تحل اليوم 21 من أبريل، ذكرى رحيل الشاعر المبدع صلاح جاهين، الذى رحل عام 1986، بعد رحلة عطاء كبيرة ومميزة، جعلته حى بأعماله التى استمرت عبر الاجيال.
لُقب صلاح جاهين، بالقاب عديدة منها "فيلسوف الفقراء"، و"الضاحك الباكى" و"متعدد المواهب"، وذلك لانه كان مبدعا شاملا فكان يكتب الشعر وتميز به، وكان ناقدا لاذعا فى رسوماته الكاريكاتورية، كما كان ايضا كاتبا لسيناريوهات افلام ناجحه وظلت فى وجداننا حتى الآن.
وبرغم رحيل "جاهين" إلا ان زوجته الفنانة منى قطان مازال قلبها ينبض بمشاعر حب كبير لشريك حياتها، ترجمت كل هذة المشاعر فى كتابها الأخير "صورة شخصية لزوجة شاعر" والذى صدر فى معرض الكتاب 2023.
وتقول "قطان" فى حوار سابق لـ "البوابة نيوز"، عن كتابها: "نشأت الفكرة عندما تزوجت ابنتى، وانفصلت عنها وكان لدى الوقت الكافى لإعادة شريط الذكريات وكان الهدف من الكتابة محاولة فهم الماضى وفى نفس الوقت نقله لأسرتى فى المقام الأول".
وأضافت: "لم يكن فى ذهنى النشر خاصة وأنى كتبت التأملات باللغة الإنجليزية ثم شعرت أن هناك أصدقاء مقربين لا يعرفون اللغة الإنجليزية، يهمنى أن يشاركوني هذه الذكريات المليئة بالتجارب المؤلمة، والجميلة فى نفس الوقت".
وتابعت: "كان الهدف من الكتاب سرد الذكريات، ولم يكن فى ذهنى الكشف عن أشياء مجهولة للقراء، ولكن لإعادة هذه الذكريات وتأملها وتقيمها بعد ما وصلت إلى سن الحكمة كما يقولون".
وأردفت: "اخترت العنوان وأنا أحاكي رواية للروائي الشهير جيمس جويس «Portrait of an artist as a young man» صورة شخصية للفنان عندما كان شابا، وترجمت المعنى وكتبت العنوان بالإنجليزي Portrait of a poet's wife" وكنت قد قرأت الكتاب بعد أن قُدم لى كجائزة فى مدرستى بإنجلترا لتفوقى فى مادة التاريخ".
كما أعربت عن سعادتها قائلة: "إننى فى غاية السعادة أن معرض الكتاب يكرم اسم صلاح جاهين، وشعرت أنه خلال السنوات الماضية قد وضع على الرف لأنه ينتمى إلى حقبة زمنية ربما لا يستسيغها المجتمع أو الحكم عبر السنين اللى فاتت، وخاصة وأنه ارتبط اسمه بتلك الحقبة".
وأضافت: "أعتقد أن هذا تقصير لأنه لا يمكن أن ترتبط عبقرية شاعر بفترة زمنية محددة لانه عادة عندما يتألق يسمو على الحقبة الزمنية التى ينتمى إليها، وينقل لنا مشاعر انسانية يشعر بها الانسان مرهف الحس فى كل الأزمنة وفى كل العصور وسعيدة جدا لأنه سوف يعاد طباعة أعماله الكاملة لأنها تستحق القراءة".
واختتمت: "لاحظت ان فى وسائل التواصل الاجتماعى هناك مجموعات تعنون المجموعة بأنهم أصدقاء صلاح جاهين للأسف الشديد هناك من يؤلف كلام لا علاقة له بما كتبه صلاح وهذا يحزنني جدا."
اقتباسات من كتاب «صورة شخصية لزوجة شاعر» للفنانة منى قطان والذى تم إصداره فى معرض القاهرة الدولى للكتاب ٢٠٢٣ فى دورته الـ٥٤.
(لم يفكر يومًا في أن يدخر شيئًا لنفسه. كان المال بالنسبة إليه مجرد وسيلة لتلبية الحاجات اليومية لبيتين وعائلتين، ولم يكن قَطُّ هدفًا في حد ذاته، بينما معظم الناس من حولها كانوا على العكس من ذلك. حين رأته أول مرة، كانت أمها نفسها هي التي قدمتها إليه، في مبنى «الأهرام» القديم، حيث شعرت البنت العائدة من إنجلترا بالألفة في ذلك المكان الحميمي.
وكانت أمها قبل ذلك قد سألته النصيحة إن كان من الأفضل أن تظل ابنتها في إنجلترا، فكان رأيه أن عودتها- وهي المهتمة بالمسرح- مناسبة في جو الازدهار المسرحي الذي كانت القاهرة تتمتع به في عقد الستينيات. قالها وهو يجهل تمامًا أنها ستصبح زوجته الثانية!
كان مصريًّا، وتجري في عروقه بعض الدماء الألبانية؛ متسقًا مع ذاته، ويستطيع أن يعبر عنها بالعامية بفصاحة ندر أن يوجد لها مثيل في الفصحى، على الرغم من أنه نشأ في بيئة ثقافية ترى الفصحى اللغة الأسمى للتعبير الأدبي.
وقد ثار الجدل، في ذلك الوقت، حول هذه القضية «جدارة الفصحى أم العامية»، وكان معظم كُتَّاب الفصحى يعدون أنفسهم أرقى أدبيًّا من كُتَّاب العامية. إلا أن لغة كل يوم كانت تصل إلى قلوب الناس أسرع وبسهولة أكبر، والأهم، في هذا السياق، قلبها هي!
وكانت القاهرة محل ميلاده، وبالتحديد حي شبرا، الذي كان في ثلاثينيات القرن الماضي منطقة هادئة تسكنها الطبقة الوسطى. وهو الحي نفسه الذي سكنته في الماضي المغنية الفرنسية-الإيطالية الشهيرة داليدا، التي كتب لها «هو» فيما بعد عديدًا من الأغاني الذائعة.
لكنه لم يمكث طويلًا في ذلك الحي، لأن أسرته تنقلت كثيرًا في سنوات صباه ما بين أقاليم مصر المختلفة، بحكم تنقلات والده الوظيفية ما بين نيابات المحافظات. أما شبرا الآن، فقد تحولت إلى حي شعبي مكتظ بالسكان، تغلب عليه العمارات العالية التي حلت محل الفيلَّات القديمة.
حين طلبت الدولة شهادة ميلادها، ضمن أوراق أخرى، لإتمام إجراءات زواجهما، اكتشفت أنها لا تملك واحدة. لم تكن متأكدة من هويتها؛ إحساسها الشعري كان بالفرنسية، ولغة تفلسُفِها الإنجليزية، أما العربية فكانت فاقدة الثقة حين تستخدمها. كلمات طفولتها الأولى قالتها بالإيطالية، معبرة عن صداقتها مع الجارة ذات السنوات الخمس. أما مخاوفها فقد سجلتها بالفرنسية في مفكرة دوَّنت فيها يوميات. وأما تعليمها الثانوي والعالي فكان بالإنجليزية.
كان هذا راجعًا للهيمنة الإنجليزية والفرنسية المزدوجة على منطقة الشرق الأوسط في زمن الحربين العالميتين وما بينهما. فلكي تتلقى تعليمًا جيدًا، كان عليك أن تلتحق بمدارس أجنبية. ولأن الفلسطينيين فقدوا أرضهم، كان عليهم تعويض ذلك بالاستثمار في التعليم الراقي الذي يمكِّن أولادهم من الحصول على وظائف جيدة في المستقبل).