انطلقت أعمال المنتدى الذي يحمل عنوان "راسخون في الرجاء"، والهادف إلى التباحث في حاضر ومستقبل الكنائس الكاثوليكية في منطقة الشرق الأوسط بالعاصمة القبرصية نيقوسيا، ويتزامن اللقاء مع الذكرى السنوية العاشرة لصدور الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس الخاص بالكنيسة في الشرق الأوسط والذي شاءه البابا الراحل بندكتس السادس عشر.
يشارك في المنتدى بطاركة وأساقفة ومسؤولون عن جماعات رهبانية وأعضاء في جمعيات وحركات كنسية، وتتخلله احتفالات ليتورجية وطاولات مستديرة ويرأس الأعمال رئيس الأساقفة كلاوديو غوجيروتي، عميد دائرة الكنائس الشرقية.
اعتبر السفير البابوي دال توزو، في قبرص والأردن أن اللقاء يشكل مناسبة ثمينة لتسليط الضوء على أوضاع المسيحيين في منطقة الشرق الأوسط. وقال إن التحديات التي تواجهها تلك الجماعات كبيرة خصوصا وأن أمورًا كثيرة تبدلت في المنطقة منذ صدور الإرشاد الرسولي لعشر سنوات خلت. ولفت إلى أنه يفكر بالحرب في سورية، وما حصل مع تنظيم داعش، فضلا عن الأوضاع الراهنة في العراق، والتوترات في إسرائيل والضفة الغربية.
وأكد المطران دال توزو، خلال تصريحات صحفية له اليوم، بأن السنوات العشر الماضية كانت بالغة الأهمية بالنسبة للعديد من بلدان المنطقة، معتبرًا أن التحدي الأكبر يتمثل اليوم في تراجع الحضور المسيحي في المنطقة والذي لا يتعلق بهجرة المسيحيين وحسب إنما أيضا بتراجع عدد رجال الدين المسيحيين. ولفت إلى أن المنتدى ينوي طرح بعض التساؤلات: ما هو معنى حضور المسيحيين في تلك المنطقة؟ ما هي دعوتهم؟ وقال إن هذا هو التحدي الأكبر اليوم.
بعدها توقف المطران دال توزو عند موضوع المواطنة، أي اعتبار المسيحيين في الشرق الأوسط مواطنين في بلدانهم. وأشار إلى أن المسيحيين يريدون أن يقدموا إسهامًا تامًا في حياة بلدانهم، مؤكدا أنه لا بد من الإقرار بمفهوم المواطنة هذا الذي ينطبق على جميع المواطنين في بلد معين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية، كما ينبغي أن يتم الإقرار بواقع تاريخي ألا وهو أن المسيحيين يشكلون جزءًا لا يتجزأ من تلك الشعوب. وأضاف أن المسيحيين في الشرق الأوسط ليسوا ضيوفًا في تلك المنطقة لأنهم يتواجدون فيها منذ بداية المسيحية ويريدون أن يقدموا إسهامهم لصالح نمو المجتمعات وبالتالي لا بد من الإقرار التام بحقوقهم.
في سياق حديثه عن مفهومي الشركة والشهادة، اللذين شكلا ركيزة الإرشاد الرسولي خصوصا وأن البابا بندكتس السادس عشر تحدث عن دور الحركات والجماعات الجديدة، توقف الدبلوماسي الفاتيكاني عند أهمية الدفع الإرسالي الذي يخص الكنيسة بأسرها، موضحا أن البابا فرنسيس قدم هو أيضا إسهامًا كبيرًا على هذا الصعيد، ولفت إلى أن الكنائس في الشرق الأوسط مدعوة إلى تجديد هذا الدفع الإرسالي الذي تحدث عنه البابا راتزينغر.
واعتبر السفير البابوي أن الرسالة تتحقق من خلال الشركة والشهادة، مضيفا أن المسيحيين في الشرق الأوسط يشهدون لإيمانهم منذ قرون طويلة. ولفت دال توزو على سبيل المثال إلى الخدمة القيمة التي تقدمها المدارس المسيحية في المنطقة إذ توفر التعليم لجميع التلامذة على اختلاف انتماءاتهم الدينية. هذا فضلا بالطبع عن الخدمات الاجتماعية والصحية التي يقدمها المسيحيون في الشرق الأوسط. وشدد سيادته على أن الشهادة لا تتم بمعزل عن الشركة، إذ إن الكنائس المحلية قادرة على إظهار الوحدة على الرغم من اختلاف تقاليدها.
في ختام حديثه أكد السفير البابوي في قبرص والأردن أن موضوع اللقاء يتمحور حول الرجاء الذي يولد من الإيمان، وبالتالي من الأهمية بمكان أن يُجدد الإيمان كي يُعطى الرجاء للمسيحيين في الشرق الأوسط، لافتا إلى الدعوات المستمرة لضمان مشاركة أكبر للعلمانيين في حقل البشارة.