الخميس 19 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

العيد في مصر حاجة تانية.. من موكب الخليفة الفاطمي وحتى التشريفات الملكية.. زيارة الأضرحة وأولياء الله الصالحين في الأعياد والمواسم.. موروث ثقافي مصري أصيل

العيد في مصر زمان
العيد في مصر زمان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

العيد أنت وهذا عيدنا الثاني..... ما للهنا عن قلوب الخلق من ثاني 

عيدانِ قد أطربا ملكًا فراسلها...... بمطرباتٍ من الأقلام عيدانِ 

فاهْنأ به وبألفٍ مثله أممًا ..... وأنتما في بروجِ السعد إلفانِ 

مفطّرًا فيه أكباد العدَاة كما..... فطرت أفواهَ أحبابٍ بإحسانِ 

ابن نباتة المصري 

تغني به الشعراء في جلسات الملوك والأمراء، وأنشدت له القصائد وأعدت له الولائم، وتزينت من أجله الطرقات والشوارع، إنه عيد الفطر، احتفاء المسلمين بعد شهر من الصيام والصلاة، وهو العيد الذي قال فيه البحتري: «بِالبِرّ صُمْتَ، وأنتَ أفضَلُ صَائِمٌ..  وَبسُنّةِ الله الرّضِيّةِ تُفْطِرُ.. فانعمْ بيوم الفِطْر عينًا إنَّه... يومٌ أعزُّ من الزَّمان مُشَهَّر»، فالاحتفال بالعيد يجدد النشاط للطاعة، ويكون نقطة البداية لعمل جديد.  

وأبرز مظاهر العيد تكون في بداية أول أيامه بإقامة صلاة العيد، كما ارتبطت الاحتفالات بالعيد بالعديد من الطقوس والمظاهر عبر الأزمنة المتعاقبة، وتوارثها المصريون جيل بعد جيل، إذا ترسخت جذور تلك الاحتفالات في الوجدان الشعبي المصري، مثل الصلاة وصناعة كعك العيد وشراء الملابس الجديدة والخروج إلى الحدائق والمتنزهات وزيارة الأضرحة والمساجد الكبرى وبيوت أولياء الله الصالحين والدعاء.  

ومع التأمل في طريقة الاحتفال بالأعياد نجد أنها تختلف من شعب لآخر ومن عصر لعصر؛ وذلك حسب العادات والتقاليد الخاصة بالاحتفال بالعيد، والمصريون يتفردون في طريقة احتفالاتهم رغم مرور الزمن، فمازالت طريقة الاحتفالات تختلف عن باقي الدول، لما تمتاز به تلك الاحتفالات بخصوصية ثقافية. 

وكانت الدولة الفاطمية في مصر دولة البهاء والبذخ والترف في الحياة العامة وفي الحياة الخاصة، وكانت أعيادها ومواسمها الباهرة مثار البهجة والفرح العام. 

 وعلى الرغم من مرور الزمن إلا أن أثار الدولة الفاطمية مازالت حاضرة حتى عصرنا الحديث، ونجد أيضا العديد من الممارسات الشعبية المتوارثة تعود إلى الفاطميين والتي تتجسد في بث البهجة إلى كثير من نواحي الحياة العامة والخاصة في مصر. 

 

زيارة الأضرحة والزكاة 

ويبدأ الاحتفال بالعيد من قبله بعدة أيام، إذ يتم صنع كعك العديد، وحياكة أو شراء الملابس الجديدة للأطفال والكبار، ومن أبرز تلك التقاليد اعتياد المصريين على إخراج الزكاة والاعتكاف في المسجد في العشرة الأواخر من شهر رمضان، والاستعدادات لاستقبال واستطلاع هلال العيد.  

ويأتي العيد الصغير ليعلن انتهاء شهر الصوم وصلاة التراويح التي يحرص المصريون والمسلمون في كل بقاع الأرض على اقامتها وتأديتها بكل خشوع، وفي صبيحة اليوم الأول من شهر شوال يحتشد المصلون بعد طلوع الشمس في أبهى صورة لهم، وهو التقليد الذي نمارسه حتى يومنا هذا، فتكتظ المساجد والجوامع لاسيما مساجد القاهرة التاريخية الكبرى لأداء صلاة العيد. 

وجرت العادة أن يزور بعض أفراد العائلة لاسيما النساء، للأضرحة في أيام العيد، ويحمل الزوار زعف النخيل أو الزهور، وأغصان الريحان لوضعها فوق القبور، كما يتم توزيع "الرحمة" وهي عبارة عن كعك والشريك والفطير والعيش والتمر وبعض الفاكهة، التي يتم توزيعها على الفقراء. 

كما كان ينصب بعض الخيام عند المقابر وتلاوة القرآن الكريم وسورة الفاتحة وسورة يس، كما تتم الختمة عند المقبرة.  

وكانت "قرافة باب النصر الكبرى"، مكانًا مميزًا في العيدين سواء عيد الفطر أو عيد الأضحى، حيث كانت تعلق المدومات والمراجيح وتنصب الخيام لتسلية الزوار، وكان الرواة الشعبيين يأتون إلى هناك ليرون السير الشعبية مثل أبو زيد الهلالي ويحتشد سكان القاهرة لرؤية والسماع إلى الرواة الشعبيين. 

 

ثياب وأحذية جديدة 

وبعدها يخرج المصلون إلى الشوارع، منهم من يتجه لتهنئة الأهل والأقارب وإعطاء العيدية للأطفال، وكان الجميع يحرصون على ارتداء الملابس الجديدة حتى الطبقات الفقيرة أو الطبقات الدنيا فالعيد يجسد لهم الفرحة والخير، حتى لو اقتصر الأمر على جلباب جديد وحذاء.  

 

العيد في الدولة الفاطمية 

كانت الدولة الفاطمية في مصر دولة البهاء والبذخ والترف في الحياة العامة وفي الحياة الخاصة؛ وكانت مواكب الخلافة الفاطمية ورسومها الفخمة دائما مثار الفخامة والبذخ الشديد، وكانت أعيادها ومواسمها الباهرة مثار البهجة والفرح العام؛ ومازالت آثار من تلك الرسوم والمواسم الشهيرة تمثل في كثير من أعيادنا ورسومنا وتقاليدنا الدينية؛ فإذا رأيت بعض هذه الأعياد والمواسم يجنح إلى نوع من الفخامة، وإذا رأيت بعض هذه الرسوم يتشح بأثواب من الرونق والبهاء، فإنما ذلك يرجع في الأغلب إلى أثر الدولة الفاطمية في بث هذه الروح الباذخة البهجة إلى كثير من نواحي الحياة العامة والخاصة في مصر الإسلامية. 

 

موكب الخليفة  

يا حبيبي أقبل العيد وضئ القسما / وتجلى مشرق الطلعة حلو البسمات /  كسماء تتلألأ بالنجوم النيرات/  أو كزهر ماج بالأشذاء فوق الربوات/  فاستفق يا ناعس الطرف ويا حلو التثني/ ومع الأطيار فوق الدوح هيا لنغني/ يا حبيبي أي عيد طاف بالزوراء ضاح/ عاطر الأنفاس كالبهجة منشور الجناح / أهو (الفطر) وذي ضجة أعراس الملاح/ أم ترى موكب (آذار) تهادي في البطاح / هاتفًا بالفرحة الكبرى وباللحن المرن/ صادحًا في كل قلب، هازجًا في كل أذن / يا (هنائي) أنت لي عبد مع العيد سعيد 

من قصيدة موكب العيد لعبد القادر رشيد الناصري. 

 وكان موكب العيد من أعظم مواكب الخلافة الفاطمية، ففي ليلة عيد الفطر كان يعقد في الليل بالإيوان الكبير الذي يواجه مجلس الخليفة سماط ضخم يبلغ طوله نحو ثلاثمائة ذراع في عرض سبعة أذرع، وتنثر عليه أنواع الفطائر والحلوى الشهية مما أعد في دار الفطرة الخلافية؛ فإذا انتهى الخليفة من أداء صلاة الفجر عاد إلى مجلسه، وفتحت أبواب القصر والإيوان على مصاريعها، وهرع الناس من جميع الطبقات إلى السماط الخلافي وتخاطفوا ما عليه بحضور الخليفة ووزرائه. 

 

وحينما تبزغ الشمس يركب الخليفة في موكب ضخم موشى بخيوط الذهب والفضة صنعت خصيصا لهذه المناسبة، وتنصب الرايات وتقام الزينات ويدوي المؤذنون والقراء بالتكبير والتهليل إلى الصلاة ويخرج من باب العيد إلى المصلى. 

وقد وصف المقريزي تلك المواكب ومدى روعتها وابهارها وجمالها، ويقول المسبحي مؤرخ العصر الأول من الدولة الفاطمية،: "وفي يوم العيد ركب العزيز بالله لصلاة العيد وبين يديه الجنائب والقباب الديباج بالحلي، والعسكر في زيه من الأتراك والديلم والعزيزية والأخشيدية والكافورية، وأهل العراق بالديباج المثقل والسيوف والمناطق الذهب. وعلى الجنائب السروج الذهب بالجوهر، والسروج بالعنبر، وبين يديه الفيلة عليها الرجلة بالسلاح والزرافة، وخرج بالمظلة الثقيلة بالجوهر وبيده قضيب جده عليه السلام فصلى على رسمه وانصرف". 

 

مصر الملكية 

وظلت تلك العادة تتناقل بين الملوك والأمراء والسلاطين عبر الأزمان المتعاقبة وحتى العصر الحديث ففي فترة الملكية أقرت العديد من القوانين والبروتكولات الخاصة بالملوك والأمراء في الاحتفال بالعيدين والتي وضعت ضمن بروتكول "التشريفات المليكة" والتي كان تعرض على الملك فور توليه حكم البلاد.  

وكان الموكب الملكي في صلاة الجمعة الأخيرة من شهر رمضان "الجمعة اليتيمة" يتكون من طليعة من فرسان البوليس، تليها طليعة من فرسان الحرس الملكي، فمقدمة من الحرس، فقسم من فرسان الحرس، فالعربة الخاصة ويجرها جوادان ويركب فيها حضرة صاحب الجلالة الملك، وعن يساره رئيس مجلس الوزراء، ويحف بها من الجانبين ضباط من الحرس، فقسمين من فرسان الحرس، ثم عربتان يركب في كل منهما اثنان من الياروان وتليهما مؤخرة الحرس فمؤخرة البوليس. 

وتصطف قوات من جنود البوليس على جانبي طريق مرور الموكب الملكي من القصر إلي المسجد. 

وعند وصول الموكب إلى المسجد تؤدى التحية لجلالته كتيبة من مشاة الجيش، وتعزف موسيقاها السلام الوطني، وتخفض العلم تحية وإجلالا، كما تؤدي التحية أيضا كتيبة من فرسان سلاح الفرسان الملكي، وتطلق المدافع 21 طلقة. 

ويكون في شرف استقبال جلالة الملك عند باب المسجد أصحاب المقامات المعتاد وجودهم في صلاة الجمعة، ويلقى عادة خطبة الجمعة نقيب الأشراف، وتكون الملابس في الشتاء: الردنجوت السوداء، وفى الصيف الردنجوت الرمادية. 

 

الموكب الملكي في صلاة العيد 

أما موكب صلاة العيد فكان الملك يؤدى صلاة عيد الفطر في مسجد الفتح أو في أحد المساجد القريبة من قصر القبة. وعندما يكون جلالته بالإسكندرية يؤدى الصلاة في أقرب مسجد للقصر. 

وفي نهاية الاستعراض تصطف القوات بهيئة طابور عام وتؤدي التحية العسكرية وتصدح الموسيقى السلام الملكي ويهتف قائد قسم القاهرة ثلاثا بحياة جلالة الملك، ثم يتقدم رئيس هيئة أركان حرب الجيش مرة أخرى إلى جلالة الملك ويبلغه أن الاحتفال قد انتهى، فيأمره جلالته بإبلاغ شكره السامي إلى جميع من اشتركوا من رجال الجيش في هذا الاحتفال. 

ثم يغادر جلالته مكان الاحتفال فتطلق المدافع مرة أخرى 21 طلقة، ويؤدي الجيش التحية وتصدح الموسيقى بالسلام الوطني. 

 

التشريفات الملكية العامة بالقصر 

وكان عيد الفطر من بين التشريفات الملكية التي كان على ملك مصر اتباعها في المناسبات العامة، مثل عيد ميلاد صاحب الجلالة الملك، وعيد الجلوس، وعيد الفطر، وعيد الأضحى، والمناسبات القومية الاستثنائية التي يأمر فيها جلالة الملك بإقامة تشريفات عامة فيها. 

وكان التشريفات تقضي بموجب الأمر الصادر بإقامة التشريفات قبل إقامتها بوقت كاف، ويبين في البلاغ اليوم المحدّد لها والساعة التي تبدأ فيها والهيئات المدعوّة للاشتراك فيها والوقت المحدّد لكل فئة، وكان ينشر في الجريدة الرسمية. 

وكانت تجري التشريفات في قاعة العرش وتقف قوات مشاة وفرسان الحرس الملكي بمدخل السلم الخصوصي وعلى جانبي السلم والردهات المؤدّية إلى قاعة العرش ويقف أربعة من ضباط الحرس الملكي بملابس التشريفة الكبرى والنياشين ببابي قاعة العرش. 

وفي الموعد المحدّد يعلن كبير الأمناء مقدم جلالة الملك، فيشرف جلالته القاعة ويحييهم جميعا ثم يلقي عميد الهيئة السياسية بين يدي جلالته كلمة تهنئة بالنيابة عن الهيئة، فيتفضل جلالته بالردّ عليها. 

بعد ذلك يصاحب جلالته عميد الهيئة السياسية ويمرّ برؤساء البعثات الآخرين ويصافح كلًا منهم، فيقدّم كل رئيس إلى جلالته أعضاء بعثته، وبعد الانتهاء من مصافحتهم يحيي جلالته المجتمعين ويغادر القاعة. 

ثم يدخل رجال السلك السياسية الأجنبي بعد تشريف جلالة الملك قاعة العرش، كل رئيس بعثة ووراءه أعضاء بعثته، ويتفضل جلالته بمصافحة رئيس البعثة ويقدّم هذا أعضاء بعثته لجلالته فيصافحهم، ثم يحيي رئيس البعثة جلالة الملك وينصرف مع أعضاء بعثته. 

في التشريفات العامة تكون الملابس التشريفة بالنياشين للمدنيين، والتشريفة الكبرى بالنياشين العسكرية، وبدلة السهرة الخاصة بالقصر والنياشين للموظفين من المصريين والأجانب غير الحائزين لرتبة، وبدلة السهرة العادية بالنياشين للأعيان المصريين غير الحائزين لرتبة، وبالفراك والنياشين للأعيان الأجانب، أما الوطنيون ذوو الملابس الوطنية فيكون حضورهم بملابسهم المعتادة، والرؤساء الروحانيون بملابسهم الكهنوتية. 

كما كان للملكة أيضًا مراسم في التشريفات حيث كانت تقابل صاحبة الجلالة الملكة في قصر عابدين أو في قصر رأس التين حضرات المهنئات في المواعيد المحدّدة لذلك، وقد جرت العادة بأن يخصص أوّل النهار لقرينات الوزراء، وبعدهن للسيدات المصريات. 

ثم تستقبل جلالتها حضرات صاحبات السموّ الملكي، وحضرات صاحبات السموّ أميرات الأسرة المالكة، وحضرات صاحبات المجد النبيلات، ثم يتشرف بالمقابلة سيدات الهيئة السياسية وسيدات الهيئة القنصلية ثم حضرات السيدات الأجنبية. 

 

ملابس العيد 

عرف العصر المملوكي بالفنون الإسلامية والتي تشتمل على التطريز والدقة في الصنع وحرفية الفنان المصري القديم، وكانت أسماء الخلفاء تنسج في الأقمشة الثمينة بالذهب أو الفضة أو الخطوط متعددة الألوان، وكانت دليلًا على أن تلك المنسوجات قد صنعت في عصرهم، وكانت العبارات غالبًا ما تكون طويلة.  

ملابس الأمراء والفقراء  

وجرت العادة أن يقوم الخليفة قبيل العيد بتوزيع الملابس على الفقراء وأيضًا على أمراء المماليك ورجال الدولة والتي كانت تصنع خصيصًا لهم، فكانت ملابس الخليفة تصنع من الحرير وهي من الأقمشة الغالية والنفيسة، أما أفراد الرعية فكانوا يحصلون على قطع أخرى من القماش النفيس، فكانت الجلاليب والقمصان والعمائم والأحزمة تصنع من الأقمشة الغالية، تزينها أشرطة مشغولة من الحرير. 

وكثيرًا ما كان يأمر الخلفاء بصناعة منسوجات فاخرة لإهدائها إلى الأمراء والملوك الذين كانوا يخطبون ودهم أو تربطهم بهم علاقات الصداقة وحسن الجوار، وكان هناك مسئول عن الملابس ويسمى بناظر الطراز وكانت ميزانية ناظر الطراز كبيرة، إذ كان يخصص لها جزءًا كبيرًا من ميزانية الدولة. 

ووفقًا للمقريزي خلال حديثه عن ناظر الطراز: "الخدمة في الطراز، وينعت بالطراز الشريف، ولا يتولاه إلا أعيان المستخدمين من أرباب العمائم والسيوف، وله اختصاص بالخليفة دون كافة المستخدمين، ومقامه بدمياط وتنيسي وغيرهما، وجارية أمير الجواري ويقصدبها أحسن الأمراء راتبًا، وبين يديه من المندوبين مائة رجل لتنفيذ الاستعمالات بالقرى وله عشاري دتماس محرد معه، وثلاثة مراكب من الدكسات -وهي نوع من المراكب التي كانت تستخدم لكبار رجل الدولة -، ولها رؤساء ونواتية لا يبرحون، ونفقاتهم جارية من مال الديوان".  

 

يا كعـك العيـد يا احنـا يا بسكـويت يا احنـا 

كعك العيد.. تاريخ طويل بدأ من الفراعنة حتى الآن

  ارتبط العيد في مصر بمأكولات خاصة به تؤكل في كل موسم، وأبرزها الفطير، والشريك، والسمك المملح، والمكسرات، أما كعك العيد، فيرجع تاريخ صنعه إلى العصر الفرعوني، حيث وردت على جدران إحدى الغرف الجانبية في مقبرة "رمسيس الثالث" صورة للفرن الملكي، توضح أشكالًا مختلفة للكعك، فكانوا ينقشون على الكعك رسم الشمس "آتون" التي عبدوها لزمن طويل. 

 لكن في العصر الفاطمي نلاحظ أن أشكال الكعك تطورت إلى كتلتين كبيرتين، كما عرفوا فكرة القوالب، فمتحف الفن الإسلامي يحتفظ ببعض منها مكتوب عليه: "بالشكر قدوم النعم -كُل هنيئًا -كُل واشكر.." 

وكان يصاحب صناعة الكعك القاء بعض السيدات الأغاني الشعبية ومنها أغنية "يا كحـك العيـد يا احنـا / يا بسكـويت يا احنـا / يا شرباتات يا احنا / في الكوبايـات يا احنا/ يا فناجين يا احنا / يا مرصوصين يا احنا / يا مهلبة يا احنا / عند البياع يا احنا /يا عود ملوخية يا احنا/ ع العربيه يا احنا / يابلح بريمو يا احنا/ يتباع بالكيلو يا احنا/ ياشربتات يا احنا/ في الكوبيات يا احنا". 

 وكانت تجتمع الأسر والعائلات قبيل أيام من العيد لصناعة الكعك والبسكويت، وكانت فرحة صناعة الكعك لها وقع خاص على الأطفال والفتيات، وكان التسابق على حمل الصيجان التي يوضع عليها الكعك وحملها إلى الأفران، متعة يحملها كل طفل بداخله لا يمكن أن ينساها مطلقًا، وكانت دائما ما تحرص الأمهات على صنع عروسة وحصان من عجينة الكعك لتكون ذكرى خاصة بالطفل وليأكلها بعد استكمال نضجها في أول أيام العيد.  

كما كانت الأسر حريصة على سلق الترمس والحمص والفول ليقدم مع الكعك في أول أيام العيد ولكي يتم توزيعها أيضا خلال زيارتهم للأضرحة في أول أيام العيد، ومن أبرز المأكولات التي تحرص الأسر المصرية على تناولها بعد صيام الشهر المبارك الفسيخ والرنجة والكعك والحلوى. 

 

مأدبة الخليفة  

وحينما يعود الخليفة من الصلاة، يقام في قاعة الذهب بالقصر سماط "مأدبة" أخرى أبهى وأروع وهو السماط الثاني لعيد الفطر؛ فيجلس الخليفة في مجلسه وأمامه مائدة من فضة يقال لها المدورة وعليها أواني الذهب والفضة غاصة بأفخم الأطعمة وأشهاها؛ وقبالة المائدة الخلافية سماط ضخم يتسع لنحو خمسمائة مدعو، وقد نثرت عليه الأزهار والرياحين وصفت على حافتيه الأطباق الحافلة بصنوف الشواء والطيور والحلوى البديعة، قد صنعا لهذه المناسبة في دار الفطرة مدهونان بأوراق الذهب وبهما تماثيل من سكر في غاية الدقة في صناعتها كأنها مسبوكة في قوالب، ويجلس إليه رجال الدولة والعظماء والأكابر من كل ضرب وأكل من شاء دون إلزام حتى لا يرغم على الإفطار من لا يرى الإفطار في ذلك اليوم؛ وعند الظهر ينفض المجلس وينصرف الناس. 

وخلال الطعام يقرأ القراء ويكبر المؤذنون وينشد المنشدون ويتبارى الشعراء بإلقاء قصائدهم في هذه المناسبة، وينتهي السماط بمجرد مغادرة الخليفة المجلس ثم يتبعه الوزير وباقي الحاضرين، وكان الوزير يقيم سماطا آخر مختصرًا في دار الوزارة لأهله وحاشيته". 

 

احتفال رجال الدولة  

أما مراسم الاحتفال بالعيد عند السلطان وكبار رجال الدولة في العصر المملوكي، فكان يصعد ناظر الخاص إلى القلعة في موكب كبير وبصحبته عدد كبير من الحمالين الذين يحملون خلع "عباءات" العيد لحملها إلى السلطان وفي هذه الليلة "ليلة العيد"، ويدخل الأمراء جميعا إلى السلطان للتهنئة. 

وفي صباح اليوم التالي وهو أول ايام العيد، ينزل السلطان إلى الحوش السلطاني لتأدية صلاة العيد في موكب فخم وبعد الصلاة يمد السماط، والتي وصلت تكاليفها في بعض السنين إلى خمسين ألف درهم، وأخيرا يقوم السلطان بتوزيع العباءات على الأمراء وكبار رجال الدولة، كما كان يقوم بالإفراج عن بعض المساجين. 

 

الموائد الملكية 

ومثله مثل الحال في العصر الحديث حيث كان يحرص الملك على إقامة مآدبة للإفطار والتي تقام عادة بالقصر وكانت تضم فيها العلماء، ورجال الدولة والعسكريين والأعيان وموظفي القصر، وتستخدم في هذه الولائم موائد شرقية مستديرة على رأسها مائدة رئيسية يتصدرها حضرة صاحب الجلالة الملك ويجلس إليها من يتفضل جلالته بدعوتهم. 

ويوزع المدعوون على هذه الموائد بحسب نظام الأسبقية، وفى ولائم العلماء والأعيان والعسكريين يجلس إلى كل مائدة مندوب من رجال القصر وتوزع مواضع الضيوف عن يمينه وعن يساره بحسب الأسبقية. 

 

أضواء مبهرة بالقاهرة  

كانت القاهرة تلبس في تلك المواسم حلة أنيقة باهرة وتحفل شوارعها ومحالها ودورها بأنواع الزينة القشيبة؛ وكانت في الليل تبدو كأنها شعلة ساطعة من الأنوار؛ وكان القصف والمرح يخرجان أحيانا في تلك المواسم عن حد الاعتدال حتى أن ولاة الأمر لجئوا غير مرة إلى إلغاء بعض الرسوم وتقييد بعض الحريات.  

 ففي عهد الحاكم بأمر الله ألغي الاحتفال ببعض المواسم التي كان القصف يخرج فيها عن حدود الاعتدال مثل عيد الشهيد، وحرم شرب الخمور والركوب في الخليج، وخروج النساء، واشتد الحاكم في ذلك حتى كانت القاهرة تغدو أحيانًا في أثواب قاتمة من السكون والإقفار والروع.  

وكانت الخلافة الفاطمية دائما عند تقاليدها الباهرة تنثر حولها حلل البذخ والبهاء والترف في كل المواسم والمناسبات، لاسيما الدينية، وكانت الخلافة الفاطمية ترى في تلك الاحتفالات، فرصة لأمرين الأول اثبات هيبتها الدينية، والثاني هو اغراق الشعب المصري بسيل من الحفلات والمآدب والمواكب الباهرة، وأن تأسره بمظاهر جودها الوافر، وأن تنثر عليه ما استطاعت من آيات البهجة والمرح، كل ذلك لكي تكسب ولاءه وعرفانه وتأييده. 

وقد كانت الخلافة الفاطمية دولة البهاء والبذخ الواسع، ومظهر من مظاهر قوتها وعظمتها وغناها؛ وكانت هذه الروح الفخمة الباذخة تطبع كل رسومها ومظاهرها، في القصر وفي الخارج، وفي السياسة والدين والإدارة، وفي الحياة العامة والحياة الخاصة. 

ذاكرة مصر المعاصرة.. تلغرافات ومذكرات وتذاكر حفلات 

 

تحمل ذاكرة مصر المعاصرة العديد من الوثائق التاريخية التي تتعلق بالعيد ومن بين تلك الوثائق تلغرافات التهنئة بالعيد، وكروت الدعوات التي كانت يصدرها القصر الملكي وعدد من الوثائق النادرة والإعلانات الخاصة بالمحلات الملابس والتخفيضات والاسعار والتي لن تصدقها عينك حينما تتعرف عليها. 

تلغراف من الملك فاروق إلى مطران الحبشة لشكره على تهنئة عيد الفطر 

 ولأننا في مثل هذه الأيام احتفلنا بعيد القيامة المجيد، فننشر تلغراف وثائقي صادر من الملك فاروق إلى المطران كيرلس "مطران الحبشة" كتب باللغة الفرنسية والذي يشكره فيه على تهنئته له بعيد الفطر. 

الوصف: تلغراف من الملك فاروق إلى الأنبا كيرلس مطران الكنيسة الاثيوبية يشكره فيها على تهنئته له بمناسبة عيد الفطر. 

 فقد كانت العلاقات بين مصر وأثيوبيا في عصر الملك فاروق في أبهى صورها وقد كانت الرسائل يتم تبادلها بين الطرفين في الأعياد والمواسم وصنف التلغراف في ذاكرة مصر المعاصرة تحت عنوان العلاقات المصرية الأثيوبية. 

ويعود تاريخ التلغراف إلى يوم 10 / 9 / 1945.  

 صورة أخرى لتلغراف من الملك فاروق إلى الأنبا كيرلس مطران الكنيسة الاثيوبية يشكره فيها على تهنئته له بمناسبة عيد الفطر. 

 فقد كانت العلاقات بين مصر وأثيوبيا في عصر الملك فاروق في أبهى صورها وقد كانت الرسائل يتم تبادلها بين الطرفين في الأعياد والمواسم وصنف التلغراف في ذاكرة مصر المعاصرة تحت عنوان العلاقات المصرية الأثيوبية. 

ويعود تاريخ التلغراف إلى يوم 18 / 12 / 1933. 

تذكرة لحضور مأدبة الملك بسراي عابدين 

 

كما جرت العادة في العصر الملكي على أن تباع تذاكر لحضور مأدبة الملك بسراي عابدين، ومن بين تلك الوثائق تذكرة شخصية لمقابلة مدير الشرقية بسراي عابدين. 

 تذكرة شخصية لمحمد بك سعود الطحاوي لمقابلة مدير الشرقية بسراي عابدين لتقديم التهنئة للملك فؤاد بمناسبة عيد الفطر المبارك ويعود تاريخ هذه التذكرة إلى 25 فبراير عام 1930.  

وكتب على التذكر:" خضرة المحترم محمد بك سعود الطحاوي، نرجو حضرتكم مقابلتنا بسراي عابدين في يوم أول شوال سنة 1348 الساعة 7 ونصف أفرنكي صباحًا لرفع واجب الشكر والتهاني لحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم بمناسبة عيد الفطر المبارك. وتقبلوا وافر التحية وموقع عليها بختم مدير الشرقية.  

مذكرة تشرح سبب عدم اقامة تشريفات عيد الفطر  

 

أما في العام 1943، ففلم تقم التشريفات الملكية بقصر عابدين واكتفت إدارة البلاد بكتابة أسماء المهنئين بدفتر التهاني وأصدرت تلك الوثيقة رئاسة الوزراء وكانت المذكرة بتاريخ 27 /9/ 1943 وحملت عنوان "مذكرة بخصوص عدم اقامة تشريفات بمناسبة عيد الفطر المبارك" 

الوصف: مذكرة من رئاسة مجلس الوزراء إلى صاحب المعالي وزير التموين وإخطاره بعدم اقامة تشريفات بمناسبة عيد الفطر المبارك هذا العام والاكتفاء بإعداد دفاتر بقصر عابدين لقيد المهنئين 

وجاء نص لمذكرة كالتالي: رئاسة مجلس الوزارء / مذكرة / إلى حضرة صاحب المعالي وزير التموين / اقتضت الإرادة الملكية السامية أن لا تقام تشريفات بعيد الفطر المبارك هذا العام، وأن يكتفى بإعداد دفاتر بدائرة التشريفات الملكية بقصر عابدين العامر في أول شوال سنة 1362 هجرية لكتابة أسماء حضرات المهنئين. 27 سبتمبر سنة 1943 وختمت بالختم الملكي.  

مذكرة عن زيارة جلالة الملك لأداء صلاة العيد   

كانت العادة أن تخطر رئاسة الوزراء، وزير التموين، بالتشريفات الملكية وفقا للبروتكول المتفق عليه والمنصوص عليه بالوقائع المصرية وننشر نص مذكرة مجلس الوزراء إلى معالي وزير التموين  لترتيب التشريفات الملكية لحضور جلالة الملك لأداء صلاة العيد وذلك في يوم 27 سبتمبر سنة 1943، وجاء نص الخطاب كالتالي:"رئاسة مجلس الوزراء / مذكرة إلى حضرة صاحب المعالي وزير التموين / سيقصد حضرة صاحب الجلالة الملك إلى مسجد الفتح في الساعة 07.10) من صباح أول شوال سنة 1362 لتأدية صلاة عيد الفطر المبارك/ الملابس الردنجوت الرمادية" 

 ومن المذكرات والتلغرافات الرسمية يذكر موقع ذاكرة مصر المعاصر العديد من الإعلانات الخاصة بالعيد والتي كانت تنشر بالمجلات الرسمية مثل مجلة المصور، وتنوعت الإعانات ما بين الإعلان عن احتفالات ومحلات المأكولات، والحلويات والأزياء والملابس.. وغير ذلك.  

 

بهجة الأعياد تكملها الحلويات 

إعلان لأحد محلات الحلوى والذي تتضمن كلمات عن الاحتفال بالعيد وجاء نص الإعلان "بهجة الأعياد تكملها الحلويات والفطائر الشهية.. تورته جاتوه، بتي فور، شربات، ومختلف الحلويات الشرقية الفاخر"  

تخفيضات على أسعار السمن والزبدة بمناسبة العيد  

=======

 

«سكك حديد مصر» تعلن زيادة عدد القطارات بمناسبة العيد 

في هذا الإعلان تعلن سكك حديد الحكومة المصرية بمناسبة عيد الفطر المبارك لعام 1952 عن تسير القطارات الإضافية وذلك تسهيلا لحركة سفر الركاب بالدرج الأولى والثانية والثالثة على خط مصر – اسكندرية وخط مصر- الأقصر. 

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

=====================

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  

 

 

==================