الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

متى يصبح تعدد الزوجات واجبًا؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

11 مليون مصرية عانس، و3 ملايين مطلقة، وفق آخر إحصائيات معلنة في مصر؛ ألا تحتاج كل تلك الأعداد الضخمة لمساعدتها لاستكمال مسيرتها الحياتية؟ فالزواج هو الوسيلة المثلى لبناء مجتمع مستقر وتكوين الأسرة التي هي أساس المجتمع، وبقدر ما تكون مترابطة قوية مثالية بقدر ما يكون المجتمع قويًا مثاليًا مترابطًا. 

ويشبع الزواج الحاجات النفسية والجسدية للأفراد ويقمع الانحراف والهمجية، ويحقق الحياة الوادعة، ويوفر الهدوء والاستقرار، كما يقضي على مشكلة العنوسة التي تشغل بال ملايين الأسر المصرية، وتحزن الآباء والأمهات قبل البنات وتسبب الكوارث، والمشكلة تكمن في تأخر سن زواج بعض الفتيات وتخطي ٣٠ عامًا لأسباب عديدة اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية معلومة للكافة؛ ويترتب عليها آثارًا خطيرة على الأفراد والأسر والمجتمع.

وبداية الخليقة جعل الله تعالي لآدم علية السلام زوجة واحدة، ويقال: كان في جعل زوجة واحدة لآدم عليه السلام مصلحة، تفوت إذا تزوج بأكثر من واحدة، وقد أشار إليها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)، فجعل الله تعالى لآدم زوجة واحدة ليكون البشر كلهم من أصل واحد (أبًا وأمًا)، فيعطف بعضهم على بعض، ولا تشتد بينهم العداوة والنفرة.

وتعدد الزوجات ظاهرة عرفتها البشرية منذ أقدم العصور ويروي أن فرعون موسي كانت له عدة زوجات منهن السيدة (آسيا) وكانت ابنة عمه، وتزوج أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام من السيدة هاجر وأنجبت له سيدنا إسماعيل عليه السلام وتزوج من  (سارة )، ورزق منها بسيدنا (إسحاق) عليه السلام، وجمع نبي الله يعقوب بين أختين - ابنتي خاله لأبان - هما (ليا) و(راحيل ) وجارتين لهما، فكانت له أربع حلائل في وقت واحد، ووصلت زوجات وجواري سيدنا داود عليه السلام ١٠٠  زوجة.

الشريعة الإسلامية 

حثت الشريعة الإسلامية على التعدد وهو الحل الناجح لعلاج ظاهرة العنوسة، وكذا ظاهرة المطلقات والأرامل، والتي انتشرت في مصر وقد امتد ضررها واستطال شرها وعم خطرها على المجتمع وعلى الأخلاق؛ قال تعالى: (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا" (النساء).

شروط التعدد

يُشترط في التعدد شرطان، الشرط الأول هو العدل، فالزوج مأمور بالعدل في القسم فيما بين النساء؛ لقوله جل جلاله: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾ [النساء: 3]

معنى الآية: فإن خفتم ألا تعدلوا في القسم بين الزوجات والتسوية في حقوق النكاح كالنفقة، والكسوة، والسكنى، وحُسن العشرة، وهو فرض فاكتفوا بواحدة، أما العدل في المحبة فلا يطالب به الزوجُ؛ لأن الله سبحانه وتعالى لم يكلف أحدا صرف قلبه عن ذلك، لما فيه من المشقة، لذلك قال تعالى: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ﴾ [النساء:، أي العدل في ميل النفس، والحب والمودة؛ لأن ذلك مما لا يملكه الرجل ولا هو في قدرته؛ ولهذا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ، ويجد نفسَه أميل إلى عائشةَ رضي الله عنها في الحبِّ، وَيَقُولُ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي، فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي، فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا أَمْلِكُ»، يعني قلبَه.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ». والميل هو الجور في الحقوق كالنفقة، والكسوة، والسكنى، أما مجرد الميل القلبي؛ فإنه من العدل الذي لا يستطاع.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرجت عليها القُرعة خرج بها، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ»، وفي لفظ للبخاريِّ: «وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا»، وقد أجمعت الأمة على وجوب القسم بين الزوجات.

وليس على الزوج المساواة بين زوجاته في النفقة والكسوة، وإنما يعطي كلَّ واحدة ما يصلح لمثلها؛ فقد تكون إحداهن ذات منصب وقدر، فلها أن تطلبه بما يجب لمثلها، وليس عليه أن يلحق الدَّنية بها.

يتضح مما سبق أن القسْم نوعان:

أحدهما: قسم مادي: هو أن يعطي كل امرأة ما يليق بها من المأكل والمشرب والملبس والمسكن والنفقة، ولا يشترط فيه التسوية.

الثاني: قسم في المبيت: هو أن يبيت عند كل واحدة ليلة، ولا يشترط الجماع، ولا يجوز الدخول على امرأة في غير يومها إلا بإذن الأخرى.

وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا تَزَوَّجَها، أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، فَلمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَخَذَتْ بِثَوْبِهِ، فَقَالَ: «إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ، وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي، وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ، ثُمَّ دُرْتُ»، قَالَتْ: ثَلِّثْ.

هذا الحديث فيه العدل بين الزوجات، وقد اختارت الثلاث؛ ليقرب عوده إليها؛ فإنه يطوف عليهن ليلة ليلة، ثم يأتيها، ولو أخذت سبعا طاف بعد ذلك عليهن سبعا سبعا فطالت غيبته عنها.

أما الشرط الثاني فهو القدرة على النفقة، فإذا قدر الرجل بماله، وبنيته على نكاح أربع فليفعل، وإذا لم يحتمل ماله ولا بنيته ذلك فليقتصر على ما يقدر عليه، ومعلوم أن كل من كانت عنده واحدة أنه إن أعطاها رضيت، وإن لم يعطها هان ذلك عليها، بخلاف أن تكون عنده أخرى؛ فإنه إذا أمسك عنها اعتقدت أنه يعطي للأخرى، فيقع النزاع، وتذهب الألفة.

لذلك قال الله جل جلاله: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور: 33]، أي بالقدرة على النكاح، أو بالرغبة عنه، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 233].

وقال تبارك وتعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ﴾ [الطلاق: 6].

وجه الدلالة: أن النفقة تجب للزوجة على الزوج، والمعنى: أسكنوهن من حيث سكنتم، وأنفقوا عليهن حسب سعتكم، وقدرتكم.

ومن الأدلة التي تفيد اشتراط القدرة على النفقة للتعدد:

عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ».

قيل: المراد بالباءة الجماع، وتقديره: من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤن النكاح فليتزوج، ومن لم يستطع الجماع؛ لعجزه عن مؤنه فعليه بالصوم؛ ليدفع شهوته ويقطع شر منيه كما يقطعه الوجاء.

وقيل: المراد بالباءة مؤن النكاح، وتقديره: من استطاع منكم مؤن النكاح فليتزوج ومن لم يستطعها فليصم؛ ليدفع شهوته.

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ: «فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ».

وجه الدلالة: فيه وجوب نفقة الزوجة وكسوتها وذلك ثابت بالإجماع.

عَنْ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: «أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، أَوِ اكْتَسَبْتَ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ»، وفي حالة تحقق العدل في القسمة والقدرة والاستطاعة على النفقة، والكسوة، والمعاشرة وجب تعدد الزوجات. 

والأخذ بمبدأ (تعدد الزوجات) يعد متنفسا شرعيًا عظيم الفائدة.

روي الإمام البخاري رضي الله عنه - بإسنادة أن غيلان الثقفي أسلم وتحتة عشرة نسوة، فقال له النبي محمد صلي الله عليه وسلم: اختر منهن أربعًا واترك.

معاناة العوانس

الفتاة العانس تصاب بالعديد من الآلام النفسية، فتشعر بالحزن والاكتئاب، والنفور من الناس خشية السخرية والتلميح الجارح. وقد تكون العزلة والانطوائية أو تفضيل   مصاحبة من هم في مثل وضعها على المشاركة العامة في المجتمع مثل انعزالهم عن حضور الافراح والحفلات، وقد يترتب عليه العديد من الآلآم العضوية، والأخطر أن الفتاه قد تنحرف عن الطريق السليم التماسا للسكن والعاطفة في حالة غياب الوازع الديني.

وخطورة العنوسة على الأسرة كاملة، فتحدث آثارًا نفسية سيئة على كل أفراد أسرة فيها، عانس، حيث يشعر أفرادها بالهم والغم، بل الخزي والعار في بعض مناطق الريف وخاصة في الصعيد وبعض المناطق الشعبية والخوف من نظرات الناس وتفسيرها بغير معناها واعتبارها نوعا من الاتهام لهم بتقصير. وبتالي تأثير ذلك على علاقاتهم الاجتماعية.

وتظهر خطورة العنوسة على المجتمع بسبب ارتفاع أعداد العوانس الذي يؤدي إلى التفكك والتحلل في المجتمع، وتنشر الأحقاد والضغائن بين أفراد المجتمع كم تنبت وترعرع بعض عادات الجاهلية، كالسحر والدجل والشعوذة، ظنا من البعض أن هذا سيجلب من يتزوج بناتهم.

السلوك الإجرامي

 العانس قد تقبل الصور المنحرفة والمشبوهة للعلاقات الإنسانية للتعويض عن المفقود، ومنها اللجوء إلى الشذوذ وتناول المسكرات والمخدرات، وفي الخمس سنوات الأخيرة شهدت مصر عدة حوادث انتحار؛ وبات جليًا ضرورة تشجيع من يستطيع العدل ومقتدر جسديا وماليا تعدد الزوجات لدورات تثقيفية دينية للتذكرة والتوعية والإرشاد.

وأرى لزوم توجيه الشيخ الدكتور أحمد الطيب مؤسسة الأزهر الشريف والتي تعد محل ثقة للمصريين والعالم الإسلامي أجمع دعوة للمجتمع المدني لدفع جزء من أموال الزكاة لصندوق تشرف عليه يخصص لدعم ومساعدة الشباب والفتيات التي تخطت أعمارهن ٣٠ عامًا لإكمال نصف دينهن بالزواج لصلاح الفرد عماد المجتمع والحفاظ على ثوابت الدين والدولة.

وأرى أيضًا حث فضيلة شيخ الأزهر كل قادر من المسلمين على التعدد لإحصان الفتيات خاصة من العوانس والمطلقات والأرامل لتحقيق الاستقرار في المجتمع وحفظ ملايين الفتيات والأسر من الضياع، وأرى هذا الحث هو عين إباحة الله التعدد للمسلمين حتى لا تنتشر بيننا ظواهر العنوسة ومشاكل المطلقات والأرامل، ونحصن فتيات المجتمع بالإعفاف والستر.