأرجيتين. وذكّر نيافته في الختام بما قاله البابا فرنسيس يوم الأحد بعد تلاوة صلاة "افرحي يا ملكة السماء" متحدثا عن زيارته لأوروبا الوسطى التي تعاني من رياح الحرب ومن قضايا إنسانية ملحة.