انتشرت بصورة كبيرة فى الآونة الأخيرة عمليات التجميل وخاصة فى الطبقات الاجتماعية الرفيعة التى تتمكن من تحمل نفقات عمليات التجميل الباهظة، ولكن هل لتلك العمليات آثار نفسية؟ لماذا يلجأ معظم الممثلين والفنانين إلى عمليات التجميل؟، هل من الضرورى أن نصل إلى مقاييس جمال محددة قد روجت لها السوشيال ميديا؟ متى يصل الإنسان العادى إلى درجة من الهوس بعمليات التجميل.. أسئلة كثيرة نجيب عنها فى هذا التقرير.
قال الدكتور وليد هندى، استشارى الصحة النفسية، إن عمليات التجميل انتشرت بشدة فى الآونة الأخيرة ولاسيما عند نجوم الفن لدرجة أن الجمعية البريطانية لجراحة التجميل قالت إن من سنة 1997 إلى 2012 عمليات التجميل زادت بنسبة 44.6% ومن 2007 زادت عمليات التجميل عند الرجال بنسبة 17% ومن 2004 لـ2005 أجرى حوالى 2 مليون عملية تجميل فى جميع أنحاء العالم.
تابع «هندى»، فى تصريحات خاصة لـ«البوابة نيوز» والفئات الأعلى فى عمليات التجميل هم نجوم الفن والممثلين ونجوم الطرب لأن بطبيعة الفنان يكون نمط شخصيته هيسترية «مجنون شهرة» يريد أن يخطف الأضواء، وبالتالى يريد أن يحافظ على أجمل صورة له، ويبرز أجمل ما فيه فذلك سبب سعيه لعمليات التجميل، والسوشيال ميديا تروج لمفهوم الجمال بسبب الانفتاح على الآخرين ومتابعة كل ما يطرأ من جديد فى عالم التجميل ومشاهدة المهووسين بالوزن المثالى، والجسم الرشيق، وملمس البشرة، وملامح الجمال وبذلك يتحول الشخص العادى إلى طريق هوس التقليد والتغيير فى الشكل.
وأشار إلى أن الإعلانات الترويجية لعمليات التجميل كإعلان عن تغيير شكل البشرة وتصغير الأنف ونفخ الشفايف وتكبير الصدر، تعتبر هذه الأسباب لها عوامل جاذبة مع إضافة القدرة المالية على إجراء العمليات مع ضغط الأقران من حول الشخص وانتقاده فيقوم بالسعى الكامل للخضوع لعمليات التجميل، مع الأخذ فى الاعتبار غيرة الفنانين المرضية من بعض فكل فنانة تريد جمالها يطغى على الأخرى وتضاهيها وتحاكيها وتتغلب عليها.
وقال «هندى»، إن النموذج المثالى للجسم عبارة عن صورة ذهنية يرسمها الفنان عن ذاته الجسدية ويسعى للوصول لتطبيقها ومن الممكن أن يرى ممثلا آخر أجنبيًا ويقوم بتقليده وتقليد مظهر العضلات بجسمه، والتطور التكنولوجى لعمليات التجميل جعلها آمنة، فبالتالى الفنان يقدم عليها بكل سلاسة وأريحية ومن الممكن أن يسافر للخارج يقوم بعمليات فى بلاد متخصصة لأنواع عمليات معينة، والإصابة بإدمان التجميل وتكرار عمليات التجميل تجعل الشخص مدمنا مثل إدمان المخدرات فلا يستطيع أن يتخلى عنها حين يقوم بعمل عملية أو اثنتين بإرادته فالثالثة والرابعة والخامسة يذهب مسلوب الإرادة لأنه بالفعل اعتاد على هذه العمليات.
وأكد، أن ظهور بعض الفنانين الجدد بشكل ورونق جديد وليونة جسدية يجعل بعض الفنانات الأخريات يشعرن بسحب البساط من تحت أقدامهم ولاسيما الأعمال الأخيرة لم تحقق النجاح والأرقام التى كانوا يبتغونها، فكل ذلك يجعلهم يلجأون لعمليات التجميل كمحاولة لجذب الانتباه والتغيير النمطى من شكلهم، فالفنان إذا شعر بأنه جميل فإنه يشعر بمعدل رضا عالٍ عن الذات وذلك يدفعه للمس الحواس بجسده مما يؤدى لشعور عام بالسعادة والتمتع بجاذبية جسدية يضاف لها كاريزما خاصة مع تغيير الشكل واللوك فتغيير الشكل الخارجى يؤدى لتغيير المشاعر السلبية للأفضل.
وأضاف، أن بعض الفنانات بعدما يخوضن غمار تجربتهن الفنية بصورة كافية يمررن بحالات اكتئاب وتقلبات مزاج وخيانة زوجية وطلاق ومشاكل نفسية، فالتجميل يجملها ويخرجها من الحالة النفسية الناتجة عن السهر وطبيعة العمل ومعارك الحياة وما خلفه من آثار سلبية نفسية فعمليات التجميل تحمى الفنان من التنمر عليه وعلى شكله، كما أنها تزيل آثارا جسدية لآلة الزمن ككرمشة الجلد والتجاعيد لذلك يحرصون على عملها ليجددوا شعورهم بالثقة فى أنفسهم مرة أخرى.
واختتم، أنه أشارت إحدى الدراسات إلى أن الممثل الذى يجرى عمليات تجميل يشعر بالرضا عن الحياة ويخفف من حدة العصبية فبتجدد شعوره بالحيوية وتجعله أكثر تفاعلا ونشاطا وأكثر جاذبية وتجعله اجتماعيا بشكل كبير وعمليات التجميل أصبحت أساسية لمعظم الناس وأكثرهم الفنانين معنى ذلك إنها فى معظم الأوقات تكون أساسية وليست للتسلية، ومع ذلك فالمبالغة فى إدمان عمليات التجميل من الممكن أن يكون له بعض العيوب مثل الإصابة باضطراب تشوه صورة الجسد وهو اضطراب نفسى شهير يجعل الشخص ينظر إلى جسده طوال الوقت وينظر على نظرات الناس له على مناطق معينة فى جسده بصورة غير مستحبة وبعد انقضاء العملية بفترة كافية وبعد تغيير الناس للصورة الذهنية عن الجسم المثالى فيزيد من حدة الهيستريا عن الفنان، وهذا يجعلنا نتعامل مع وجوه مزيفة غير حقيقية، من كثرة عمليات التجميل النجم يفقد القدرة على التعبيرات الإنسانية يجعل وجهه بلاستيكيا جافا منزوع الكيميا المعبرة عن الفرح والحزن وأيضا المبالغة فى العمليات التجميلية تجعل الفنان عرضة للسخرية والاستهزاء.
والغرض من عمليات التجميل السعى وراء الكمال وهو نوع من الهوس ومجمل الجمال يجب أن يكون متناسقا خارجيا وداخليا فعندما نجمل خارجيا فقط نشعر بالشخص «ماسخ» ليس له طعم ولا روح، فعمليات التجميل تجعل الإنسان ينشغل بها طوال الوقت بدل الانشغال بتطوير ذاته.
ويمكن بسهولة التغلب على هوس عمليات التجميل من خلال تعلم الشخص كيفية الشعور بالرضا عن نفسه، وقبول هويته والفخر بما هو قادر على إنجازه وتذكر دائما أن جمال الشكل يتلاشى ولكن الحقيقة لا تختفى أبدًا.
وتحدث الدكتور هانى الناظر، أستاذ الأمراض الجلدية ورئيس المركز القومى للبحوث سابقا عن تأثيرات وأضرار عمليات التجميل على البشرة والجلد، والذى قال: «لا خوف من عمليات التجميل طالما يقوم بها متخصص متمرس فى جراحات التجميل لأن هو الملم بسير الأعصاب والشرايين أسفل طبقات الجلد، ويعتبر الضرر الوحيد هو الذهاب إلى مكان غير آمن للقيام بتلك العمليات، ولكن السؤال متى نقوم بعملية التجميل؟ فمثلا إصابة الجلد بحروق نتيجة حقن خاطئ قد يترك آثارا وتشوهات فى المكان ويؤثر بشكل سلبى يؤدى فى النهاية إلى الإصابة بحالة نفسية».
و تابع الناظر فى تصريحات خاصة: ما نحتاج إليه هو تحديد الجراحة المناسبة، حيث توجد جراحات تجميلية لإزالة الأورام أو قرح خبيثة أو ندبات من آثار عمليات جراحية سابقة فتعتبر أمرا ضروريا، ولكن عمليات تغيير الملامح أو شكل الإنسان فهذا قد يتسبب فى تشوهات خلقية غير مرغوب بها فى النهاية.