"من تأمَّل ما سطرناه وما ذُكِر من التصدي لتراجم الأئمة الأعلام، علِم أنهم كانوا — مع رسوخ قدمِهم في العلوم الشرعية والأحكام الدينية — لهم اطِّلاعٌ عظيم على غيرها من العلوم، وإحاطة تامة بكلياتها وجزئياتها حتى في كُتُب المخالفين في العقائد والفروع، ثم هم مع ذلك ما خلوا في تثقيف ألسنتهم وترقيق طباعهم من رقائق الأشعار ولطائف المحاضرات.
وفيما انتهى إليه الحال في زمن وقعنا فيه عُلِم أن نسبتنا إليهم كنسبة عامة زمانهم، فإن قُصارى أمرنا النقلُ عنهم بدون أن نخترع شيئًا من عند أنفسنا، وليتنا وصلْنا إلى هذه المرتبة، بل اقتصرنا على النظر في كُتب محصورة ألَّفها المتأخرون والمستمدون من كلامهم نُكرِّرها طول العمر، ولا تطمح نفوسُنا إلى النظر في غيرها حتى كأن العلم انحصر في هذه الكتب، فلزم من ذلك أنه إذا ورد علينا سؤالٌ من غوامض علم الكلام تخلَّصْنا منه بأن هذا كلام الفلاسفة ولا ننظر فيه، أو مسألة أصولية قلنا لم نرها في «جمع الجوامع» فلا أصل لها، أو نكتة أدبية قلنا هذا من علوم أهل البطالة، وهكذا فصار العذر أقبح من الذنب … وهذه نفثة مصدور."، هكذا اعترض الشيخ حسن العطار على علماء عصره، وهكذا وضع أقدامه وأقدام من تبعوه على طريق التجديد ودرب العلم فكان بحق شيخ المجددين ورائدهم.
حسن العطار رائد النهضة المصرية الحديثة، وتتلمذ على يديه الكثيرون من بينهم "رفاعة الطهطاوي"، وكان أديبًا وشاعرًا ورحالة زار تركيا وفلسطين وجاب بلاد الشام وخالط ضباط الحملة الفرنسية وعلمائها ودرّس اللغة العربية لهم، وتعلم حب المعرفة وضرورة التجديد.
ويتذكر رفاعة الطهطاوي، دومًا ما كرره عليه أستاذه العطار "إن بلادنا لا بد أن تتغير أحوالها، ويتجدد بها من المعارف ما ليس فيها".
هو حسن بن محمد بن محمود العطار المولود ١٧٦٦م - ١٨٣٥م بالقاهرة، وهو أول شيخ يتولى مشيخة الأزهر من أصل غير مصري حيث كان مغربي الأصل وتوفى يوم ٢٢ مارس سنة ١٨٣٥م ١٢٥٠ هـ) وهو السادس عشر من شيوخ الجامع الأزهر على المذهب الشافعي وعلى عقيدة أهل السنة
البدايات المدهشة
كان أبوه الشيخ "علي محمد العطار" فقيرا يعمل عطارًا، من أصل مغربي وكان له إلمام بالعلم، وكان حسن يساعد والده في دكانه، ولما رأى منه الوالد حبًا للعلم، وإقبالًا على التعلم شجعه على ذلك، فأخذ حسن يتردد على حلقات العلم بالأزهر الشريف ودرس علوم الأزهر المقررة حينئذ مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والتصوف، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، وأيضًا درس علوم المنطق، والوضع والميقات، على أيدي كبار علماء عصره واستمر في تحصيله للعلم الشرعي واهتم بغرائب الفنون والتقاط فوائدها كالطب والفلك والرياضة.
وكان حريصًا على قراءة ودراسة أمهات الكتب العربية، فهو لم يحصّل علمه من الحواشي والشروح فقط، وإنما رجع إلى المصادر الأصلية يدرسها ويتعلم منها، ويدعو إلى تواصل خلاق معها ليحدث التواصل الحضاري الحقيقي الذي كان ينشده، ويمكن إرجاع جانب الأصالة الفكرية والنزوع إلى إعمال العقل عند العطار -بالإضافة إلى ملكاته الخاصة وما استفاده من بعض شيوخه ونقده للجو الثقافي في عصره- إلى اشتغاله بالتجارة في فترة تكوينه بما تضفيه التجارة على المشتغل بها من ضرورة اليقظة واستخدام عقله وربط الأمور المختلفة ببعضها.
لم يكتف العطار بالكتب العربية، وكان يجيد اللغات كالتركية والفرنسية والألبانية، واتجه إلى الكتب التي ترجمت في أوائل عصر النهضة في القرن التاسع عشر، فقرأها وأفاد منها، وجمع بها بين ثقافتي الشرق والغرب وكانت علاقته بعلماء الحملة الفرنسية قد أطلعته على أحدث ما وصلت إليه العلوم المدنية.
وكان شاعرًا، ومؤلفًا للكتب، ومحققًا للمخطوطات، كتب الشعر التعليمي والموشحات وشعر الوصف والرثاء والمدح والهجاء بل وشعر الغزل أيضًا.
وتميز أسلوبه بالدقة والاستطراد من أجل الإحاطة بكل جوانب الموضوع، وإعمال فكره الخاص عندما يتناول أعمال من سبقه من المؤلفين، فلا يكتفي بتفسيرها وشرحها كما كان سائدًا في عصره، وكان يستخدم السجع والمحسنات البديعية في كتاباته، لكنه يعتبر أقل مؤلفي عصره استخدامًا لها، كما كان يطرح هذا الأسلوب المتكلف جانبًا في كتاباته العلمية ويترك للموضوع اختيار الأسلوب.
مواقفه
بدأت ملامح شخصية الشيخ العطار السياسية تظهر مبكرا فعندما احتل الفرنسيون مصر سنة ١٧٩٨ كان حسن العطار في الثانية والثلاثين من عمره، ومثل كثير من العلماء في ذلك الحين فر إلى الصعيد وتحديدا أسيوط خوفًا على نفسه من أذاهم وأثناء وجوده بأسيوط أصاب البلاد مرض الطاعون الذي كان يحصد عشرات الآلاف في اليوم، فوصَفَه في رسالةٍ له.
ومكث العطار في الصعيد نحو ١٨ شهرًا تقريبًا، لكنه عاد بعدها إلى القاهرة بعد استتباب الأمن وبعدها تعرف ببعض علماء الحملة، واطّلع على كتبهم وتجاربهم وما معهم من آلات علمية فلكية وهندسية، كما اشتغل بتعليم بعضهم اللغة العربية، فأفاد منهم واطلع على علومهم، واشتغل أثناء الحملة الفرنسية بالتدريس في الأزهر.
وبعد رحيل الحملة الفرنسية تجول في الشام والحجاز وأوروبا وتركيا وقيل إنه هرب إلى هناك بسب علاقاته الجيدة مع الفرنسيين وغضب رجال الأزهر منه وزار تركيا ونزل بعاصمتها القسطنطينية وأقام في ألبانيا مدة طويلة وسكن ببلد تدعي اشكودره من بلاد الأرنؤد وتزوج بها ثم دخل بلاد الشام سنة ١٨١٠م وعمل هناك في التدريس وأقام بها خمس سنين. عاد إلى مصر سنة ١٨١٥ وكانت الأمور في مصر قد استقرت وصارت ولاية البلاد لمحمد علي، فعاد إلى التدريس بالأزهر وكان له اتصال خاص بسامي باشا وأخويه باقي بيك وخير الله بيك من رجال محمد على وبواسطتهم استطاع التقرب من محمد علي باشا وكان يقابله ويبدى حرصه على مساعدة محمد على في تطوير مصر وكلف منه بالمساهمة في إنشاء المدارس الفنية العالية مثل الألسن والطب والهندسة والصيدلة.
لم يكتف الشيخ العطار بذلك، بل إنه استغل قربه من محمد علي والي مصر، وثقة الوالي به، وطلب منه إرسال البعثات إلى أوروبا لتحصيل علمها، وأوصى بتعيين تلميذه رفاعة الطهطاوي إمامًا لأعضاء البعثة العلمية إلى باريس، وأوصى الطهطاوي بأن يفتح عينيه وعقله، وأن يدون يوميات عن رحلته، وهذه اليوميات هي التي نشرها الطهطاوي بعد ذلك في كتاب "تخليص الإبريز في تلخيص باريز". واختير كأول محرر لأول جريدة عربية مصرية وهي «الوقائع الرسمية» التي أنشأها محمد علي سنة ١٨٢٨ وجعلها لسان حال الحكومة والجريدة الرسمية للدولة، ولعل سر اختياره كأول محرر للوقائع المصرية يكمن وراء جمال أسلوبه في الكتابة. وكان الشيخ حسن العطار أحد المشاركين الأساسيين لنهضة مصر الحديثة، وكان أول صوتٍ طالَب بإصلاح الأزهر الشريف وشدد على الإصلاح في الأزهر بقوله "مَن تأمَّل ما سطَّرناه وما ذكرناه من التصدِّي لتراجم الأئمة الأعلام عرف أنهم مع رسوخ قدَمِهم في العلوم الشرعيَّة والأحكام الدينية لهم اطِّلاع على غيرها من العلوم، حتى في كتب المخالفين في العقائد والفروع، وقد انتهى الحال في زمنٍ وقعنا فيه من تقليد ونقل علوم، وجدنا أنَّ نسبتنا إليهم كنسبة عامَّة زمنهم، فإنَّ قصارى جهدنا هو النقل عنهم دون أنْ نخترع شيئًا من عند أنفسنا، وليتنا نصل إلى هذه المرتبة، بل اقتصرنا على النظر في كتبٍ محصورة.
ولم يوفق في إصلاح برامجه وخطط الدراسة فيه كما كان يريد ولعله في ذلك سار علي درب محمد علي الذي لم يشأ خشية إثارة سخط العلماء ولكنه رزق حظًا كبيرًا من التوفيق في الدعوة إلى إصلاح التعليم بالبلاد كلها، فالمدارس العالية الفنية التي أنشئت بمصر في ذلك العهد كالهندسة والطب والصيدلة، هي استجابة لدعوة العطار وتطلعاته ومناداته بحتمية التغيير للأحوال في البلاد، كما كانت الكتب التي ترجمت بالمئات في عصر محمد علي، هي الصدى المحقق لأفكار العطار، حين رأى كتب الفرنسيين في الرياضة والعلوم والآداب وإذا كان الطهطاوي صاحب فضل كبير ويد طولي في حركة ترجمة الكتب في عصر محمد علي، فإنه بلا شك تأثر بآراء وطروحات شيخه العطار ويدين له بهذا الانفتاح على الآخر وإرسال البعثات العلمية.
وفى عهده حاول أحد الطلاب أن يقتل الطبيب كلوت بك وهو يمارس تشريح جثة في مشرحة مدرسة الطب بأبي زعبل، فهم بأن يطعنه بخنجره مرتين ولكن الطلاب حموه، من أن يصاب بسوء فوقف شيخ الأزهر "حسن العطار" في امتحان مدرسة الطب يصدع برأي الدين في تعليم الطب ويشيد بفائدته في تقدم الإنسانية فكانت هذه الشجاعة في إحقاق الحق بمثابة الفتوى التي اعتبرت نقطة انطلاق للتعليم الطبي، وذلك بفضل الله على لسانه.
ونادى بضرورة تغيير مناهج الأزهر ورسم برنامج هذا التغيير وأهمية وقيمة العلوم العصرية، وإلى البعد عن الجمود قد آتى ثمرته، وخاصة على يد تلميذه رفاعة الطهطاوي الذي كان رائد النهضة في العصر الحديث.
ففي مجال التعليم والثقافة، فقد اتخذت جهوده عدةَ مظاهر: أولها أنه جعل يُنبِّه الأزهريين في عصره إلى واقعهم الثقافي والتعليمي، ويُبيِّن ضرورةَ إدخالهم المواد الممنوعة؛ كالفلسفة والأدب والجغرافيا والتاريخ والعلوم الطبيعية، كما يبيِّن ضرورة إقلاعهم عن أساليبهم في التدريس، ووجوب الرجوع إلى الكتب الأصول وعدم الاكتفاء بالملخصات والمتون المتداولة، ويتوسَّل إلى ذلك بكل وسيلة، يقول مبيِّنًا الفارق بين علماء عصره والعلماء الأفذاذ الذين عرَفهم العالمُ العربي قبل عصر العطار، ومحطمًا أكذوبة تحريم الدين الإسلامي لبعض العلم: … من تأمَّل ما سطرناه وما ذُكِر من التصدي لتراجم الأئمة الأعلام، علِم أنهم كانوا — مع رسوخ قدمِهم في العلوم الشرعية والأحكام الدينية — لهم اطِّلاعٌ عظيم على غيرها من العلوم، وإحاطة تامة بكلياتها وجزئياتها حتى في كُتُب المخالفين في العقائد والفروع، ثم هم مع ذلك ما خلوا في تثقيف ألسنتهم وترقيق طباعهم من رقائق الأشعار ولطائف المحاضرات. وفيما انتهى إليه الحال في زمن وقعنا فيه عُلِم أن نسبتنا إليهم كنسبة عامة زمانهم، فإن قُصارى أمرنا النقلُ عنهم بدون أن نخترع شيئًا من عند أنفسنا، وليتنا وصلْنا إلى هذه المرتبة، بل اقتصرنا على النظر في كُتب محصورة ألَّفها المتأخرون والمستمدون من كلامهم نُكرِّرها طول العمر، ولا تطمح نفوسُنا إلى النظر في غيرها حتى كأن العلم انحصر في هذه الكتب، فلزم من ذلك أنه إذا ورد علينا سؤالٌ من غوامض علم الكلام تخلَّصْنا منه بأن هذا كلام الفلاسفة ولا ننظر فيه، أو مسألة أصولية قلنا لم نرها في «جمع الجوامع» فلا أصل لها، أو نكتة أدبية قلنا هذا من علوم أهل البطالة، وهكذا فصار العذر أقبح من الذنب … وهذه نفثة مصدور.
وقد بدأ العطار يخرج على هذا الجمود العلمي الأزهري بتدريسه المواد الممنوعة؛ إذ بدأ يدرِّس الجغرافيا والتاريخ في الأزهر وخارج نطاق الأزهر، كما كان تلميذُه محمد عياد الطنطاوي يدرِّس الأدب في الأزهر بإيحاء العطار وتحت إشرافه في «مقامات الحريري» حوالي سنة ١٨٢٧م، كما بدأ تلميذه رفاعة الطهطاوي أيضًا يدرِّس الحديث والسُّنة بطريق المحاضرة وبلا نص، مما كان مثارَ إعجاب العلماء، وفي الخطط التوفيقية أن العطار «عقد مجلسًا لقراء تفسير البيضاوي»، وقد مضت مدةٌ على هذا التفسير لا يقرؤه أحد، فحضر أكابرُ المشايخ، فكانوا إذا جلَس للدرس تركوا حِلقَهم وقاموا إلى درسه»، ولعله بذلك يكون قد بدأ ما لجأ إليه الأفغاني ومحمد عبده من إعادة تفسير القرآن في ضوء الظروف المعاصرة، والمهم أن هذا النصَّ يدلُّ على أن التربة من حول العطار لم تكن مَواتًا تمامًا، فإن قيام زملائه الشيوخ إلى حلقته، مع اشتداد معارضتهم له ونقمتهم عليه لنزعته التجديدية ولحملاته على تقصيرهم العلمي لهو أمرٌ له دَلالته، كما أنه وثيقة تَشهد بمقدرة هذا العالِم الفذِّ.
فكأن الشِّق الأول من دعوة العطار الإصلاحية كان يتمثَّل في مناداته بضرورة تطوير التعليم الأزهري من حيث المناهجُ ومواد الدراسة؛ وذلك بالرجوع إلى المصادر الأصلية وبتدريس المواد الممنوعة، وهو ما يمكن أن نُعبِّر عنه بالدعوة إلى ضرورة بعْث التراث العربي القديم، وهي دعوةٌ حاول العطار نفسُه الإسهامَ في تنفيذها؛ إذ لم يكن يكفُّ عن البحث والتنقيب في هذه المراجع القديمة وإشراك خاصة تلاميذه في ذلك، ولقد كان الأزهر أكبر المعاقل العلمية في ذلك الوقت، فحديثُ العطار عن التعليم الأزهري وقصورِه حديثٌ عن الحالة الثقافية عامة في البلاد.
المظهر الثاني لحركة الشيخ العطار التجديدية في مجال الثقافة والتعليم يتمثَّل في دعوته إلى إدخال العلوم العصرية، وعبارته في ذلك معروفة: «إن بلادنا لا بد أن تتغير أحوالُها ويتجدَّدَ بها من المعارف ما ليس فيها.» والشيخ العطار لم يقتصر في دعوته على مجرد التبشير بأفكاره الإصلاحية، إنما هو يُردف القول بالعمل، فإلى جانب تدريسه وتأليفه في العلوم العربية نجده يكتب في المنطق والفلك والطب والطبيعة والكيمياء والهندسة، يتضح ذلك من قائمة مطبوعاته، ومن إشاراته إلى إعجابه بما رأى عند الفرنسيين وخاصةً تحويلهم علومَهم إلى عمل، وفضلًا عن ذلك فإن استعراض قائمة مطبوعات بولاق حتى سنة ١٨٣٥م تدلُّ على أن عددًا وافرًا من المطبوعات في جميع المواد المذكورة كان قد طُبِع، بل إن العطار كان يتردَّد على المرصد الذي أنشأه الفرنسيون، كما «كان يرسم بيده المزاول النهارية والليلية»، وقد حفلت شروحُ الرجل وحواشيه على الكتب المختلفة بتعليقات في كافة العلوم الطبيعية والاجتماعية والإنسانية.
والجانب الثاني من جوانب حركة العطار هو التطوير الأدبي، وقد مرَّ بنا أنه أفلح في إدخال الدراسة الأدبية إلى الأزهر على يدي تلميذه الطنطاوي، كما أنه هو نفسه قد اعتنى بالأدب عنايةً خاصة، فلم يكن يتحرَّج من إنشائه أو تدريسه، ويُبيِّن عدم تعارض ذلك مع وقار العلم أو جلال الدين، مستشهدًا بالأسلاف العظام.
كان العطار يكتب النثر ويَنظم الشعر، ويُشجع تلاميذه على ذلك، حتى إن جمال أسلوبه كان سرَّ اختياره أولَ محرِّر للوقائع العربية، وقد كتب العطار مقامةً على النسق القديم، وإن كان موضوعُها حديثًا، فهي تدور حول علاقته بالفرنسيين وانتفاعِه بمكتبتهم، كما كتَب كتابًا في فلسفة الإنشاء ضمَّنه كلَّ الأنواع الأدبية المعروفة لعهده، وأردف كلًّا منها بنماذج مختارة من إنتاجه الخاص، وهي أكثر أجزاء الكتاب حيوية؛ إذ يسجِّل فيها خواطرَه وانطباعاتِه التي تركتْها في نفسه رحلاتُه ومعاملاته مع الناس الذين احتكَّ بهم، والكتاب بعدُ حافلٌ بنماذج شعرية للرجل نفسه، وذلك هو كتاب «إنشاء العطار».
وفضلًا عن ذلك فتاريخ «الجبرتي» حافلٌ بنماذج شعرية له، وكذلك «كنز الجوهر»، و«الخطط التوفيقية»، وغيرها من الكتب التي تُرجمت له.
ويغلب على أسلوب العطار البساطةُ والسهولة والحِرص على الفكرة ونقْلها إلى القارئ؛ فالأسلوب عنده مجردُ وسيلة للتعبير وليس غايةً في ذاته، ومع ذلك فهناك في بعض كتابات الرجل السجعُ والمحسنات البديعية عمومًا، ومن غريب الأمر أن ذلك يكثر حيث يقصد الرجل إلى الإنشاء الأدبي أو الكلام في فلسفة الأدب، ويقلُّ في مؤلفاته العلمية حيث يسهل أسلوبُه ويسلس حتى ليوشك أن يكون معاصرًا.
ومن أقواله عن الإصلاح
"إن بلادنا لا بد أن تتغير أحوالها، ويتجدد بها من المعارف ما ليس فيها"
"ومن سَمَتْ هِمته به إلى الاطلاع على غرائب المؤلفات، وعجائب المصنفات، انكشفت له حقائق كثير من دقائق العلوم، وتنزهت فكرته إن كانت سليمة في رياض الفهوم"
تلاميذه
رفاعة الطهطاوي والشيخ حسن قويدر مغربي الأصل والشيخ محمد عياد الطنطاوي والشاعر المصري الشيخ محمد شهاب الدين والذي كان مساعدا له في تحرير الوقائع المصرية وخلفه في إدارتها.
فترة ولايته تولى مشيخة الأزهر في عام ١٨٣٠م (١٢٤٦ هـ) وكان في الخامسة والستين من تولى مشيخة الأزهر في عام ١٨٣٠م (١٢٤٦ هـ) وكان في الخامسة والستين من عمره، وظل شيخاً للأزهر حتى وفاته يوم ٢٢ مارس سنة ١٨٣٥م (١٢٥٠ هـ)
قالوا عنه:
قد ذكره المستشرق "فولرز" في دائرة المعارف الإسلامية بقوله "وكان العطار رجلاً مستنيراً، اشتهر بعلمه، وكان أيضاً شاعراً ناثرا."
والمستشرق كراتشكوفسكي "لم يكن الشيخ حسن العطار عالماً فحسب بل وشاعراً أيضاً".
ويقول محب الدين الخطيب في كتابه عن "الأزهر": "وكان العطار متضلعاً في العلوم الرياضية فضلاً عن العلوم الشرعية والعربية."
ويقول المؤرخ عبدالرحمن الرافعي:" وكان الشيخ حسن العطار من علماء مصر الأعلام، وامتاز بالتضلع في الأدب وفنونه، والتقدم في العلوم العصرية، وكان هذا نادراً بين علماء الأزهر"
وقال عنه الجبرتي "صاحبنا العلامة، وصديقنا الفهامة، المنفرد الآن بالعلوم الحكمية، والمشار إليه في العلوم الأدبية، وصاحب الإنشاء البديع والنظم الذي هو كزهر الربيع الشيخ حسن العطار".
وقال عنه الطهطاوي " كان له ولوع شديد بسائر المعارف البشرية. وقال عنه على مبارك: "انه اشتغل بضرائب الفنون والتقاط فوائدها.
وعبد المتعال الصعيدي الذي قال عنه: "لا شك أن موقف الشيخ العطار من العلوم الرياضية بشكلها الجديد يدل على ما كان يمتاز به من مرونة عقلية ودينية، وعلى انه كان في هذا احسن حالاً من أهل الأزهر الذين حاربوها بعده باسم الدين". وقال عنه الشيخ محمد شهاب الشاعر "إنَّه كان آيةً في حدَّة النظَر وقوَّة الذَّكاء، وكان يزورنا أحيانًا ليلاً، ويتناول الكتاب دقيق الخط الذي تصعُب قراءته في شدَّة ضوء النهار فيقرؤه على ضوء القمر والسراج الخافت، ويستعير المجلدات الضخمة ويعيدها بعد أسبوعٍ، وقد استوعبها وعلَّق عليها.
وتروى طرفة عن الشيخ حسن العطار، حيث إنه كان ذا ولع بالسماع، فقال ذات يوم: "من لم يتأثر برقيق الأشعار، تتلى بلسان الأوتار، على شطوط الأنهار، في ظلال الأشجار، فذلك جلف الطبع حمار".
وفاته:
توفاه الله في ٢٢ مارس ١٨٣٥م
مؤلفاته
له العديد من المؤلفات والكتب ورسائل في قواعد الإعراب والنحو والمنطق والاستعارة وآداب البحث والتشريح والطب وله كتاب في الصيدلة رداً على تذكرة داود الانطاكي وقد ألف رسائل في (الطب والتشريح)، وما يزال هذا الكتاب مخطوطاً في مكتبة رواق المغاربة في الجامع الأزهر وفي الهندسة والبلاغة وكيفية عمل الإسطرلاب والربعين المقنطر والمجيب وإتقان رسم المزاول الليلية والنهارية بيديه ورسائل في الرمل وذلك إلى جانب تصانيفه في العلوم الرياضية والفلكية مع تصانيفه في العلوم الشرعية والعربية.
ومنها
١- حاشية على شرح الأزهرية في النحو
٢- حاشية على شرح إيساغوجي في المنطق
٣- حاشية على مقولات الشيخ السجاعي
٤- شرح تفسير البيضاوي
٥- حاشية العطار على الجواهر المنتظمات في عقود المقولات.
٦- حاشية العطار على التهذيب للإمام الخبيصي.
٧- حاشية العطار على جمع الجوامع في أصول الفقه.
٨- حاشيته على شرح الآجرومية والسمرقندية.
٩- ديوان العطار، يجمع مئات القصائد.
١٠- نبذة في علم الجراحة والطب.
رائد النهضة المصرية الحديثة وأبرز تلاميذه رفاعة الطهطاوى
استغل قربه من محمد على وطلب منه إرسال البعثات إلى أوروبا لتحصيل العلم
ألف رسائل فى الطب والتشريح والهندسة والبلاغة والفلك
نادى بضرورة تغيير مناهج الأزهر ورسم برنامجه وشدد على أهمية وقيمة العلوم العصرية
سياسة
حسن العطار.. شيخ المجددين ورائدهم
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق