فى الذكرى 41 لتحرير سيناء نرصد حكاية الإنسان السيناوى منذ فجر التاريخ وحتى الآن تحكيها آثار سيناء على مر العصور ، وفى ضوء هذا يشير خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار إلى أن الإنسان الأول بسيناء عاش فى مبانى حجرية يطلق عليها أهل سيناء النواميس، وأثبتت الدراسات المختلفة أنها تعود إلى عصر البرونز المبكر
وفى عصر مصر القديمة حرص قدماء المصريين على إرسال البعثات لتعدين الفيروز فى سرابيط الخادم، والنحاس فى وادى النصب الغربى وكانوا يستخدمون ميناء أبو زنيمة عند التوجه إلى سرابيط الخادم وميناء أبو رديس عند التوجه إلى وادى المغارة
وعبر طريق حورس بشمال سيناء دحر المصريون الهكسوس ملوك الرعاة، وواجه رمسيس الثاني (1304-1237 ق.م.) تمرد مملكة خيتا التي حرضت سكان سوريا ضد مصر وسارت جيوش رمسيس الثانى عبر الطريق الحربى بشمال سيناء لإخماد الفتنة.
ويعد الطريق الساحلي بشمال سيناء من أقدم الطرق حيث كانت التجارة والغزوات تفضله لقلة رمله واعتدال هوائه، كما تسهل حمايته من ناحية البحر مما جعل له أهميته الحربية في الفترة الرومانية واليزنطية وازدادت أهميته في عهد الإمبرطور جستنيان في القرن السادس الميلادي الذي اهتم بتأمين حدود مصر الشرقية ضد الفرس
وينوه الدكتو ريحان ل"البوابة نيوز" إلى تاريخ الأنباط الذين جاءوا إلى أرض سيناء قادمين من الجزيرة العربية والشام وأسسوا مملكة كبرى عاصمتها البتراء في الأردن حاليًا منذ القرن الرابع قبل الميلاد وحتى عام106م نهاية دولتهم سياسيًا مع استمرار أنشطتهم التجارية، وكان للأنباط طريق بسيناء من أيلة (العقبة حاليًا) على رأس خليج العقبة إلى ميناء دهب ومنها بريًا إلى وادى فيران مارًا بجبل موسى إلى رأس سدر وعيون موسى حتى ميناء القلزم (السويس) ثم برًا إلى نهر النيل ومنه للإسكندرية لتبحر إلى أوروبا، واستخرج الأنباط الفيروز من وادى المغارة والنحاس من وادى النصب بسيناء وتركوا نقوشًا عديدة فى أودية سيناء وآثارًا بمدينة دهب بجنوب سيناء وقصرويت بشمال سيناء
وجاءت العائلة المقدسة قادمة من فلسطين إلى مصر عبر طريق شمال سيناء من رفح إلى الفرما، وبدأت حركة الرهبنة بسيناء فى القرن الثالث الميلادى لقدسية المكان من وحى الله عز وجل لموسى عليه السلام بالإضافة لطبيعة المكان المنعزلة المناسب لحياة الرهبنة وتوفر مصـادر المياه من عيون طبيعية وآبار وأمطار وأنشأت الإمبراطورة هيلانة أم الإمبراطــور قسطنطين فى القرن الرابع الميلادى برجـين وكنيسة عند شجرة العليقة الملتهبة من يدخلها حتى الآن يخلع نعليه تأسيًا بنبى الله موسى
ويشير الدكتور ريحان إلى أهمية منطقة وادى فيران التى تبعــد 50كم شمــال غرب دير سانت كاترين حيث تأسست هناك أبرشية منذ القرن الرابع الميلادى كما تجمع عددًا من الرهبان حول مصادر المياه بشمال سيناء ولقد كشف عن العديد من الآثار المسيحية من أديرة وكنائس بشمال سيناء، وبنى الإمبراطور جستنيان دير طور سيناء فى القرن السادس الميلادى وخصص للعذراء مريم وفى القرن التاسع الميلادى أطلق على الدير دير سانت كاترين تخليدًا لذكرى سانت كاترين بعد أن عثر أحد الرهبان على بقايا جثامينها فوق أحد جبال سيناء الذى سمى باسمها فيما بعد وهو أعلى جبال سيناء2639م فوق مستوى سطح البحر، كما بنى دير آخر في القرن السادس الميلادى مكتشف بقرية الوادى 5كم شمال طورسيناء
وأردف الدكتور ريحان بأن دخول عمرو بن العاص رضى الله عنه إلى مصر كان عن طريق سيناء ووصل الفرما فى شهر(ربيع الأول سنة 16هـ ، يناير 640 م)، وتعرض الفاطميون عن طريق سيناء لخطر الصليبيين فتقدم بلدوين الأول (512هـ ، 1118م) بجيش عن طريق شمال سيناء ووصل غزة ثم العريش وبحيرة سربنيوس التى عرفت فيما بعد باسمه (بحيرة البردويل) وعجز أن يتابع سيره داخل مصر فعاد من حيث أتى ومات بسيناء ثم حمل جثمانه إلى القدس ودفن بكنيسة القيامة
وانتشرت المنشئات الدينية بسيناء مثل الجامع الفاطمى داخل دير سانت كاترين ومسجد على قمة جبل موسى ومسجدين بوادى فيران ومسجد قاطية
وخرج صلاح الدين عام (566 هـ ، 1170م) عن طريق سيناء بمراكب مفككة حملها على الإبل ولما وصل إلى أيلة ركب تلك المراكب وأنزلها البحر وقاتل أيله برًا وبحرًا حتى فتحها وترك بها حامية أيوبية وعاد إلى مصر وشيد بسيناء قلعته الشهيرة بجزيرة فرعون وقلعة الجندى برأس سدر وكان له طريق
1825 أرسل مهندس فرنسى أسمه الموسيو لينان إلى بلاد الطور الذى درس معادنها ورسم خارطة لها وسمى نفسه هناك عبد الحق وكانت الخارطة التى رسمها هى أول فى خارطة وضعت لسيناء فى التاريخ الحديث.
وزار عباس الأول بن طوسون بن محمد على (1848 – 1854) سيناء وبنى حمام فوق النبع الكبريتى بمدينة الطور ومهد طريقًا من دير سانت كاترين إلى قمة جبل موسى وشرع فى بناء قصر جميل على جبل تلعة غرب جبل موسى ومد طريق للعربات من الطور لهذا القصر ولكنه توفى قبل أن يكمله وأسس سعيد بن محمد على (1854 – 1863) محجر الحجاج بطور سيناء عام 1858.
وتحتضن نويبع النقطة العسكرية المتقدمة وهى أقدم مركز بوليس بسيناء ومصر عامة تعود إلى عام 1893وكذلك قصر عباس ومساكن عباس بسانت كاترين
وشهدت سيناء فصولًا من الصراع الإسرائيلى، وشهدت طرق سيناء عام 1956م العدوان الثلاثى مستخدمين عدة محاور حيث تمتلك سيناء ثلاثة خطوط استراتيجية للدفاع عنها، وأخضعت إسرائيل سيناء للحكم العسكرى حين احتلالها عام 1967 وقسمتها إلى منطقتين هما شمال سيناء، وجنوب سيناء ووضعتها تحت إدارة مستقلة وعينت حاكم عسكرى على كل منطقة
وأقيمت فى سيناء المستوطنات أهمها أوقيرا بجوار شرم الشيخ، ذى هاف قرب دهب ، زاحارون 10كم شرق العريش، ياميت 7كم قرب رفح، وبعد انتصار أكتوبر 1973 العظيم تم توقيع اتفاقية كامب دافيد فى 26 مارس 1979وبدأت مراحل استعادة أرض سيناء حتى عودة آخر شبر بسيناء فى طابا ورفع العلم المصرى عليها فى 19 مارس 1989.