الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

وفي بحار التصوف أيضًا ألف غريق وغريق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى كتابه الشيق "بحار الحب عند الصوفية" للكاتب المتألق والأديب الصوفي  "أحمد  بهجت" حرص على أن يكتب بوضوح أن في بحار التصوف  ألف غريق وغريق  ...

وكان  دقيقا فى أن يذكر أيضًا أنه فى بحار التصوف ألف لؤلؤة ولؤلؤة وألف محارة فارغة ومليئة بطين القاع.

وأشار بعمق فكره ومساحة رؤيته أنك ستجد فى الصوفية حكايات لها العجب مثل حكايات الأساطير فى ألف ليلة وليلة وحذر من ان تغرق في بحر الصوفية بقوله وهناك احتمال كبير أن تغرق فى هذا البحر لو لم تجيد السباحة أو تستخدم أدوات الملاحة الصحيحة.

ويرى  أن الصوفية هم الذين صفت قلوبهم لله... فيتكرم  الله عز وجل على أصحاب القلوب الذي لا تشهد غيره  ولا تحب سواه بالمكاشفات والأسرار.

ولهذا قال بعض الصوفية: إن ادعاء البعض بمعرفة علم غيبي هو  أمر رهيب... وهي دعوة هائلة وخطيرة والدليل الوحيد على الصدق فيها هو الصمت  وكتمان السر...وقالوا: "من تكلم خرج" "او من،" أفشى السر هلك".

إذن كل من يدعي أنه  من أولياء الله الصالحين  فادعاؤه افتراء وكذب...

والمثال الواضح على الادعاء الكاذب لبعض الدراويش  هو ما ذكره الدكتور حامد محمد حامد فى كتاب «خريدة القاهرة»  الصادر عن دار الرواق للطباعة والنشر   تحت عنوان " حكايه كل هرماس " والذى كان إماما لجامع الحاكم بأمر الله والذى أراد ان يجعل من نفسه وليا من أولياء الله الصالحين...فماهى حكايته التى ذكرها فى كتابه...؟

كتب:  لاريب أنك قد سمعت عن" الهرماس" من قبل، وحتى إذا ظننت أنك لم تسمع بهذا الأسم أبدا،فلا تتسرع وتقطع بأنك لا تعرف حكايته،قبل ان أُذكِّرك بتفاصيلها، فحكاية مولانا قطب الدين محمد  بن الهرماس شهيرة ومتكررة بقدر غرابتها...

"الهرماس" كان إماما لجامع الحاكم بأمر الله، من ذلك النوع الذي يجلجل المنبر بصوته الجهوري ويعصر عينيه عصرا لتدمعا  من التأثر وخشية الله...! وكان يعرف جيدا في قرارة  نفسه انه بلا  قيمه حقيقية وسط مجتمع الفقهاء، ولهذا فكر "الهرماس" في طريقة أخرى لينال بها الحظوة والقبول: أن يصبح درويشا واصلا، فالقاهره دوما ما  تفتح ذراعيها للدراويش على  اختلاف مشاربهم، والمصريون على مر الزمان مولوعون بصيغة الفقيه المتصوف، العالم بالشريعة والحقيقة معا...!

ولكن كيف سيتدروش "الهرماس"...؟ كان الحل بسيطا، فقد اعتاد الشيخ ان يسعى وراء المجاذيب والدراويش الحقيقيين السارحين في ملكوت الله، ويحاول أن يلتقط بعضا  من كلامهم وينسبه لنفسه...!

وعندما كان" الهرماس" في مكة، في موسم الحج، صاحب مجذوبا  وفي لحظه تجلِّ...قال المجذوب بلا مقدمات:
تم عزل السلطان الصالح، وأعيد السلطان حسن للحكم...!


لمعت  عين" الهرماس" وبدا أن فرصته التي طالما انتظرها قد وافته أخيرًا، فذهب مسرعا إلى مجلس الامير عز الدين أزدمر، الذي كان يحج أيضا، وبعد ان القى السلام  عليه، وجاذبه أطراف الحديث، اذ ب"الهرماس" يصمت فجأه، ويطرق برأسه كأنما يتلقى وحيا من السماء، بعدها  رفع رأسه وقال بثقه للأمير إن السلطان حسن قد أعيد للحكم حالا...!

وبسرعه طار الخبر الى مصر وسار  "الهرماس" صاحب السر "الباتع " هو حديث الساعه حتى ان السلطان "حسن" أجلسه إلى جواره باعتباره انه بَشِّر برجوعه إلى الحكم...

ولأن" الهرماس" وحده هو من يعرف حقيقة نفسه، وأن كل ما يرفل فيه من حظوة ومكانة مبني على كذبة كبيرة،  فقد  تفنن في الإيقاع بكل المشايخ الذين يعرفون حقيقته واتهامهم بالباطل لكى لا يكشفوا للسلطان حقيقته...

ونفعت ألاعيبه إلى حين، لكنه  سافر للحج بعد فتره فاستغل خصومه من الشيوخ فترة غيابه  وأخبروا السلطان "حسن"  بحقيقته من البداية الى النهاية...

وعندما عاد "الهرماس" من الحج منع من الدخول على السلطان بعد ان تأكد من عدم صدقه...

وهذه هى نهاية قصة كل درويش يدعى انه من أولياء الله الصالحين...

وفى ختام  الحديث عن كتاب" بحار الحب عند الصوفية "   أود ان أشيرالى ان الكاتب الكبير "أحمد بهجت" كان حريصا على ان يكتب فى نهاية الكتاب أن أهم معنى للولاية  الحقيقية هو الصدق مع الله...

قال تعالى

"هُنَالِكَ ٱلۡوَلَايَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَيۡرٞ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ عُقۡبٗا"