قالت الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة اليوم الجمعة إن السودان يشهد حركة نزوح هائلة حيث يفر المدنيون الذين يعانون من العواقب الوخيمة للعنف الدائر بحثاً عن الأمان، فيما اضطرت العديد من عمليات الإغاثة إلى التوقف.
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن عشرات الآلاف من اللاجئين من جنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا، الذين كانوا يعيشون في السودان، فروا من القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في منطقة الخرطوم.
ووجد هؤلاء النازحون الجدد مأوى لهم في مخيمات اللاجئين الموجودة شرقاً وجنوباً، مما خلق تحديات إنسانية جديدة.
وعبرت المفوضية عن قلقها بشكل خاص إزاء الوضع في منطقة دارفور، حيث تتفاقم المخاوف من تجدد التوترات العرقية.
وقال ممثل المفوضية في السودان، أكسل بيسكوب، إن دارفور قد تمثل "التحدي الأكبر" من الناحية الإنسانية.
وأضاف: "نحن قلقون من أن العنف القبلي سوف يزداد، واحتمال تكرار بعض المواقف التي رأيناها قبل بضعة أعوام، في منطقة شهدت بالفعل نزوحاً كبيراً واشتباكات".
وشددت المفوضية على أن هناك "عدداً لا يحصى من قضايا الحماية الملحة" في دارفور، مشيرة إلى أن عدداً من المواقع التي تستضيف النازحين داخلياً تم إحراقها بالكامل، بينما تعرضت منازل المدنيين والمنشآت الإنسانية لإطلاق الرصاص.
من جهتها حذرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان من أن تصاعد العنف في غرب دارفور يشكل "خطراً حقيقياً"، حيث أدت الأعمال العدائية بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية إلى أعمال عنف قبلية.
وقالت المتحدثة باسم مفوضية حقوق الإنسان رافينا شمداساني إنه تم الإبلاغ عن "اشتباكات عرقية مميتة" في الجنينة بغرب دارفور مما أدى إلى مقتل نحو 96 شخصاً منذ 24 أبريل الجارى.
ووفقاً لأحدث الإحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة السودانية، ارتفع العدد الإجمالي للقتلى جراء النزاع إلى 512 شخصاً على الأقل، علماً بأن هذه التقديرات قد تكون متحفظة للغاية بحسب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
وقالت شمداساني إنه في حين أن وقف إطلاق النار الهش أدى إلى تهدئة القتال في بعض المناطق، مما سمح للبعض بالفرار من منازلهم بحثاً عن الأمان، إلا أن انتهاكات حقوق الإنسان ضد النازحين منتشرة، بما في ذلك الابتزاز.
وكشف بيسكوب إن السودان يستضيف أكثر من مليون لاجئ، ولا سيما من جنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا.
كانت قد تلقت مفوضية اللاجئين تقارير عن فرار حوالي 33 ألف لاجئ من الخرطوم إلى مخيمات اللاجئين في ولاية النيل الأبيض، وألفين آخرين إلى المخيمات في القضارف وخمسة آلاف شخص إلى كسلا، منذ بداية الأزمة قبل أسبوعين.
كما فر آلاف الأشخاص من البلاد، بما في ذلك العديد من المواطنين السودانيين النازحين داخلياً واللاجئين الذين يعيشون في السودان.
وقال المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ماثيو سالتمارش إن الوكالة الأممية سجلت في تشاد حوالي خمسة آلاف شخص وصلوا حتى الآن بالتعاون مع الحكومة، وأن ما لا يقل عن 20 ألف شخص عبروا الحدود.
كما عبر حوالي عشرة آلاف شخص إلى جنوب السودان، فيما لا يُعرف عدد الوافدين إلى مصر وجمهورية أفريقيا الوسطى وإثيوبيا، نظراً للسرعة التي يتطور بها الوضع .
واكدت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إن الوضع الأمني أجبرها على وقف معظم عملياتها الإنسانية في الخرطوم ودارفور وشمال كردفان بشكل مؤقت، حيث أصبح العمل "خطيراً للغاية".
وحذرت من أنه "من المرجح أن يؤدي تعليق بعض البرامج الإنسانية إلى تفاقم مخاطر الحماية التي يواجهها أولئك الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة".
وقال بيسكوب إن المفوضية تعمل عن كثب مع برنامج الأغذية العالمي لتحديد كيفية توزيع الغذاء الموجود بالفعل في البلاد.
وقالت بريندا كاريوكي، مسؤولة الاتصالات الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي في شرق أفريقيا، إنه في خضم الأزمة، يمكن أن ينزلق ملايين آخرون في جميع أنحاء المنطقة في هوة الجوع.
وقالت الوكالة الأممية إن التهديدات الأمنية للعمليات الإنسانية في السودان، فضلاً عن نهب إمدادات برنامج الأغذية العالمي من المستودعات وسرقة المركبات المستخدمة لنقل المساعدات، تحرم الفئات الأكثر ضعفاً من المساعدة التي هم بأمس الحاجة إليها.
واوضحت انه حتى قبل بدء الاشتباكات، كان حوالي ثلث سكان البلاد، أو ما يقرب من 15.8 مليون شخص، بحاجة بالفعل إلى المساعدات الإنسانية. ولا تزال خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية للسودان لعام 2023، والتي تبلغ قيمتها الإجمالية 1.7 مليار دولار، ممولة بنسبة 13.5 في المائة فقط.
وأفادت منظمة الصحة العالمية بأن أكثر من 60 في المائة من المرافق الصحية في الخرطوم مغلقة وأن 16 في المائة فقط تعمل كالمعتاد.
وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية كريستيان ليندماير لوسائل الإعلام في جنيف إن المنظمة تحققت من 25 هجوماً على الرعاية الصحية منذ بدء القتال، مما أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص وإصابة 18 آخرين.
كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) قد حذرت في وقت سابق من أن العنف المستمر قد أدى إلى تعطيل "الرعاية الحرجة المنقذة للحياة" لحوالي 50 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد