يعتقد البعض أن "الكحك" هو أحد مظاهر الحضارة الإسلامية نظرا لارتباطه بعيد الفطر المبارك، فدائما ما يطلق عليه "كحك العيد" لكن الحقيقة أن المصريين القدماء هم أقدم الشعوب الذين عرفوا صناعة الكحك في مصر الفرعونية وكانوا يطلقون عليها "الأقراص" لأنها مستديرة الشكل وتشبه قرص الشمس، وارتبط الكحك أو "الأقراص" بالاحتفالات والفعاليات المصرية القديمة وكذلك الطقوس الدينية والدليل على صناعة الكحك في مصر القديمة منذ عصور ما قبل التاريخ.
ولعل ما تم اكتشافه على جدران المعابد في مقابر طيبة وممفيس، وبالأخص ما تم نحته على جدران مقبرة الوزير رخمي-رع، فى عهد الملك تحتمس الثالث ثم فى عهد الملك أمنحتب الثانى من الأسرة الثامنة عشرة في الدولة الحديثة، التي توضح كيفية صناعة الكعك في ذلك الوقت، فلم تكن صناعة الكيك مختلفة عن صناعة الكيك في عصرنا الحديث، حيث استخدموا نفس المكونات المستخدمة في صناعة الكيك اليوم، وشكلوا العجين بأشكال مختلفة وحشوها بمختلف أنواع الحلوى والثمار الطيبة وقد أتقنوا تشكيلها بأشكال هندسية وزخرفية مختلفة، وبعضهم صنعوها أيضًا على شكل حيوانات أو أوراق شجر، كما رسموا عليها صورة الإله رع، على شكل قرص شمسي.
حققت صناعة الكحك رواجًا في عصر الدولة الطولونية حيث صنع في قوالب خاصة، وانتقلت صناعتها إلى الدولة الأخشيدية وأصبحت من أهم مظاهر عيد الفطر في ذلك الوقت حتى أن بعض المؤرخين ينسبون صنع كحك العيد إلى العصر الطولوني في مصر، رغم أن الأدلة الأثرية كما ذكرنا سابقا تثبت أن قدماء المصريين أول من صنعوها.
وفي عصر الدولة الفاطمية في مصر اهتم الفاطميون بإبراز جميع الأعياد الدينية والاحتفال وإضفاء مظاهر البهجة على المصريين، فحرصوا على صنع الكعك في عيد الفطر، فكان الخليفة الفاطمي يخصص 20 ألف دينار لصنع كحك الأعياد، وكانت المخابز تعمل على صنعها من منتصف شهر رجب، بعد ذلك أنشئت ''دار الفطنة''، وهي دار مخصصة لصناعة كعك العيد فقط.
وفي العصر المملوكي كان أمراء المماليك يوزعون الكحك على الفقراء والصوفيين من باب الصدقة، خاصة في مدرسة الأميرة "تتر الحجازية" في حي الجمالية، والتي كانت توزع الكحك الناعم والخشن على العاملين هناك، ومن هنا حظيت صناعة الكعك بشعبية كبيرة في العصر المملوكي، مما دفعهم إلى إنشاء سوق يسمى سوق "الحلاويين" في باب زويلة، ويوجد في متحف الفن الإسلامي عدة قوالب لصنع الكعك في مصر الإسلامية، وعبارات "كل واشكر" و "كل واشكر ربك" وغيرها.
في العصر الحديث، لعب أبناء بلاد الشام الذين هاجروا إلى مصر واستقروا فيها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، دورًا كبيرا في تطوير صناعة الحلويات المصرية، بما في ذلك كحك العيد والبسكويت، حيث ظهرت تقنيات عمل جديدة أضافت شكلا متطورا لها خاصة مع استخدام الآلات الحديثة لتحل محل المنقاش الشعبي الذي تستخدمه النساء في تشكيل الكحك والبسكوت.
ومازال المصريون يتفننون في حشو كعك العيد فنجد المحشو بالمكسرات، والمحشو بالعجوة ، والمحشو بالملبن، والمحشو بالعجمية، وهناك الخالي من أي حشو ، كما يوجد أيضاً أنواع من عجينة الكعك فنجد الخشن والناعم والوسط، ورغم هذا الاختلاف إلا أن جميع الأنواع لا تقدم إلا وقد وضع عليها القليل من السكر الناعم لتزيد حلاوة مذاقه حلاوة لا تستطيع مقاومتها، ورغم أن حلويات العيد عديدة منها البسكويت والبيتي فور والغريبة وخلافه إلا أن كعك العيد يتربع دائماً على موائد المنازل ويقدم ترحيباً بالزائرين في العيد، وسواء كان مصنوعا منزلياً أو تم شراؤه من المحلات إلا أن البيوت المصرية اعتادت ألا يستقبلوا عيد الفطر إلا في وجود الكعك.