للعقيدة الإسلامية أثر بالغ فى نفوس معتنقيها لسماحتها وملاءمتها للنفس البشرية، وهو الذى انعكس بشكل كبير على الفنون فى شتى مجالاتها، كان أبرزها العمارة الإسلامية، حيث سجلت عبر التاريخ صورة صادقة للفنان المصرى ومهارته، ولعل جدران المساجد ومنابرها أبرز دليلا على دقة وحرفية الصانع والفنان المصرى ومهارته، تأخذكم جريدة «البوابة» فى رحلة بين مساجد مصر وأضرحتها، لنتعرف على تاريخ نشأتها، وتأثيرها الروحانى فى قلوب مرتاديها.
أنشأه أحمد بن سليمان الرفاعى خلال عصر المماليك البحرية، وذلك عام 690هـ/ 1291م، ويقع فى حارة الرفاعية من شارع سوق السلاح بحى وسط القاهرة، ويتكون تخطيطه من مساحة مستطيلة يتوسطها صفا من الدعائم تقسمه إلى رواقين، ويقع مدخل الرباط فى الجهة الغربية، ويقع الضريح فى الركن الشرقى للرباط، ويتكون من مساحة مربعة يغطيها قبة ترتكز على ثلاثة صفوف من المقرنصات، وهو مسجل أثار برقم 245 بشارع سوق السلاح فى حارة الرفاعية.
ويقع الضريح فى الركن الشرقى لرواق الرباط كما يسميه المقريزى، ويتكون من مكعب تتراوح أضلاعه ما بين 3.13 إلى 3.31 أمتار وارتفاعه 3.85 أمتار وقد كان الضريح والرباط بحالة سيئة حتى قامت لجنة حفظ الآثار العربية بترميمها سنة ١٩١٠ميلاديا، فقد جددت الضلع الشرقى للرباط والقبة بما فى ذلك المحراب المتوسط الكبير فى الرباط والمحراب فى الطرف الجنوبى للضلع الشرق الذى يكون التماثل تاما محراب القبة.
ويعلو جدار الضريح أفريز من الخشب عرضه ٤١ سم يحتوى على كتابة مدهونة بالطلاء، وفى أركان المربع توجد ثلاثة صفوف من المقرنصات وإن كانت تبدو من الخارج على هيئة صفين فقط، وكل من الصفين الأول والثانى يتكون من ثلاث مقرنصات أما الصف الثانى فيحتوى على مقرنصين، فيكون مجموع المقرنصات فى كل ركن ثمانية وكل ذات عقود منكسرة وتقع فى منطقة الانتقال بالنسبة للقبة.
وفى كل وجه من القبة توجد نافذة ذات ثلاث فتحات عقودها منكسرة، وقد زخرفت القبة من الداخل وكذا المقرنصات بزخارف جصية غاية فى الدقة والابداع لا نظير لهما فى العمارة الإسلامية اللهم إلا فى ضريح زين الدين يوسف.
ويحتوى الضريح على محراب مجوف يعلوه عقد منكسر يحيط به زخارف جصية يتخللها الكثير من القطع الزجاجية، المزخرفة برسوم زيتية على أرضية خضراء وبنى فاتح. على النقوش المحددة باللون الأسود على القطع الزجاجية لا تشبه الزخارف المعاصرة التى نجدها على المشكاوات المموهه بالمينا، ولكنها تشبه رسوم القطع الخزفية التى تم العثور عليها فى الفسطاط ويرجع معظمها إلى العصر الفاطمى، ولم يستعمل فى لصق القطع الزجاجية مواد غروية بل حفر لها مكان فى الجص وثبتت فيه. وتعتبر هذه الزخارف التى استعملت فيها قطع زجاجية مرسومة أول ظاهرة فى زخرفة العمائر الإسلامية.
ويوجد فى الضلع الغربى باب متسع يؤدى إلى الرواق الثانى بالرباط بواسطة درج واحد، كما يوجد باب ثان للقبة فى الضلع الجنوبى يفتح فى الرواق الأول فى الرباط، كما يوجد بالقبة فى الضلع الشمالى حنية مسطحة تبلغ سعتها مترين وعمقها 86 سم.
ويتكون الرباط من شكل مستطيل يبلغ 16.54× 7.02 م، ويتوسط صفا من الدعائم البيضاوية تقسمه إلى رواقين، ويحتوى الضلع الشرقى على ثلاثة محاريب الأوسط أكبرها وحنيتين محرابان فى الرواق الأول، أما المحراب الثالث فداخل القبة، ويقع مدخل الرباط فى الجهة الغربية، ومما يجدر الإشارة إليه أن حائط هذه الجهة لا يقع على خط مستقيم.
ويحتوى المحراب المتوسط للرباط على زخارف كثيرة، إذ يعلوه طاقية على شكل صدفة مفضضة يحيط بها عقد منكسر مشطرف، حافته الداخلية تحتوى على شريط مزخرف من الخط النسخى والرسوم النباتية. وقد طليت الأضلاع المفضضة للطاقية باللون الآني والأرجوانى على التوالى. ويحيط بعقد المحراب إطار مستطيل يضم تواشيح العقد التى تحتوى على زخارف نباتية جصية ويحيط به شریط به کتابات محصورة فى بحور ذات نهايات دائرية ويتخللها دوائر بها زخارف نباتية.