أثار تسريب مجموعة من الوثائق الأمريكية السرية، التي تناولت مواضيع حساسة مثل الحرب في أوكرانيا والتجسس على حلفاء وخصوم للولايات المتحدة، ردود فعل غاضبة وقلقة من بعض الدول المعنية، وأثار شكوكاً حول مصداقية ومهنية المؤسسة العسكرية والاستخباراتية الأمريكية.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن عملية التسريب تشكل "خطراً جسيماً جدّاً" على الأمن القومي للولايات المتحدة، وأنها تجري تحقيقاً دقيقاً لمعرفة مصدر التسريب والدافع وراءه.
وأوقفت قوات الأمن في الولايات المتحدة عنصراً في الحرس الوطني يشتبه في مسؤوليته عن تسريب الوثائق، وهو جاك تيشيرا (21 عاماً)، ووجهت إليه تهم من بينها تخزين ونقل معلومات متعلقة بالدفاع الوطني دون تصريح.
وظهرت بعض الوثائق المسربة على منصات التواصل الاجتماعي مثل "ديسكورد" و"تويتر" و"4 تشان" و"تلغرام"، وأظهرت معلومات دفاعية واستخباراتية أمريكية سرية عن الحرب في أوكرانيا، مثل نقاط ضعف لدى الجيش الأوكراني، ووجود قوات خاصة غربية على الأرض، وخطط لإجلاء أميركان في حال اندلاع نزاع مسلح.
كما كشفت الوثائق عن بعض الأنشطة التجسسية للولايات المتحدة على دول حليفة لها، مثل إسرائيل وكوريا الجنوبية، أو خصمة لها، مثل روسيا. كذلك أظهرت بعض التقارير التحاليلية للمخابرات الأميركية عن قضايا إقليمية أخرى، مثل التغير المناخي في أفغانستان، أو التأثير الصيني في منطقة شرق آسيا.
هذه التسريبات أحرجت الولايات المتحدة وتسببت في موجه حادة من الانتقادات والاستنكار من بعض الدول المتضررة من التسريبات، مثل أوكرانيا وإسرائيل وكوريا الجنوبية، التي اعتبرت أن هذه الوثائق تضر بمصالحها الأمنية وتعرضها للخطر. وطالبت هذه الدول بتوضيحات من الولايات المتحدة حول محتوى ومصدر التسريبات، وبضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل.
ومن جانبه، حاول وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن تهدئة الخلافات بين الولايات المتحدة وحلفائها، وأجرى اتصالات هاتفية مع نظرائه في أوكرانيا وإسرائيل وكوريا الجنوبية، وأكد على التزام بلاده بالشراكة الاستراتيجية مع هذه الدول، وبالتعاون في مجالات الأمن والدفاع. كما أعرب عن أسفه للإزعاج الذي سببته التسريبات، وأشار إلى أن التحقيق جارٍ لمعرفة المسؤولين عنها.
وقال أوستن في بيان صحفي: "إن تسريب هذه الوثائق يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون وللثقة المتبادلة بيننا وبين حلفائنا. إنه يعرض حياة أشخاص بريئة للخطر، ويضعف قدرتنا على مواجهة التحديات المشتركة. إننا نتخذ كل الإجراءات اللازمة لملاحقة المسؤولين عن هذه الجريمة، ولمنع حدوث مثل هذه التسريبات في المستقبل".
وأضاف: "إن علاقاتنا مع حلفائنا هي ركيزة أساسية في استراتيجيتنا الأمنية. إننا نقدّر شركاءنا في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، ونحترم سيادتهم وخصوصيتهم. إننا نعمل معهم على تعزيز قدراتنا الدفاعية، والتصدي للتهديدات المشتركة، والحفاظ على السلام والأمن في المنطقة".
وختم: “إن تسريب هذه الوثائق لا يغير من حقائق صداقتنا وشراكتنا مع هذه الدول. إنه يزيد من حماسنا للعمل معًا بشكل أكثر تضمانا".